أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2016
3205
التاريخ: 16-3-2016
3923
التاريخ: 16-3-2016
3202
التاريخ: 3-04-2015
4565
|
جملة ما يقال أن خروج الحسين من الحجاز إلى العراق كان حركة قوية لها بواعثها النفسية التي تنهض بمثله، ولا يسهل عليه أن يكبتها أو يحيد بها عن مجراها.
وإنها قد وصلت إلى نتائجها الفعَّالة من حيث هي قضية عامة تتجاوز الأفراد إلى الأعقاب والأجيال، سواء أكانت هذه القضية نصرة لآل الحسين أم حربًا لبني أمية.
إنما يبدو الخطأ في هذه الحركة حين ننظر إليها من زاوية واحدة ضيقة المجال قريبة المرمى، وهي زاوية العمل الفردي الذي يُراضُ بأساليب المعيشة اليومية، ويدور على النفع العاجل للقائمين به والداعين إليه .
فحركة الحسين لم تكن مسددة الأسباب لمنفعة الحسين بكل ثمنٍ وحيثما كانت الوسيلة.
وعلة ذلك ظاهرة قريبة، وهي أن الحسين - رضي الله عنه - طلب الخلافة بشروطها التي يرضاها، ولم يطلبها غنيمة يحرص عليها مهما تكلفه من ثمن، ومهما تتطلب من وسيلة.
وهنا غلطة الشهداء.
بل قل: هنا صواب الشهداء.
ومن هو الشهيد إن لم يكن هو الرجل الذي يُصاب، ويعلم أنه يصاب؛ لأن الواقع يخذله، ولا يجري معه إلى مرماه؟
ومن هو الشهيد إن لم يكن هو الرجل الذي « يكلف الأيام ضد طباعها » ويصدق الخير في طبيعة الإنسان، والخير عزيز والدنيا به شحيحة؟
منذ القدم، أخطأ الشهداء هذا الخطأ، ولو أصابوا فيه؛ لما كانوا شهداء، ولا شرفت الدنيا بفضيلة الشهادة .
فالحسين – رضي الله عنه - قد طلب خلافة الراشدين حيث لا تتسنى خلافة الراشدين، أو حيث تتسنى الدولة الدنيوية التي يضن بها أصحابها، ويتكالبون عليها، ويتوسلون إليها بوسائلها.
فكانت عنايته بالدعوة والإقناع أعظم جدٍّا من عنايته بالتنظيم والإلزام.
نزل رسوله الأول مسلم بن عقيل بالكوفة صفر اليدين من المال حتى احتاج فيها أن يقترض سبعمائة درهم هي التي أوصى بردها إلى أصحابها قبل قتله.
وتلك عقبة من العقبات التي تعوق الدعوات الكبار، ولكنها على هذا لم تكن بالعقبة العصية التذليل.
فلو أنه قد طلب المال من وسائله الدنيوية أو السياسة، لما استعصى عليه أن يأخذ منه ما يكفيه. فلعله كان ميسورًا له بعد أن تجمع حوله الأنصار، وبايع الحسين على يديه ثلاثون ألفًا كما جاء في بعض الروايات. ففي تلك اللحظة لعله كان يستطيع أن يحيط بقصر الوالي الأموي، ويستولي عليه، وينشئ الحكومة الحسينية فيه. ثم لعله كان يستطيع بعد ذلك أن يوجه الدعاة إلى أطراف الدولة الشرقية ليتلقى البيعة، ويقيم الولاة، ويحشد الأجناد.
فإذا كان هذا فاته حتى خف الأمويون لدرء الخطر عنهم وبعثوا إلى الكوفة بعبيد لله بن زياد، فقد سيق عبيد لله هذا في يوم من الأيام إلى يديه، وكان في وسعه أن يبطش به، ويستوي على كرسيه، ويحرم يزيد بن معاوية نصيرًا من أعنف أنصاره.
وقد فاته هذا؛ لأن شريعة الخلافة لا تبيحه في رأيه، أو لأنه اعتقد أن الحق بيِّن وأن الباطل بيِّن؛ فلا حاجة به بعد التمييز بينهما إلى فتكة الغدر كما سماها، ولا محل عنده لإهدار الدماء، وهو ينعي على الدولة القائمة أنها تهدر الدماء بالشبهات.
ولقد رأى مسلم أن حق صاحبه في الخلافة قائم على شيء واحد، وهو إقبال الناس إليه طائعين، ومبايعتهم إياه مختارين. فأما وقد تفرقوا عنه رهبة من السلطان أو ضعفًا في اليقين، فالرأي عنده أن يكتب إلى صاحبه يعلمه بانفضاض الناس عنه، ويثنيه عن القدوم، ولا حق له عليهم بعد ذلك حتى يثوبوا إليه.
وقيام الخلافة على هذا الاختيار عقيدة لا نفهمها نحن الآن، ولكن قد يفهمها يومئذٍ من كان على مقربة من عهد النبوة وعهد الصديق والفاروق.
فقد كان الصراع بين الحسين ويزيد أول تجربة من قبيلها بعد عهد النبوة وعهد الخلفاء الأولين.
لم يكن الصراع بين عليٍّ ومعاوية على هذا الوضوح الذي لا شبهة فيه بين الحق والباطل وبين الفضيلة والنقيصة.
لكنه في بيعة الحسين كان قد وضح وضوح الصبح لذي عينين.
وكان ذلك كما قلنا أول تجربة من قبيلها بعد عهد الفداء في سبيل العقيدة والإيمان، بعد العهد الذي كان الرجل فيه يخرج من ماله، وينفصل من ذويه، ويتجرد لحرب أبيه أخيه وبنيه إن خالفوه في أمر الإسلام، بعد العهد الذي كان القليل فيه من المسلمين يصدون الكثير من المشركين وفي أيديهم السلاح والعتاد ومن ورائهم المعاقل والأزواد، بعد العهد الذي تغير فيه الناس، وخيل إلى من كان يعهدهم على غير تلك الحال أنهم متغيرون.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|