النبي إبراهيم كان يعتقد في وقت من الأوقات الإلهية للكواكب بدلالة قوله : {هَذَا رَبِّي} |
750
08:48 صباحاً
التاريخ: 18-12-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2016
1012
التاريخ: 14-11-2016
1054
التاريخ: 21-11-2017
1976
التاريخ: 26-11-2017
796
|
[نص الشبهة] ... قوله تعالى حاكيا عن ابراهيم عليه السلام : {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 76 - 78] يقتضي ان [ابراهيم] عليه السلام كان يعتقد في وقت من الاوقات الالهية للكواكب ، وهذا مما لا يجوز على الانبياء عليهم السلام.
[جواب الشبهة] : في هذه الآية جوابان :
احدهما : ان ابراهيم عليه السلام انما قال ذلك في زمان مهلة النظر ، وعند كمال عقله وحضور ما يوجب عليه النظر بقلبه وتحريك الدواعي على الفكر والتأمل له ، لان ابراهيم (عليه السلام) لم يخلق عارفا بالله تعالى ، وإنما اكتسب المعرفة لما اكمل الله تعالى عقله وخوفه من ترك النظر بالخواطر والدواعي ، فلما رأى الكواكب : وقد روي في التفسير أنه رأى الزهرة واعظمه ما رآها عليه من النور وعجيب الخلق ، وقد كان قومه يعبدون الكواكب ويزعمون انها آلهة. قال هذا ربي على سبيل الفكر والتأمل لذلك ، فلما غابت وأفلت وعلم ان الافول لا يجوز على الاله ، علم انها محدثة متغيرة منتقلة.
وكذلك كانت حالته في رؤية القمر والشمس ، وانه لما رأى ان افولهما قطع على حدوثهما واستحالة الهيتهما ، وقال في آخر الكلام : «يا قوم اني برئ مما تشركون ، اني وجهت وجي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين». وكان هذا القول منه عقيب معرفته بالله تعالى ، وعلمه بأن صفات المحدثين لا يجوز عليه تعالى.
فان قيل : كيف يجوز ان يقول عليه السلام هذا ربي ، مخبرا ، وهو غير عالم بما يخبر به ، والاخبار بما لا يأمن المخبر ان يكون كاذبا فيه قبيح. وفي حال كمال عقله ولزوم النظر لابد من ان يلزمه التحرز من الكذب ، وما جرى مجراه من القبح.
قلنا عن هذا جوابان :
احدهما : انه لم يقل ذلك مخبرا ، وإنما قال فارضا ومقدرا على سبيل الفكر والتأمل ، ألا ترى انه قد يحسن من احدنا إذا كان ناظرا في شيء ومتأملا بين كونه على احدى صفتيه ، ان يفرضه على احداهما لينظر فيما يؤدي ذلك الفرض إليه من صحة أو فساد ، ولا يكون بذلك مخبرا في الحقيقة. ولهذا يصح من احدنا إذا نظر في حدوث الاجسام وقدمها ان يفرض كونها قديمة ، ليتبين ما يؤدي إليه ذلك الفرض من الفساد.
والجواب الآخر : أنه أخبر عن ظنه ، وقد يجوز أنه يظن المفكر والمتأمل في حال نظره وفكره مالا أصل له ، ثم يرجع عنه بالأدلة والعقل ، ولا يكون ذلك منه قبيحا.
فإن قيل الآية تدل على ان ابراهيم عليه السلام ما كان رأى هذه الكواكب قبل ذلك ، لان تعجبه منها تعجب من لم يكن رآها ، فكيف يجوز ان يكون إلى مدة كمال عقله لم يشاهد السماء وما فيها من النجوم؟
قلنا لا يمتنع أن يكون ما رأى السماء إلا في ذلك الوقت ، لأنه على ما روي كان قد ولدته امه في مغارة خوفا من ان يقتله النمرود ، ومن يكون في المغارة لا يرى السماء فلما قارب البلوغ وبلغ حد التكليف خرج من المغارة ورأى السماء وفكر فيها ، وقد يجوز أيضا ان يكون قد رأى السماء قبل ذلك إلا أنه لم يفكر في اعلامها ، لان الفكر لم يكن واجبا عليه ، وحين كمل عقله وحركته الخواطر فكر في الشئ الذي كان يراه قبل ذلك ولم يكن مفكرا فيه.
والوجه الآخر في اصل المسألة : هو ان ابراهيم عليه السلام لم يقل ما تضمنته الآيات على طريق الشك ، ولا في زمان مهلة النظر والفكر ، بل كان في تلك الحال موقنا عالما بأن ربه تعالى لا يجوز ان يكون بصفة شئ من الكواكب ، وإنما قال ذلك على سبيل الانكار على قومه والتنبيه لهم على أن ما يغيب ويأفل لا يجوز ان يكون إلها معبودا ، ويكون قوله : (هذا ربي) محمولا على أحد وجهين : أي هو كذلك عندكم وعلى مذاهبكم. كما يقول احدنا للمشبه على سبيل الانكار لقوله هذا ربه جسم يتحرك ويسكن. والوجه الآخر : ان يكون قال ذلك مستفهما ، واسقط حرف الاستفهام للاستغناء عنه ، وقد جاء في الشعر ذلك كثيرا : قال الاخطل :
كذبتك عينك ام رأيت بواسط * غلس الظلام من الرباب خيالا.
وقال الآخر :
لعمرك ما ادري وان كنت داريا * بسبع رمين الجمر أم بثمان .
وانشدوا قول الهذلي :
وقوني وقالوا يا خويلد لم ترع * فقلت وانكرت الوجوه . يعني أهم هم؟
وقال ابن ابي ربيعة :
ثم قالوا تحبها قلت بهرا * عدد الرمل والحصى والتراب .
فإن قيل : حذف حرف الاستفهام انما يحسن إذا كان في الكلام دلالة عليه وعوض عنه ، وليس تستعمل مع فقد العوض. وما انشدتموه فيه عوض عن حرف الاستفهام المتقدم. والآية ليس فيها ذلك.
قلنا قد يحذف حرف الاستفهام مع اثبات العوض عنه ومع فقده إذا زال اللبس في معنى الاستفهام ، وبيت ابن أبي ربيعة خال من حرف الاستفهام ومن العوض عنه.
وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11] قال هو أفلا اقتحم العقبة. فألقيت الف الاستفهام.
وبعد فإذا جاز ان يلقوا الف الاستفهام لدلالة الخطاب عليها فهلا جاز أن يلقوها لدلالة العقول عليها ، لان دلالة العقل اقوى من دلالة غيره.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|