اشار ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة، ان الله سبحانه وتعالى كرم الانسان وفضله على سائر المخلوقات ووسع عليه بالرزق في البر والبحر ثم فضله على كثير ممن خلق، مستشهدا بقوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).
وقال السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم (18/8/2017)، ان الاية لاتتحدث عن دين او مذهب معين وانما تمثل قاعدة كلية (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، موضحا ان هنالك تطابق بين الاية الشريفة وحديث الامام امير المؤمين عليه السلام مع مالك الاشتر حينما قال له "الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق"، مؤكدا ان الاية الشريفة وحديث امير المؤمنين يؤكدان انه لايجوز الاعتداء على اي شخص لانه اما اخ في الدين او نظير في الخلق اي ان خالقهما واحد.
واكد السيد الصافي ان ما ورد اعلاه عبارة عن مقدمة لبعض التطبيقات المؤلمة في المجتمع لعدم التكريم أو بمفهوم اكثر انسجاما مع الفهم العرفي انها تمثل نموذج لعدم الاحترام، مبينا ان الحديث لا علاقة له باي مطلب سياسي وان وردت فيه مفردات سياسية او حكومية.
واضاف ان هنالك مفهوم بسيط وفردي وهو "الجار" الذي يمثل حالة مهمة من حياة كل منا، مشيرا الى ان البعض يتصرف مع الجيران تصرفات منافية للاحترام اذ يتطاول البعض على جاره ويأتي بالنفايات امام داره ويزعجه باصوات غريبة وعجيبه وينتهك جاره، مبينا ان هذه المنظومة خلاف التكريم والاحترام وان الجار لابد ان يكون عزيزا فهو قد يكون مطلعا على الحال اكثر من الاهل والاخوة.
وتساءل السيد الصافي مالذي دعانا لذلك ومن المسؤول عن عدم احترام الجار، محذرا من فقدان ثقافة الاحترام المتبادل لانها تؤدي الى تقطع وشائج المجتمع.
وتناول ممثل المرجعية الدينية العليا دائرة التقاعد كعينة من عينات دوائر الدولة، مبينا ان هذه الدائرة يراجعها المتقاعدون وكبار السن والمرضى الا انه فيها تصرفات لاتنم عن عدم الاحترام فقط وانما عن اهانة قد تكون متعمدة، قائلا "تجد في هذه الدائرة الموظف كأنه يصب مشاكل الدنيا على هذا الرجل المتقاعد".
واوضح ان المتقاعد اجتماعيا لابد ان يكرم لانه قضى وقتا في خدمة بلده، وليس من الصحيح الاتيان به بظرف حار وقاعة بعيدة عن ابسط وسائل المعيشة والتكلم معه بطريقة استعلائية من قبل الموظف الذي سيكون بالغد القريب متقاعدا مثله، موجها حديثه للمسؤول عن هذه الحالات كيف ينظر لطريقة عدم الاحترام في التعامل مع هذه الشريحة التي تصل احيانا الى الاذلال.
ونقل السيد الصافي حالة حدثت امامه للخطوط الجوية العراقية في احد مطارات الدول المجاورة، قائلا ان وقت الطيران الموجود في البطاقة كان عند الساعة (11:59) دقيقة، مبينا ان المسافر عليه الحضور قبل ساعتين من وقت الطيران، موضحا انه حينما تم الوصول الى المطار وجد ان وقت الطيران المثبت في الشاشة عند الساعة الثالثة وان الفرق هو ثلاث ساعات.
واردف ممثل المرجعية العليا اننا كنا نتوقع ان هنالك تأخر في الطائرة، مبينا انه بعد الاستفسار عن هذه الحالة كان الجواب ان هذا الامر مقصود بكتابة وقت في البطاقة خلافا للواقع.
واشار ان هذا الامر من العجائب، مبينا ان الاجابة على هذا الامر هي " لأننا اذا كتبنا في الثالثة فان الناس ستتوهم وتعتقد انه في اليوم القادم، فنحن نكتب في الحادية عشر وتسع وخمسين دقيقة حتى يأتوا من وقت خوفاً من ان يتوهموا".
واستدرك انه بسبب هذا الاجراء ترى المسافر يبقى في المطار ست ساعات احتراماً لهذا الشخص الوقر الذكي جداً حرصاً منه حتى لا يتوهم هؤلاء الناس، متسائلا عن سبب الاستهانة بالناس، مؤكدا انه لم يحصل حتى الان على اي جواب لهذا السؤال الا شيء واحد، هو ان المسؤول لا توجد في قلبه رفة رحم على الاخرين ابداً ولا يهتم بمشاعر الناس.
ونوه خطيب جمعة كربلاء ان مسألة احترام الناس تعد مسألة تحضّر نادى بها القران الكريم وبينها امير المؤمنين قبل (14) قرنا، وان المؤسسات التي لاتحترم الناس هي مؤسسات عاجزة وبائسة.
واكد ان الشعب العراقي شعب معروف بالشيم والكرامة والهمّة والنخوة وعلى الناس ان تفهم ان هذه الاشياء بدأت تنخر اجتماعياً وان على الانسان الاهتمام بالاخرين والعطف والابتعاد عن اللامبالاة.
واستدرك انه في مقام المقارنة لاتوجد مقارنة بين شاب يبلغ من العمر 16 عاما يرابط على جبهات القتال ليحمي هذا البلد الذي يضم امثال هؤلاء، وكذلك بين ام تسعى جاهدة وتربّي حتى تعطي شموعاً تنير الدرب للآخرين وبين اناس لا يفقهون شيئاً ولا يفهمون، موضحا ان الامثلة التي تم استعراضها في الخطبة فيها مطلب واضح يتمثل بفقد اللياقة والاحترام في التعامل وان على المسؤولين عن هذه الملفات ان يبادروا لمتابعة ذلك.
واستعرض السيد الصافي بعض الصورة التي وصفها بالمؤلمة لحال بعض المدارس ووضع التلميذ فيها الذي من الواجب ان تتوفر له اجواء جيدة حتى يفهم، مبينا ان التلميذ تراه يحير بنفسه وبمكانه.
واستدرك ان على الناس ان تتعلم وليس من الصحيح ان نقول ان الناس لا تهتم، مبينا ان زيارة الاربعين ستأتي وسترى هذا التفاني في الخدمة، مؤكدا ان من الضروري السعي للتثقيف وان يتساعد الجميع في جميع الاشياء المفصلية وان من الضروي ان يحترم بعضنا بعضاً ونتساعد في الخير.