المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



وسائل الاعلام / التلفزيون  
  
3463   01:36 صباحاً   التاريخ: 5-4-2018
المؤلف : د. عبد القادر شريف
الكتاب أو المصدر : التربية الاجتماعية والدينية في رياض الاطفال
الجزء والصفحة : ص107-113
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /

ما ينطبق على الإذاعة ينطبق أيضا على التلفزيون إلا انه يتميز عليها في انه اشد تأثيراً. لان ارتباط الصور بالعبارة المنطوقة يزيد من وضوح المعرفة، كما ان التلفزيون اكثر قدرة من الاذاعة على جذب الانتباه ومنع التشتت كما انه وسيلة حية في للإسهام في رفع الروح المعنوية  لرؤية الصورة الحية للقومية والانشطة والمنجزات والمناقشات الديمقراطية السليمة والصورة الصادقة للحرية الهادفة مما يساعد في تكوين البناء التربوي والثقافي للفرد .

ولأهمية الإذاعة والتلفزيون في مجال التربية يجب الاعتماد عليهما الى حد كبير في القضاء على الأمية بين الأفراد ذلك ان سياسة دور الاذاعة الموجهة توجيها سليما قد ادركت الحاجة الثقافية لطوائف الشعب المختلفة فخصصت لكل طائفة فترة إذاعية تتضمن برامج خاصة بها كبرامج اهل الريف، والعمال، والمرأة، والاطفال وغيرهم، بالإضافة الى البرامج العامة التي تصلح للجميع مع اختلاف درجة الصلاحية .

علاقة حميمية بين الطفل والتلفزيون

إن جهاز التلفزيون بما يبثه من برامج وأفلام هو حقا ما ترغب فيه نفس الصغير واحاسيسه ومما يزيد من هذه الرغبة ان اهل البيت يشاركونه الاهتمام به بل يفوقونه تعلقا بما يعرض .

ونحن نعترف دون تردد ان التلفزيون – جهاز وآلة أو وجود قائم بذاته – اصبح جزءا حيويا واساسيا من البيت والعائلة اذ انه يتصدر غرف النوم وحوله تجتمع العائلة وحول برامجه يجري الحديث في الساعات القليلة التي يتسنى فيها لبعض الناس أن يتحادثوا .

وهو محور بعض العبارات التي تتسرب بانفعال وتسري بين جميع افراد العائلة ومنهم الاطفال بشكل خاص .

((لا تلفزيون الليلة اذا لم ((تكمل دروسك ...)) يوم العطلة والليلة السابقة له فقط يسمح فيها للأطفال بان يشاهدوا التلفزيون قدر ما يشاءون )).

ومن الطبيعي ان الطفل المأخوذ دائما بالأسماء المتداولة مع ما يرافق مع هذا الاسم من اهتمام  وتعليقات وتصرفات (وعصبيات) ورضى وغضب وغير ذلك يرى نفسه متوجها تلقائيا الى مصدر (الامر المهم) محاولا ادراك وعلل وضعه المميز والعائلة من جهتها في احاديثها وتعليقاتها تأكد بنفسها – درت بذلك ام لم تدر- ايضا كم ان وجود التلفزيون بات فاعلا في حياتها .

ان هذا التناغم بين الطفل والعائلة في التوجه الشغوف الى التلفزيون يبدأ منذ الشهر الثاني لولادة الطفل وهي ظاهرة من ظواهر الحوافز والاغراءات المؤدية الى العلاقة الحميمية بين الطفل والتلفزيون والطفل في شهره الخامس مهيأ أيضا ((لمشاهدة)) برامج التلفزيون وان كانت هذه ((المشاهدة )) في مفهوم ضيق نسبياً .

فالطفل في فترة ما قبل الدراسة، يمضي قسما  كبيرا من يومه مع والدته او حاضنته في بيت يحتوي، غالباً، على جهاز تلفزيون فاذا كانت الام على كرسيها او واقفة او تتحرك وهي تنظر وينقلب النظر الى ((نوع)) من المشاهدة ومما يدعم هذا الرأي ملاحظتنا ان الطفل ينفعل حقيقته بما يسمع او بما ((يرى)) فيصدر بدورها اصواتا او يقوم بحركات تتم عن تفاعله مع ما هو

جار على الشاشة الصغيرة .

والاهم في هذا الامر ان الطفل الصغير لا يعتبر نظر الام الى الجهاز المضيء وكأنه انشغال عنه بل ينسجم مع العملية بكاملها ويعتبر نفسه جزءا منها واكثر من ذلك ان احساسه باهتمام العائلة – اذا كانت مجتمعة مع الام لمشاهدة برنامج ما- وبارتياحها لما يصدر عن الجهاز لا ينفره بل يشعره بالارتياح فتتكون براعم التناغم والتحارب مع التلفزيون .

من جهة اخرى فان الطفل في مراحل نموه المتعددة وفي المراحل الثلاث الاولى (حتى عمر 13 سنة ) بالذات يجد لذة قصوى  في متابعة انواع معينة من البرامج والافلام التلفزيونية فهناك  الصور المتحركة التي تثير الاطفال تلقائيا بل غريزيا : ومما لا شك فيه ان التلفزيون مدرسة اخرى يضيفها الطفل الى المدرسة البيت ومدرسة ((المدرسة)) وربما التفضيل يعتبرها ((الاغنى)) معلومات والاكثر حيوية وتسلية وترفيها والاقرب الى القلب . وربما هي  المدرسة التي لا تقفل ابوابها ولا يغيب معلموها ولا تغيب العابها. لانه قد يجوز ان تعطل الدروس النظامية في مناسبات معينه وقد يجوز ان  يغيب الاهل عن المنزل في فترات معلومة او غير مبررة ولكن لا مجال لانقطاع البث التلفزيوني في الاوقات التي ينتظره فيها الطفل فأدارت  التلفزيون في اي بلد كانت تعرف كيف تطوق اوقات الفراغ الممكنة عند الطفل مستحدثة اياما مخترعة الفترات والبرامج المناسبات .

كما ان التلفزيون يقدم للأطفال سيلاً من المعلومات التي يفترض ان تكوّن قدراً محترماً من المعارف لديه وتكون جزءاً أساسيا من ((المعرفة)) الحقيقية التي تبني شخصه وشخصيته الآن وفي المستقبل. ولكن هذا الافتراض ترافقه مجموعة من التحفظات والملاحظات ومن تلك التحفظات والملاحظات ان المعرفة الواصلة اليه انما هي معرفه ((بالجملة)) غزيرة وكثيفة ولكنها غير دقيقة وغير منسقة تبعا لمنطق الرابط بين الأسباب والنتائج وغير مفصله على قياسات عمره وادراكه وبيئته. إن المشاهد التي تتوالى امام نظر الطفل متفاوتة بين الرسوم المتحركة ومسرحيات الدمى والافلام البوليسية والافلام العاطفية والبرامج الثقافية ونشرات الاخبار المبكرة وغيرها. هنا سيارات تتصادم وهناك رجل يرفع المسدس ويصوب رصاصات قاتله وفي مرات ملك يحتل بجيوشه الجرارة قرى وبلدات ومدنا او سيدة تسرق وتضرب او طفل يروع او طائرة تقلع او طائرات تتصادم او امرأة تبكي او قطار يلاحق او منزل تتهدم او تنفجر بمن فيها ...الخ ونادرا ما يفهم الطفل لما يحدث كل ما يجري  وهذا ما يضعف من قيمة هذه الاضافات المعرفية بان يشوهها ويسقط فوائدها المرجوة.

إن ما يصل الى الطفل قد يكون في احيان قليله، موجها اليه مستدرجا اهتماماته وانفعالاته، محاكياً أحاسيسه ومفاهيمه وادراكاته الاولية وسلوكياته وتطلعاته ولكن في الغالبية العظمى من الاحيان يكون البث موجها الى الاخرين كل الاخرين من الرجال والنساء البالغين فتصل المعلومات المعرفية الى الطفل في اشكال عامة او مبتسرة او مشوهة، ولا يكون له إلا فضل استقبالها وتخزينها في ذاكرته العامة .

إننا لا نتوقع بعد ذلك الا التوجه نحو الاعتقاد بان الإسراف في مشاهدة البرامج والافلام قد تؤدي الى حالة من الادمان معروفة النتائج والعواقب وامام التلفزيون يفترق الطفل البالغ او الراشد في امرين اساسيين اولهما انه يعتبر الصورة الفيلمية المعروضة ذروة الواقع الرائع فيهيم بها. وثانيهما انه مؤهل لاستقبال اي جديد لعرضه عليه، واكتسابه عن طريق التقليد، فيما البالغ المتعب عن طريق اكتساباته السابقة المكونة له مؤهل لان يتجاهل المعروض او يرفضه بفضل عقله الواعي المجرب.

وفي حال التلفزيون يلعب التقليد الدور الأهم في كل اكتساب تربوي إيجابي اجتماعياً كان او اخلاقياً او عملياً والتقليد يكون بين طفل ونموذج بشري من البالغين، أو بين طفل ونموذج بشري مع الاطفال او طفل ونموذج ذي شكل حيواني انما يتصرف كالبالغين وليس ضروريا ان يكون التقليد مقيدا بالأزمنة والمواعيد المخصصة لبرامج الاطفال إذ إن بعض البرامج والافلام العامة تسمح بتمرير مشاهد فيها الكثير مما يمكن احتذاؤه لاكتساب سلوك اجتماعي ايجابي وفي راي (ليفر)انه يمكن استخلاص مجموعة من قواعد السلوك الاجتماعي الايجابي من البرامج والافلام التلفزيونية كاقتسام الممتلكات بالعدل والمساواة والتعاضد في سبيل خير المجموعة والعطف على الضعفاء والمساكين ومساندتهم واقناع الاخرين بواسطة الكلام والحوار بدل الاعتماد على الوسائل الجسدية او المادية او غيرها...

كما ان بإمكان الطفل المشاهد اقتطاف عادات ممتازة مثل رفض المكافأة والاكتفاء بنشوة عزة النفس، وتخطي الخوف، والنضوج في فرض الاحكام، وكبت الشهوة، وتفضيل الاخر على الذات: يكفي ان يراقب الطفل النماذج البشرية وغيرها ممن تتملكها هذه الصفات وتتصرف بأحكامها حتى ينقلها ويتبناها ويطبقها في سلوكياته اليومية.

فالتلفزيون لا يقرب بين اعضاء الاسرة اللهم إلا مادياً، وقد تبددت الساعات التي كانت تقضيها الاسرة في تبادل الخبرات والافكار والآراء لأنها اصبحت ساعات الذروة لمشاهدة التلفزيون. أما مجرد التجمع المادي لأفراد الاسرة في مكان واحد فانه لا يعتبر كافيا للتقارب الاجتماعي والاهم من ذلك ان القيم التقليدية التي تبثها الاسرة في الاطفال اخذة في الضمور والاضمحلال لتحل محلها قيم تلفزيونية مشتقة من افلام رعاة البقر ومسلسلات العنف وتمثيليات الجريمة وهي دائرة ضخمة من الاثار الوخيمة ذات الحلقات المتصلة يضيفها التلفزيون كل يوم ويتشبع افراد الأسرة بهذه القيم ويصبحون رعاة لها.

وقيم التلفزيون ركام هائل من الغث والسمين جانبا الى جنب بدون مغزى او هوية، إذ تتوالى الإعلانات... والتمثيليات والخطب السياسية والاحاديث الدينية والصور الرخيصة والمناظر الداعرة وخاصة إعلانات الافلام وكل ذلك يتتابع بشكل رخيص ومبتذل حيث يضم السوقي والرفيع او الحوشي والرقيق والهادي والعنيف يطمس الحقير ويطغى المعنى الهابط المتهافت على المعنى الرفيع وحيث يرتفع هذا الركام بشكل اكوام دون احتفال او تمييز وبلا اكتراث او مبالاة يصاب الطفل بانعدام الوزن وتتعطل لديه حاسة التمييز ويصير نهبا لكل ما هو غليظ.

وقد ثبت ان الاطفال يحفظون اغاني الاعلانات ويرددون شعاراتها، وبذلك ترسخ في نفوسهم قيم الباعة وشعارات التجار، واذواق الممثلين واخلاق الممثلات، وهكذا تسود بينهم قيم غريبة، تتنافى تماما مع قيم الاسرة والمدرسة، ان التلفزيون يشيد بالوجاهة الظاهرية والحسن الخارجي ويمجد الممثلين والممثلات ويعظم كل جديد ويحقر كل قديم لمجرد انه قديم ويرسخ قيما تجارية كعيد الام مثلا الذي اخذنا به عن الغرب للترويج التجاري والاستهلاك السلعي مع استهلاك غريزة الخوف من عار حقوق الام بحيث يشعر من لا يشتري هدية لامه انه يكرهها ولا يحبها فالسيارة القديمة مضحكة ومستهلكة والملابس القديمة نكبة واضحوكة ولابد من تغيير طرازها على اخر الطرز واحدثها ولا بأس من ان يلبس الجميع طرازا واحدا ولونا واحدا مهما ادى ذلك الى النمطية البغيضة والتشابه الملائم والا اصبح من يشد عن ذلك منحرفا ومتخلفا ومنتسبا للعصر الحجري.

ويمجد التلفزيون المشاهير من النجوم في عالم السينما والمسرح والاذاعة والتلفزيون والرقص والملاهي الليلية حتى ليظن المرء احيانا ان الملاهي الليلية قد غزت البيوت عن طريق التلفزيون هكذا يرسخ في ذهن الطفل ان الراقصات والفنانات والممثلات والهواة ونجوم الكرة اهم بكثير من العلماء والمهندسين والمعلمين والاطباء بدليل ان مظاهر الحِداد في التلفزيون على وفاة عبد الحليم حافظ وفريد الاطرش كانت اضخم بكثير من مظاهر الحِداد على وفاة عبد الحميد محمود والشيخ محمد متولي الشعراوي .

ومن هو البطل في ذهن طفل التلفزيون؟ انه الذي يضرب ويطلق الرصاص ويصيب الناس في مقتل ويستخدم اساليب العنف والقسوة وهو الذي يقود السيارة كما يقود رعاة البقر خيولهم بعنف وقسوة القتل او للهرب من الشرطة والعدالة والبطل يمتاز بالفحولة الجنسية والجاذبية الحسية والرشاقة والجمال الظاهري فاذا اضفنا الى ذلك ان بعض البرامج قد تكتبها فئة من المرضى ضعاف النفوس الذين يسقطون امراضهم وعقدهم اسقاطا نفسيا من خلال كتاباتهم لبدت لنا خطورة التأثير التلفزيوني على الاطفال في صورة واضحة جلية .

وقد تأكد علماء النفس من ان الاسراف في مشاهدة البرامج والافلام يؤدي الى القلق والميل الى الانتقام والتشبع بالقيم المنحرفة والمرأة الفاضلة الطاهرة النقية تدعو الملل والرتابة ويضيق بها البطل اما المرأة اللعوب ذات الماضي العريض فهي جذابة ساحرة فلابد للمرأة الناجحة ان تتخذ التلفزيون اسوة لها بحيث تعدل من شخصيتها وحياتها لكي تتطابق معها بقدر الامكان فالبطلة التلفزيونية قد تسكر وتعربد وتدخن وتتجمل وتتبهرج وترتدي افخر الثياب واحدثها وتصفف شعرها على طريقة الكلاب الكانيش وتقلد الغجر والسوقة في مشيتها ولا تلبث هذه الصفات ان تصبح فضائل اجتماعية واخلاقية لا جدل فيها.

الم يصبح التدخين مثلا عادة منتشرة بين الشباب تقليدا للبطل والبطلة لانهما يدخنان؟ اليس كشف الصدور والظهور من مميزات الفتاة العصرية؟ او لا تتكرر فكرة الزوجة التي تخون زوجها والعكس ايضا والاعجب من ذلك ان الافلام التي يعرضها التلفزيون تصر على تلقين الاطفال والمراهقين فنون الغزل والحب والاثارة الجنسية منذ نعومة اظفارهم.

هل يفكر المسؤولون في التلفزيون فيما يحدث للطفل حين يتعرض لوابل من المؤثرات والاعلانات ومناظر الانحراف الجسدي الداعر وسيل من الشعارات  والشائعات وقصص العنف ووسائل المبيعات الاعلامية بذوقها الهابط واشكالها المثيرة للغرائز مصحوبة للموسيقى الصاخبة والالفاظ الساقطة يضاف اليهم كم هائل من الدعاوى والدعاوى المضادة والاتهامات العكسية كلها امور تثقل على نفس الطفل وتؤذي عقله وتصيبه بالتناقض والتشويش والصراع؟

الواقع ان قدرة الانسان محدودة واذا ما تجاوز حدودها تعرض للزلل وفي الوقت الذي يطالب فيه المرء بفعل العديد من الاشياء يجد طاقته لا تؤهله لذلك فيشعر بالإحباط وانعدام التكيف مع البيئة التي يعيش فيها ويكمن في هذه الازمة سر القلق والحيرة والهم وخاصة هموم الاطفال والشباب.

والحق ان التلفزيون قد نجح في ان يجعل المجتمع العصري مجتمعا عاطلا. لقد كنا نصف الملوك والنبلاء والاعيان والباشوات في الماضي بانهم عاطلون بالوراثة ولكن يبدو ان التلفزيون قد خلق من الجماهير المعاصرة عاطلين من نوع جديد لان معرفة النجوم والمشاهير والمساحيق ومنتجات التجميل ومباريات كرة القدم ليست هي الامور التي تنمي شخصية الطفل في اي بيئة سوية وفي جميع الاحوال يستغل التلفزيون في صرف الناس عن المشاكل الحقيقية والقضايا الواقعية .

وهكذا ظهر في عالمنا الجديد خطر يهدد اطفالنا السلبية والجنوح الى الاستسلام وهو خطر يزداد كل يوم بتقدم تكنولوجيا التلفزيون الملون ونقل البرامج عن طريق الاقمار الصناعية لذلك يجب على القائمين على امر هذا الجهاز وبث البرامج ان يكونوا واقعيين ومنصفين ومدركين للأهداف التي يرغبون في اكسابها للنشء من خلال هذه البرامج وهذه الافلام والمسلسلات.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.