في قرية صغيرة على ضفاف دجلة، عاشت ياسمين، فتاة عراقية شابة عُرفت بين أهل قريتها بسمو أخلاقها وأدبها الرفيع. كانت ترى أن الأدب زينة الإنسان، وحُلّة لا تبلى، تجمله أمام نفسه وأمام الناس.

في صباح يومٍ هادئ، وبينما كانت ياسمين متجهة إلى السوق، لفت انتباهها صوت جدال حاد ينبعث من أحد الأزقة. اقتربت بخطوات ثابتة لتجد جارتيها تتشاجران بصوت عالٍ. كانت إحداهما تشير إلى الماء المسكوب أمام بيتها بغضب، بينما الأخرى تحاول تبرير موقفها دون جدوى.

وقفت ياسمين بينهما، وقالت بلطف وحزم: "روي عن إمامنا علي (عليه السلام): وَالأدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ، أفلا نكسو أرواحنا بهذه الحُلَل بدلاً من أن نخلعها في لحظة غضب؟"

نظرت إليها الجارة الغاضبة وقالت: "لكنها أفسدت نظافة مدخل بيتي ولم تعتذر عن فعلها!"

ابتسمت ياسمين وقالت: "لا بأس، يا جارتي. الكلمة الطيبة تُعيد السلام إلى القلوب. يقول الله تعالى:

"وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"

[الفرقان: 63].

ألا يجدر بنا أن نكون من عباد الرحمن الذين يعيدون السلام بأدب؟"

صمتت الجارتان قليلاً، ثم قالت الجارة المخطئة بصوت خافت: "أعتذر، لم أنتبه إلى ما فعلته. لم يكن قصدي الإزعاج."

بادرتها الأخرى بابتسامة، قائلة: "وأنا أعتذر لأنني غضبت ورفعت صوتي. لم يكن يليق بي ذلك."

ابتسمت ياسمين، وقالت: "الأدب ليس مجرد كلمات، بل أفعال تنبع من قلوب طيبة. فلنحرص على أن تكون أفعالنا دائمًا زينة تليق بنا."

انتهى الموقف وعادت السكينة إلى الزقاق. وغادرت ياسمين المكان بابتسامتها الهادئة، تاركة خلفها درسًا بسيطًا لكنه عميق: أن الأدب هو الحُلّة التي تزين الأرواح، وتجعل الحياة أكثر جمالًا وسلامًا.

------------

روي عن الإمام علي (عليه السلام):

"وَالْأَدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ".