علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
أحوال عدد من رجال الأسانيد / أبو بكر الحضرميّ.
المؤلف: أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
المصدر: قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة: ج1، ص 600 ـ 605.
2023-04-27
1569
أبو بكر الحضرميّ (1):
هو أحد مشاهير رواة الحديث ولكنّه لم يوثّق في كتب الرجال إذ ليس المراد به محمد بن شريح الحضرميّ الذي وثقه النجاشي (2) وقال الشيخ (3): يكنّى أبا بكر. بل المراد به عبد الله بن محمد الذي عدّه الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السلام) قائلاً (4): (عبد الله بن محمد أبو بكر الحضرمي الكوفي، سمع من أبي الطفيل، تابعي، روى عنهما أي: الصادقين (عليهما السلام) ).
والقرينة على ذلك قول أبي بكر الحضرمي في الرواية الآتية: (قال علقمة أخي لأبي جعفر..)، فإن علقمة هو علقمة بن محمد الحضرمي فيتعيّن أن يكون المراد بأبي بكر الحضرمي الذي هو أخوه عبد الله بن محمد لا سواه.
وأيضاً قول الصدوق في المشيخة (5): وما كان فيه عن أبي بكر الحضرمي فقد رويته عن أبي.. عن أبي بكر عبد الله بن محمد الحضرمي.
وأوضح منه قول الشيخ (6): (علقمة بن محمد الحضرمي أخو أبي بكر الحضرمي)، فإنه يدل على أن أبا بكر الحضرمي يراد به عند الإطلاق عبد الله بن محمد لا غير.
والرجل ــ كما تقدم ــ لم يوثق في كتب الرجال، وعمدة ما ذكر لإثبات وثاقته أو مدحه بحيث تقبل روايته أمور..
الأمر الأول: رواية ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى عنه (7).
ولكن تقدّم أنّ أبا بكر الحضرميّ من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام)، فهو من الطبقة الرابعة ومثله ممن لا يتيسر لابن أبي عمير وصفوان اللذين هما من الطبقة السادسة الرواية عنه بلا واسطة. والمتداول في الأسانيد (8) روايتهما عنه بواسطة سيف بن عميرة وابن مسكان وأضرابهما.
الأمر الثاني: كونه ممن ذكر في أسانيد كامل الزيارة وتفسير القمي. وهذا ما استند إليه السيد الأستاذ (قدس سره) (9) ولكن مرّ مراراً عدم الاعتداد به.
الأمر الثالث: ما ذكره المحدّث النوري (رحمه الله) (10) من أن ابن داود الحلي حكى عن الكشي توثيقه، والظاهر أنه أخذه من أصل رجال الكشي لا من اختيار الشيخ، فلا وقع لإيراد التفريشي عليه بعدم وجود التوثيق في رجال الكشي.
وهذا الوجه غير تام أيضاً، إذ من المؤكّد أنّ نسخة الأصل من رجال الكشي لم تكن في متناول يد ابن داود الحلي وإنّما يحكي ما يحكيه عن اختيار الشيخ، وهذا ظاهر بمراجعة كتابه.
مع أنّ النسخة الواصلة إلينا من هذا الكتاب كثيرة الخطأ والاشتباه ولا يمكن الاعتماد على ما تنفرد بنقله ما لم تكن قرينة على صحته.
الأمر الرابع: قول الكشي (11): (روى جماعة من أصحابنا منهم أبو بكر الحضرمي، وأبان ابن تغلب، والحسين بن أبي العلاء، وصباح المزني، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)..).
قال الفاضل الخاجوئي (12): (إن تخصيص الكشي هؤلاء المذكورين من بين جماعة من أصحابنا بالذكر يفيد أنهم من مشاهيرهم المعتمدين عليهم ومن أعيانهم المعروفين بالصدق والثقة والصلاح الذين يقبل قولهم ونقلهم ولا يقدح فيهم قادح ولا ينكر نقلهم منكر).
وفيما ذكره (طاب ثراه) مبالغة واضحة، ولا دلالة في كلام الكشي على
ما ذكره أصلاً.
الأمر الخامس: أنّ ابن شهر آشوب (13) عدّه من خواص أصحاب الصادق (عليه السلام)، فلا يكون إلا من الأجلّة.
ولكن الملاحظ أنّه ذكر في عدادهم أناساً ورد القدح فيهم، فيشكل جعله دليلاً على جلالتهم. مضافاً إلى أن الظاهر أن ما ذكره مبني على الحدس والاجتهاد لا على ما ورد التنصيص عليه في مصادر المتقدّمين.
نعم من يتتبع روايات أبي بكر الحضرمي يجد أنّه كان له مزيد اختصاص بالإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) حتى إنه ورد (14) أنه استأذن للكميت على الباقر (عليه السلام) في منى أيام التشريق، ولكن هذا المقدار لا يقتضي اعتبار حديثه.
الأمر السادس: ما ذكره المحقق البهبهاني (15) من أنّه ربّما يومي إلى وثاقته ما يظهر من بعض الأخبار من أنه كان إمام جماعة في الصلاة وأظهر ذلك للمعصوم (عليه السلام) فما أنكر ونقل له بعض أحكام الجماعة.
أقول: نظره (قدس سره) إلى ما رواه الكليني (16) بإسناده عنه قال: صليت بأصحابي المغرب فلما أن صليت ركعتين سلمت. فقال بعضهم: إنما صليت ركعتين. فأعدت. فأخبرت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: ((لعلك أعدت)). قلت: نعم. قال: فضحك. ثم قال: ((إنّما يجزؤك أن تقوم فتركع ركعة)).
وما رواه الشيخ (17) بإسناده عنه قال: قلت له: إني أصلي بقوم. فقال: ((سلّم واحدة ولا تلتفت. قل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم)).
ولكن عدم إنكار الإمام (عليه السلام) لتصديه لإمامة الجماعة لا يدل على أنه كان مؤهلاً لذلك، ولا سيما أنه لا يعتبر في صحة الجماعة عدالة الإمام واقعاً، بل عدالته باعتقاد المأمومين. فمن يعتقد فيه المأمومون أنه عادل يجوز له أن يتصدى لإمامتهم وإن لم يكن يعتقد بعدالة نفسه كما ذكر في محله من كتاب الصلاة.
نعم يمكن أن يقال: إنّ اقتداء جماعة من الأصحاب به في الصلاة يدل على أنه كان محل ثقة عندهم.
ولكن الرواية منقولة عنه. مضافاً إلى عدم معرفة حال أولئك الأصحاب، ولعلهم كانوا من عوام الناس الذين يتسامحون في الاقتداء بأئمة الجماعة وإن لم يتأكدوا من أهليتهم، فتأمل.
الأمر السابع: أنه يظهر من جملة من الأخبار صحة عقيدته وصلابة إيمانه ودفاعه عن المذهب:
منها: ما رواه البرقي (18) بإسناده عنه أنه قال: قال علقمة أخي لأبي جعفر (عليه السلام): إن أبا بكر قال: يقاتل الناس في علي. فقال لي أبو جعفر (عليه السلام): ((إني أراك لو سمعت إنساناً يشتم علياً فاستطعت أن تقطع أنفه فعلت)). قلت: نعم. قال: ((فلا تفعل)). ثم قال: ((إنّي لأسمع الرجل يسب علياً وأستتر منه بالسارية، فإذا فرغ أتيته فصافحته)).
ومنها: ما رواه الكشي (19) من خبر مناظرته مع زيد بن علي في أمر الإمامة.
ومنها: ما رواه الكشي (20) أيضاً بإسناده عن الوشاء عن عمرو بن الياس قال: دخلت أنا وأبو الياس بن عمرو على أبي بكر الحضرمي وهو يجود بنفسه، فقال: يا عمرو ليست هذه بساعة الكذب. أشهد على جعفر بن محمد أني سمعته يقول لا تمس النار من مات وهو يقول بهذا الأمر.
ومنها: ما رواه الكليني (21) بإسناده عن أبي بكر الحضرمي أنه قال: مرض رجل من أهل بيتي فأتيته عائداً.. فقلت: قل: (أشهد أن علياً وصيه وهو الخليفة من بعده والإمام المفترض الطاعة من بعده)، فشهد بذلك. فقلت له: إنك لن تنتفع بذلك حتى يكون منك على يقين. فذكر أنه منه على يقين. ثم سميت الأئمة (عليهم السلام) رجلاً رجلاً، فأقرّ بذلك.
وهذه الروايات وإن كانت جملة منها عن نفسه ولكنها تدل على كل حال على صحة مذهبه وكمال عقيدته، فإذا ضم إلى هذا ما تقدم من الأمور السابقة وإن كان كل واحد منها لا يصلح دليلاً في المقام. وضم إليها أيضاً ما حكي (22) عنه من أنه ترك أخذ العطاء من بيت المال فلما سأله الإمام (عليه السلام) عن السبب وراء ذلك أجاب بقوله: (مخافة على ديني). مضافاً إلى ما يلاحظ من سلامة رواياته وبناء الفقهاء قديماً وحديثاً على العمل بها، حتى إن المحقق السبزواري الذي ذكر في الذخيرة (23) أنه لم يثبت توثيقه ذكر في الكفاية (24) بشأن بعض أخباره (أنه لا يخلو من اعتبار). ولم يعثر على من لم يعتد بروايته إلا ما يظهر من المحقق الأردبيلي (25) وتلميذيه العلمين السيد صاحب المدارك (26) وصاحب المعالم (27) (قدّس الله أسرارهم).
فإن حصل بمجموع ما ذكر الاطمئنان بأنه كان معتمد الرواية عند الأصحاب كما لا يبعد ــ وإنما لم يوثق في المصادر التي بأيدينا لأن عمدة ما يشتمل على التوثيقات مما بأيدينا هو رجال النجاشي وفهرست الشيخ والرجل لم يكن صاحب كتاب ليذكر فيهما ولذلك حرم من التوثيق ــ فهو، وإلا فمقتضى الصناعة عدم الاعتماد على رواياته. علماً أنها روايات كثيرة تزيد على المائة رواية في جوامع الحديث الواصلة إلينا، فتدبّر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ