أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-3-2016
3416
التاريخ: 14-10-2015
3408
التاريخ: 30-4-2022
1848
التاريخ: 10-4-2016
3520
|
قد تنشأ الفتنة الغالبة من تدهور سياسي (عقيدي / تشريعي) كبير يحلّ بالمجتمع أثناء حركته الانبعاثيّة، أو بعد بلوغه الذّروة.
كما قد تنشأ من فتنة عارضة تهمل القيادة جانب الحكمة في مواجهتها، أو تغفل عنه، فتتعاظم عثرة المجتمع، وتتغذّى الحالة الانحرافيّة بالتّناقضات المستكنّة في أعماق التّركيب الاجتماعي، كما أنّها تتغذّى بالقِيَم القديمة الّتي أجبرها النّظام الجديد على أنْ تنسحب من دائرة العمليّات الاجتماعيّة إلى الظّلام.
وتفشل النّخبة في علاج العثرة بسبب عجز هذه النّخبة، أو بسبب تناحر أجنحتها وانحياز بعض الأجنحة إلى خطّ الانحراف.
وعامل الزّمن في مصلحة الانحراف، فكلّما مضى على الانحراف يوم دون أنْ يوضع له حد ودون أنْ يقوّم، يزداد رسوخاً وتمكّناً، ويستوعب مساحة جديدة من المجتمع، ويكوّن لدى مزيد من النّاس قناعات في صالحه، بينما تزداد النّخبة عجزاً، وعزلةً، وتفقد مزيداً من مواقعها.
وقبل مضيّ زمن طويل على الانحراف - الّذي أنشب مخالبه في كيان المجتمع، وفشلتْ النّخبة في القضاء عليه - يشيع هذا الانحراف، ويطبع كثيراً من أوجه الحياة، ويغدو عرفاً أو قانوناً أو سنّة متّبعة، تحميه وتصونه قناعات تتأصّل في الثّقافة، وتغدو جزءاً من تكوين المجتمع الثّقافي.
قلنا: إنّ هذا يحدث قبل مضيّ زمن طويل على حدوث الانحراف؛ لأنّ الانحراف عادةً يكون إلى جانب اليُسر والسهولة والحياة الهيّنة، وهذا ما يغري بالاتّباع؛ لأنّه أوفق بهوى النفوس، وأَبْعد عن التّبِعَة والتّضحية.
ولكنّ الانحراف (الفتنة) لا يبلغ درجة الشّمول واستيعاب كلّ مؤسّسات المجتمع، ولا يستطيع أنْ يغيّر بُنْيَتَه الثّقافيّة من جميع وجوهها، ولا يقدر على أنْ يستوعب في مفاهيمه وقِيَمِهِ الجديدة المبتدعة أو القديمة المحياة كلّ الفئات الاجتماعيّة، ومِن ثمّ فهو لا يستطيع أنْ يقضي نهائيّاً على حركة المجتمع التقدّميّة:
- إنّه يعوّقها ولكنّه لا يعطّلها.
- يشوّهها ولا يَمْسخها.
- إنّه لا يبلغ درجة الفتنة الشّاملة، وإنّما يكون فتنة غالبة.
تبقى مع الانحراف الغالِب روح الطّهارة والأصالة شائعة في المجتمع بوجهٍ عام، تغذّي حركته التّقدميّة في أكثر من وجه من وجوه حياته ونشاطاته، وإنْ كانت هذه الرّوح تتعرّض دائماً للنّكسات بالنّسبة إلى عامّة المجتمع، ولكنّها تبقى على وهجها الكامل وفاعليّتها الكاملة في جماعات قد تكون محدودة وصغيرة، منبثّة في ثنايا المجتمع سَلَِمْت من الانحراف فلم ينل منها شيئاً، وبقيتْ ثابتة على الصّراط المستقيم.
هذه الجماعات الأصيلة الطّاهرة هي طليعة الكفاح ضدّ الفتنة الغالبة في داخل المجتمع.. هي الّتي تحول بين الفتنة وبين أنْ تستوعِب كلّ المجتمع وتغدو شاملة، وهي الّتي بكفاحها الدّائب الصّبور تحول بين الفتنة وبين التمكّن والاستقرار، وتجعلها في حالة حرب مستمرّة.
ومِن هنا فإنّ المجتمع في حالة الفتنة الشّاملة يتمتّع باستقرار وثبات؛ نتيجةً لتناغم المؤسّسات مع القِيَم مع القناعات الشّعبيّة مع الثّقافة العامّة، فهذه كلّها تتكامل وتتساند، وتتوفّر نتيجةً لذلك حالة من التّوازن توفّر بدورها استقراراً وثباتاً.
أمّا في الفتنة الغالبة فإنّ الأمر على خلاف ذلك؛ لأنّه يوجد تنافر قليل أو كثير بين المؤسّسات والقِيَم والقناعات والثّقافة، وهذا يؤدّي إلى أنْ يعاني المجتمع باستمرار من القلق والفوران والتمزّق؛ نتيجةً لوجود القوى المناهضة للفتنة، هذه القوى الّتي تضطرّ حركتها الأصيلة المناهضة نظام الفتنة إلى أنْ يتحرّك ضدّها.
والفتنة الغالبة - في عالم الإسلام - هي الفتنة الّتي استفحلتْ في آخر عهد الخليفة (عثمان بن عفان)، وقاد الإمام (علي بن أبي طالب) حركة التّصدّي لها طيلة السّنيّ الأخيرة من حياته... واستمرّت بعد استشهاده، وزادتْ ضراوةً وعنفاً حين فترتْ الهِمَم، وتَقَاعَسَتْ العزائم عن التّصدّي الفعّال لها، فانتصرتْ وسادتْ - قبل عهد الثّورات - حركة الرّدّة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|