الفصل الخامس  

الإصدار النقدي       

قد تضطر الدولة - عندما لا تستطيع الالتجاء إلى الضرائب أو القروض تغطية احتياجات الإنفاق العام بالإصدار النقدي الجديد عن طريق البنك المركزي والتوسع في الائتمان الذي يمنحه الجهاز المصرفي.   

أولاً: تعريف الإصدار النقدي الجديد :   

يُقصَد به أن تقوم الدولة بإصدار كميات إضافية من النقود لتغطية عجز الميزانية.   ومن المعروف أن المعروض النقدي لا يقتصر على أوراق البنكنوت والعملات المساعدة وإنما يشمل أيضاً النقود المصرفية أي الودائع، وودائع التوفير وشهادات الاستثمار مجموعة (ج) أو ما يطلق عليها شبه النقود.

وفي ظل قاعدة الذهب كان إصدار النقود الورقية المطروحة للتداول يتم في ظل غطاء من الذهب ، وبعد خروج معظم الدول على هذه القاعدة، تراجعت فكرة الذهب كغطاء للإصدار،  وأصبح من الضروري أن يتم الإصدار النقدي في حدود الغطاء الموجود في المجتمع وهو الدخل القومي مقوماً بالنقود. وإذا تم اصدار أوراق بنكنوت دون أن يقابلها غطاء حقيقي من السلع والخدمات،  فمعنى ذلك أن كمية أكبر من النقود تطارد كمية أصغر من السلع والخدمات،  وذلك هو التضخم النقدي أحد صور التضخم، فيرتفع المستوى العام للأسعار وتنخفض قيمة النقود.  كما يحدث التضخم

أيضاً عندما يكون خلق الائتمان بزيادة النقود المصرفية بمعدل أكبر من معدل نمو الناتج القومي ، وهذا ما يعرف بالتضخم المالي.

ومما سبق يتضح أن الإصدار النقدي الجديد يشمل صورتي إصدار النقود المصرفية، وخلق الائتمان. وبذلك يمكن للدولة عن طريق الإصدار النقدي الجديد تمويل النفقات العامة بموارد وإيرادات غير مملوكة لها أو غير حقيقية. والإصدار النقدي كوسيلة للتمويل ذو وظيفة مزدوجة تشمل وظيفة القرض العام ووظيفة النقود وله نفس نتائجها .       

ثانياً: الإصدار النقدي والتمويل بالعجز:    

إن خطورة الإصدار النقدي الجديد تكمن في أنها أسهل الوسائل التي تلجأ إليها الدولة لتغطية النفقات العامة في حالة عدم كفاية الإيرادات العامة. وتلجأ إليها الدول النامية خاصة عند عجزها عن الاقتراض أو زيادة حصيلة الضرائب.
وتستطيع الدولة أن تحصل على إيرادات كبيرة من إصدار أوراق النقد،  أما مباشرة أو بطريق غير مباشر أي عن طريق البنك المركزي الذي يتولى عملية الإصدار مقابل سندات تقدمها له الحكومة كغطاء للبنكنوت. ودخل الحكومة في هذه الحالة يساوي قيمة البنكنوت المصدر ناقصاً فوائد السندات ، إلا أن الحكومة إذا ما غالت في عملية الإصدار هذه إنه قد يخشى على قيمة أوراق النقد من التدهور نتيجة للتضخم المالي بل قد يخشى على أركان الاقتصاد بأكمله من الانهيار والتصدع.

وإذا كان يؤدي الإصدار النقدي الجديد إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، فإنه يسبب ايضاً ارتفاع أسعار الصادرات الوطنية مما يؤدي لنقص الصادرات وحصيلتها من العملات الاجنبية، واختلال الميزان التجاري وميزان المدفوعات. 

ثالثاً: شروط نجاح الإصدار النقدي:   

اذا كان من الضروري أن تلجأ الدول الآخذة في النمو إلى الإصدار الجديد في تمويل الإنفاق العام والتنمية الاقتصادية فإنه يشترط لنجاح وسيلة الإصدار النقدي أن يخصص الإصدار النقدي الجديد لإقامة استثمارات تؤدي إلى توسيع في إنتاج سلع الاستهلاك، وأن تحقق هذه الاستثمارات سريعة العائد دخلاً سريعاً يمكن به الاستغناء عن الإصدار النقدي الجديد فيما بعد.

يجب أن يستخدم الإصدار الجديد بجرعات صغيرة وغير متقاربة.

ولابد أن يتميز الجهاز الإنتاجي في الدولة بالمرونة وعدم الجمود.

ومن الضروري أن يتم التنسيق بين السياسات الأخرى مثل سياسات الاستثمار وسعر الفائدة والضرائب لضمان السيطرة على الآثار التضخمية الناتجة عن الاصدار النقدي الجديد .   

مواضيع ذات صلة

الإيـرادات العـامـة للمـؤسـسات العـامـة

وسائـل مـراقبـة تنفيـذ المـوازنـة العـامـة

الأسس الفنيـة لإعـداد الموازنة العامة (دورة الموازنـة العامـة)

انقضاء القروض العامة (الديون العامة)

شـروط نـجاح القـروض العـامـة

طـرق إصـدار القـروض العـامة

انـواع القـروض العـامـة

مـبـررات الاعـتماد عـلى القـروض العـامـة

مـفهوم القـروض العامـة وأوجه الشبـه الاخـتلاف بين القـرض العـام والضـريـبة

نـقل العـبء الضـريـبي وآثـار الضـريـبة

نـقل العـبء الضـريـبي ورسـملة الضـريـبة

مـفهوم نـقل العـبء الضـريـبي Shifting وانماطـه