1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : علم اللغة : مدخل إلى علم اللغة :

نشأة اللغة عند الطفل (أنواع الأصوات في الطفولة, وأساس كل منها)

المؤلف:  د. علي عبد الواحد وافي

المصدر:  علم اللغة

الجزء والصفحة:  ص119- 126

3-12-2018

3285


أنواع الأصوات في الطفولة, وأساس كل منها
يرجع أهم ما يلفظه الطفل من أصوات إلى الأنواع الآتية:
1-  "الأصوات الوجدانية" أو"أصوات التعبير الطبيعي عن الانفعالات": وهي الأصوات الفطرية التي تصدر من الطفل في أثناء تلبسه بحالة انفعالية، كالأصوات التي تصدر منه في حالات الخوف والألم والجوع والفرح والغضب والسرور والدهشة، كالبكاء والضحك, ومختلف أنواع الصراخ الوجداني.
وهذا النوع فطري عند الطفل، يصدر منه بشكل غير إرادي, وبدون سابق تجربة ولا تعليم ولا تقليد(1)، وتثيره الحالات الجسمية والنفسية أليمها وسارها, وهذه الإثارة قائمة على روابط طبيعية تربط أعضاء الصوت بالحالات الجسمية والنفسية بطريقة تجعل هذه الأعضاء تتحرك بشكل آلي, وتلفظ أصواتًا معينة عند وجود حالة من هذه الحالات؛ فالطفل إذ يلفظ هذه الأصوات تحت تأثير هذه الحالة الجسمية أو النفسية أشبه شيء بساعة الحائط إذ تدق أجراسها بصوت آلي حينما تصل مشيراتها -عقاربها- إلى نقطة خاصة، وتختلف دقاتها نوعًا وكمية باختلاف هذه النقط.
ص119
ويتألف هذا النوع من أصوات مبهمة "تشبه أصوات الحيوان وأصوات مظاهر الطبيعة" وأصوات لين "وهي التي نرمز إليها بحروف المد "مختلطة أحيانًا ببعض أصوات ذات مقاطع "وهي التي نرمز إليها بالحروف الساكنة".
وقد حاول العلامة شترن Stern، على ضوء ما قام به في هذا الصدد من ملاحظات وتجارب أن يعيِّنَ نوع الصوت الذي يظهر في كل حالة من الحالات الانفعالية المشار إليها، فانتهى بحثه إلى نتائج كثيرة، منها أن حروف اللين مكررة تعبر عن السرور والحزن، وأن الميم والنون تعبران عن كل ما له علاقة بالأمور الداخلية "الجوع, الرغبة ... إلخ", وأن الباء والدال والتاء تعبر عن كل ما له علاقة بالعالم الخارجي, غير أن التحقق من صحة هذه النتائج يحتاج إلى استقراء كبير يتعذر إجراؤه, هذا إلى أن كل ما يقال بهذا الشأن تقريبي؛ لأن الأصوات التي نحن بصدد الكلام عليها يتألف معظمها -كما سبقت الإشارة إلى ذلك- من أصوات مبهمة يصعب تحديد ما يشبهها من أصوات اللغة.
هذا، ويصحب انفعالات الطفل كذلك طائفة من المظاهر الجسمية المرئية؛ كصفرة الوجه وحمرته, ووقوف شعر الرأس, وضيق الحدقة واتساعها, وفتح الفم, وانقباض عضلات الوجه وانبساطها, وتفتح الأسارير وانكماشها ... وهلم جرا. وهذه المظاهر قائمة على الأسس الطبيعية نفسها القائمة عليها الأصوات الوجدانية, وتصدر دائمًا مصاحبة لهذه الأصوات, فهي فطرية غريزية تصدر من الطفل بدون سابق تجربة ولا تعليم, ويثيرها بطريقة آلية ما يتلبس به الطفل من انفعال.
2- الأصوات الوجدانية الإرادية: وهي أصوات النوع السابق حينما يستعملها الطفل استعمالًا إراديًّا, وذلك أن الأصوات الوجدانية الفطرية التي تقدمت الإشارة إليها يدرك المحيطون بالطفل مصادرها ومثيراتها, فيعملون على وقفها بتحقيق ما يعوز الطفل وقضاء ما يحتاج إليه, ومن تكرار سلوكهم هذا، يدرك الطفل أن هذه الأصوات من شأنها أن ترغم الكبار على تحقيق رغباته، فيلفظها أحيانًا
ص120
بشكل إرادي قاصدًا بها التعبير عن حالة قائمة به, أو عن مطلب من مطالبه، فتراه مثلًا يتعمد البكاء أو الصراخ، أو يتمادى فيهما بشكل إرادي حتى تحمله مربيته أو ترضعه أو تبعد عنه هنة لا يريدها ... وهلم جرا. وتسمى حينئذ هذه الأصوات "الأصوات الوجدانية الإرادية".
وما يتخذه حيال الأصوات يتخذه أحيانًا حيال الحركات الجسمية المعبرة عن الانفعالات؛ فقد يقوم ببعض هذه الحركات بشكل إرادي, قاصدًا بها التعبير عما يساوره من انفعال, أو يبغي تحقيقه من رغبة, فقد يتعمد مثلًا تقطيب وجهه, أو تحريك يديه حركات عنيفة للتعبير بشكل إرادي عن غضبه، وقد يتعمد قبض عضلات الوجه للتعبير عن كراهيته لشيء, أو اشمئزازه منه ... وهلم جرا.
وهو في الحالين "حالة الصوت الإرادي, وحالة الحركات الإدارية" يحاكي نفسه في حالتها الفطرية، فيمثل بشكل إرادي ما يصدر عنه عادة بشكل آلي فطري.
3- أصوات الإثارة السمعية: وهي أصوات فطرية غير تقليدية, تصدر من الطفل في شهوره الأولى حينما يسمع بعض الأصوات؛ ففي هذه المرحلة نرى أن سماع الطفل لبعض الأصوات "وبخاصة الأصوات المرتفعة" يثير أعضاء صوته ويجعلها تلفظ بشكل آلي أصواتًا غير تقليدية "أي: لا تحاكي الأصوات المسموعة" شبيهة بأصواته الوجدانية التي أشرنا إليها فيما سبق, ويحدث هذا عند سماعه أحد المحيطين به يناغيه أو يتحدث بصوت مرتفع، أو عند سماعه صوت حيوان أو آلة موسيقية ... وهلم جرا.
ويظهر هذا النوع من الأصوات لدى الطفل في سن مبكرة, فقد لاحظ الأستاذ "جويوم Guillaume" أن "بول" ولما يتجاوز الشهر الثاني، تصدر منه هذه الأصوات عندما تكلمه أمه, أو يكلمه هو بعبارات طويلة، وأنه عندما بلغ الشهر الثالث كان صوت "البيانو" يثير
ص121
أعضاء نطقه, فتلفظ أصواتًا مبهمة لا تحاكي في شيء النغم الموسيقي الذي يسمعه، وأن بنته "لويز" وسنها شهران ونصف، كانت الأصوات التي تلفظها في أثناء مناغاته لها أشبه شيء بإجابات على حديثه، فكانت تلفظ هذه الأصوات كلما توقف هو عن الحديث, أو انتهت عبارة من عباراته، وأن حالتهما كانت شبيهة بحالة شخصين يتحدثان محادثة منظمة, وقد لاحظ هذه الظاهرة نفسها على ابنتي عفاف في سن مبكرة؛ ففي اليوم الثاني من شهره الثالث "27/3/ 34" أثارت مناغاتي لها أعضاء نطقها, فأخذت تلفظ أصواتًا مبهمة مصحوبة بالابتسام وحركات الأطراف.
ومن هذا النوع من الأصوات ما يسمونه: "العدوى الصوتية", التي تبدو عند الأطفال إذا ضمهم مكان واحد، والتي تلازمهم في معظم مراحل طفولتهم؛ يصوت الوليد منهم فيثير صوته أصوات زملائه، ويبكي فيبكي لبكائه الآخرون(2).
ويتألف هذا النوع، كما يتألف النوعان السابقان، من أصوات مبهمة "تشبه أصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة" وأصوات لين "وهي التي نرمز إليها بحروف المد" مختلطة أحيانًا ببعض أصوات ذات مقاطع "وهي التي نرمز إليها بالحروف الساكنة".
وقد ثبت أن هذه الأصوات ليست إرادية ولا تقليدية، بل فطرية آلية تصدر بدون تدخل إرادة الطفل ولا تتجه إلى محاكاة أمر ما, وهي قائمة على أسس طبيعية شبيهة بالأسس القائمة عليها الأصوات الوجدانية. فكما أن تلبس الطفل بحالة انفعالية يثير أعضاء صوته، فتتحرك بشكل آلي وتلفظ الأصوات الوجدانية السابق ذكرها، كذلك سماع الطفل في هذه المرحلة لبعض الأصوات، فإنه يثير أعضاء نقطه فتتحرك بشكل آلي وتلفظ الأصوات التي نحن بصدد الكلام عنها. فكلا
ص122
النوعين فطري آلي قائم على روابط طبيعية, وكل ما بينهما من فرق ينحصر في أن الأول مؤسس على روابط طبيعية تربط أعضاء الصوت بحالات الجسم والنفس بطريقة تجعل هذه الأعضاء تتحرك بشكل آلي وتلفظ أصواتًا خاصة عند وجود حالة من هذه الحالات، على حين أن الثاني قائم على روابط طبيعية تربط جهاز السمع بجهاز الصوت بطريقة تجعل أعضاء الجهاز الثاني تتحرك بشكل آلي, وتلفظ أصواتًا مبهمة عند وصول أصوات إلى الجهاز الأول.
4- أصوات التمرينات النطقية Exercices vocaux, أو "اللعب اللفظي" Jeu vocal أو "اللغط" Babillage:
يظهر لدى الطفل -حوالي الشهر الخامس- ميل فطري إلى اللعب بالأصوات وتمرين أعضاء النطق, فيقضي فترات طويلة من وقته في إخراج أصوات مركبة متنوعة, عارية عن الدلالة, وعن قصد التعبير, وقد سمى الباحثون هذا النوع من الأصوات بالتمرينات النطقية أو اللعب اللفظي أو اللغط(3).
وينتظم هذا النوع جميع الأصوات المدية والمقطعية "حروف اللين والحروف الساكنة", التي يمكن أن تلفظها أعضاء النطق الإنساني, ولذلك كثيرًا ما نجد من بينها أصواتًا غريبة عن اللغة التي ينطق بها آباء الطفل, فكثيرًا ما يرد فيما يلفظه أطفالنا المصريون من هذا النوع أصوات لا وجود لها في لغتنا، كالأصوات التي يرمز إليها في الفرنسية بهذه الحروف V, P, eu
وقد لاحظ الأساتذة: رونجات وميرينجير وجوتمان Ronjat, Maringer, Gutzman أن من بين الأصوات التي يلفظها أطفال الأوروبيين في هذه المرحلة أصواتًا لا يوجد لها نظير إلّا في لغات

ص123
الصين، أو اليابان، أو في رطانات زنوج أفريقيا، أو في لهجات السكان الأصليين لأمريكا وأستراليا, ومن لم يظهر فساد ما ذهب إليه فونت وبرييرومور Wundt Preyer Moor؛ إذ زعموا أن أصوات هذه المرحلة تختلف باختلاف الشعوب، وأن أطفال كل أمة لا يلفظون في أثنائها إلّا الأصوات الخاصة بلغة بلادهم، أي: التي يستخدمونها في المرحلة التالية، فكأنهم بذلك يدربون أعضاء نطقهم على ما ستواجهه في المستقبل من مشكلات لغوية خاصة بأمتهم.
ويلاحظ أن الطفل في هذه المرحلة يولع بتكرار الصوت الذي يلفظه من هذا النوع عدة مرات: با بابا -تا تا تا أتيتا..إلخ. ويرجع هذا إلى أسباب كثيرة؛ منها: أن النشاط الحركي يتجه دائمًا إلى الأشكال المتماثلة والأوضاع المتشابهة, ومنها: أن وقف الحركة فجأة يتطلب مجهودًا أكبر من المجهود الذي يتطلبه استمرارها، فالطفل بتكراره هذا يميل أكبر بفطرته إلى أخف المجهودين "وإلى هذا يرجع السبب في حدوث هذه الظاهرة نفسها عند الكبار أحيانًا, وخاصة حينما يسرعون في كلامهم", ومنها: أن الطفل عندما يلفظ صوتًا ما يحدث لديه هذا الصوت إحساسًا سمعيًّا يرتاح إليه ويتلذذ بوقعه، فيكرر الصوت ليتكرر إحساسه هذا، كما أن إحساسه صوت طبلة دقها بيده أو صوت هنة رماها يدعوه إلى تكرار الدق والرمي ليتكرر الصوت نفسه. وهذا مظهر من المظاهر التي أطلق عليها العلامة بلدوين "تقليد الطفل لنفسه" أو "التفاعل الدائري عند الطفل", وتبقى هذه العادة عند الطفل في أوائل المرحلة التالية كما سنذكر ذلك في موطنه(4).
ولا يرمي الطفل من وراء هذه الأصوات إلى محاكاة أو تعبير، وإنما تدفعه إليها غرائزه دفعًا كما تدفعه إلى سائر ألعابه, ويجد لذة كبيرة في مجرد لفظها, كما يجد لذة في القيام بألعابه الأخرى.
ص124
ويظهر أن الغرض الذي ترمي إليه الطبيعة من دفع الطفل إلى هذا النوع من الألعاب هو تدريب أعضاء نطقه على القيام بوظائفها العامة, وإعداده إعدادًا تامًّا للمرحلة التالية، وهي المرحلة التي يأخذ فيها اللغة عن طريق محاكاته لما يسمعه من المحيطين به(5).
غير أنه يظهر كذلك أن بعض الأصوات التي يلفظها الطفل في أواخر هذه المرحلة, والتي تبدو من نوع "التمرينات النطقية", هي في الحقيقة أصوات تقليدية يحاول بها الطفل أن يحاكي ما يسمعه من كلمات؛ فيلفظها لفظًا خاطئًا بعيدًا كل البعد عن الأصل، أو يحاول بها محاكاة النبرات العامة التي تتالف منها الصورة الموسيقية لبعض ما يسمعه من عبارات, ولا أدلَّ على ذلك مما لاحظه الأستاذ جرامون Gramont الفرنسي؛ فقد اختار لابنه مربية إيطالية, ظلت ملازمةً له حتى قبيل انتهاء هذه المرحلة، وبعد شهر تقريبًا من انقطاعها عنه، دخل الطفل في مرحلة التقليد اللغوي، فلاحظ والده حينئذ أنه يلفظ الكلمات الفرنسية بلكنة إيطالية، وأن هذه العادة لم يتخلص منها إلّا بعد أمد طويل, وهذا يدل على أن بعض الأصوات التي كان يلفظها في مرحلة "التمرينات النطقية"؛ إذ كانت مربيته الإيطالية تناغيه بلهجتها، كان يحاول بها تقليد النبرات العامة لحديثها, وأن هذه المحاولات قد مكَّنت أسلوب الصوت الإيطالي من لسانه، وظهرت آثار ذلك في حديثه فيمابعد.
5- الأصوات التي يحاكي بها الطفل أصوات الأشياء، والحيوانات "هزيز الريح، حفيف الشجر، خرير الماء، جعجعة الرحى، صرير الباب، درداب الطبل، طنطنة الأوتار، دقات الساعة، نفير السيارة، صهيل الفرس. نهيق الحمار، خوار البقر، ثغاء الغنم، نباح الكلب، مواء الهر، صياح الديك، هديل الحمام، نعيق الغراب ... وهلم جرا".
ص125
وتعتمد هذه الأصوات على استعداد فطريٍّ عند الطفل، وهو غريزة المحاكاة. مع ذلك، تصدر بشكل إرادي، ويرمي الطفل من ورائها إلى غايات معينة؛ فهو يرمي أحيانًا، إلى مجرد التلذذ بالمحاكاة، أو إثبات قدرته على التقليد، وأحيانًا إلى التعبير عن أمور تتصل بالشيء أو الحيوان الذي يحاكي صوته؛ كأن يحاكي صوت الكلب للتعبير عن رغبته في رؤيته أو عن قدومه ... وما إلى ذلك, وهو يحاكي أحيانًا هذه الأصوات المبهمة في صورتها الطبيعية، وأحيانًا يحاكيها بوضعها في أصوات ذات مقاطع، فيعبر عن صوت الدجاجة مثلًا بكلمة "كاك", وعن صوت الكلب بكلمة "هَوْ" ... وهلم جرا.
6- الأصوات المركبة ذات المقاطع والدلالات الوضعية التي تتألف منها الكلمات وتتكون منها اللغة:
وهذا النوع من الأصوات يأخذه الطفل عن المحيطين به بطريق التقليد، ويندفع إليه تحت تأثير ميله الفطريّ إلى المحاكاة, ولكنه مع ذلك، إرادي في تكونه وفي استخدامه, أما فيما يتعلق بتكونه، فهو لا يصدر من الطفل بشكل آلي كما تصدر أصواته الوجدانية مثلًا، بل يبذل في إصداره وإصلاح خطئه وتكملة نقصه وجعله مطابقًا للصوت الذي يحاكيه مجهودًا إراديًّا، ويشرف على جميع هذه الأمور إشرافًا مقصودًا، وأما فيما يتعلق باستخدامه، فإن الطفل يلفظه مريدًا به التعبير عن المعاني والحقائق التي يدل عليها, وذلك أن هذه الطائفة من الأصوات لا تنتقل إلى الطفل مجردة، بل تنتقل إليه حاملة معها معانيها, فهو يدرك ما تدل عليه من سياق أعمال المتكلمين بها، ومن الحركات اليدوية والجسمية التي تصحبها، ومن الإشارة الحسية إلى مدلولاتها ... وهلم جرا. فيحاكيها متصورًا معانيها تصورًا كاملًا أو ناقصًا تبعًا لمبلغ الدقة في ملاحظته, وكلما اكتسب لفظًا منها عن هذا الطريق, احتفظ به إلى حين الحاجة إليه، فيلفظه كلما أراد التعبير عن مدلوله(6).
ص126
___________________
(1) ليس أدل على أن هذا النوع فطري, وعلى عدم توقفه على المحاكاة, أنه يظهر حتى عند الطفل الذي يولد أصم.
(2) وقد لاحظ الأستاذ بلانتون أن هذه العدوى الصوتية لا تظهر قبل نهاية الشهر الأول.
(3) قد يظهر النوع من الأصوات عند بعض الأطفال قبل الشهر الخامس، فقد لاحظته عند ابنتي عفاف في أوائل الشهر الثالث -ابتداء ظهوره لديها يوم 27-3-34، وظهر عند ابني إقدام, في أوائل الرابع "ابتدأ ظهوره لديه يوم 7-12-40، وقد ولد يوم 27 أغسطس سنة 1940".
(4) انظر المرحلة الثالثة في الفقرة الثالثة من هذا الفصل.
(5) انظر تفصيل هذا بكتابنا "عوامل التربية" صفحات 185-187, والغرض الذي أشرنا إليه وهو الإعداد للحياة المستقبلة ليس مقصورًا على الألعاب اللفظية, بل مشتركًا في جميع الألعاب الإنسانية. "انظر المرجع السابق صفحات 129-132، 149-150".
(6) هناك نظريات أخرى كثيرة في الأساس القائم عليه هذا النوع من الأصوات, وسنعرض لها في الفقرة السادسة من هذا الفصل.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي