أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2017
983
التاريخ: 20-3-2018
13407
التاريخ: 20-3-2018
4795
التاريخ: 22-9-2017
1053
|
يكاد يجمع المؤرخون القدامى على أن أصل الأتراك يرجع إلى ترك بن يافث بن نوح عليه السلام. كان موطنهم الأصلي على جبال الألطاي في أواسط آسيا بين الهند والصين وسيبريا في شبه منحرف تحده من الجنوب جبال الهيمالايا، ومن الجنوب الغربي هضبة البامير (في آسيا الوسطى)، ومن الغرب جبال الطاء (التاى) ومن الشرق جبال خنجان، والأراضي المحصورة بين هذه الحدود حوالي ستة ملايين كيلو مترا مربعًا بما فيها الجبال والمنخفضات والهضاب (1).
ترجع شدة شكيمة الأتراك لحياة الرعي والصيد بين الهضاب والجبال العالية، لذا برعوا في أساليب القتال والغزو (2).
وهؤلاء الترك لم يكونوا مثقفين أبدًا، بل كانوا شبه أميين، وكانت مقدرتهم الفكرية ضعيفة، وإنما جل شأنهم ومكانتهم السلاح والقوة والمقدرة الحربية (3).
إن السياسة التي أوحت باستخدام العنصر التركي في الدولة العباسية ترجع إلى أن العباسيين تخلوا في أول الأمر عن العنصر العربي وأساءوا الظن بهم على اعتبار أنهم أنصار الأمويين، وقربوا إليهم الفرس، لكن الفرس شعب أجنبي، وليس هناك ما يربطه بالعباسيين إلا المصلحة الخاصة.
بعد آن آلت الخلافة إلى المعتصم بعد وفاة أخيه المأمون سنة218هـ، بدأ يشعر المعتصم بعدم الثقة في جنود بغداد من الأبناء وذلك لكثرة الاضطرابات التي كانوا يثرونها، كذلك بدأ المعتصم يشعر بضعف ثقته بالفرس حين رأي أن كثيرًا من الجند تعصب للعباس ابن أخيه المأمون ونادوه باسم الخلافة، إلى جانب أن أمه(أم المعتصم)كانت تركية تسمي(ماردة)وكان في طباعه الكثير من طباع هؤلاء الترك من القوة والشجاعة والاعتداد بقوة الجسم، فدعته العصبية التركية إلى التفكير في الاستعانة بالعنصر التركي وأن يألف جيشه منهم لما اتصفوا به من شدة البأس والقوة (4).
بدأ المعتصم في طلب الأتراك من فرغانة، وأشروسنة؛ واستكثر منهم حتى بلغ عددهم في عهده سبعين ألفًا. كان هؤلاء الترك يتكلمون التركية فأخذوا يتعلمون العربية، ولم يكن جميع الأتراك مسلمين بل كان فريق منهم من المجوس، فأخذوا يعتنقون الإسلام حين استقدمهم المعتصم.
كان المعتصم ينفق على جنده من الترك بسخاء، واتخذ لهم ثكنات خاصة يعيشون فيها من معيشة عسكرية، وكان يلبسهم أنواع الديباج والمناطق المذهبة والحلية المذهبة وأبانهم بالزي عن سائر جنوده، ورفع المعتصم من أقدارهم وبخاصة: الأفشين وإيتاخ وأشناس.
فأفشين: هو حيدر بن كاووس وهو تركي من " أشروسنة" كورة من بلاد ما وراء النهر شرقيها فرغانة وغربها سمرقند وشماليها الشاش وبعض فرغانة وجنوبيها بعض حدود كش والضفاينان وغيرهما ومدينتها التي يسكنها الولاة بنجكث. عينه المعتصم سنة 220هـ لحرب بابَك الخُرّمي، وكان قائدًا لإحدى الفرق الثلاث التي دخلت بلاد الروم إلى عمورية.
إيتاخ: كان غلامًا خزريًا لسلام الأبرش طباخًا فاشتراه المعتصم سنة 199هـ، رفعه المعتصم وولاه بعد الخلافة معونة سامرا مع إسحاق بن إبراهيم، وولاه المعتصم قيادة الثلاث فرق التي دخلت بلاد الروم إلى عمورية.
أشناس: غلام تركي اشتراه المعتصم ورقاه لما ظهر من شجاعته وكان في غزوة عمورية على مقدمة الجيش واستخلفه مرة على سامرا (5).
وغير هؤلاء كان من القواد عجيف بن عنبسة ووصيف وبغا الأكبر وأبو موسي وغيرهم كان جيش المعتصم لا يتكون من الأتراك وحدهم، بل كان هناك فريق من الجند يعرف(بالخراسانية) ينتمي إلى خراسان، وفريق آخر يعرف بالمغاربة، وهم من أهل الحوف بمصر (القرية في بعض اللغات)، ويمثل هذا الفريق العنصر العربي (6).
وقد خصَّ المعتصم الأتراك بالنفوذ، فقلدهم قيادة الجيش وجعل لهم مركزًا في مجال السياسة والحرب، وحرم العرب مما كان لديهم من قيادة الجيوش، كما أسقط أسماءهم من الدواوين، وأعلي من شأن الترك المجلوبين، وآثرهم على الفرس والعرب في كل شيء، فسياسة استخدام الأتراك في الجيش وإيثارهم بالمناصب العالية حملت العرب على الانصراف عن تأييد العباسيين وخاصة بعد أن أهمل شأنهم وحرموا من الأرزاق التي كانت لهم، ولم يكن لدي العرب القوة التي يستطيعون بل استعادة سلطانهم، فقد كانوا متفرقين، فعرب الشام وعرب مصر وعرب بلاد المغرب، كل من هؤلاء حرص على العمل لمصلحته دون سواه مما أدي إلى فشل القضية التي كانوا يدافعون عنها، وبقاء الأتراك على استبدادهم بالسلطة، فكان ذلك نذيرًا بظهور أعراض الضعف علي الخلافة العباسية (7).
سرعان ما شعر الأتراك بقوتهم، لكنهم أساءوا استعمال هذه القوة؛ فساروا في شوارع بغداد راكبين خيولهم دون أن يعبئوا بالمارة، فتأذي من ذلك أهل بغداد، واجتمع أهل الخير على باب المعتصم وقالوا: إما أن تخرج من بغداد، فإن الناس قد تأذوا بعسكرك، أو نحاربك، فقال كيف تحاربوني؟ قالوا: نحاربك بالسهام السحر، قال: وما سهام السحر؟ قالوا: ندعو عليكَ، فقال المعتصم: لا طاقة لي بذلك (8).
يروى الطبري أن المعتصم نفسه - هو الذي استكثر من الأتراك ـ وعبر في أواخر أيامه عن استيائه من الاعتماد عليهم في حديثه مع إِسحاق بن إبراهيم بقوله: " نظرت إلى أخي المأمون، وقد اصطنع أربعة أنجبوا. واصطنعت أنا أربعة لم يفلح أحد منهم، قلت: من الذي اصطنعهم أخوك؟ قال: طاهر بن الحسين، فقد رأيت وسمعت، وعبد الله ابن طاهر فهو الرجل الذي لم ير مثله، وأنت، فأنت والله لا يعتاض السلطان منك أبدًا، وأخوك محمد بن إبراهيم، وأين مثل محمد؟ وأنا اصطنعت الأفشين، فقد رأيت إلى ما صار أمره، وأشناس ففشل أبيه، وإيتاخ فلا شيء، ووصيف فلا معنى فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين أعزك الله، نظر أخوك إلى الأصول فاستعملها، فأنجبت فروعها، واستعمل أمير المؤمنين فروعًا لم تنجب إذ لا أصول لها، فقال: يا أبا إسحاق لمقاساة ما مربي في طول هذه المدة أسهل على من هذا الجواب".
ونتج عن غطرسة هؤلاء الجند الأتراك/
ثورة أبي حرب المبرقع اليماني بفلسطين، حيث رفع أبو حرب المبرقع اليماني راية العصيان على خلافة المعتصم بعد أن بلغه أحد جنود الترك حاول دخول منزله، فسار إلى جبال الأردن، وصار يحرص من يأتيه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويذكر لهم معايب الخليفة، فاستجاب له فريق من فلاحي تلك المنطقة، وزعم أبو حرب أيضًا أنه أموي فانحاز إلى جانبه جماعة من رؤساء اليمانية، منهم رجل يقال له ابن بيهس كان موضع احترام أهل اليمن، ولما علم المعتصم بتلك الحركة التي قام بها أبو حرب. بعث إِليه حملة تحت قيادة رجاء بن أيوب الحضاري.
ورسم رجاء بن أيوب الحضاري خطة للقضاء على تلك الحركة وهي أن ينتهز فرصة انشغال أصحاب أبي حرب من الفلاحين بالزراعة حين يحل موعدها، وبالفعل انتظر رجاء بن أيوب الحضاري هذه الفرصة وبالفعل حل موسم الزراعة، وبدأ أصحاب أبي حرب يهتمون بالزراعة وشغلوا بها، فلم يبق مع أبي حرب إلا ما يقرب من ألف رجل، وبذلك أصبح أمر محاربته هينًا، فتغلب عليه رجاء وأسره وبعث به إلى سامراء.
___________
(1) إمرة الأمراء في العصر العباسي (324ـ 334هـ)، الدكتور السيد عبد الفتاح بلاط، ص 15، وتاريخ الحضارة العربية الإسلامية، د/ بشير رمضان التليسي ود/ جمال هاشم الذويب، ص75.
(2) الدولة العباسية، الدكتور الفقي، ص 217، والخلافة العباسية والحركات الاستقلالية بالمشرق، محمد عبد الحميد الرفاعي، ص41، 78ـ79.
(3) تاريخ عصر الخلافة العباسية، الدكتور يوسف العشي، راجعه ونقحه د/محمد أبو الفرج العش، ص 101، والعباسيون ملوك الدنيا، محمود عبد الفتاح شرف الدين، ص 175.
(4) الإسلام والحضارة العربية، محمد كرد علي، ج2 ص236، والأمويون العباسيون الأندلسيون، وجدان علي بن نايف، ص96، وتاريخ العرب العام، ل. أ. سيديُو، نقله إلى العربية عادل زعيتر، ص 185، 199، تاريخ الخلفاء للسيوطي، تحقيق / محمد محي الدين عبد الحميد، ص 380، و التاريخ السياسي للخلافة العباسية، د/ فائزة إسماعيل أكبر، ص 178ـ 180، دراسات في الجيش الإسلامي في العصر العباسي الأول، د/ راضي عبد الله عبد الحليم، ص 12ـ 14، الفهرست، ابن النديم(ت 380هـ)، ص 529، نظم الحكم في الدولة العباسية، صفاء حافظ عبد الفتاح، ص 21ـ 25 ومن ص 185ـ 186، دولة بني العباس، شاكر مصطفى، ج1 ص 628، تاريخ الدولة العباسية( العصر العباسي الأول)، أحمد إسماعيل الجبوري، ج1 ص 155، النفقات وإدارتها في الدولة العباسية، ضيف الله يحيى الزهراني، ص 35وص 66 وص 317، الحضارة العباسية، وليم الخازن، ص56.
(5) محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية (الدولة العباسية)، الشيخ الخضري بك، ص 267ـ 268، تحقيق الشيخ محمد العثماني.
(6) رسالة ماجستير بعنوان (الأتراك والخلافة في العصر العباسي الأول) / عبد الباري محمد الطاهر، ص174ـ187، إشراف أحمد جاب الله شلبي 1989م.
(7) الحضارة الإسلامية في الشرق في عهد نفوذ الأتراك إلى منتصف القرن الخامس الهجري، الدكتور محمد جمال الدين سرور، الباب الأول ص22ــ24.
(8) تاريخ الأمم والملوك، الطبري، ج7 ص 312ـ314، والدولة العباسية قيامها وسقوطها، حسن خليفة، ص 138.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|