المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28

Gas in Harmonic Well
29-8-2016
فطر Trichoderma والمخصبات
3-10-2016
الالتزام بالتسليم المطابق
8-5-2016
الجمل التي لها محل من الاعراب
7-07-2015
المراء والجدال والخصومة
21-4-2022
الابتداء بالسلام‏
2024-09-01


بلال بن رباح الحبشي  
  
3158   01:32 مساءً   التاريخ: 18-12-2017
المؤلف : السيد محمد بحر العلوم .
الكتاب أو المصدر : بين يَدي الرسُول الأعظم (صلى الله عليه وآله)
الجزء والصفحة : ص134-144.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /


نشر الليل أبراده وانعقد مجلس الشيخ أبي معاذ، وافتتح حديثه قائلاً: ولنا مع بلال في هذه الأمسية، ما نقطع به وحشة الليل، ووجومه.
فلقد انتشر النبأ في أطراف مكة أن بلال بن رباح الحبشي مولى أمية بن خلف قد أسلم، وعلم مولاه بهذا الخبر، وعظم عليه، وفكر في أمره، وكيف يؤدبه؟ ولقد ثقل عليه أن تلوك العرب بيته، وترميه بتحدي آلهتها.
وفي حمة الغضب أرسل على بلال، ومثل بلال بين يديه : ماذا يريد مني مولاي؟
- لقد هالني ما يتحدث به العرب في مكة من أن بلالاً صبا لدين يتيم قريش أهذا حقاً؟.
ووجم بلال، وطافت على سحنته سحابة حزن ماذا يقول؟ أينكر الحقيقة، أم يجابه مولاه بالصراحة، وعسى اللّه أن يفتح عليه بالفرج ، فصمت بلال دقائق معدودات، وكان سكوته بمثابة جواب صريح لأمية، إنه - جواب العقيدة - واضح في معالمه وقسماته لقد ارتسم الجواب على وجهه جلياً ، واستشاط أمية غضباً فصرخ بوجه بلال أتسكت وفي عينيك الجواب الصريح؟
وشهر السيف في وجهه يلوح له بالقتل، والشر يتطاير من كل جارحة فيه، ونطق بلال، وفي نطقه رنة إيمان، وصدق عزيمة وتجمل بالصبر : يا أمية لا ترهقن نفسك آمنت برب محمد، وانخرطت في دعوته وأنا متحمل كل ما يترتب على ذلك.
وكان هذا الجواب بمثابة قنبلة فجرها بلال في كيان مولاه فما أن سمع منه هذه الصراحة المتناهية حتى أخذ يزبد ويرعد ويصرخ ويتوعد، ثم نهض وهجم على عبده ومسكه من شعر رأسه وجلد به الأرض، وهو يجره جراً : لا بد يا بلال أن ترجع عن دعوة الاسلام، يا للعار والشنار.
وبلال يقابل هذا العقاب، وقلبه كزبر الحديد، لا يهاب قسوة الوحش، ولا يلين لبطشه، ولا ينهار أمام وعيده ، وبكل هدوء يخاطبه الانسان العبد المضرج بدمه: يا أمية لا ترهق نفسك وأنت شيخ كبير، إن كل هذا أتحمله منك ولا أعود عما أنا قادم عليه إن دين اللّه هو الحق وان اللّه وحده لا شريك له وهو للظالمين بالمرصاد.
ويغشى على بلال من شدة التعذيب، فيتركه مولاه جثة تشخب الدماء منها، ونفَسه يكاد يجمد على منخريه فلا يتحرك أي جزء منه إلا نبضات قلب بطيئة الدق سريعة الإيمان.
وفي مجلس من مجالس قريش، وقد ضم الكثير من سراة القوم، يقبل على أمية بن خلف، شيخ قد هدمته السنون ليعانقه ويطبع على جبينه قبلة، ثم يلتفت إلى الجالسين وكأنه شعر بأن الجمع قد أكبر منه هذا الفعل.
يا قوم: إن أمية قد انتصر لآلهتنا اليوم، وردَّ كيد محمد وسحره.
وطافت على وجوه الجالسين علائم الدهشة والاستغراب وتعالت الأسئلة من كل جانب عن موقف هذا الرجل الذي انتصر للات، والعزى.
فسرد عليهم أمية بطولته مع بلال، وكيف تركه جثة أثقلتها الجراح، ويصعب عليه الحراك.
وشق على بعضهم أن يموت بلال، وهو لم يرَ من التعذيب إلا أقله، إن هذه الصفوة التي صبَت لدين محمد تشكل خطراً كلياً على هذه الجموع، وكان المشركون يتفننون في تعذيب هؤلاء المستضعفين ويصبُّون عليهم أقسى التنكيل، ومختلف العذاب. 
ولكن الأمر صار على العكس، فإن هذه المظاهر العدائية الحاقدة من المشركين كانت تبعث المسلمين الأولين إلى التفاني في مبدئهم وتحمل أنواع التعذيب دون التراجع عن عقيدتهم.
فالإيمان بالمبدأ إذا ما تركز في نفس الانسان تحمل في سبيله أي شيء، فلا يخيفه التعذيب، ولا يرهبه التنكيل، إنما العكس كل العكس في ذلك، فقد يزداد المرء صلابة، وثباتاً، ورسوخاً في عقيدته أمام كل هذه المظاهر العذابية.
وهذا ما نراه جلياً في أبطالنا الاسلاميين، أمثال بلال، فقد كان إيمانهم يزداد، وتفانيهم يتوقد كلما تحالفت قوى المشركين على تعذيبهم وإرهابهم، وكلما ساموهم أنواع الألم والأذى.
والتفت أحد الجالسين الى أمية بن خلف، مخاطباً: لو نرسل أحداً الى بلال فيستقصي لنا خبره هل مات، أم لا زال على قيد الحياة؟
وذهب الرسول بحمل آمال القوم في مصير بلال او خيبتهم ويرى الرسول بلالاً بعد حياً، فيسرع يزف البشرى الى أسياده وينفحهم بالخبر كأنه كل آمالهم، ويحفزهم عليه بكل ما يستطيع من لباقة.
لقد رأيته وهو مقوس الظهر في جذوة الشمس، وشفتاه تتمتمان بشيء لم أفهمه، وتقربت منه، وأدنيت أذني اليه، وعيناه لا تبصران من حوله فقد تجمد عليهما الدم وسمعته يقول ويا لهول ما سمعت!!..
وتصاعدت الوجوه اليه، وحملقت العيون فيه، وامتدت الألسن كأنها تلوكه، ووجم عنترة من هذا المنظر، وماتت الكلمات في فمه، وصاح به سيده وهو يكاد يتقطع من الغيظ: ماذا بك يا عنترة ولماذا لا تتكلم؟
وانطلق لسانه بعد صمت: لقد سمعته ويا لهول ما سمعت.
سمعته يرتل: يا اللّه يا رب محمد، يا رب الأرضين والسموات، وحدك وحدك لا شريك لك، ساعد محمداً على دعوته، وانجه من عذاب الظالمين، وقوِّنا على تحمُّل غضب أعدائك.. 
وما أن سمع عنترة ذلك حتى انعقد لسانه، وامتد الذهول الى الجالسين، ومرّت بهم لحظات كأنها السنين العجاف في ثقلها.
وأخرج أمية القوم من ذهولهم قائلاً: يا إخوان ما رأيكم في هذا الحبشي أأقتله وأستريح؟؟
- لا يا أمية لا تتعجل بقتله إن في تأديبه لفائدة . تفنن في تعذيبه.
- دونكم الرجل فاعملوا به ما تشاؤون.
- لا نريد ان نتدخل بين العبد وسيده إنما نشير عليك.
فصاح أحدهم: ولماذا لا نتولى نحن مجتمعين تعذيبه بدلاً من أمية؟.. 
فالتفت اليه أحد الجالسين وهمس في أذنه: دعه يموت على يد صاحبه، كي لا نخسر قيمته.
وامتد بالجالسين الوقت حتى حانت الظهيرة، وقبل أن يتفرقوا اقترح البعض منهم ان يذهبوا مع أمية لمشاهدة بلال فلاقى هذا الطلب من نفس أمية كل الارتياح، ورافق الرجل بعض من القوم حتى إذا أشرفوا على بيوت أمية، ألفوا بلالاً ممدوداً في ظل جدار، مقوس الظهر من الألم.. وأشار أمية اليه إنه بلال ، وتضاحك المشاهدون، وأكبروا بطولة أمية وحرصه على حفظ مجد آلهتهم.
ودارت الأيام خفافاً وتعقبها أيام، وإذا بأمية بن خلف تكون مهمته أن يخرج بلالاً كل يوم إذا حميت الشمس في الظهيرة ليطرحه على ظهره في رمضاء مكة، ثم يأمر بأن تحمل صخرة كبيرة عنده فتوضع على صدره، ثم يصرخ في جلاوزته: لا ترفعوها عنه حتى يموت او يكفر بمحمد، ويحيد عن دعوة الاسلام.
ويطول الانتظار بالمعذِّبين فلم يسمعوا من بلال الذي ملأ الإيمان قلبه ثقة واطمئناناً إلا هذه الآيات: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1 - 4] ، ويزاد غيظ أمية ويتضايق من عبده، وكلما حاول أن يقتحم إيمانه وصموده فيقتله، يطلب منه أصحابه أن لا يعمد على فعلته، إنما يزيد في تعذيبه ليجعله عبرة للباقين.
وهيهات فالمسلمون أخذوا بالازدياد، وأصبح لا يرهبهم العذاب، ولا يخيفهم التنكيل، وأمر الرسول (صلى الله عليه وآله) بأن يفاتح أمية بن خلف في شرائه.
وتقدم بعض الصحابة المتمكنين الى أمية، واستوهبوه من مولاه إزاء مال وفير، وأشرقت شمس الحرية على بلال، والرسول الأعظم يتعهده بعطفه وحنانه، وماذا بعد هذا فإذا هو بعد أيام مؤذن رسول اللّه، لا يفارق النبي الكريم في حله وترحاله.
وتزحف جيوش مكة على المدينة، ولم يمر على الهجرة عام ونصف عام فقد سمعت قريش أن محمداً قطع الطريق على قافلة لها عائدة من الشام بقيادة أبي سفيان، وروعهم أن يكون الغازي لمالهم وتجارتهم محمد.
وعلى بئر (بدر) - وهي على مقربة من المدينة - تقابل الجيشان لم تكن النسبة متقابلة بين الطرفين، لا في العدة، ولا في العدد، فقد كانت قريش بجمعها ما يعد بألف أو يزيد عليه والمسلمون لم يتجاوزوا الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ويتقدم جيش المسلمين علي بن أبي طالب، وسعد بن معاذ، يحمل الأول راية المهاجرين والثاني راية الأنصار.
والتقى الجمعان في معركة ضارية، تساقط فيها الأبطال من قريش، وتناثرت قوتهم، ودب الذعر فيهم، بحيث لم يبصروا طريقهم من الخوف والهلع، وانتصر المسلمون في المعركة..
وتوزع المسلمون في الميدان يتعرفون على القتلى، وينقذون الجرحى ويمر عبد الرحمن بن عوف يحمل ما سلبه من القوم في طريقه إلى مضارب المسلمين إذ برجلين يلوذان بالقتلى، كي لا يبصر بهما أحد. 
ويرتفع نداء متقطع أثقله الهم، وأتعبه الجزع، يا عبد الرحمن، ويلتفت الرجل إلى مصدر الصوت فيلمح الرجلين ويقصدهما، ولما دنا منهما عرفهما: أمية بن خلف، وولده علي بن أمية - وكانت بينهما صداقة في الجاهلية - قال له أمية: هل لك فيَّ، فأنا خير لك من هذه الأنواع التي معك - وكانت بيده أدرع سلبها - .
قال: نعم.
قال: نحن في حمايتك. 
فطرح ابن العوف الأدرع وأخذ بيد أمية وابنه، ومشينا، وأمية يقول: ما رأيت كاليوم قط.
واسترد أنفاسه، ومسح عينيه من الغبار الذي علق بهما وجال بنظراته الشاردة الى المعركة، ثم التفت إليّ وقال: من الرجل منكم المُعلم بريشة نعامة في صدره؟ قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل.
وهما بهذا الحديث، ووجهتهما مضارب المسلمين، إذ لمحوا بلالاً مقبلاً فاضطرب امية بن خلف، وبانت الصفرة على وجهه. 
هذا بلال الذي كان بالأمس يعذبه، فيلح في تعذيبه، ويقسو عليه فيتمادى في قسوته، وماذا سيكون مصيره معه الآن، ويعود فيُطَمئن نفسه أنه مع عبد الرحمن بن عوف شخصية له مكانة بين المسلمين فسيدفع عنه الموت.
ويقترب بلال من المقبلين، ويعرف أمية بن حلف وابنه فيصيح في وجهه: رأس الكفر امية بن خلف، لا نجوتُ إن نجوتَ..
فيقول له ابن عوف: يا بلال انه أسيري، وحميته.
قال بلال: لا نجوتُ ان نجوتَ، فاحتد عبد الرحمن، وصاح ببلال: أتسمع يا ابن السوداء أنهما في حمايتي، فلم يهتم لحديثه بلال بل صاح: يا أنصار اللّه، هذا رأس الكفر امية بن خلف، أنسيت أيها الظالم ما كنت تعمله بنا كنت الى الرمضاء اذا حميت، فتضجعني على ظهري، ثم تأمر أن توضع الصخرة العظيمة على صدري، ثم تقول: هكذا تبقى، حتى تفارق دين محمد.
نسيت هذا يا ظالم، ولذت بابن عوف لينجيك من الموت لا نجوتُ ان نجوتَ، وأحاط وجماعته بالأسيرين.
يقول ابن عوف: وجعلونا في حلقة كالسوار، وأحدقوا بنا وأنا أذب عنهما، وأدفع وأصيح بهم احفظوا من حميتهم، ولكن دون جدوى.
فقد ضرب أحدهم بالسيف علياً فوقعت على رجله، فوقع مضرجاً، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط.
قال ابن عوف فالتفتُ إلى أمية وقلت له: أنج بنفسك، فواللّه ما أغني عنك شيئاً، ولكن الرجل ما كان يود مفارقة ابنه وهو يصارع الموت ولم تمض لحظة، حتى رأيت بلالاً يتهوى عليهما بالسيف، ويتناوبه اخوان من كل جانب، حتى قطعوهما، وأنا لا أملك شيئاً، وأمام النبي (صلى الله عليه وآله) وقف ابن عوف يقول: يرحم اللّه بلالاً ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيري.
ويرمق النبي بلالاً، وهو يرفع يديه إلى السماء ويقول: الحمد اللّه الذي ساعد بلالاً على أخذ الثأر ممن عذبه .
وبقي بلال مجاهداً مع النبي في حروبه وغزواته، وبعد أن لبى الرسول نداء ربه، انتقل بلال الى الشام، وبقي فيها حتى فارقت روحه الطيبة بدنه.
وهكذا سجل التاريخ صفحة عن بلال تزهو بالمجد والبطولة الإنسان الذي تحمل في سبيل عقيدته أنواع العذاب والأذى، حتى ازدهر الإسلام، وقويت كلمته، واندحر أعداء اللّه.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.