تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
حاملات القوى
المؤلف: فرانك كلوس
المصدر: فيزياء الجسيمات
الجزء والصفحة: الفصل السابع (ص92- ص97)
2023-03-01
1517
كيف يتسنى للقوى، على غرار القوة الكهرومغناطيسية، أن تبسط تأثيراتها عبر الفضاء؟ كيف يتمكن بروتون وحيد من أن يُوقع الإلكترون في حبائله وهو يبعد عنه 10-10 أمتار، بحيث يكونا ذرة هيدروجين؟ تقضي نظرية الكم بأن هذا يتم من خلال عوامل وسيطة، من خلال عملية تبادل للجسيمات. في حالة القوى الكهرومغناطيسية يتم تبادل الفوتونات، الحزم الكمومية للإشعاع الكهرومغناطيسي، كالضوء.
الشحنات الكهربية قادرة على إطلاق الإشعاع الكهرومغناطيسي أو امتصاصه، والأمر عينه ينحسب على جسيماته الوسيطة؛ الفوتونات، وعلى نحو مشابه تستطيع الشحنات اللونية إطلاق نوع من الإشعاع وامتصاصه، وجسيمات هذا الإشعاع الوسيطة يُطلق عليها اسم «الجلوونات»، وهذه الجلوونات هي التي تُبقي على الكواركات ملتصقة بعضها ببعض كي تكون البروتونات والنيوترونات والأنوية الذرية. وبالمثل، تُعرَف ناقلات القوة النووية الضعيفة باسم البوزون W والبوزون Z.
تختلف بوزونات W عن الفوتونات في وجهين مهمين أن لها شحنة كهربية، وأن لها كتلة ضخمة. شحنتها الكهربية تجعلها تسرب قدرًا من الشحنة بعيدًا عن المصدر، ولهذا يتحول النيوترون المتعادل إلى بروتون موجب الشحنة حين ينبعث منه بوزون W̅ ومصدر تحلل بيتا للنيوترونات هو تحول البوزون W̅ إلى إلكترون ونيوترينو تبلغ كتلة البوزون W نحو 80 مرة قدر كتلة البروتون أو النيوترون. ولو كنت تجلس في سيارة وزنها طن واحد ثم اندفع منها 80 طنا، فستشكو قائلًا إن ثمة شيئًا خاطئًا هنا! لكن في العالم الكمي هذا النوع من التفاعل يمكن أن يقع. ومع ذلك، هذا الخرق لتوازن الطاقة سريع الزوال، ومحدود من حيث الزمن، بحيث إن نتاج عدم التوازن هذا، دلتا إي (∆E)، والزمن الذي يستغرقه، دلتا تي (∆t)، لا يمكنهما تجاوز ثابت بلانك h من الناحية العددية t∆ × ∆E > 25-10 × 6 جيجا إلكترون فولت في الثانية. وهذا الاقتصار أحد صور «قانون عدم اليقين لهايزنبرج».
هذا يعني أنه لكل ثانية يمكنك أن تُفْرِط في سحب طاقة ذات مقدار تافه يبلغ 25-10 جيجا إلكترون فولت، أو «تستعيرها» و«استعارة» 80 جيجا إلكترون فولت (الحد الأدنى من الطاقة لتكوين بوزون W (واحد يمكن أن يحدث لمدة تبلغ نحو 24-10 ثوان، وهو وقت ضئيل للغاية لا يستطيع حتى الضوء أن يتحرك فيه لأكثر من عشر المسافة عبر البروتون؛ ومن ثَمَّ فإن المسافة التي يستطيع البوزون W أن ينقل عبرها القوة أقل بكثير من مساحة البروتون الواحد. إذن الطبيعة القصيرة المدى للقوة الضعيفة إنما ترجع إلى الكتلة البالغة الضخامة للجسيم الحامل لهذه القوة، لكن هذا لا يعني أن هذه القوة توجد فقط في نطاق مسافة محدودة ثم تنطفئ بغتة، بل هي تذوي وتقل شدتها على نحو بالغ على امتداد مسافات بحجم البروتون. وعلى مثل هذه المسافات يتجسد تحلُّل بيتا، ومن هنا جاءت تسمية هذه القوة باسم القوة «الضعيفة».
شكل 7-2: تحلل بيتا عن طريق البوزون W: يتحول النيوترون إلى بروتون عن طريق إطلاق بوزون W الذي يتحوّل بعد ذلك إلى إلكترون ونيوترينو.
عام 1864 نجح جيمس كلارك ماكسويل في توحيد ظاهرتي الكهرباء والمغناطيسية المنفصلتين، فيما نعرفه اليوم باسم الكهرومغناطيسية. بعدها بقرن واحد نجح جلاشو وعبد السلام وواينبرج في توحيد القوة الكهرومغناطيسية مع القوة الضعيفة فيما صار يُعرف باسم نظرية القوة الكهروضعيفة، وقد فسرت هذه النظرية الضعف الظاهري للمكون «الضعيف» لهذه القوة الموحدَة، بوصفه ناتجا عن الكتلة الضخمة للبوزون W على عكس فوتون القوة الكهرومغناطيسية العديم الكتلة. ومن شأن نظريتهم أن تنجح فقط في حالة وجود الجسيمين المشحونين + W و ̅W، إضافة إلى شريك ثقيل هو البوزون Z0 الذي يملك كتلة قدرها 90 جيجا إلكترون فولت كما تقضي نظريتهم بأننا لو تمكَّنَّا من توفير الطاقة الكافية، حتى نطاق 100 جيجا إلكترون فولت أو أكثر - بحيث يمكن إنتاج البوزون W والبوزون Z على نحو مباشر في المختبر - فسيكون بمقدورنا رؤية أن القوة الضعيفة لها شدة تماثل شدة القوة الكهرومغناطيسية، وأنها لم تعد بمثل هذا الضعف. وقد أُجريت هذه التجارب بالفعل وأكدت هذه الظاهرة.
اكتشف البوزونان W وZ في سيرن عامي 1983 و1984، حيث ظهرا على نحو وجيز بين الحطام المتخلف عن تصادمات مباشرة بين البروتونات والبروتونات المضادة. مثل هذه التصادمات تنتج أعدادًا كبيرة من البايونات، ونادرًا ما ينتج بوزون W أو Z منفرد. أدى هذا إلى تخصيص معجل كامل - مصادم الإلكترونات-البوزيترونات الكبير الذي تفني فيه حِزَمُ الإلكترونات والبوزيترونات المتصادمة بعضها ببعض لهذا الغرض بعد ضبطه على طاقة إجمالية قدرها 90 جيجا إلكترون فولت، هذه الطاقة تعادل طاقة البوزون Z عند السكون، وبهذا تمكّن مصادم الإلكترونات-البوزيترونات الكبير من إنتاج هذه الجسيمات على نحو نظيف. وعلى مدار عقد كامل من التجارب، جرى إنتاج أكثر من 10 ملايين من بوزونات Z ودراستها. وقد أثبتت هذه التجارب أن مفهوم دمج القوة الكهرومغناطيسية والقوة الضعيفة في قوة واحدة كهر وضعيفة كان مفهومًا صحيحًا. إن الكتل الضخمة للبوزونات W وZ هي التي سببت هذا الضعف الظاهري حين كانت مستخدمة في التجارب الماضية، عند طاقات أدنى بكثير من المائة جيجا إلكترون فولت كما في نشاط بيتا الإشعاعي.
جدول 7-1: الشدة النسبية لمختلف القوى عند عملها على الجسيمات الأساسية في طاقات منخفضة مماثلة لدرجة حرارة الغرفة. على طاقات أعلى من 100 جيجا إلكترون فولت تصير شدة القوتين الكهرومغناطيسية والنووية الضعيفة متشابهتين. يُظهر الجدول الجسيمات الحاملة للقوى وهي: الجلوون والفوتون والجرافيتون - وجميعها عديم الكتلة - إضافة إلى البوزونات +W و ̅ W وZ0 الضخمة الكتلة. أيضًا يُظهر الجدول أمثلة على الكيانات ذات الصلة الخاصة بالقوة المختلفة.
وأخيرًا، لدينا القوة النووية الشديدة، التي منشؤها الشحنات اللونية التي تحملها الكواركات والكواركات المضادة في هذه الحالة يتم نقل القوة بواسطة «الجلوونات». بما أن الكوارك يمكن أن يأخذ أيًا من الشحنات اللونية الثلاث الحمراء والخضراء والزرقاء، فإن الجلوون المنبعث منه يمكن هو نفسه أن يحمل شحنة لونية. على سبيل المثال، الكوارك ذو الشحنة اللونية الحمراء يمكن أن ينتهي به المطاف وهو يحمل شحنة، زرقاء، لو كان الجلوون يحمل شحنة على غرار أحمر موجب، أزرق سالب، وتسمح النظرية الكمية النسبوية المعروفة باسم الديناميكا اللونية الكمية بثمانية ألوان مختلفة إجمالا للجلوونات.
بما أن الجلوونات تحمل شحنات لونية، بإمكانها أن تتجاذب وتتنافر فيما بينها بينما تنتقل عبر الفضاء، وهذا على عكس حالة الفوتونات التي تنقل القوة الكهرومغناطيسية؛ فالفوتونات لا تحمل هي. نفسها شحنة (كهربية)، ومن ثَمَّ فإنها لا تتأثر بالقوى الكهرومغناطيسية فيما بينها تستطيع الفوتونات الانتقال عبر الفضاء على نحو مستقل، بحيث تملأ الفراغ كله، وتتناقص شدة القوة بالتناسب مع مربع سرعة المسافة التي تقطعها حسب (قانون التربيع العكسي) الشهير لعلم الكهرباء الساكنة. تحمل الجلوونات شحنات لونية، ولا تملأ الفضاء كما تفعل الفوتونات. وتتسبب تفاعلاتها المتبادلة في جعل القوة الناتجة مركّزةً في خط مستقيم، على امتداد محور الاتصال بين الكواركين الملونين.
لذا، بينما تملأ الفوتونات الفضاء وتتحرك على نحو مستقل، فإن الجلوونات تتجمع. ومن تبعات ذلك التجمُّع إمكانية أن تتجاذب الجلوونات فيما بينها لتكون حالات مركبة قصيرة العمر تُعرف باسم كرات الغراء، وهذا التجاذب المتبادل بين الجلوونات أثناء نقلها القوة هو الذي يجعل السلوكيات الطويلة المدى للقوة الكهرومغناطيسية والقوة اللونية (الشديدة) تختلف اختلافًا جذريًا. تذوي القوة الكهرومغناطيسية بالتناسب مع مربع المسافة المقطوعة، بينما القوى اللونية لا يحدث لها ذلك، فالطاقة المطلوبة للفصل بين مصدرين من المصادر اللونية - الكواركات مثلًا - تتزايد بالتناسب. مع المسافة بينهما، وعند مسافة انفصال قدرها نحو 15-10، أمتار، تصير هذه القوة لانهائية؛ وبهذا يستحيل فصل أي كوارك عن رفاقه، بل تظل الكواركات مجتمعة في ثلاثيات، كالباريونات، أو في أزواج من الكوارك والكوارك المضاد كما الحال في الميزونات. ومن هذا المنطلق صارت تأثيرات الشحنات اللونية تُوصف بأنها «شديدة» عبر المسافات الكبيرة.
لكن على المسافات القصيرة، كما أظهرت التجارب العالية الطاقة، تبدو القوة الكهروضعيفة والقوة اللونية وكأنهما تظهران نوعًا من التوحد الإجمالي. فقط عند الطاقات المنخفضة كما كان المعتاد حتى نهاية القرن العشرين، تظهر الخصائص المتباينة لهاتين القوتين: البوزونات W وZ الضخمة تسبب الضعف الظاهري، وعلى النقيض من ذلك تتسبب التفاعلات المتبادلة بين الجلوونات في جعل القوى اللونية بهذه الشدة العظيمة.
هذا ما نعرفه بالفعل، وإذا استكشفنا تأثيرات القوة اللونية والقوة الضعيفة والقوة الكهرومغناطيسية على طاقات قصوى، أبعد بكثير عما يمكننا قياسه في المختبر، فستبدو هذه القوى الثلاث متشابهة. وسلوك الجسيمات الذرية على الطاقات العالية، كتلك التي كانت وفيرة بعيد الانفجار العظيم، يوحي بأن القوى اللونية قد ضعفت، وأنها تشبه في شدتها القوة الكهرومغناطيسية المألوفة. وقد ظهرت بوادر لتوحيد القوى بالفعل، تُعرَف بنظرية التوحيد العظمى للقوى، وهذه النظرية تقترح أن ثمة بساطة ووحدة كامنة في قلب الطبيعة، وأن ما لمحناه من الطبيعة حتى الآن ما هو إلا بقايا باردة غير متناظرة لهذه الحالة الأصلية. لكن سيترك الفصل للتجارب المستقبلية لمعرفة مدى صحة هذه النظرة من عدمها.