1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : علم اللغة : الجهود اللغوية عند العرب :

ھل وجدت مدارس نحوية عند العرب

المؤلف:  د. احمد مختار عمر

المصدر:  البحث اللغوي عند العرب

الجزء والصفحة:  ص128- 136

23-11-2018

3879


هل وجدت مدارس نحوية عند العرب؟
السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل يمكن أن نطلق اسم "مدرسة" على أي دراسة نحوية تمت في خلال الفترة موضوع الدراسة؟
ولكي نجيب عن السؤال يجب أولًا أن نوضح النقاط الآتية:
1- ماذا نفهم من المصطلح "مدرسة نحوية".
2- الأساس الذي بني عليه تقسيم الدراسة النحوية العربية إلى مدارس.
3- عدد هذه المدارس حتى نهاية القرن الرابع الهجري.
أما بالنسبة للنقطة الأولى؛ فإن هذا المصطلح يعني -في نظرنا- وجود جماعة من النحاة، يصل بينهم رباط من وحدة الفكر والمنهج في دراسة النحو. ولا بد أن يكون هناك الرائد الذي يرسم الخطة ويحدد المنهج، والتابعون أو المريدون الذين يقتفون خطاه، ويتبنون منهجه، ويعملون على تطويره والدفاع عنه. فاستمرار النظرية -أو المنهج- ودوامها عبر السنين شرط أساسي لتكون المدرسة التي لا يمكن أن تستحق هذا الاسم، أو يعترف بوجودها بمجرد مولد النظرية أو خلقها، حتى تعيش ويكتب لها البقاء لبعض الوقت بين المريدين.
ومن ناحية أخرى فنحن لا نوافق على اتخاذ المعيار الجغرافي أساسًا لتقسيم العلوم إلى مدارس فكرية مختلفة، إن وجود جماعة من الدارسين في مكان واحد لا يكفي مطلقًا لتشكيل مدرسة، أو لأحقية ربطهم جميعًا برباط واحد، اللهم إلا إذا وجد الخيط الذي يصل بينهم، والخطة أو النظرية التي يشتركون في تطبيقها. وعلى هذا يكون المرشح لأحقيتهم اسم مدرسة ليس وجودهم في مكان واحد وإنما اشتراكهم في خط فكري معين.
ص128
وإذا نحن انتقلنا إلى النقطة الثانية وحاولنا أن نتعرف الأساس لتقسيم الدراسات النحوية إلى مدارس، وجدنا من الحتم أولًا أن نظهر الحقائق الآتية:
أ- أن المعيار الجغرافي كان الأساس الوحيد لهذا التقسيم، وهذا يوضح لماذا حملت كل مدرسة اسم منطقة.
ب- لا نجد أي إشارة إلى مدرسة أطلق عليها هذا الاسم لالتفاف أتباعها حول رائد معين فحملت اسمه من أجل ذلك على عكس ما نجده الآن(1).
جـ على الرغم من أن المعيار الجغرافي كان هو الأساس الوحيد المستعمل لتقسيم المدارس العربية؛ فإنه قد عجز تمامًا عن إبراز الفروق الحقيقية والاتجاهات الفكرية المختلفة لهذه المدارس، كما عجز -في نفس الوقت- عن تجميع الخصائص المشتركة، والاتجاهات الفكرية الموحدة.
ولنأخذ مثالًا على هذا أقدم مدرستين لغويتين، وهما مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة، فماذا نجد؟ نجد البصريين "أو الكوفيين" يختلفون في المسألة الواحدة، ونجد في كثير من الأحيان بصريين ينضمون إلى المدرسة الكوفية، وكوفيين ينضمون إلى المدرسة البصرية "والأمثلة على ذلك كثيرة نكتفي منها بما يأتي:
1- في حالة يصرح الأخفش "بصري" أن رأي الكوفيين صحيح.
2 في حالة أخرى نجد للخليل رأيًا يخالف رأي سيبويه والأخفش.
ص129
3- في حالة أخرى نجد سيبويه والخليل يريان رأيًا مناقضًا لرأي الأخفش والمازني والزيادي والمبرد "وكلهم بصريون".
4- في حالة أخرى نجد كلًّا من سيبويه والمبرد والكسائي والفراء يقف منفردًا برأيه الخاص.
5- في حالة أخرى نجد المبرد يفضل رأيًا كوفيًّا.
6- في حالة أخرى نجد الكسائي يفضل رأيًا بصريًّا(2).
7- على الرغم من أن المبرد وسيبويه ينسبان إلى مدرسة واحدة فنحن نجد أن أقصى هجوم وجه لسيبويه كان على يد المبرد -كما سبق أن ذكرنا- حتى ألف الأخير كتابًا لنقد سيبويه والهجوم عليه. ومن ناحية أخرى فنحن نجد أن اختلاف المنهج والخط الفكري واضح جدًّا بين الأستاذين ويشمل اختلافات جوهرية.
8- على الرغم من أن الكسائي والفراء ينتميان إلى المدرسة الكوفية فإن خلافهما في مسائل النحو كثير. ونكتفي بالتقاط الأمثلة الآتية:
أ- يذهب الكسائي إلى أن الفاء والواو وأو تنصب الفعل بنفسها، ولكن الفراء يذهب إلى أن المضارع ينصب هذه الأحرف على الخلاف "أي: أن المعطوف بها صار مخالفًا للمعطوف عليه في المعنى فخالفه في الإعراب"(3).
ب- يذهب الكسائي إلى جواز العطف على اسم إن بالرفع قبل تمام الخبر، فيصح عنده أن تقول: "إن زيدًا وعمرو قائمان", ولكن
ص130
الفراء يفصل، فيجيزه في حالة خفاء الإعراب، ويمنعه فيما عدا ذلك، فمثال ما خفي إعرابه "إنك وزيد قائمان" وقد حمل عليه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ} (4).
جـ يذهب الكسائي إلى أن أصل "آية" آئية بزنة فاعلة، فحذفت الهمزة كما حذفت في شاك السلاح ومكان هار. ويذهب الفراء إلى أن أصلها" "آية" بالتشديد، وفروا من المشدد إلى الألف كما فروا إلى الياء في دينار وأصله دنار(5).
د- أجاز الكسائي تقديم المحصور بإلا مطلقًا، وذهب الفراء إلى منع تقديم الفاعل المحصور وأجاز تقديم المفعول المحصور(6).
هـ- قال الكسائي في "أشياء": هي جمع شيء كبيت وأبيات، ووزنها أفعال، ومنعت من الصرف على توهم أنها كحمراء، وقال الفراء: أصلها أشيئاء جمع شيء وأصله شيء نحو بين وأبيناء ولين وأليناء، ثم حذف من وسط أشياء همزة لكثرتها فصارت أشياء(7).
ويذهب الكسائي -وهو رأي البصريين- إلى أن "نعم" و"بئس" فعلان ماضيان لا ينصرفان ويذهب الفراء -وهو رأي باقي الكوفيين- إلى أنهما اسمان.(8).
9 وأخيرًا نمثل بمسألة تشعبت فيها أوجه النظر، واختلط فيها الحابل بالنابل كما يقول المثل العربي، وهي تخريج "إياك" وأخواتها.
ص131
أ- فجمهور الكوفيين، وهو رأي الفراء، يذهب إلى أن الكاف والهاء والياء من إياك وإياي وإياه ... هي الضمائر، وأن "إيا" عماد لها تصير بسببها منفصلة. واختاره ابن كيسان من البصريين. قال الرضى: وليس هذا القول ببعيد عن الصواب.
ب- ورأى الخليل أن "إيا" اسم مضمر مضاف إلى الكاف بدليل وقوع الظاهر مقام الكاف في قولهم: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب. وهو رأي الأخفش والمازني.
جـ- وقال سيبويه: إن الاسم المضمر هو "إيا"، وما يتصل به بعده حرف يدل على أحوال المرجوع إليه من التكلم والخطاب والغيبة، وهو رأي جمهور البصريين.
د- وقال قوم من الكوفيين: إياك وإياه وإياي أسماء بكمالها، وليس فيها تركيب.
هـ- وقال الزجاج، والسيرافي: "إيا" اسم ظاهر مضاف إلى المضمرات، كأن "إياك" بمعنى نفسك(9):
هذه الأمثلة -وغيرها كثير جدًّا لمن أراد المزيد- تكشف عن فساد المعيار الجغرافي وتظهر فشله(10).
ص132
ولكن إلى جانب هذه الاختلافات بين أبناء المدرسة الواحدة فنحن نجد بعض الخطوط والاتجاهات المشتركة التي يتميز بها أبناء المدرسة الواحدة وعلى هذا فربما قبلنا -مع شيء من التحفظ- هذه القسمة.
والنقد الخطير الذي يمكن أن يوجه إلى هذا المعيار هو احتمال الانحراف في تطبيقه. ربما قبلنا تبرير هذا المعيار على أساس أن الفكرة، أو الاتجاه المعين، إنما يظهر أول الأمر في مكان ما، ومن أجل هذا فمن المعقول أن ينسب هذا الاتجاه أو هذه النظرية إلى مكان الميلاد.
ولكن الشيء الذي لا نقبله هو الزعم بأن هذه المدرسة المعينة لا بد أن تشمل كل المواطنين في هذا المكان -بغض النظر عن اختلافاتهم- وتستبعد من عداهم، دون نظر إلى آرائهم ومدى اتفاقهم أو اختلافهم.
وعلى هذا فنحن نعتقد أن الباب لا بد أن يترك مفتوحًا على مصراعيه ليضم المثقفين، ويعزل المخالفين. إن باب المدرسة البصرية أو الكوفية يجب أن يظل مفتوحًا؛ ليسمح بدخول أي مؤيد أو متفق في الرأي مهما كانت جنسيته، وبخروج المخالف، حتى ولو كان منتسبًا إلى المنطقة بالميلاد أو الإقامة، وطبقًا لهذا، فإننا نجد المدارس اللغوية الحديثة التي تحمل أسماء أماكن قد اشتملت على أسماء علماء من بلاد مختلفة. ونحن نشير بوجه خاص إلى "مدرسة جنيف"(11) التي أسسها اللغوي السويسري دي سوسير وشملت لغويين فرنسيين وسويسريين وألمان وإنجليز(12).
أما إجابة السؤال الثالث، فهي دقيقة وصعبة، إذا حاولنا تناولها بدقة. إنها تقتضي عملية تتبع كامل للإنتاج النحوي في جميع أنحاء العالم العربي لفترة تمتد إلى أكثر من ثلاثة قرون، مع الأخذ في الاعتبار ضياع نسبة كبيرة من الإنتاج النحوي لتلك الفترة وعدم وصوله لنا، بالإضافة
ص133
إلى تبعثر الآراء النحوية في كتب التفسير والقراءات والأدب وشروح الدواوين الشعرية وغيرها. ولهذا فنحن سنكتفي في هذا المقام بنظرة خاطفة مركزين على الخلافات بين الدارسين حول الاعتراف أو عدم الاعتراف بأي منها(13).
فيما عدا سعيد الأفغاني الذي رفض المعيار الجغرافي أساسًا للتقسيم النحوي وتشكك في جدواه(14) "برغم استعماله لفظ مدرسة مع نحاة البصرة ونحاة الكوفة مجاراة لما هو شائع"، واقترح معيارًا آخر فإن سائر الدارسين قد قبلوا التقسيم الجغرافي أساسًا لتصنيف المدارس النحوية العربية. الفرق الوحيد بينهم هو اختلافهم في عدد المدارس:
وبغض النظر عن المستشرق G. weil الذي اعترف بالمدرسة البصرية فقط، نجد جميع الدارسين يعترفون بوجود مدرستي البصرة والكوفة، ويعترفون بأسبقيتهما لأي مدارس نحوية أخرى، ومنهم من يضيف إليهما مدارس أخرى على النحو التالي:
"أ" بعضهم يضيف مدرسة ثالثة في بغداد. ويضم هذا الفريق بروكلمان ومهدي المخزومي.
ص134
ب- وبعضهم -مثل طه الراوي ومحمد أسعد طلس- يضيف مدرسة رابعة في الأندلس.
ج- أضاف Howell مدرستين أخريين في مصر والمغرب.
د- وعد الدكتور شوقي ضيف خمس مدارس هي: البصرية والكوفية والبغدادية والأندلسية والمصرية، ولم يذكر المغربية.
هـ- ويقف الزبيدي منفردًا في هذا النزاع حيث يقسم اللغويين إلى بصريين وكوفيين ومصريين وأندلسيين، ولم يذكر البغداديين(15).
وإذا كان لنا من ملاحظات على هذه التقسيمات فهي:
1- أنه ما دام المعيار الجغرافي هو الأساس في التقسيم فلا بد من الاعتراف بوجود مدرسة في كل بلد أنتج فكرًا نحويًّا.
2- من الغريب أن يعترف الزبيدي باللغويين المصريين والأندلسيين ولا يذكر البغداديين.
3- وأغرب من هذا أن يعترف طه الراوي ومحمد طلس بوجود مدرسة في الأندلس ولا يعترفان بوجود مدرسة في مصر، برغم أسبقية مصر في هذا الميدان واعتماد النحو الأندلسي في نشأته. ووجوده وبنائه على مصر(16). وأخيرًا فإننا نؤمن بأن تقسيم العلوم إلى مدارس -
ص135
مهما كان المعيار ليس خير سبيل. إنه يعطي إحساسًا بمحلية العلوم، ويخلق جوًّا من التحيز والتعصب، إنه يظهر اتفاقًا سطحيًّا بين أتباع المدرسة الواحدة حول مبادئ معينة أو قواعد خاصة، ولكنه يخفي من ورائه خلافات جوهرية.
ومن أجل هذا فنحن نفضل المعيار المبني على أساس النظريات المنفصلة والاتجاهات المستقلة. وعلى هذا يمكننا أن نتكلم عن نظرية سيبويه في الالتزام بما سمع عن العرب وعدم استخدام القياس النظري، لأن العرب يمتنعون عن التكلم بالشيء وإن كان القياس يوجبه، ويتكلمون بالشيء وإن كان القياس يمنعه. وعن نظرية الفراء في النصب على الخلاف أو المخالفة. وعن نظرية ابن فارس في رد الكلمات الكبيرة البنية إلى أصول أقل حجمًا، وهكذا.
هذا الاتجاه ربما يكون أكثر دقة في تتبع النظرية أو الاتجاه، وفي رسم حدود كل ومعالمه عبر العصور من غير استخدام التعميمات، أو إصدار الأحكام الكلية التي تفتقر في كثير من الأحيان إلى الدقة ويعوزها الحذر العلمي.
ص136

__________
(1) Bloomfield School أو Vossler School انظر Fries ص 196، Malmberg ص 69.
(2) انظر في تفصيل المسائل السابقة: منهج السالك لأبي حيان صفحات 7، 8، 9، 19 مقدمة المحقق، والانصاف لابن الأنباري ص 27، 47.
(3) الكافية 2/ 224، والأشموني 3/ 300.
(4) الانصاف 1/ 119، ومجالس ثعلب 1/ 316، والرضى على الكافية 2/ 330، ومعاني القرآن، ورقة 45.
(5) رسالة الملائكة ص 101 - 106.
(6) الأشموني 4/ 39.
(7) معاني القرآن للفراء ورقة 46، وإعراب القرآن للنحاس ورقة 54- 55، والرضى على الشافية ص 9.
(8) الإنصاف 1/ 66، الكافية 2/ 292.
(9) مدرسة الكوفة ص 229، الكافية 2/ 12 ورسالة الملائكة ص 57 وهامش صفحتي 55، 56.
(10) لا أدل على فشل المنهج الجغرافي في بيان الاتجاهات الفكرية، وإبراز أوجه الخلاف والشبه بينها من اختلاف الآراء حول نسبة بعض اللغويين إلى مدرسة معينة. وأشير في هذا المجال إلى أبي عبيد الذي وضعه بروكلمان تحت أبناء المدرسة البصرية "2/ 155"، بينما وضعه الزبيدي وآخرون تحت اتباع المدرسة الكوفية "ابن النديم ص 71".
وحالة أبي عبيد تمثل صعوبة أخرى، وهي صعوبة نسبة عالم من ذلك العصر إلى بلد معين نظرًا لكثرة الأسفار، وعدم الإقامة في مكان واحد مدة طويلة. فهو قد ولد في هراة وتنقل بين البصرة والكوفة ومرو وسر من رأى وطرسوس وبغداد ومكة.
"معجم الأدباء 16/ 254، والقفطي 2/ 15، 19، 20".
(11) بعض الدارسين يسميها كذلك "المدرسة الفرنسية" "انظر Sommerfelt ص 283".
(12) Malmberg صفحات 16، 46، 47،49، 50.
(13) كان من سوء الحظ أن المحاولات الأولى لتقسيم الدراسة اللغوية إلى مدارس كانت ترمي إلى عمل ترجمات للغويين، مع التركيز على الجانب التاريخي من حياتهم. وربما كان المعيار الجغرافي صالحًا لمثل هذه الدراسة التاريخية، ولكن الخطأ الذي ارتكب فيما بعد هو تطبيق هذا المعيار على الدراسة اللغوية البحتة.
(14) يقول: درج العلماء على أن هناك مذهبًا بصريًّا وآخر كوفيًّا. فما معالم كل من المذهبين؟ هذه الميزات والمعالم الآتية بعد ليست جامعة مانعة.
فليس هناك قاعدة أجمع عليها نحاة البصرة وتوارد على معارضتها نحاة الكوفة، أو قال بها الآخرون جميعًا وعارضها الأولون جميعًا.
في أصول النحو ص 195 - 196" وانظر بحثه: هل في النحو مذهب أندلسي؟ ص 76.
(15) ارجع إلى: دائرة المعارف الإسلامية، مادة "ثعلب" و"نحو"، ومراتب النحويين لأبي الطيب، والفهرست لابن النديم، وتاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان، ومدرسة الكوفة للمخزومي ص391، ونظرة في النحو لطه الراوي، وأبو الفتح بن جني لطلس، وطبقات النحويين للزبيدي، والمدارس النحوية لشوقي ضيف، ومقدمة Howell لكتابه Grammar of the Classical Arbaic.
(16) يرجع الفضل في النهضة الأندلسية النحوية إلى عودة محمد بن يحيى الرباحي الأندلسي من المشرق بمناهج حديثة "كما يقول الزبيدي" وبكتب جديدة في القرن الرابع. ولم يكن الرباحي نفسه مؤلفًا، وإنما لاقى الأساتذة وقرأ عليهم وحمل كتبهم. وممن لاقاهم بمصر أبو جعفر النحاس وأبو العباس ابن ولاد، وكلاهما نحوي متخصص. وقد نقل للأول إلى الأندلس كتبه "صناعة الكتاب" و"الاشتقاق" و"الكافي في النحو" و"المقنع في النحو" وللثاني "الانتصار لسيبويه" و"المقصور والممدود، و"النقائض". ونضيف إلى هذا أنه من بين تلامذة النحاس الأجانب وعددهم أربعة عشر "على حسب ما أمكنني البحث" نجد ثمانية أندلسيين. ومن بين الترجمات الخمسمائة الأولى في كتاب ابن الفرضي "تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس" نجد خمسة وخمسين على الأقل قد درسوا في مصر.
"ولمزيد من التفصيلات راجع رسالتي للدكتوراه Arabic Linguistic Studies in Egypt الخاتمة". 


EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي