الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
حقيقة التوكل
المؤلف: السيد عبد الاعلى السبزواري
المصدر: الاخلاق في القران الكريم
الجزء والصفحة: 245- 248
5-6-2021
3121
التوكل على الله تعالى هو الاعتماد عليه عز وجل قلباً واطمئنان النفس به والوثوق بأنه لم يهمله ، بعد الاعتراف بعجز الإنسان أمام قدرته وعلمه واحاطته وقيموميته، والاعتقاد بأنه تعالى هو الفاعل لا غيره، وأن لا رب غيره ، فيعلم علماً قطعياً بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله ، يضع الأشياء في مواضعها بحكمته ، وهو القادر على كل شيء في السماوات والأرض.
ومن ذلك يظهر العز في ذكره عز وجل العزة والحكمة في قوله تعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال: 49] ، لأن الاعتقاد بأنه حكيم يضع الأشياء في مواضعها ، وعزيز قادر لا يمتنع عليه شيء إذا أراد فلا محالة يذعن المؤمن بأنه تعالى ناصره ومعينه وهو حسبه وكافيه ، ويحصل له الاعتقاد بأن كل ما يسوقه إليه ربه هو طيب وكريم وحسن وخير ويعتمد عليه في جميع أموره ، وتحصل الثقة بالله العظيم فيتوكل عليه عز وجل.
فالتوكل إنما هو ارتباط عالم الشهادة المتناهية من كل جهة ، بعالم الغيب غير المتناهي كذلك ، ولذا نرى أنه والتوحيد قرينان لا يتحقق أحدهما من دون الآخر ، فمن لا توحيد له لا توكل له ، ومن لا توكل له لا إيمان له ، ويدل عليه قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]
بل يمكن أن يقال بأن التوكل طريق لمعرفة إيمان المؤمن ، بل هو محقق له ، لأنه لا يرى لغير الله تعالى أثراً ، فالجمع مسخر تحت إرادته ، وإنما جعل لها نظاماً معيناً أقام أمور العالم به ، فتجري وفق قانون الأسباب والمسببات خاضعة له لا تتخلف عنه ، إلا أنها عاجزة عن أي نفع وضرر ، لأنها لا تفعل شيئاً إلا بإرادته ومشيئته عز وجل ، والمؤمن يذعن بهذا النظام الذي أقام الله تعالى هذا العالم به ، ويطلب كل شيء عن طريق سببه ويعمل ويكافح على إيجاد الأسباب الظاهرية المنوطة بها المسببات ويطلبها وفق ما أمره الله تعالى طلباً تكوينياً أو تشريعياً ، ولكنه يعترف بالعجز أمام قدرة الله تعالى ويذعن بالجهل أمام المقادير التي قدرها عز وجل ، ويعلم بأن الأسباب الظاهرية التي عمل لأجلها شيء والمقادير والقضاء والقدر والأسباب الخفية التي يجهلها شيء آخر ، وجميعها خاضعة له عز وجل ، مسخرة أمام إرادته ومشيئته ، وهو عاجز عنها فيوكل أمره إليه معتقداً بأنه يحبه وناصره ومعينه.
ومن جمع ذلك يعلم بأن التوكل لا ينافي الأسباب الظاهرية ، بل الاعتقاد بها والعمل عليها من جملة أساسيات فضيلة التوكل .
ويدل على ذلك قوله تعالى : {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الشورى : 36].
ويستفاد من هذه الآية الشريفة أمران :
الأول: أن الإنسان لا يمكن له التغاضي عن متاع الحياة الدنيا الذي هو من نعم الله تعالى عليه ، فهو الذي يقضي به مآربه ويحقق مقاصده ويعيش عليه في هذه الحياة الدنيا ، وأما ما عند الله فهو خير من هذا المتاع القليل في الكمية والكيفية، وإنما جعل الله هذه الدنيا وسيلة لنيل ما هو أعظم منها ، ولا يمكن تحصيل هذا المتاع إلا بأسباب خاصة معروفة يجري عليها نظام هذا العالم ، فالتوكل على الله تعالى والاعتماد على الأسباب الظاهرية قرينان ، بل هي من طرق تحصيل التوكل عليه عز وجل كما عرفت ، ويدل عليه قوله (صلى الله عليه واله) : " اعقلها ثم توكل ".
الثاني: أن التوكل من شروط الإيمان الصحيح ، بل هو من أعلى مقامات التوحيد ، فإنه التوحيد العملي الذي اعتنى به الله تعالى في كتابه الكريم واهتم به الأنبياء والمرسلون، فهو يببن الجانب العملي في الإيمان، لأن التوكل وظيفة من وظائف القلب ، فإن به تطمأن النفس ويسكن القلب، وبه يدخل المؤمن تحت الآية المباركة : {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 27 - 30].
وبالجملة : لما كن هذا العالم متقوماً بالأسباب والمسببات الطولية والعرضية ، ولا بد من انتهاء تلك إلى سبب غيبي وربوبية عظمى لا يعقل فوقها ربوبية وقيمومية كبرى ليس وراءها قيم أصلا ، فيكون الجميع مسفراً تحت إرادته ومشيئته التامة ، فلا الماديات تعوق مشيئته ولا التكثرات تمنع قهاريته ، ولا ريب في تحقق ما ذكر في هذا النظام الأحسن ، وآثار عظمته وإبداعه ووحدانيته ظاهرة في كل شيء ، والتوحيد عبارة عن الاعتقاد بهذه الحقيقة ، والتوكل هو الاعتماد على مدبر هذا العالم وخالقه وصانعه ، فإن طابق الاعتقاد مع الواقع على ما هو عليه تتجلى حقيقة التوكل وإلا فلا توكل.
ومن ذلك يظهر السر في ما ورد عن الأئمة (عليهم السلام) : " أن قول القائل : لو لا أن فلاناً لهلكت ، شرك، قيل له (عليه السلام) : فكيف تقول ؟
قال (عليه السلام): تقول لو لا أن من الله علي بفلان لهلكت "، كما يظهر السر في قوله تعالى : {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } [يوسف : 106] ، فالتوكل الحقيقي هو الاعتقاد باستناد الكل إليه عز وجل وانبعاث الجميع منه تعالى ، ويستلزم ذلك الاعتقاد بتسبيب الأسباب والسعي في تحصيلها ، فإن التوكل بدون ذلك لا ثمرة فيه ، بل هو لغو وباطل ، فترجع حقيقة التوكل إلي إرجاع الأمور - لا يتعلق بها عقولنا من تحصيل المقتضيات - إلى الله تعالى ، لأنه مسبب الأسباب و مسهل الأمور الصعاب.
ومن ذلك كله يظهر ان التوكل عنوان التوحيد وهو داع إليه ، فهما متلازمان ، وبه ينتظم حال الإنسان وعلمه وعمله.
وبما ذكرناه يرتفع الغموض من حيث أن ملاحظة الأسباب والاعتماد عليها شرك في التوحيد ، والتباعد عنها خلاف طريقة العقل والشرع ، والتوكل يرفع الغموض والعسر عن ذلك كله.