المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

بلاء الإنحراف الجنسي
8-10-2014
مزايا العينة العشوائية البسيطة
11-3-2022
الوزراء في عهد سيتي الأول الوزير نب آمون.
2024-07-20
ما هو معنى (طوعاً وكرهاً) ؟
21-10-2014
الآفات التي تصيب الباباظ
2023-02-16
العيــــن
15-1-2016


حجر بن عدي  
  
2799   01:08 مساءً   التاريخ: 23-12-2017
المؤلف : السيد محمد بحر العلوم .
الكتاب أو المصدر : من مدرسة الامام علي (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص35-44.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /

اشتدت المعارضة ضد الحكم الأموي في الكوفة، وبات اللغط يعم حتى القصر الأموي فيها، ولم يسلم الوالي من رذاذ هذا الحديث، وحتى من أقرب مجالسيه، وكان المغيرة بن شعبة قد بلغ به الضعف، حتى لم يتمكن من إدارة القصر فضلاً عن المدينة..
وكانت المعارضة قد تمثلت بصحابة علي (عليه السلام)، أولئك النفر الذين لا تأخذهم في الله لومة لائمٍ.
إذ كان من الصعب عليها أن ترى أن أموال المسلمين تجبى لسد نهم معاوية، الذي يوزعها على الباطل كيفما شاء.
وكان من الصعب عليها أن ترى أن الأحكام المرتجلة الجائرة تنفذ في حق المسلمين، لا تستند في أصولها على القرآن، أو السنة.
وكان من الصعب عليها أن ترى الخلافة الإسلامية، في طريقها إلى ملكٍ عضوضٍ، يتقلب به معاوية وآله من دون منازعٍ.
وكان من الصعب عليها أن ترى دولة الإسلام الفتية، تنقلب إلى حكمٍ قبلي بحت، تتحكم فيه أهواء أسرةٍ معينةٍ ما كانت في يوم من الأيام تعرف الله، وتخلص لرسوله، وتفي لأمته، وقد قالها صريحةٌ سيدها وزعيمها أبو سفيان، يوم صارت الخلافة لعثمان: صارت إليك بعد تيمٍ وعدي، فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية فإنما هو الملك، ولا أدري ما جنة ولا نار.
كانت المعارضة ترى كل هذا، وتجد كل هذه المفارقات، وهي التي بين جنبيها روح علي وعدالته، فكانت لا تتمكن أن تغضي على الباطل، فصممت على المجاهرة بذلك مهما كلفها الأمر، وفعلاً اتقدت أول شرارةٍ للمعارضة بصورتها الواضحة، عندما أمر معاوية المغيرة بأن يرسل له أموالاً من خراج العراق، وحاول أن ينفذ الوالي أمر سيده، فشمرت المعارضة سواعدها له، ومسكت القافلة التي تحمل الأموال، وهي بعد لم تغادر الكوفة إلا قليلاً. 
وعلم المغيرة بذلك، ولكن المعارضة أبت أن تلين لطلب الوالي، سواءً كان بالقوة، أو بالتوسل، لا بعد أن أرجع الأموال إلى الكوفة، ووزعها على الناس.
وبلغ معاوية هذه التظاهرة عليه، وموقف المعارضة منه وإفلاسه من خراج العراق، وخاصةً الكوفة، وكتم في نفسه أمراً، وإن كان لم يتمكن من تبديد سحابة الغيظ والحنق، التي ظهرت على سحنته فقد لازمته أياماً طويلةً، وهو يفكر في اجتثاث الخطر عنه مهما كلفه الأمر.
أما المعارضة فكانت تضم جمعاً من المسلمين يتزعمهم عشرة رجالٍ من خيرة صحابة الإمام علي (عليه السلام)، وكان المبرز فيهم هو حجر بن عدي.
وحجر ذلك الصحابي الجريء، الذي وفد على الرسول مع أخيه فأسلم وحسن إسلامه، وتقرب من الدعوة حتى كان من أفاضل الصحابة، وحجرٌ ذلك الإنسان الذي قال عنه الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام): يا أهل الكوفة سيقتل منكم سبعة نفرٍ، هم من خياركم بعذراء، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد .
وقال عنه الإمام الحسن (عليه السلام) مخاطباً معاوية: ألست قاتل حجر وأصحابه العابدين المجتبين؟ الذي كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فقتلتهم ظلماً وعدوانا من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة والعهود المؤكدة جرأةً على الله، واستخفافاً بعهده .
وتقول عائشةٌ لمعاوية بعد أن قتل حجر وأصحابه: يا معاوية قتلت حجراً وأصحابه، أما والله لقد بلغني أنه سيقتل بعذراء سبعة رجال، يغضب الله، وأهل السماء لهم .
ولعلنا لو تتبعنا ما قيل عن مكانة حجر وصلاحه وحسن إسلامه لضاق بنا المجال ، وهو إلى جانب هذا من كبار كندة، تلك القبيلة العظيمة الضاربة أطنابها في أرض العراق، وفي الكوفة خاصةً، وكانت الكوفة تتحدث عن حجرٍ، لأنه أحد رجالها، ومن المرموقين بالجمال فيها، فقد كانوا يقولون: إن الجمال ينتهي في الكوفة إلى أربعة: أحدهم حجر، والى الخير والصلاح، وهو أحد أقطابه.
والكوفة عندما أفاقت على أصوات المعارضة للحكم الأموي، تهامست من تكون هذه الجماعة التي ألقت بنفسها في أتونٍ من نارٍ؟ وتهادى إلى سماعها أن حجراً، ورفقائه هم أقطاب المعارضة فحسبوا لهم ألف حساب.
وفي مرةٍ والمغيرة يخطب الناس في مسجد الكوفة فقال: من الإمام علي، ثم لعنه، ولعن شيعته.
فقام إليه زيدٌ بن أرقم قائلاً: يا مغيرة ألم تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن سب الأموات، فلم تسب علياً، وقد مات.
وقدم عليه مرةً خطباء الكوفة، فقام صعصعة بن صوحان ومدح علياً، فأمر المغيرة أن يخرجوه ويقيموه على المصطبة؛ ليلعن علياً. 
فقال صعصعة: لعن الله من لعن الله ولعن علي ابن أبي طالبٍ. 
فأخبر الجلاوزة المغيرة بذلك.
فقال: أقسم بالله لتقيدنه، فخرج صعصعة فقال: إن هذا يأبى إلا علي بن أبي طالب، فالعنوه لعنه الله. 
فقال المغيرة: أخرجوه أخرج الله نفسه.
وكان المغيرة يقول: إن عليًا لم ينكحه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابنته حباً، ولكنه أراد أن يكافئ بذلك إحسان أبي طالب إليه.
وكأن الروايات الكثيرة الصحيحة لم تطرق آذان المغيرة ومن على شاكلته، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من سب علياً فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله عز وجل ومن سب الله كبه الله على منخريه في النار.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أحب علياً أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي، لا يحبك إلا مؤمنٌ، ولا يبغضك إلا منافق(1).
وكان حجرٌ وغير حجرٍ من أقطاب المعارضة في المجلس، وكان هذا الموقف ثقيلاً عليهم لا يطاق، فما كان منه إلا أن وقف بين الجماهير، وصرخ في وجه المغيرة غاضباً، بحيث لفت انتباه الحاضرين أجمع، قال: إنك لا تدري أيها الإنسان بمن تولع أو هرمت؟ مر لنا بأعطياتنا وأرزاقنا، فإنك قد حبستها عنا، ولم يكن ذلك لك، ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك، وقد أصبحت مولعاً بذم أمير المؤمنين، وتقريظ المجرمين .
وكثر اللغط وصاح الناس من كل جانبٍ حتى اضطر المغيرة أن يهرب إلى القصر؛ ليستر نفسه فيه، ويسمع معاوية بهذا كله، ويحرق الأرم من هذه المعارضة، وصمم على مكافحتها، خشية أن يسري الأمر في غير الكوفة، فأرسل زياد ابن أبيه ذلك الرجل القاسي الذي ما دخل اللين قلبه، ولا عرف الرحمة يوماً.
وفي اليوم الذي وضع فيه زيادٌ قدمه في الكوفة، أرسل خلف حجر بن عدي، وكان صديقه من قبل، وعندما قابله قال له: قد بلغني ما كنت تفعله بالمغيرة فيحمله منك، وإني والله لا أحتملك على مثل ذلك أبداً.. 
أرأيت ما كنت تعرفني به من حب علي ووده، فإن الله قد سلخه من صدري، فصيره بغضاً وعداوةً، وما كنت تعرفني به من بغض معاوية وعداوته، فإن الله قد سلخه من صدري فصيره حباً ومودةً..
وقام حجر وخرج من عنده، وهو يحسب لهذا المجلس ألف حسابٍ، لما يتضمن من تهديدٍ ووعيدٍ مخفي من قبل الأمير الجديد، الفظ الغليظ، واجتمع حجر بإخوانه المؤمنين، وبدأوا يضعون خطةً لمحاسبة التيار الأموي المتمثل في الوالي وبطانته، رغم الكابوس المرعب الذي فرضه زيادٌ على الكوفة، وانتظرت المعارضة اللحظة المناسبة التي تعلنها حرباً شعواء على هذا الوالي القاسي، وتهيأت تلك اللحظة في أصيل يوم الجمعة، والناس مجتمعون في مسجد الكوفة، والأمير لا يدع مناسبةً، أو غير مناسبة إلا وشتم فيها علياً، وحجر ورفاق حجر يتحرقون غيظاً، وطالت الخطبة، وطال الحديث، والناس بين خائفٍ لا يريد أن يحرك ساكناً، أو مرتزق يخشى قطع الأمل عنه.
ولكن حجراً ذلك الرجل الصلب، الذي لا يهاب الموت دفعه واجبه الديني لأن ينبه الرجل إلى وقت الفريضة بأنه قد مر، وتأخرت الصلاة أكثر من عادتها.
فقام ووقف وأشار إلى زيادٍ أن الصلاة قد تأخر موعدها، فلا تسترسل في الخطبة، وتترك الواجب. 
ولكن زياداً لم يعر لحديثه أي أهمية، بل استمر في الخطبة، ولم ينفع معه تذكرةٌ مرةً وثانيةً، بل استمر في الخطبة مما اضطره أن يأخذ حفنةً من حصى المسجد ويضرب بها وجه زيادٍ، ويلتفت إلى القوم ويصيح: شاهت الوجوه ذلا، يمنعكم زيادٌ صلاتكم.
وكان هذا القدر كافياً في إثارة الناس وهياجهم، فقد وقف حجر وصلى، وصلى الناس معه، مما اضطر زيادٌ أن ينزل من المنبر ويصلي خائباً فاشلاً.
والى هنا، وقد توسعت الشقة بين الطرفين، وكانت هذه الحركة كافيةً لإثارة هذا الوالي القاسي، على معاقبة هذه المعارضة السافرة، التي يتزعمها حجرٌ وجماعته.
وشمر زيادٌ عن ساعديه لكبح جماح حجر وجماعته، ليقبرها قبل أن يستفحل أمرها، فأخذ يطارد المعارضة، ويتبع آثارها، وكان في مقدمة المطاردين حجر.
ودعا زيادٌ محمد بن الأشعث، وقال له: لتأتيني به، أو لأقطعن كل نخلةٍ لك، وأهدم دورك، ثم لا تسلم مني، حتى أقطعك إرباً إرباً.
وجد الأشعث وصحبه في طلب المعارضة، حتى قبض عليهم، ومنهم حجر، وكان عددهم اثني عشر رجلاً، وأودعهم بالسجن مثقلين بالحديد، ومصفدين بالسلاسل.
ولم تنته الخطة إلى هذا الحد، فلا ينفع حقد الأمويين أن يبقى حجر وجماعته رهن السجن فحسب، بل لابد لهم من صورةٍ ظاهريةٍ، تبرز عليهم القتل والتلف.
وأشار زيادٌ إلى بعض جلاوزته؛ بأن ينظموا محضراً يتضمن موقف حجرٍ وجماعته من العهد، وكان ما أراد، فقد نظم هذا المحضر بالسرعة، تلبيةً لعواطف الأمير، وضم شهادة الكثير من وجوه الكوفة، الذين شرى ضميرهم بالمال، وعقيدتهم بالجاه، فتهالكوا على المحضر موقعين؛ لينالوا جزائهم من زيادٍ، والرضا عنهم من معاوية.
وألقى زياد نظرة على المحضر، فلم يعجبه، فالتفت إلى مستشاره عمرو بن حريث قائلاً: ما أظن هذه شهادة قاطعة، وأحب أن تكون الشهادة أقوى وأشد.
لقد كتبوا المحضر، وماذا كتبوا؟ فقد خطت أقلامهم ما نصه : إن حجراً جمع إليه الجموع، وأظهر شتم الخليفة، وعيب زيادٍ، ودعا إلى حرب أمير المؤمنين، وزعم أن هذا الأمر لا يصح إلا في آل أبي طالب، ووثب بالمصر، وأخرج عامل أمير المؤمنين، وأظهر عذر أبي تراب، ومنع الذم عليه، والبراءة من عدوه وأهل حربه، وإن هؤلاء الذين معه هم رؤوس أصحابه، وعلى مثل رأيه .
كانت هذه الشهادة، ولكن زياداً لم ير في هذه الكلمات كفايةً لتحقيق مأربه، وأظهر الغضب في وجه أحد مرتزقته، وهو أبو بردة بن أبي موسى، وتلكأ الرجل وتلعثم، واضطرب مثل السعفة في مهب الريح، وتقدم لسيده يكسب رضاه، فكتب :
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى لله رب العالمين، شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة، وفارق الجماعة، ولعن الخليفة، ودعا إلى الحرب، والفتنة، وجمع إليه الجموع؛ يدعوهم إلى نكث البيعة، وخلع أمير المؤمنين معاوية، وكفر بالله .
والى هنا قفزت البسمة على وجه زيادٍ، لقد رضا بهذا الأسلوب وتهافت الموقعون يرسمون تواقيعهم على هذا المحضر الخطير، حتى بلغ عددهم ما يزيد على السبعين وفي طليعتهم : عمر بن سعد بن أبي وقاص وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وزجر بن قيس، وكلهم من أعيان الكوفة.
كان زياد يعتقد أن هذا المحضر يحد من نشاط حجر، ويوقف ثورته على الحكم الأموي، وعرف غير حجر قصة المحضر وخطورته، ولكن هذا العبد الطاهر كان كالحديد، لا يلين ولا يتأثر من كل هذه الأساليب، التي ستكون له ـ بعد زمانٍ ـ حبل المقصلة.
ولا نستغرب من حجر صموده في وجه الطغيان، ولا نستعظم عليه صلابته، فقد سجل التأريخ له حياةً ملؤها البطولة، وهو الذي وقف في يوم الجمل، وصفين، والنهروان، كما أنه كان مع الجيش الإسلامي الذي فتح الشام إلى جانب المسلمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع عن مصادر هذه الروايات الغدير: ج10، ص678 ـ 280.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.