الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
فروع الجغرافية الاجتماعية - الجغرافية الحضارية
المؤلف: باسم عبد العزيز عمر العثمان
المصدر: الجغرافيا الاجتماعية مبادئ وأسس وتطبيقات
الجزء والصفحة: ص 108- 112
1-6-2022
1521
فروع الجغرافية الاجتماعية
لا يمكن الإلمام بجميع فروع الجغرافية الاجتماعية لتشعبها وتعددها، لذا سيتم الاقتصار على فرعين مهمين هما الجغرافية الحضارية وجغرافية الأديان والمعتقدات، وهذه الفروع من حيث التأثير تسير باتجاه اجتماعي مؤثر على نمط حياة الإنسان، لذا من الصعوبة تغيير اتجاهاتها عن الاتجاه العام للجغرافية الاجتماعية على الرغم من محاولات بعضهم باتجاه استقلالية هذه الفروع. ومن هنا تم اختيار هذين الفرعين للدراسة.
الجغرافية الحضارية: قبل الخوض في محتوى الجغرافية الحضارية ومجالات الدراسة فيها لابد من الوقوف على مفهوم الحضارة والثقافة، فالأولى على الرغم من كونها مفهوماً نظرياً واسع النطاق : يتسع للعديد من الرؤى والتفسيرات، إلا أن أغلب التفاسير أكدت على أنها مجموع الإنجازات المادية والفكرية لمجتمع ما، في حين يقصد بالثقافة، الكل المركب الذي يشمل منظومة القيم والعادات والأعراف والأفعال وردود الأفعال لمجتمع ما، ومعنى ذلك أن الثقافة تعني تأثير الأفعال والقيم والعادات على الإنسان. وبهذا فإن الثقافة هي روح الحضارة وجوهرها ولا تحيا إلا بها وتذبل بذبولها(1)، ومن الناحية الاجتماعية فقد عرف وليام أوجبرن Ogburm الثقافة على أنها تشتمل على جميع النظم الاجتماعية والطريقة الاجتماعية التي يسير عليها الناس في حياتهم. وأكد روبرت لوي Robert Lowie على المعتقدات والتقاليد والنماذج الفنية والعادات المتعلقة بالغذاء والحرف التي تصل إلى الفرد كميراث من الماضي ينتقل إما بالتعليم العفوي أو المنظم(2).
ولغوياً، يقصد بالحضارة مرحلة من مراحل التطور البشري ومظهر من مظاهر مستوى الرقي العلمي والفني والأدبي والاجتماعي، ويشير مصطلح الحضارة في اللغة الانجليزية Civilization إلى منظومة اجتماعية تتضمن أسلوباً للمعيشة بنسق معين ومرحلة متقدمة في مجالات العلوم والفنون والدين والمنظمات الاجتماعية والسياسية.
تأسيساً على ما تقدم، فالحضارة Civilization تعني رقي العقل البشري بما وصل إليه من إبداعات في مختلف نواحي الحياة، أي تأثير العقل البشري على كل من الأفكار والقيم وأيضاً على البيئة الطبيعية، وبالتالي فالأدوات الحضارية تسعى إلى الثقافة وإنتاج الأشياء في إطارها الكامل أو المتكامل. فالثقافة تتعلق بالأفكار والعادات والتقاليد التي تشكلها خلفيات الشعوب بصرف النظر عن مستوى حضاراتها، فهي جزء من الحياة اليومية، وهي أنظمة في المعاني المشتركة يمكنها أن توجد على عدد من المقاييس الفضائية المحتملة: (محلية واقليمية وقومية وعالمية وبين الجماعات أو المجموعات أو القوميات)، فهي مجسدة في العالمين المادي والاجتماعي وهي ديناميكية بدلاً من كونها ثابتة (3).
وتشتمل عناصر البيئة الحضارية للإنسان جانبين رئيسيين هما: الجانب المادي، أي كل ما استطاع الإنسان أن يصنعه كالمسكن والملبس ووسائل النقل والأدوات والأجهزة التي يستعملها في حياته اليومية، والجانب غير المادي والذي يشمل عقائد الإنسان وعاداته وتقاليده وأفكاره وثقافته وكل ما تنطوي عليه نفس الإنسان من قيم وآداب وعلوم تلقائية كانت أم مكتسبة. ولاشك أن هذه العناصر تتفق مع مفهوم الحضارة العام الذي ينص على أنها ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ظروف حياته سواء أكان المجهود المبذول للوصول إلى تلك الثمرة مقصوداً أم غير مقصود، وسواء أكانت الثمرة مادية أم معنوية(4).
في ضوء مفهوم الحضارة تعرف الجغرافية الحضارية بأنها: دراسة جغرافية تسعى إلى تسليط الاضواء على التباينات المكانية لمكونات الحضارات البشرية، والتي تشكلت بفعل تفاعل الإنسان مع البيئة التي يعيش فيها، التي تتألف مجموع الإنجازات التي حققها الإنسان، مع تحليل هذا التباين المكاني وبيان أسبابه وتفسير نتائجه، وفقاً لمنهج علم الجغرافية القائم على أساس التحليل والاستقراء، ومن العناصر المهمة للحضارة والتي تناولتها الجغرافية الحضارية دراسة الأديان واللغات والقوميات والأجناس والسلالات البشرية، ودراسة مراكز العمران والاستقرار البشري على امتداد الحقب الزمنية المختلفة.
فالدين واللغة يعدان من العناصر الرئيسة في حياة الشعوب، وهما من أهم العناصر البشرية التي تسهم في توحيد الجماعات البشرية التي تنتمي إلى الأمة الواحدة، وتؤدي إلى تكوين المجتمعات البشرية وتنمية الحضارات وتطويرها. كما تقوم الجغرافية الحضارية بدراسة النقل باعتباره مجالاً حيوياً لتيارات الهجرة السابقة والحالية، ومن المتغيرات التي تؤثر في الإنتاج الاقتصادي كالنظم الاجتماعية والمستوى الحضاري والسياسات الحكومية والعادات والتقاليد والسوق.
إن الجغرافية الحضارية آخذه بالبزوغ كأحد الفروع الهامة بشكل متزايد ضمن الإطار الاعم للجغرافية البشرية، وهي خطاب أكاديمي تحول من وضعيته الهامشية المستكينة إلى الدوامة المحتدمة لإبداع الجغرافية الاجتماعية ونشاطها. كما تهتم الجغرافية الحضارية بدراسة الجماعات الحضارية وتحديدها ووصف المشهد الأرضي الذي توجد فيه الجماعة، أي أن الاهتمام الجوهري هو أسلوب خلق الجماعات للمشهد الأرضي. ويستخلص من ذلك أن الجغرافية الحضارية هي العلم الذي يهتم بفهم البشر والأماكن التي يشغلونها وذلك بالاستناد إلى تحليل العمليات الحضارية والمشاهد الأرضية وتفسيرها، لذا ظهر اتجاه في الولايات المتحدة يعتبر الجغرافية الحضارية مرادفة للجغرافية البشرية، لأن الحضارة يمكن مساواتها بكل شيء ينتجه البشر، ثم إن الجغرافيا الحضارية فيما لو فسرت على أنها دراسة الأرض والبشر فإنها ستحتوي على جانبين: طبيعي وبشري(5). بمعنى آخر، فإن الهدف الرئيس للجغرافية الحضارية، وفقاً لمفهوم الحضارة، هو معرفة التباين المكاني للحضارات البشرية التي كونها الإنسان بمكوناتها المختلفة مع تحليل أسباب التباين المكاني وتفسيره ورصد نتائجه على المدى القريب والبعيد، علماً بأنه لا يوجد إطار أو قالب واحد لمثل هذه الدراسات، إذ تتعدد القوالب بحسب تعدد مكونات الحضارات البشرية وتنوع محاور إنجازاتها المادية واللامادية، والناجمة عن تفاعل الإنسان مع بيئته المحلية، وبذلك فقد اختلف الجغرافيون في تحديد أطر أية دراسة جغرافية تتعلق بالجانب الحضاري وعناصرها، بسبب الاختلاف في تشخيص أى الإنجازات البشرية أجدر بالدراسة من غيرها علماً بأن التباينات المكانية لجميع الإنجازات التي حققتها البشرية جديرة بالبحث والدراسة والتقصي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الفتاح محمد وهيبة، مكانة الجغرافية في الثقافة الإسلامية، دار الاحد البحيري، بيروت، 1979، ص5.
(2) فهمي سليم الغروي وآخرون، مصدر سابق، ص177- 178.
(3) وريك مورأي، جغرافية العولمة - قراءة في تحديات العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية، ترجمة سعيد منتاق، سلسلة عالم المعرفة (397)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2013، ص268 .
(4) حسين مؤنس، الحضارة، سلسلة عالم المعرفة، العدد (1)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1978، ص13.
(5) فتحي محمد مصيلحي، الجغرافية الحضارية الإطار النظري والخصائص الجغرافية، الدار العصرية للنشر والتوزيع، الرياض، 2008ص17-20.