1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الزوج و الزوجة :

الامتثال للقرآن الكريم

المؤلف:  د. رضا باك نجاد

المصدر:  الواجبات الزوجيّة للرجل في الإسلام

الجزء والصفحة:  ص226 ــ 233

2023-02-19

927

لا تقتصر تضحية المرأة على التخلي عن الماضي من أجل الزوج، بل تعاني ومن أجل إنجاب الأولاد من مشكلة أخرى لها تبعات غير محمودة.

بعد المباشرة، تحمل هذه المرأة في رحمها وزناً إضافياً لمدة تسعة أشهر بينما الرجل يضع لقبه - كما يحصل في جميع دول العالم تقريباً - على المولود. وبعبارة أخرى أن الأم التي انقطعت عن ماضيها فُصلت عن مستقبلها أيضاً لكنها تجد ثمن ذلك في القرآن الكريم حينما يصفها بأنها قرة العين شأنها في ذلك شأن الذرية بل أنها جاءت أولا بالترتيب القرآني: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74].

يعود الزوج إلى سكناه وهو تعب بسبب عمله وانشغالاته اليومية لا يفكر بنزهة أو فسحة، وهنا في منزله لا يرى سوى محبين وأصدقاء ولا وجود للعدو، إنه مقر للراحة والطمأنينة وكل من فيه يحرص على أن يوفر له الراحة ليعيش بذلك حالات مختلفة بين الماضي والحاضر والمستقبل. أما المرأة فحياتها منذ ولادتها ولغاية وفاتها، في بيت أبيها وفي بيت زوجها، تكون على وتيرة واحدة وعلى منهج واحد لا يتغير إلا إذا لوحظ تعامل عدائي في البيت أو ظهر الرجل دوماً بصورة المتعب، أو أنها تكون هي مجبورة على الرتابة بسبب تعامل الرجل مما يعني فقدانها للتركيبة المكانية - الزمانية التي كانت تنشدها في الزواج. إن الفتاة التي دأبت على العمل وتنظيم شؤون بيت والديها لتبين أهليتها كزوجة جيدة، تواصل في بيت الزوج نفس الأسلوب وتؤدي الأعمال المنزلية عن طيب خاطر إلا إذا شعرت بما يثير الوساوس فيها وعندها سينقلب الحال وسيترك ذلك أثره على الأولاد وتربيتهم، وهذا بحد ذاته نوع من الإساءة للرأي العام فالمجتمع يطمح إلى تشكيل صفوفه من نشء حسن التربية.

إن الخدمة في البيت ليست بالعمل السهل، وإن تربية الأولاد التي هي مهمة خطيرة تحتاج إلى قاعدة واضحة وعوامل بائنة، ولا يتحقق المراد إلا برعاية الزوج لقرة عينه بالنمط الذي يريده الله سبحانه وتعالى.

يقدم الرجال على الزواج غالباً من أجل السلف بينما تتزوج النساء من أجل الخلف، ولعل هذا المعنى يكشف النقاب عن كنه الشخصية السلطوية للرجل وكنه شخصية المرأة في استمالة الرجل واستقطاب اهتمامه والتفاني في الحفاظ على الأولاد. إن غير المتزوج أو الذي تزوج ولم يرزق بالولد يعصره الألم لعدم تمكنه من تخليف الذرية التي من المقرر أن تحمل اسم السلف غير أن العاقر تغتم لعدم توليدها المثل ولأنها لم تمهّد للمستقبل وفي ذلك معنى آخر لمعاني: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]، إذ لا بد من حلقة الحاضر لوصل الماضي بالمستقبل وفي كل الأحوال لا بد من نقل المشاعر والتقاليد الماضية إلى الجيل الجديد عبر الجينات الوراثية، والرجل غالباً ما يكون حساساً اتجاه هذا الموضوع ويحب أن يكون الأولاد كثيري الشَّبه به.

إن الاتحاد الاقتصادي - التوليدي للرجل والمرأة يجسد مفاهيم عدة منها التفكير بالمستقبل وتفعيل مراكز العائلة وعدم بقاء أحدهما بمنأى عن الآخر... إنه اتحاد للقدرة والجمال، وعلى الرجل أن يزود الزوجة بما تعلمه من تجارب الماضي وعليها أن تعمل على رفع معنوياته وارضائه عبر التفاؤل بالمستقبل المليء بالآمال. يقال دوماً أن الرجل تزوج أما المرأة فيقال إنها صارت زوجة، ولا شك أن هذا الوصال بين الجنسين هو لبنة العائلة.

أن الخلف مبتلى بأفعال السلف، ولا مناص للزوجة عن اتباع الرجل وذلك بسبب تعلقها بالمستقبل والآمال وهو ما يفسر قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، يعيش الإنسان طوال عمره بين افرازات قوتي الحزن على الماضي والخوف من المستقبل، ولأن الماضي قد انقضى وولى ولأن التكامل يتحقق على طريق المستقبل فإنه ينبغي إرساء قواعد نظام تكون فيه المرأة قرة العين.

ليس للمرأة أي حق بممارسة الحياة الزوجية إلا مع زوجها خاصة وأن مبدأ الزواج شرع لخدمة ومصلحة المجتمع.. إن الأمل الكبير الذي تحمله المرأة عادة إزاء المستقبل لا يسمح لها بالتضحية بموضوع تربية الأولاد في مقابل غرائزها وشهوتها أو أن تضحي بمصلحة المجتمع من أجل شهوتها ولهذا استحقت أن تكون (الحبيب) وقرة العين، ليس هذا فحسب وإنما تمنح المرأة العائلة منحاً ليس للرجل أن يمنح مثلها فهي تقدم كيانها مثلاً للعائلة والزواج إلى الحد الذي تقبل التخلي عن لقبها وأن تنادى بلقب زوجها، وهذه التضحية فضلاً عن كونها مدعاة للاحترام والتقدير فإنها تكون سبباً في تفتح براعم أحد القوانين الخفية للطبيعة والمتناسبة مع فطرة الزوج، إنه لن يقبل أن يساء إلى زوجته الشرعية التي منحته نفسها وحملت اسمه ولقبه.

إن الرجل يهوى فيقرر الزواج، ومن الممكن أن يؤسس شركة الحياة دون أن يقع في الهوى لكن المرأة تعيش عادة حالة يمتزج فيها العشق والتقرير ويشوبها الخوف وتوضيح ذلك أن الرجل لا بد له من اتخاذ زوجة له وهو ما يستلزم منه التقرير أما البنت فيجب أن تصبح عروساً وزواجها متعلق في الأغلب بقرار من يتقدم لخطبتها ولذا كان الحب أو القرار بالزواج من متعلقات الزوج فيما تعيش الفتاة حالة من الانتظار إلى أن يأتي دورها في استمالة الزوج وإثارته ومداعبة أحاسيسه المرهفة مما يجعله يسكن إليها وتكون قرة عينه.

أن الأم تضرب طفلها، قرة عينها، فيبكي الطفل ويصرخ لكنه يفر إليها ويلجأ إلى أحضانها فيثير فيها هذا التصرف غريزة الحنان فتحتضنه بعد الضرب وتقبّله وتشمه وتمسح على رأسه. للمرأة أيضاً موقف مشابه؛ فبعد أن يهجرها الزوج وتخاف من فقدان التمكين وتصير سبباً في غضبه تعود وتجعل اللذة الزوجية وسيلتها للتقرب منه واللجوء إليه فتمكنه من نفسها لتعلن بذلك قبولها تأديبه إياها واقرارها لشخصيته الرجولية السلطوية وهي بذلك تزداد حباً لدى الرجل وترسخ مكانتها لديه كونها قرة عينه.. إن الزوج يحب أن يرى نفسه متمتعاً بحقه وأنه الفاعل والضارب والمتفوق، وليس لديه شعور ألذ وأهم من هذا الشعور.

لطالما ذكر الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) ووصيه الإمام علي (عليه السلام) في كلامهما الكلمات الثلاثية (الجسد والجسم والروح) وتحدثا عن بياضها وسوادها، ولطالما قرأنا زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) المعروفة بـ (زيارة وارث) فبمجرد أن نقف موقف الاجلال والاكبار باتجاه سيد الشهداء وأبي الأحرار الإمام الحسين (عليه السلام) وأبنائه وأقربائه وأنصاره الأوفياء الذين ضحوا في كربلاء المقدسة بالغالي والنفيس من أجل اعلاء كلمة الإسلام، بمجرد أن نقف ذلك الموقف نقول: (السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله) ثم في الختام سلام آخر، وهو ما اعتاد عليه العرب حال التوديع، فقد جاء في الزيارة المذكورة (السلام عليكم وعلى أرواحكم وعلى أجسامكم وعلى أجسادكم) في دلالة على أهمية الروح والجسم والجسد عند تقويم الإنسان.

إن الأبعاد الثلاثة هذه تضمنتها مفردات صيغة عقد الزواج (أنكحت وزوجت ومتّعت)؛ الأخيرة تعنى بالجانب الحيواني ومصداق ذلك ما جاء في القرآن الكريم حينما يقول عز من قائل: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} [الحجر: 3]، و {يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ} [محمد: 12]، والنمو الحيواني الذي هو متعلق بالجسد يمكن في الغالب التغلب عليه.

أما (زوّجت) فتنويه إلى نوع من التعاطي بين إنسانين في أكثر من بعد، إنهما كزهرتين استجمعتا أوراقهما لتنشرا عطرهما الفواح ليملأ الأرجاء. إن (زوّجت) تحمل في طيّها أيضاً (متعت)، فلو صاغت مشاعر الحب المتأجج لدى الشاب والشابة من الاثنين موقفاً وفكراً واحداً بل وشخصاً واحدا في كل الأمور واللحظات داخل إطار (زوّجتُ) فإن المباشرة المعنية في (متّعت) لا يمكن أن تتم إلا بجسمين، وهذه بحد ذاتها مصداق من مصاديق الزواج.

أمّا (أنكحتُ) فهي تخاطب الإنسان كونه (آدمي)، وهي تعنى بالجانب الذي ينبغي للرجل معرفته في كيفية التعامل مع الزوجة ومعرفتها هي لضوابط التعامل مع الزوج والقيام بواجبها على صعيد العائلة، وبعبارة أخرى تشكل مساعدة الزوج لزوجته في الأعمال المنزلية ووقوفها إلى جانبه وزرع الطمأنينة في نفسه عاملاً مهماً في تجسيد المقصود من (أنكحتُ). إن لهذه المفردة بعداً دينيّا أيضاً، ولكن أقول هنا بأنه لولا (متّعتُ) لأحاطت الآلام بالجسد وبالتالي تألم الجسم والروح لأجله. وإن زالت (زوّجتُ) تألم الجسم وتداعى له الجسد والروح بألم مشابه، وإذا لم يتجسد المعنى الحقيقي لـ (أنكحتُ) هوت سياط المعاناة على الروح فيعلو صراخ الجسد والجسم.

وخلال كل المراحل الثلاث، لا يشعر الرجل، في إطار مساعدته للزوجة وتجاوبه معها، أنه فرط بشيء من حقوقه بل يعتبر معاطاته مع زوجته ومساعدته لها في المطبخ أو الأعمال المنزلية وتوفير وسائل الرفاهية والراحة لها وللأولاد من باب أنها ضعيفة ومغلوب على أمرها. غير أن الأمر مختلف بالنسبة للمرأة إذ تتلاعب بها مشاعر وقوى متعددة في كل من (أنكحتُ وزوجتُ ومتعتُ).. يأخذها الحياء من التسليم عند المباشرة، يعتريها الخجل إذا لم يكن البيت منظماً ومرتباً وهي تخاف من قضاء الزوج معظم أوقاته خارج المنزل لئلا تكون قد قصرت في إمتاعه على النحو الذي يريد.. علاوة على ذلك، فإن لـ (أنكحتُ وزوجتُ ومتعتُ) ارتباطاً وثيقاً بالبعدين الأخلاقي والاجتماعي على الصعيد العملي، فالزوج والزوجة لا يدّخران وسعاً من أجل إنزال كل منهما الآخر المنزلة الرفيعة فضلاً عن سعي كل منهما لتوفير مستلزمات الراحة وإنعاش الآخر عاطفياً، تنساب الزوجة والزوج من ليلة عاطفية إلى نهار المعاش والكد يحاولان الاستفادة من كل ما لديهما من أجل الذرية.

إنها قرة العين بالفعل، تفرح لأنها أدخلت السرور على زوجها ثم تبذل ما في وسعها لتخدم كيان العائلة.

هنيئاً لكل مسلم ومسلمة هذا الالتصاق الذي يتجسد فيه المعنى الحقيقي للزواج، بل هو مشهد من مشاهد المودة والرحمة التي أشار إليها القرآن الكريم.

إن الزوجة لا تفكر مطلقاً في من قد يحل محل زوجها في حين قد يبدر للزوج مثل هذا التصور عند تهاويه من سلم السمو العائلي إلى مستنقع التخبط والهامشية، وفي هذا الموقع يظهر صدع في مبنى الحياة المشتركة.

وحري بالقول أن نوع ومستوى التفكير يجعل من الزوجة قرة عين لرب العائلة.. ليس هذا فحسب بل ومقدّمة على قرة العين الثانية المتمثلة بالذرية: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74].