1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الآباء والأمهات :

ما أقرب وقت يبدأ عنده التهذيب؟

المؤلف:  ستيف بيدولف ـ شارون بيدولف

المصدر:  سر الطفل السعيد

الجزء والصفحة:  ص255 ــ 268

2023-03-16

1038

إن إعمال التهذيب بيسر سيكون مهمة سهلة إن كنت على وعي بما يمكن توقعه والطريقة التي تجدي في كل سن.

الأطفال الرضع

إن (لوقا)، الصغير ليس بحاجة إلى تهذيب، فهو يبلغ من العمر أربعة أشهر ولم يتعلم حتى الحبو، إنه يضحك ويلهو بلعب الأطفال ويسحب الأشياء باتجاهه. كما أنه يبكي كثيرا أثناء اليوم؛ لأنه طفل طبيعي وهذه هي وسيلة الأطفال الطبيعية في التواصل والمطالبة باحتياجاتهم في مثل هذه السن. إن متطلباته بسيطة، فهو يبكي عندما يكون جائعا، أو وحيدا، أو مبتلا أو عندما تؤلمه معدته، أو يشعر بالملل، مما يجعله يبكي كثيراً في نهاية المطاف. غير أنه إذا كان الأب والأم على دراية دائمة بما يجري؛ فسوف يدركان على الأرجح ما يؤرقه ويلبيان احتياجاته على الفور.

يذكر والد (لوقا)، أنه طفل كثير المطالب، وأن المشكلة الكبرى التي كان يعاني منها هي أن يجعله ينام مرة أخرى؛ وهو ما كان يستلزم أن يحمله على كتفه ويسير به في الشارع، حتى أنه في إحدى المرات استوقفته الشرطة لأنه كان يبدو كأنه لص يفر بغنيمته.

يمكن أن يكون الطفل الرضيع صعب المراس بالفعل؛ ولكن هذا لا يعني أنه سيء السلوك. إنه فقط يسعى لأن يعلمك باحتياجاته. إنه ليس بحاجة إلى انضباط، بل إلى مزيد من التفهم فقط. أما ما يحتاجه الأبوان فهو أن يناما.

صغار الأطفال

إن قدرات الطفل تنمو سريعاً، حيث يكون بوسعه بعد فترة قصيرة أن يحبو ثم يمشي، ويلتقط، ويسحب، ويعض ويلكز كل ما يقع عليه بصره، وهكذا يتحول المنزل بأسره إلى ساحة يمارس فيها نشاطه، وهو يكتشف في هذه المرحلة الكلمات كوسيلة لتحقيق ما يسعى إليه فيقول: (زجاجة !)، (الدب)، (احتضني).

ومع نمو مهاراته الجديدة وقدرته الحركية؛ يشرع الطفل في فعل أشياء والمطالبة بأشياء لا يمكن أن تسمح له بها بطبيعة الحال. ومن هنا يظهر (سوء السلوك)، للمرة الأولى؛ ولكن الطفل الرضيع لا يتعمد إساءة السلوك، وهو بذلك يختلف عن الطفل الصغير. إن طفلك الصغير يسير إلى المكان الممنوع أو الشيء المحظور ويلقي إليك بابتسامة ولسان حاله يقول: (ما الذي سوف تفعله؟)، إنك تقول (كلا)، فيبتسم ويواصل ما يقوم به قائلا: (هل تعني حقا ما تقول؟، إذن أرني كيف ستتصرف؟).

إن الطفل الصغير سوف يقدم تحديداً على الشيء، الذي (يثير غضبك)، لأنه في أعماق نفسه يريدك أن تمنعه، إنها رسالة من العقل الباطن تقول: (أريد حدودا يا أبي ويا أمي، أرجوكما أن تمنعاني من ارتكاب هذا الخطأ)، (كذلك فإن المراهق يبعث بمثل هذه الرسائل).

إنه ليس تمردا تاما (على الرغم من أنه في إحدى جوانبه كذلك)، أحياناً قد يصعب على الطفل الصغير أن يتعامل مع متطلبات الحياة اليومية، قد يكون متعباً في بعض الأحيان أو جائعاً، ويكون أفضل حل أن تدعه ينام، أو أن يتناول وجبة خفيفة مما قد يحسن حالته المزاجية بسرعة.

قد لا يرغب الطفل في أن يجلس حبيس مقعده في السيارة متخلياً عن بعض اللهو الذي كان يمكن أن يحظى به لو كان في أحد المتنزهات، أو ربما كان يريد أن يزحف عبر مائدة الطعام لكي يعاين محتويات طبق أخيه الأكبر.

إن الأب أو الأم الجيدين هما من يلجئان إلى كل أنواع الحيل كي يروضا طفلهما، وهنا يتطلب الأمر الكثير من الوقت. فقد جنبتني - على سبيل المثال - إحدى الأمهات الكثير من المتاعب؛ عندما نصحتني ذات مرة أن أمنح طفلي شيئاً شهياً يستغرق تناوله الكثير من الوقت أثناء التسوق؛ لأن هذا من شأنه أن يبقي الطفل مثبتاً في عربة التسوق على مدى عشرين دقيقة. غير أن هذا لا ينفي أنه يجب أن تكون هناك أوقاتاً نواجه فيها الطفل ونرغمه على تنفيذ أوامرنا؛ ويجب أن يستجيب على الفور بمجرد أن تقول له: (لأنني آمرك بذلك)، إنه حقاً عهد الاحتفاء بالحب الحازم.

مرحلة ما قبل المدرسة وما فوقها

بما أن يتخطى الطفل سنوات عمره الأولى؛ سوف يقل احتياجك - والحمد لله - لإتباع أسلوب (قف وفكر)، بدرجة ملحوظة؛ إذ سيميل الطفل إلى التعامل معك بصورة مباشرة في أغلب الوقت. استمع إلى القصة كما يرويها الطفل من وجهة نظره؛ تفهم مشاعره واحتياجاته، فربما يكون محقاً، فإن كانت حجته مقبولة؛ فيجدر بك ألا تجبره على تنفيذ ما تقول لمجرد أنك ترغب في أن تبقى الطرف (الفائز)، سوف يعي الطفل أن من حقه أن يكون له شعور واحتياجات، ولكن هذا لا يعنى أنها يجب أن تلبى دائماً، أو ربما يمكن تلبيتها ولكن بأسلوب أفضل. يجب أن تكشف دائماً عن مشاعر الطفل (المشاعر التي دفعته إلى إساءة التصرف)، وفي هذه الحالة، الجأ إلى أسلوب الحب الحازم، ولكن بشيء من الرفق حتى يشعر الطفل أنك بالفعل تريد أن تساعده وأنك لا تضطهده.

المراهقة

على الرغم مما يظنه أغلب الناس عن هذه المرحلة، فإن المراهق إنسان جميل، ومتعاون، ومثير للاهتمام بصفة عامة، غير أنه بحاجة إلى الكثير من التدخل القائم على قدر من المواجهة من آن إلى آخر، لا يصح بأي حال من الأحوال أن تلجأ إلى القوة في تعاملك مع ابنك المراهق ما لم يكن الأمر خطيرا، على أن يكون ذلك تحت إشراف الطبيب، ومن هنا يتحول أسلوب (قف وفكر)، إلى أسلوب (اجلس وتحدث)، يمكن أن يدور حوارك معه كالتالي:

متى عدت إلى المنزل مساء أمس؟

قرابة الواحدة.

هذا ما لاحظته، ولكن على أي موعد كنا قد اتفقنا؟

الثانية عشرة، ولكنني لم أجد من يقلني إلى المنزل؛ فقد كان الجميع يرغبون في البقاء. أنت لم تجد من يقلك إلى المنزل، ولذلك تأخرت.

نعم. هل يمكنني أن أشاهد التلفاز الآن؟

ليس بعد، وكيف التزمت بموعد ليس بوسعك الوفاء به؟

حسناً؛ لا يمكن أن أجبر الآخرين على توصيلي إلى المنزل!

وهل كنت تعلم أن هذا وارد الحدوث عندما التزمت بالموعد؟

لم أكن أعلم.

أي أنك قطعت على نفسك عهداً لن تتمكن من الوفاء به.

حسناً، أعتقد ذلك

وهل يمكن أن تتجنب هذا الخطأ في المستقبل؟ أنت لا زلت ترغب في الخروج، أليس كذلك؟

بالطبع؛ أريد أن أخرج!

.... وهكذا.

إن عقل المراهق الذي يناهز الثالثة عشرة ينقلب رأسا على عقب، حيث أنه مع اقتراب البلوغ يصبح المراهق كالطفل حديث الولادة، وهنا يمكن أن يكون عرضة للنسيان والفوضى والتخبط، أما الجانب الإيجابي فهو أن هذه التغيرات تجعله أكثر رقة، إن طفل الثالثة عشرة يثق بالآخرين كما أنه يكون ودودا، لذا فربما تكون هذه هي فرصتك للتقرب منه وإعادة دعم أواصر الترابط بينكما، على وجه الخصوص إن كنت قد أكثرت الشجار والانشغال عنه عندما كان طفلا رضيعاً، فإن هذا بالتحديد الوقت المناسب لبناء المزيد من التقارب.

استمتع بهذا الوقت؛ فسرعان ما سوف تولي (بلادة الثالثة عشرة)، لتحل محلها (مرحلة الزوابع)، في الرابعة عشرة. إن طفل الرابعة عشرة يكون أقرب ما يكون من طفل الثانية في عواطفه؛ أي أنه يسعى لاختبار الحدود التي ترسمها له ويسعى للصراع معك، بل ويشعر بالرغبة في أن تتصارع أنت معه. أما ما يجب تجنبه نهائياً فهو التجاهل. إنه يتوق إلى الاستقلالية، لكنه بحاجة لأن يتعلم كيف يكون مسئولا. إنها ذروة الجهد الأبوي.

وهكذا يحتل الحب الحازم الصدارة من جديد بالنسبة لطفل الرابعة عشرة، غير أنه في هذه المرة يسعى لتقويم أمور أخرى مثل: موعد العودة إلى المنزل في المساء، وجمع الملابس، وإعداد الوجبات للأسرة، والالتزام بالوعود والاتفاقات.

إن أسلوب تطبيق الحب الحازم مع المراهق يختلف عن تطبيقه مع الطفل الصغير، غير أن المبدأ يبقى ثابتا (سوف أكون حازما معك حتى تتعلم كيف تصبح مسئولا وتعرف كيف تتعامل مع الواقع من حولك)، هذا ما يجب أن يدور في عقلك. (إن لم تعد الأطباق؛ فلن تتناول العشاء)، هذا ما يجب أن تقوله.

إن المراهقة عالم كبير، كما أنه من الواضح أن الجمع المتقن بين الحب الرقيق والحازم في السنوات المبكرة ومرحلة المدرسة يضع أساساً جيداً للتعامل مع الطفل في مرحلة المراهقة.

أسئلة يطرحها الآباء كثيراً عن أسلوب، (قف وفكر)، وأسلوب (التعامل).

س: كيف يمكن التعامل مع الطفل الذي يسئ السلوك بدرجة كبيرة في الوقت الذي لم يعتد فيه الانضباط المطلوب؟ لقد لجأت إلى الكثير من الوسائل غير أنها لم تجدي.

ج: إن كنت تشرع في تطبيق أسلوب (قف وفكر)، على طفل شديد العصيان، يجب عليك أن تنتظر حتى تكون مستعدا، احرص على انتقاء اليوم الذي تحظى فيه بالمساعدة من أحد الأشخاص على أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه واضحا في ذهنك.

عندما تقع أية مشكلة، امنح الطفل فرصة لمواجهتها. فإن لم يفعل، أفهمه أنها طريقة جديدة للتعامل مع المشاكل. أطلب من طفلك أن يقف في المكان الذي وقع عليه اختيارك وقل عبارة تشبه التالية: (لقد ـ ألقيت الكعك وضربت أختك ـ، ويجب أن تقف هنا وتفكر في الأمر، لم أقدمت على هذا التصرف؟ لم يعتبر هذا التصرف بمثابة مشكلة، وكيف يمكنك معالجة الأمر؟)، فإن حاول الطفل الهرب، أمسكه بقوة ولكن دون أن تؤذيه.

توقع بعض المواقف الدرامية، إن الأمر سيكون بمثابة صدمة بالنسبة للطفل الأكبر سنا الذي اعتاد أن يعيش في فوضى كما يحلو له. يجب أن تصر على أن (تتمسك بموقفك)، أمام صوت الطفل المرتفع وثورته.

ألزم نفسك دائماً بالحزم، ولكن دون أن تتعرض للطفل بأي أذى قل لابنك: (سوف أتركك عندما تقف ساكنا في مكانك)، ونفذ ما تقوله عندما يذعن لطلبك.

أجعل الأمر بسيطاً وأوحي إلى الطفل أنه قد انتزع منك فوزاً.

عبر عن سعادتك بأي تحسن وإن كان بسيطا، كما أن أي (اعتذار سريع)، أو أي جهد خاطف يمكن أن يكون كافيا في المرة الأولى.

ـ سوف يهدأ الطفل.

ـ سوف يصبح متعاوناً.

ـ سوف يحظى بالإطراء على سلوكه الجديد.

ـ وسوف تحظى أنت بشيء من الراحة فيما بعد إن كنت بحاجة إليها!.

في المرة القادمة سوف تصبح الأمور أكثر سهولة. وسرعان ما سوف يتخلص الطفل من ذلك السلوك الخاطئ، ولن يكون بحاجة لأكثر من تذكرة كي يفكر فيما بدر منه ويسعى لإصلاحه.

س: هل أثبت الطفل في المكان المخصص للتفكير عندما يأبى أن يلزم مكانه؟

ج: إن كان صغيراً (من عام ونصف إلى عامين ونصف)، اسمح له أن يجلس أو يستلقي طالما سيلزم مكانه، ابق قريبا منه، وامسك به، وأعده إلى مكانه إن سعى (للفرار)، إنك لن تكون بحاجة لعمل ذلك سوى مرة أو مرتين - على الأرجح.

عندما يكون الطفل على استعداد للحديث، اطلب منه أن يقف ويستدير لكي يتحدث إليك. فإن كان الطفل أكبر سناً، فيجب أن تطلب منه أن يقف في هدوء في مواجهة الحائط دون أن يلتصق به. إن هذا من الناحية الجسدية من شأنه أن يدفع الطفل إلى تركيز انتباهه على الشيء الذي يجب أن يفكر فيه، بمعنى أنه لن يفكر بالفعل في المشكلة؛ بل سوف (يقف)، لكي ينجز المهمة التي طلبت منه، أفهم الطفل أنك لن تكون مستعداً للحديث معه إلا عندما يقوم بذلك.

س: ما السن الذي يجب أن نشرع عندها في تطبيق هذا الأسلوب؟

ج: للشروع في تطبيق هذا الأسلوب، يجب أن يكون الطفل قد وصل إلى قدر من الفهم والمهارة اللغوية. فإن كان الطفل قادراً على أن يقول: (آسف)، أو (لا تضرب)، أو (ابتعد عن الفيديو)، فهذا يعني أن بوسعه أن يتلقى الرسائل. أخبر الطفل أن بوسعه أن يخرج الآن ويشرع في عمل شيء محبب إليه، يمكنك أن تدلـله أو تهدءه فيما بعد، لكن دون إثارة الكثير من الجلبة. إن الهدف من ذلك أن تنهي الموقف وتواصل الحياة. وإلى أن يتمتع الطفل بالمهارات الكلامية، يجب أن تطبق الطرق الطفولية كمخرج كأن تسعى لتشتيت انتباه الطفل!

س: لم يجب أن يقف الطفل، ولم يجب أن نخصص أحد الأركان لهذا الغرض؟

ج: لأسباب بسيطة. فهذه الطريقة تعمل على صرف كل ما يشتت الطفل وتساعده على تركيز انتباهه. إنها من الأمور المملة أن تقف قبالة الحائط، كما أن ساقيّك سوف تؤلمانك خلال دقيقة أو نحوه عندما تقف ساكناً في هذا الوضع، نحن لا نقصد بذلك إيلام الطفل أو إحراجه، وإنما نسعى لتحفيزه كي يحل مشكلته ويخرج من المأزق، قل لطفلك: (لا يجب أن تشعر بالاستياء؛ أنت تقف هنا لكي تفكر فيما كان يجب أن تفعله، وعندما تصل إلى ذلك، سوف نتحدث وسوف أسمح لك بمغادرة مكانك).

بعيداً عن المنزل وبما أن يعتاد طفلك على أن يبقى ساكنا في مكانه عندما تطلب منه ذلك؛ يمكنك أن تستغني في هذه الحالة عن الحائط أو الزاوية، وأن تكتفي بمطالبته بالوقوف في أي مكان قائلا: (قف هنا وفكر).

س: طفلي يعتذر ثم يعيد الكرة من جديد.

ج: كلما كبر الطفل سعى للمزيد من المحاولة. إنها إحدى العلامات التي تشير إلى ذكاء الطفل. توقع من طفلك أن يلجأ إلى الحيل التالية:

ـ لا أستطيع أن أقف وأفكر. يجب أن أذهب إلى الحمام.

ـ أنت لا تفهمني.

ـ أنت لا تحبني.

ـ لا أستطيع أن أتذكر.

لا تسمح للطفل أن يخدعك؛ فلابد أن يقنعك (قبل أن تسمح له بمغادرة مكانه)، بأنه يشعر بالأسف، وأنه سوف يسعى بالفعل للتغيير، يمكنك تبين هذا من خلال مراقبة لغة جسده ودرجة انتباهه أثناء الحديث الخاص بكيفية التعامل مع الموقف، سوف تدرك على الفور إن كان ابنك صادقاً فيما يقول.

س: هل يمكن أن تطبق المدرسة هذه الطريقة؟

ج: أجل ولكن مع إجراء بعض التعديلات. إن اتباع طريقة (قف وفكر)، سوف يبدو مهينا للطفل أمام زملائه في المدرسة بعكس ما قد يبدو عليه الحال أمام أشقائه وشقيقاته داخل الأسرة في إحدى الجلسات العائلية، وقد خصصت الكثير من المدارس الابتدائية الآن - التي قدمنا لها الاستشارة (مكاناً خاصاً للتفكير)، في شكل مقعد أو مرتبة أو تخت خشبي أو كرسي صغير.

إن المكان المخصص للتفكير لا يجب أن يكون مكانا بارزاً، كما لا يجب أن يحمل اسماً مهيناً مثل (مقعد الطفل سيئ السلوك)، إن الهدف من وراء (مكان التفكير)، هو حمل الطفل على التوقف، ومنحه وقتا وحافزا لكي يفكر؛ ويجب في هذه الحالة أن تبقى على مقربة منه بدرجة تسمح لك بقراءة لغة جسده، والعودة إليه عندما يكون على استعداد (للتعامل).

كما يجب أن يحرص المدرس أو مدير المدرسة على التعامل مع الطفل سريعا، إنه ليس حكما تعاقب به الطفل، إن الطفل العابث بحاجة إلى انتباهك؛ لذا يجب أن تمنحه هذا الانتباه حتى عندما يقوم بالفعل الصحيح.

يمكن عقد جلسات نقاش بشكل دائم في المدارس مع هؤلاء الأطفال سواء فوق حصير على الأرض أو حول إحدى الموائد المستديرة. إن مهارات مواجهة المشكلات تعتبر من المهارات بالغة الأهمية.

ماذا عن أساليب التهذيب القديمة؟

لقد كان هناك تطوراً تدريجياً في أساليب الانضباط والتهذيب على مدى الخمسين عاماً الماضية.

الضرب والإيذاء

كانت هذه هي الطريقة القديمة، وقد كانت تخيف الأطفال، كما أنها كانت تقضي على روابط المحبة، وتعلم الطفل أنه لا بأس من استخدام الضرب ما دمت أكبر سنا. كان الضرب يخيف الطفل ويكسر نفسه، أو يجعله يستشيط غضباً مما كان يدفعه إلى الرد بالمثل، وأحيانا ما كان هذا الطفل يلجأ - عندما يكبر - إلى أن يصب كل مخزون الغضب الذي يحمله بداخله على أبنائه وزوجته وكل من يتعامل معه، إن الأساليب العنيفة مؤذية وليست لها أية فائدة، كما أنها محظورة في بعض الدول.

إشعار الطفل بالخزي وتوبيخه

عندما بدأ الآباء في التخلي عن الضرب والعنف بقوة القانون في الخمسينيات من القرن العشرين، كانوا في بعض الأحيان لا يجدون وسيلة أخرى، حيث كانوا لا يتمتعون إلا بالقليل من مهارات التعامل مع الطفل؛ لذا فقد كانوا كثيرا ما يلجأون إلى إشعار الطفل بالخزي وتخويفه وإلقاء اللوم عليه. كان يمكن أن يقول الأب لابنه أنه فاشل، وغيرها من ملايين الكلمات التي تعبر عن مثل هذه المعاني، وكانت النتيجة إيذاء مشاعر الطفل وإشعاره بالتدني.

كان توبيخ الطفل وإشعاره بالخزي من الوسائل التي أخفقت في تحقيق الانضباط والتهذيب؛ لأن الطفل كان يتحول بدوره إلى الصفة التي يطلقها عليه الأب كأن يتحول بالفعل إلى شخص كسول، أو غبي، أو أناني، أو بدين وهكذا، أما الطفل الذي كان يشعر بالخزي، فكان يتحول إما إلى طفل محبط يملؤه الشعور بالذنب، أو إلى طفل متمرد وغاضب.

المكافآت والعواقب

لعل أحد الأمثلة الجيدة هي منح أوسمة للطفل كأن يحصل على وسام مقابل سلوكه الجيد مما يؤهله للحصول على جائزة أكبر مع نهاية الأسبوع عند حصوله على عدد معين من الأوسمة. إن منح الأوسمة يعتبر من الأساليب الفاعلة؛ لأنها تساعد الآباء على التركيز على الجوانب الإيجابية، وتساعد الأبناء على التطلع إلى أهداف صغيرة. إن هذه الطريقة يمكن أن تحقق نتائج عظيمة مع بعض الأطفال.

إن منح مكافآت مالية صغيرة بالإضافة إلى منح بعض المكافآت للأعمال الإضافية التي يقوم بها الطفل في المنزل، بجانب ما يقوم به من أعمال أساسية بوصفه أحد أعضاء الأسرة بدون مقابل؛ يعتبر من الوسائل الجيدة. إن هذا هو مزيج من المكافآت التي أثبتت نجاحاً لدى الكثير من الأسر بما أنها تشبه إلى حد كبير طريقة التعامل في الواقع.

بالمثل، فإن (العواقب الطبيعية)، تتمثل في أن تدع الطفل يتعامل مع تداعيات المشكلة التي أوقع نفسه فيها؛ مثل تغيير الفراش - إن تعرض للبلل - أو تحمل عواقب تأخره عن المدرسة وهكذا، وكلما كبر الطفل، كلما أصبح أكثر قدرة على الإفادة من نتائج أفعاله؛ لذا من الضروري أن يمنحه الأهل هذه الفرصة. إن العواقب الطبيعية لا تكفي بمفردها. فعلى سبيل المثال؛ لا يمكن أن تدع طفلك يختبر عواقب الجري في منتصف الطريق.

وقت مستقطع

لقد بات الوقت المستقطع من التوصيات الشائعة التي ينصح بها خبراء الأسرة؛ وهو يتمثل في إرسال الطفل إلى غرفته لما يقرب من خمس دقائق في العادة إلى أن يستعيد هدوءه. لقد حققت هذه الطريقة نجاحاً بالفعل في إنقاذ أرواح الكثير من الأطفال؛ لأنها تمنح الأب فرصة لكي يستعيد هدوءه أيضا. أي أنها استراتيجية لتحقيق التواؤم، كما أنها سوف تكون مجدية بالنسبة لكل شخص تقريبا في وقت ما. أنا شخصياً أطبقها مع صغار الأطفال عندما يفيض بي الكيل، أو أثناء شعوري ببعض التوتر والرغبة في قدر من الهدوء لبضع دقائق. غير أن هذه الطريقة في ذاتها لا تعتبر طريقة تربوية لتحقيق الانضباط؛ لأنها لا تنطوي على أي تعليم أو فكر بشأن التغيير.

إليك بعض الأمثلة التي نقلها إلينا بعض الآباء في هذا الصدد:

(إن طريقة الوقت المستقطع لا تجدي في أن تجعل طفلي يقضي وقتا طيبا في غرفته؛ فهو يملك الكثير من وسائل التسلية داخل الغرفة!)، أو (إنه يحطم الغرفة ويكسر الأشياء، وأحيانا ما يهرب من النافذة)، أو (لقد أثبتت نجاحاً مع الأبناء لأنها تمنحنا - بشكل أساسي - وقتاً لتهدئة الأعصاب، ولكنها لا تفلح دائما في تغيير السلوك؛ إذ يعاود الأطفال في العادة ارتكاب نفس الخطأ بعد عشر دقائق). 

إن الفروق الأساسية بين أسلوبي (الوقت المستقطع)، و (قف وفكر)، تتمثل في:

ـ أسلوب (قف وفكر) أسرع. فعندما يقف الطفل في أحد الأركان في نفس الغرفة التي تجلس بها؛ فسوف يكون بوسعك أن ترى بشكل مباشر متى انتهي من التفكير فيما بدر منه. إنه أسلوب يساعد على التوصل إلى حل سريع.

2ـ لا يتعرض الطفل إلى أية عوامل تشتت تفكيره في أسلوب (قف وفكر)، إذ يبقى واقفاً في مكانه يفكر فيما يجب عمله، أي أنه يجبر الطفل على مواجهة مشكلته.

3ـ إن أسلوب (قف وفكر)، ليس عقاباً وانما هو وقت للتفكير والتعلم. أي أن الطفل لا يشعر بالاستياء لأنه قادر على وضع حد لهذا الوضع وقتما يشاء وذلك بإبداء رغبته في التعاون، ومن ثم يحسم الموقف خلال دقيقة أو دقيقتين.

4ـ إن (التعامل)، يخلق تقاربا وليس تباعدا، إن الطفل سيء السلوك ليس بحاجة إلى عزلة، بل إلى تواصل مكثف، إن المناقشة الخاصة بكيفية (التعامل)، مع المشكلة سوف تشعره أنك مهتم بأمره، وأنك ترغب في مساعدته لحل مشكلته.

ونحن ننصح بعدم اللجوء إلى الوقت المستقطع إلا عندما يشعر أحد الأبوين بأنه يخشى أن تمتد يده على ابنه أو أن يكون بحاجة حقيقية إلى استراحة. بل إنك في الواقع يمكن أن تستخدمه بشكل وقائي قائلا لطفلك: (نحن بحاجة لأن نهدأ نحن الاثنين الآن. أرجوك اذهب إلى غرفتك والعب في هدوء)، قد تشعر بالحاجة إلى إجراء حوار للتعامل مع الموقف فيما بعد حتى تتأكد أن هناك تغيير قد طرأ على ابنك.

مساعدة الأطفال الأكبر سناً على اتخاذ قرارات أخلاقية

مآزق مرحلة سن الطفولة لا تكون نابعة من قضايا تخص الانضباط والتهذيب، بل قضايا خاصة بالقيم، إنك تريد أن يقرر الطفل بنفسه الشيء الصحيح الذي يجب عليه فعله، لا يمكن أن تحمل الطفل على أن يطبق بشكل تلقائي ما تحمله أنت من قيم، ولكن يمكنك أن تساعده على تصور كل الزوايا الخاصة بسلوكه، إن هذا يعني - على المدى الطويل - أنه سوف يقوم باختيار الفعل الصحيح عندما تكون غائبا، لأنه يؤمن أن هذا هو الصواب.

طلبت إحدى صديقات (سارة)، البالغة من العمر تسع سنوات منها أن تحضر الحفل الذي ستقيمه في بيتها، فوافقت (سارة)، بسعادة. كانت صديقتها فتاة خجولة؛ وقد فرحت كثيراً لأن (سارة)، قبلت دعوتها؛ فلم يكن سيحضر الحفل سوى ثلاث فتيات فقط.

بعد ذلك فوجئت (سارة)، بصديقة أخرى تدعوها لحضور معسكر تقيمه المدرسة في عطلة نهاية الأسبوع، غير أن الموعد تعارض مع دعوة الصديقة الأولى إلى الحفل. كانت (سارة)، ترغب بشدة في الذهاب إلى المعسكر، ولكن هذا يعني أن تتنصل من قبولها الدعوة إلى الحفل. لم يجبرها أبواها على الوفاء بموعدها؛ لأن هذا كان من شأنه أن يشعرها بالضيق غير أنهما ناقشا الأمر معها وقسما لها المشكلة إلى شقين:

1ـ احترام مشاعر صديقتها

2ـ الوفاء بالوعد

وقد كانت هذه من المبادئ الهامة. لقد أشار الوالدان إلى (سارة)، برفق أن ظهور شيء، أفضل لا يعتبر عذراً تستبيح به إحباط شخص قد أولاك ثقته. غير أنهما تركا لها حرية الاختيار؛ وأخبراها أنهما لن يراجعاها في الأمر أياً كان قرارها. فقررت (سارة)، بعد شيء من التردد أن ترفض دعوة المعسكر، حيث استمتعت بوقتها في حفل صديقتها. وقد شعر الأبوين بالفخر بابنتهما؛ لأنها أقدمت على هذا السلوك.

إن الأطفال والمراهقين لن يتخذوا دائما القرارات التي تأمل أن يتخذوها، غير أن اقتراف الأخطاء حد ذاته يعتبر جزءاً من الدرس. كما أنه يمكن - وإن كان هذا احتمالاً ضئيلاً - أن تكون أنت المخطئ وأن يكون الطفل على صواب - إنه مجرد افتراض متواضع! 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي