علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
أسامة بن زيد بن حارثة بن شرحبيل
المؤلف: السيد حسن الأمين
المصدر: مستدركات أعيان الشيعة
الجزء والصفحة: ج 3 - ص247
22-9-2020
3636
أسامة بن زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبد العزى بن زيد بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة مولى رسول الله ص.
وفاته :
في الاستيعاب: توفي سنة 58 أو 59 في خلافة معاوية وقيل توفي سنة 54 قال وهو عندي أصح إن شاء الله تعالى وقال ابن سعد ولد اسامة في الاسلام ومات النبي ص وله عشرون سنة وقال ابن أبي خيثمة ثماني عشرة انتهى وفي الإصابة كان قد سكن المزة من عمل دمشق ثم رجع فسكن وادي القرى ثم نزل إلى المدينة فمات بها بالجرف. وفي أسد الغابة مات بالجرف وحمل إلى المدينة.
أمه :
أم أيمن مولاة رسول الله ص وحاضنته اسمها بركة الحبشية ورثها النبي ص من أبيه كانت وصيفة لعبد المطلب وقيل كانت لآمنة أم رسول الله ص وكانت تحضنه حتى كبر فاعتقها حين تزوج خديجة وتزوجها عبيدة بن زيد بن الحارث الحبشي فولدت له أم أيمن وكنيت به ثم تزوجها زيد فولدت له أسامة فأسامة وأيمن اخوان لام.
كنيته في أسد الغابة يكنى أبا محمد وقيل أبو زيد وقيل أبو يزيد وقيل أبو خارجة.
لقبه :
في الاستيعاب: كان يقال له الحب بن الحب، وفي أسد الغابة كان يسمى حب رسول الله ص روى ابن عمر ان النبي ص قال إن أسامة بن زيد لأحب الناس إلي أو من أحب الناس إلي وانا أرجو ان يكون من صالحيهم فاستوصوا به خيرا انتهى وفي الدرجات الرفيعة: ان رسول الله ص مر بأسامة بين الصبيان في قفوله من بدر فنزل اليه وقبله واحتمله وقال مرحبا بحبي وابن حبي انتهى.
ولاؤه في أسد الغابة: هو مولى رسول الله ص من أبويه، وقال في ترجمة أبيه زيد ان أم زيد من بني معن من طئ خرجت به في الجاهلية تزور قومها بني معن فأغارت عليهم خيل لبني القين فاخذوا زيدا فقدموا به سوق عكاظ فاشتراه حسيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد فوهبته خديجة للنبي ص وقيل بل اشتراه رسول الله ص بمكة من مال خديجة فوهبته له فاعتقه وتبناه وكان أبوه قد وجد لفقده وجدا شديدا فقال فيه:
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل * أحي يرجى أم اتى دونه الاجل
فوالله ما أدري وان كنت سائلا * أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة * فحسبي من الدنيا رجوعك لي علل
تذكرينه الشمس عند طلوعها * ويعرض ذكراه إذا قارب الطفل
وان هبت الأرواح هيجن ذكره * فيا طول ما حزني عليه ويا وجل
سأعمل نص العيش في الأرض جاهدا * ولا أسام التطواف أو تسام الإبل
حياتي أو تأتي علي منيتي * وكل امرئ فان وان غره الأمل
سأوصي به قيسا وعمرا كلاهما * وأوصي يزيدا ثم من بعده جبل
يعني جبلة بن حارثة أخا زيد ويزيد بن كعب بن شراحيل أخو زيد لامه ثم إن أناسا حوجا فرأوا زيدا فعرفهم فقال لهم أبلغوا أهلي هذه الأبيات فاني اعلم أنهم جزعوا علي فقال:
الكني إلى قومي وان كنت نائيا * باني قطين البيت عند المشاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم * ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فاني بحمد الله في خير أسرة * كرام معد كابرا بعد كابر
فانطلقوا واعلموا أباه ووصفوا له موضعه وعند من هو فخرج أبوه حارثة وعمه كعب ابنا شراحيل لفدائه فقدما مكة ودخلا على النبي ص فقالا يا ابن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه جئناك في ابننا عندك فامنن علينا وأحسن الينا في فدائه. فقال: من هو؟ قالوا: زيد بن حارثة، فقال رسول الله ص فهلا غير هذا؟ قالوا ما هو. قال: ادعوه وخيروه فان اختاركم فهو لكم وان اختارني فوالله ما انا بالذي اختار على من اختارني أحدا. قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت، فدعاه رسول الله ص فقال: هلى تعرف هؤلاء قال: نعم هذا أبي وهذا عمي، قال: فانا من قد عرفت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما؟ قال: ما أريدهما وما انا بالذي اختار عليك أحدا أنت منى مكان الأب والعم.
فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وأهل بيتك قال: نعم اني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما انا بالذي اختار عليه أحدا ابدا فلما رأى رسول الله ص ذلك اخرجه إلى الحجر فقال: يا من حضر اشهدوا ان زيدا ابني يرثني وارثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما وانصرفا انتهى، وروى علي بن إبراهيم في تفسيره في تفسير قوله تعالى وما جعل أدعياءكم أبناءكم بسنده عن الصادق ع ان رسول الله ص لما تزوج خديجة بنت خويلد خرج إلى سوق عكاظ في تجارة ورأى زيدا غلاما كيسا حصيفا فاشتراه فلما نبئ رسول الله دعاه إلى الاسلام فاسلم وكان يدعى زيد مولى محمد فلما بلغ حارثة بن شراحيل الكلبي خبر زيد قدم مكة وكان رجلا جليلا فاتى أبا طالب فقال: ان ابني وقع عليه السبي وبلغني ان صار لابن أخيك فأسأله اما ان يبيعه واما ان يفاديه واما ان يعتقه. فكلم أبو طالب رسول الله ص فقال: هو حر فليذهب حيث شاء فقام حارثة فاخذ بيد زيد فقال له: يا بني الحق شرفك وحسبك فقال زيد لست أفارق رسول الله ص.
فقال له أبوه: فتدع حسبك ونسبك وتكون عبدا لقريش فقال زيد: لست أفارق رسول الله ص ما دمت حيا، فغضب أبوه وقال: يا معشر قريش اشهدوا اني قد برئت منه وليس هو ولدي، فقال رسول الله ص: اشهدوا ان زيدا ابني ارثه ويرثني انتهى وقد مر ان أمه كانت مولاة رسول الله ص فاعتقها فهذا معنى ان اسامة مولى رسول الله ص من أبويه.
صفته في أسد الغابة: كان اسامة اسود أفطس. وفي الدرجات الرفيعة:
كان اسامة ابيض اللون شديد البياض وأبوه زيد اسود شديد السواد أو بالعكس على خلاف في الرواية فمر بهما محرز المدلجي وهما في قطيفة قد غطيا وجهيهما وبدت اقدامهما فقال: ان هذه الاقدام بعضها من بعض انتهى.
أقوال العلماء فيه :
في الوجيزة: انه مختلف فيه وذكره في الخلاصة في القسم الأول المعد للثقات ثم قال الأولى التوقف في روايته وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول ص فقال: أسامة بن زيد بن شراحيل الكلبي مولى رسول الله ص أمه أم أيمن اسمها بركة مولاة رسول الله ص كنيته أبو محمد ويقال أبو زيد وذكره في أصحاب علي ع فقال: أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله ص وقال الكشي: أسامة بن زيد، حدثنا محمد بن مسعود حدثني علي بن محمد حدثني محمد بن أحمد عن سهل بن زاذويه عن أيوب بن نوح عمن رواه عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر ع قال: ان الحسن بن علي ع كفن أسامة بن زيد في برد احمر حبرة.
قال الميرزا في رجاله: ينافيه ما ذكره جماعة كالذهبي وابن حجر ان اسامة مات سنة 54 والحسن ع توفي سنة 49 أو 50 والظاهر على هذا ان يكون المكفن له الحسين ع على أن الرواية لم تصح وان تكررت في الكتب والله أعلم انتهى وفي الدرجات الرفيعة: مات اسامة سنة 54 بلا خلاف في ذلك فتعين ان يكون المكفن له الحسين ع انتهى ويؤيد كون المكفن له الحسين ع على أسامة بن زيد وهو مريض وهو يقول: وا غماه، فقال له: وما غمك يا اسامة؟ قال: ديني وهو ستون ألف درهم، فقال: هو علي، قال: اني أخشى ان أموت، قال: لن تموت حتى أقضيها عنك فقضاها قبل موته.
ثم قال الكشي: محمد بن مسعود حدثني أحمد بن منصور عن أحمد بن المفضل عن محمد بن زياد عن سلمة بن محرز عن أبي جعفر ع قال: ألا أخبركم باهل الوقوف؟ قلنا بلي، قال: أسامة بن زيد وقد رجع فلا تقولوا الا خيرا، ومحمد بن سلمة وابن عمر مات منكوبا.
قال العلامة في الخلاصة: في طريقه ضعف ذكرناه في كتابنا الكبير والأقوى عندي التوقف في روايته. قال أبو عمرو الكشي: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني قال: حدثني جعفر بن محمد المدائني عن موسى بن القاسم العجلي أو البجلي عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع عن آبائه ع قال كتب علي ع إلى والي المدينة لا تعطين سعدا ولا ابن عمر من الفئ شيئا فاما أسامة بن زيد فاني قد عذرته في اليمين التي كانت عليه انتهى.
وفي أسد الغابة: لم يبايع اسامة عليا ولا شهد معه شيئا من حروبه وقال له لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله ص حين قتلت ذلك الرجل الذي شهد ان لا إله إلا الله وأشار بذلك إلى ما رواه ابن إسحاق عن محمد بن اسامة بن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أسامة بن زيد قال: أدركت هذا الرجل يعني كافرا كان قد قتل في المسلمين في غزوة لهم قال أدركته انا ورجل من الأنصار فلما شهرنا عليه السلاح قال: أشهد ان لا إله إلا الله فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله ص أخبرناه خبره فقال: يا اسامة من لك بلا إله الا الله فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت ان ما مضى من اسلامي لم يكن واني كنت أسلمت يومئذ ولم اقتله فقلت أعطي الله عهدا ان لا اقتل رجلا يقول لا إله إلا الله ابدا قال تقول بعدي يا اسامة قلت بعدك انتهى وفي الدرجات الرفيعة: لم يشهد اسامة شيئا من مشاهد أمير المؤمنين ع واعتذر عن ذلك باليمين التي كانت عليه انه لا يقتل رجلا يقول لا إله إلا الله وذلك أن النبي ص بعث سرية فيها اسامة فقتل رجلا يقال له مرداس بن نهيك من بني مرة بن عوف وكان من أهل فدك وكان مسلما لم يسلم من قومه غيره فسمعوا بسرية رسول الله ص تريدهم وكان على السرية رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي فهربوا واقام الرجل لأنه كان مسلما فلما رأى الخيل خاف ان يكونوا من غير أصحاب رسول الله ص فالجا غنمه إلى عاقول من الجبل وصعد هو إلى الجبل فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبرون فلما سمع التكبير عرف انهم مسلمون فكبر ونزل وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فتغشاه أسامة بن زيد فقتله واستاق غنمه ثم رجعوا إلى رسول الله ص فأخبروه فوجد رسول الله ص من ذلك وجدا شديدا وقد كان سبقهم قبل ذلك الخبر فقال رسول الله ص قتلتموه إرادة ما معه ثم قرأ ص: يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن القى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا الآية فقال اسامة: يا رسول الله استغفر لي فقال كيف بلا إله إلا الله فقالها رسول الله ص ثلاث مرات قال اسامة فما زال رسول الله ص يعيدها حتى وددت اني لم أكن أسلمت الا يومئذ ثم إن رسول الله ص استغفر لي بعد ذلك ثلاث مرات وقال اعتق رقبة ثم حلف اسامة ان لا يقتل بعد ذلك رجلا يقول لا إله إلا الله انتهى.
وفي تفسير علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن القى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا قال: فإنها نزلت لما رجع رسول الله ص من غزوة خيبر بعث أسامة في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الاسلام وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى فلما أحس بخيل رسول الله ص جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل فاقبل يقول أشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فمر به أسامة بن زيد فطعنه فقتله فلما رجع إلى رسول الله ص أخبره بذلك فقال الرسول ص قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله. فقال: يا رسول الله انما قالها تعوذا من القتل فقال رسول الله ص أفلا شققت الغطاء عن قلبه لا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في لسانه علمت فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقتل أحدا شهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فتخلف عن أمير المؤمنين ع في حروبه وانزل الله تعالى في ذلك هذه الآية انتهى.
أقول في هذه الآية دلالة على أنه انما قتل الرجل طمعا في غنمه واما اعتذاره عن عدم الجهاد مع أمير المؤمنين ع بالعهد الذي عاهده فعذر غير مقبول لأن العهد لا ينعقد على ترك واجب واما ما كتبه أمير المؤمنين ع إلى والي المدينة مما تقدم بأنه عذر فهو ع اعرف بوجه المصلحة في اظهار انه عذره ان صح الحديث والا فظاهر الحال يوجب عدم عذره ولو عذرنا في ترك الجهاد مع علي ع وهو غير معذور فبما نلتمس له العذر في تأخره عن انفاذ امر رسول الله ص يوم امره على الجيش كما ستعرف وبما ذا نعذره بعدم بيعته لعلي ع هو وسعد وابن عمر الا ان يكون قد تاب كما مر.
ونقل الزمخشري في ربيع الأبرار ان أسامة بن زيد بعث إلى علي ع ان ابعث إلي بعطائي فوالله انك لتعلم انك لو كنت في فم أسد لدخلت معك فكتب اليه ان هذا المال لمن جاهد عليه ولكن لي مالا بالمدينة فأصب منه ما شئت انتهى وهذه تدل على مكارم اخلاق من أمير المؤمنين ع وثبات قدم في الدين والتقوى وسياسة عظيمة فلم يعطه من مال الفئ لأنه لم يجاهد وأعطاه من ماله. وأسامة هو الذي أنفذه رسول الله ص بجيش إلى بلاد الروم حيث قتل أبوه وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة في وقعة موءتة وذلك في مرض رسول الله ص الذي توفي فيه وأمره على رؤساء المهاجرين والأنصار وعمره يومئذ 18 أو 20 سنة وأمره ان يعسكر بالجرف وحث على الخروج معه وذم من تخلف عن جيشه وكان يقول مكررا انفذوا جيش اسامة لعن الله من تخلف عن جيش اسامة فبقي معسكرا بالجرف ولم يتوجه والناس يترددون بين المعسكر والمدينة حتى توفي النبي ص.
وروى ابن سعد في الطبقات: عن محمد بن عمر عن محمد بن عبد الله عن الزهري عن عروة بن الزبير قال: كان رسول الله ص قد بعث اسامة وأمره ان يوطئ الخيل تخوم البلقاء حيث قتل أبوه وجعفر فجعل اسامة وأصحابه يتجهزون وقد عسكر بالجرف فاشتكى رسول الله ص وهو على ذلك وقد وجد من نفسه راحة فخرج عاصبا رأسه فقال أيها الناس انفذوا بعث اسامة ثلاث مرات الحديث. وروى ابن سعد أيضا عدة أحاديث، في بعضها ان رسول الله ص بلغه قول الناس استعمل أسامة بن زيد على المهاجرين والأنصار، وفي بعضها ان الناس طعنوا في امارته وفي بعضها عابوه وطعنوا في امارته فخرج رسول الله ص حتى جلس على المنبر وقال أيها الناس انفذوا بعث اسامة فلعمري لئن قلتم في امارته لقد قلتم في امارة أبيه من قبله وانه لخليق بالامارة وان كان أبوه لخليقا بها الحديث أو قال نحو ذلك.
وفي الدرجات الرفيعة: روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز في كتاب السقيفة قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح عن أحمد بن سيار عن سعد بن كثير الأنصاري عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن ان رسول الله ص امر في مرض موته أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جل المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وأمره ان يغير على مؤتة حيث قتل أبوه زيد وان يغزو وادي فلسطين فتثاقل اسامة وتثاقل الجيش بتثاقله وجعل رسول الله ص في مرضه يثقل ويخف ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث حتى قال له أسامة بأبي أنت وأمي أتأذن لي ان امكث أياما حتى يشفيك الله تعالى فقال:
اخرج وسر على بركة الله تعالى، فقال: يا رسول الله اني ان خرجت وأنت على هذه الحال خرجت وفي قلبي قرحة منك. فقال سر على النصر والعافية فقال يا رسول الله اني اكره ان اسال عنك الركبان، فقال انفذ لما أمرتك به ثم أغمي على رسول الله ص وقام اسامة فتجهز للخروج فلما أفاق رسول الله ص سال عن اسامة والبعث فأخبر انهم يتجهزون فجعل يقول انفذوا بعث اسامة لعن الله من تخلف عنه ويكرر ذلك، فخرج اسامة واللواء على رأسه والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين والأنصار وأسيد بن حضير وبشر بن سعد وغيرهم فجاء رسول أم أيمن يقول له ادخل فان رسول الله ص يموت فقام من فوره فدخل المدينة و اللواء معه فجاء به حتى ركزه بباب رسول الله ص ورسول الله قد مات في تلك الساعة قال فما كان أبو بكر وعمر يخاطبان اسامة إلى أن ماتا الا بالأمير انتهى.
وروى أهل السير ان أبا بكر بعد ما بويع بالخلافة بعض اسامة على مقتضى امر رسول الله ص إلى حرب الشام فخرج وسار إلى أهل ابني بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح النون بوزن فعلى فأغار عليهم وقتل من أشرف وسبى من قدر عليه وقتل من قاتل أباه ورجع إلى المدينة بالغلبة والظفر وكانت مدة غيبته في تلك السفرة أربعين يوما فخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا لقدومهم وسلامتهم.
وروى الطبرسي في الاحتجاج ما يدل على أن اسامة لم يرجع إلى المدينة الا بعد ان بويع أبو بكر بالخلافة وكتب اليه بالرجوع وانه جرى بينه وبينه في ذلك حوار وحجاج وانه أنكر عليه امره.
وفي أسد الغابة بسنده عن أسامة بن زيد ان رسول الله ص ركب على حمار عليه قطيفة وأردف وراءه اسامة وهو يعود سعد بن عبادة قبل وقعة بدر قال ولما فرض عمر بن الخطاب فرض لأسامة بن زيد خمسة آلاف وفرض لابنه عبد الله بن عمر ألفين، فقال ابن عمر: فضلت علي اسامة وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال: ان اسامة كان أحب إلى رسول الله منك وأبوه أحب إلى رسول الله من أبيك، قال: وروى محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن عبد الله قال: رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر النبي ص فدعي مروان إلى جنازة ليصلي عليها فصلى عليها ثم رجع وأسامة يصلي عند باب بيت النبي ص فقال له مروان انما أردت ان يرى مكانك فعل الله بك وقال قولا قبيحا ثم ادبر فانصرف اسامة وقال يا مروان انك آذيتني وانك فاحش متفحش واني سمعت رسول الله ص يقول: ان الله يبغض الفاحش المتفحش انتهى.
وحكى المسعودي في مروج الذهب قال تنازع أسامة بن زيد وعمرو بن عثمان بن عفان إلى معاوية في ارض فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جانب عمرو وقام الحسن بن علي فجلس إلى جانب اسامة وقام سعيد بن العاص فجلس إلى جانب مروان فقام الحسين بن علي وجلس إلى جانب أخيه وقام عبد الله بن عامر فجلس إلى جانب سعيد بن العاص فقام عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فجلس إلى جانب الحسين فقام عبد الرحمن بن الحكم فجلس إلى جانب عبد الله بن عامر فقام عبد الله بن العباس فجلس إلى جانب عبد الله بن جعفر فلما رأى ذلك معاوية قال: لا تعجلوا انا كنت شاهدا إذ اقطعها رسول الله ص اسامة فقام الهاشميون فخرجوا واقبل الأمويون وقالوا ألا كنت أصلحت بينهما فقال دعوني فوالله ما ذكرت عيونهم تحت المغافر بصفين الا لبس علي عقلي انتهى ومن هذا الخبر وغيره يظهر ميل الهاشميين إلى اسامة خصوصا خبر وفاء الحسين ع دينه وتكفينه إياه وذلك وفاء منهم لأنه مولى جدهم ص لكن النفس لا تميل إلى اسامة لتركه بيعة علي ع ان صح وتركه القتال معه وعدم تنفيذه ما امر به رسول الله ص. فبعد هذه الأمور لا تميل النفس اليه مهما كانت حالته.
خلاصة القول فيه لا شك انه حصل منه خطا في قتله الرجل الذي اظهر الاسلام وفي تخلفه عن انفاذ امر رسول الله ص في المسير بالجيش وفي تخلفه عن بيعة علي ع ان صح وفي عدم قتاله معه وعدم صحة العذر الذي اعتذر به عن ذلك كما امر اما قتله من اظهر الاسلام فقد تاب منه وندم حتى أنه حلف لا يقاتل من يظهر الشهادتين طول عمره.
واما تخلفه عن علي ع فقد مر عن الباقر ع انه رجع ونهيه عن أن يقال فيه الا خير وعن كتاب سليم بن قيس أنه قال الناس بايعت عليا ع طائعين غير مكرهين غير ثلاثة رهط بايعوه ثم شكوا في القتال معه وقعدوا في بيوتهم محمد بن مسلمة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأسامة بن زيد سلم بعد ذلك ورضي ودعا لعلي ع واستغفر له وبرئ من عدوه وشهد انه على الحق ومن خالفه ملعون حلال الدم انتهى ويشهد لرجوعه وحسن حاله عطف الطالبيين عليه وانتصارهم له وتعصب بني أمية عليه وانتصارهم لخصمه في مخاصمته مع عمرو بن عثمان، وتحامل مروان عليه وإساءته القول فيه حين كان يصلي ولم يحضر معه الصلاة على الجنازة، وقضاء الحسين ع دينه وتكفينه إياه وامر أمير المؤمنين ع ان يعوض عن عطائه من ماله بالمدينة وإظهاره العذر له في ترك القتال معه ويشهد لميله إلى أمير المؤمنين ع قوله لو كنت في أسد لدخلت معك وقوله لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها كما تقدم ذلك كله فالمترجح دخوله في موضوع الكتاب والله أعلم.