أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-11-2017
2822
التاريخ: 24-5-2017
4626
التاريخ: 6-11-2017
3923
التاريخ: 24-5-2017
3686
|
القبلية الاموية الجاهلية
وللحكام الامويين القدح المعلى في هذا الشأن .
لو اتيح لعلي بن أبي طالب أن يحكم العالم العربي ـ الإسلامي بعد وفاة الرسول مباشرة لكانت الأخلاق العربية ـ الإسلامية المنتشرة في الوقت الحاضر ـ غير ما هي عليه الآن .
وفي هذه النقطة بالذات يظهر أثر الامويين في الخلق العربي ـ الإسلامي الشائع واضحا كالشمس في رائعة النهار . « سأل رجل عليا ما بال المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر؟ فقال لأن أبا بكر وعمر كانا واليين على مثلي. وأنا اليوم وال علي مثلك ( 1 ). »
العصبية القبلية الجاهلية التي حاربها الإسلام : تمسك الامويين بأمويتهم اولا وقبل كل شيء . واستغلوا جميع الروابط الممكنة لتثبيتها ودعمها . فكانت سياستهم مستندة على أمويتهم بالدرجة الاولى ، وعلى قريشيتهم بالدرجة الثانية ، وعلى عروبتهم بالدرجة الثالثة . وبهذا الاسلوب أسقطوا الموالي « وهم المسلمون غير العرب » من حسابهم ، وعاملوهم معاملة جاهلية يأباها الاسلام . على أنهم التزموا في الجانب العربي ـ سياسة من والاهم من الاعراب وشاركهم في المساهمة في استئصال الاخلاق الاسلامية من نفوس الناس . وبما أن الامويين لا يرتبطون بالموالي بروابط العشيرة والنسب أو وحدة المصالح المشتركة ، وبما أن الموالي وبخاصة الفرس قد ألفوا منذ عهد الامام علي بن أبي طالب ـ المساواة مع العرب بحكم كونهم إسلاما ـ فقد راعهم بعد الحكم الاموي عن روح الاسلام فقاوموه ( 2 ) ولم يجد الامويون بداً من إثارة النزعة العربية الجاهلية ضد الموالي لاصباط محاولتهم الرامية إلى تطبيق مبادئ الاسلام على شئون الحياة . وفي هذا الجو الجديد زرعت بذور الشعوبية وانقسم المسلمون حولها ، وانشغل فريق من الكتاب والادباء في معركة كلامية حامية الوطيس حول مساوئ الشعوبية ومحاسنها . وكسب الامويون ثمار ذلك . فقد ألهوا المسلمين من العرب والموالي بمشاكل جانبية ـ مازلنا نعاني بعض آثار الدين الحنيف . وإلى القارئ طرفا من ذلك الصراع الفكري بين الموالي والعرب .
ذكر ابن عبد ربه ( 3 ) في أن معاوية بن أبي سفيان استدعى الأحنف بن قيس ، وسمرة بن جندب وقال لهما : « إني رأيت هذه الحمراء قد كثرت . واراها قد قطعت على السلف . وكأني أنظر إلى وثبة منهم على العرب والسلطان . فقد رأيت أن أقتل شطراً وأدع شطراً لإقامة السوق وعمارة الطريق .
وروى : أن حمران ـ مولى عثمان بن عفان ـ عاتب عامر بن عبد القيس « المعروف بزهده ونسكه » في موقفه من عثمان ، وكان عبد الله بن عامر « صاحب العراق » حاضرا . فأنكر عامر بن القيس ذلك . فقال له حمران : « لا كثر الله فينا مثلك . فقال له عامر بل كثر الله فينا مثلك . فقيل له أيدعو عليك وتدعو له ؟ قال نعم يكسفون طرقنا ويخرزون خفافنا ، ويحوكون ثيابنا . فاستوى ابن عامر جالسا ـ وكان متكئا ـ فقال لما كنت أضنك تعرف هذا الباب لفضلك وزهادتك .
ومما يذكر عن نافع بن جبير أنه كان يسأل إذا مرت به جنازة فإذا قالوا قرشي قال : وا قوماه ! وإذا قالوا عربي قال : وا بلدتاه !! واذا قالوا مولى قال : هو مال الله يأخذ ما يشاء ، ويدع ما يشاء » ( 4 ) .
وروى الجاحظ : أن الحجاج بن يوسف الثقفي « أقبل على الموالي وقال : أنتم علوج عجم ، وقراؤكم أولى بكم ففرقهم وفض جمعهم كيف أحب ، وصيرهم كيف شاء ، ونقش على يد كل رجل منهم اسم البلدة التي وجهه إليها » ( 5 ) .
وكتب التاريخ الإسلامي، والأدب العربي تعج بالأخبار المتضمنة سوء معاملة الامويين للموالي ، فقد امتهنوهم ، واستهانوا بأحسابهم ، وأرهقوهم بالضرائب ، وفرضوا عليهم الجزية والخراج ، وضرائب كثيرة أخرى ، وأسقطوهم من العطاء فكان الجنود الموالي يقاتلون من دون عطاء ، أي أنهم عاملوهم ـ في هذه الناحية ـ كما يعاملون المشركين والكفار ، وهو أمر يأباه الإسلام .
وكانوا يقولون : لا يقطع الصلاة إلا ثلاثة : حمار أو كلب أو مولى .
وكانوا : لا يكنونهم بالكنى ولا يدعونهم الا بأسماء والالقاب ، ويمشون في الصف معهم ، ولا يقدمونهم في الموكب . وإن حضروا طعاماً قاموا على رؤوسهم ، وان اطعموا المولي ـ لسنه وفضله وعلمه ـ واجلسوه في طريق الجناز لئلا يخفى على الناظر أنه ليس من العرب ، ولا يدعونهم يصلون على الجنائز إذا حضر احد من العرب ، وإن كان الذي يحضر غريراً .
وكان الخاطب لا يخطب المرأة منهم إلى أبيها ولا إلى أخيها ، وإنما يخطبها إلى مواليها فإن رضي زوج ، وإلا فإن زوج الأب والأخ ـ بغير رأي مواليه ـ فسخ النكاح ، وإن كان قد دخل بها كان سفاحاً غير نكاح » ( 6 ) .
وإذا أمعنا النظر فيما ذكرناه وجدناه خروجاً سافراً على مبادئ الإسلام ، واختراقاً واضحاً للقرآن والسيرة النبوية . جاء في القرآن الكريم :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير} [الحجرات/13] . ولكن الامويين قد ساروا في سياستهم العامة ـ في هذه النقطة بالذات « كما ساروا في غيرها » على أسس تتناقض هي وما نص عليه القرآن الكريم . فلم تقتصر سياستهم على مطاردة الأتقياء من المسلمين ـ وحرمانهم من حقوقهم المشروعة ـ بل تعدت ذلك إلى العناية بالمتمردين على أوامر الله . فقد أغدق الامويين ـ على هؤلاء ـ المناصب والهبات .
وبما أن الامويين كانوا عارفين بكيفية مجيئهم للحكم ، وعدم مشروعية حكمهم من الناحية الدينية ـ فقد ساروا في ذلك بطريقة تنسجم هي وأسلوب مجيئهم للحكم من جهة وتعصم « من جهة أخرى » ملكهم من التصدع والانهيار . فلا غرو أن جعلوا المستهترين بالدين وبمصالح الناس مادة بناء ذلك الحكم .
ولو اعتمد الامويون على الأتقياء والمتدينين لكانوا كمن سعى إلى حتفه بظلفه .
ذكر أبو عمرو سفيان بن عبيد الله « قال : قلت يا رسول الله قل لي قولا في الاسلام لا أسال عنه أحدا غيرك . فقال : قل آمنت بالله ثم استقم. »
لقد أوجز الرسول ـ في هذا القول المختصر ـ روح الاسلام مجانية العقائدي والاخلاقي . فالإيمان بالله ـ كما ذكرنا ـ يستلزم القيام بشعائره الدينية المعروفة . والاستقامة تتضمن السير وفق مستلزمات الاخلاق الإسلامية.
____________
(1) مقدمة ابن خلدون ، المطبعة التجارية ص 211 . لعل الإمام قصد بذلك أن الجبل الإسلامي الذي عاش في عهد أبي بكر وعمر ما زالت تكتنفه هيبة النبي وتهيمن على نفسه الاحكام التي كان الرسول سائر ـ في سياسته ـ وفقاً لمستلزماتها . أما الجيل الذي أراد أن يحكمه الامام ـ في ضوء القرآن وسيرة النبي ـ فقد فسدت طباعه اثناء خلافة عثمان .
(2) ولعل ذلك يفسر لنا شدة تعلقهم بالأمام علي وعلى حبهم الشديد له . ولعل ذلك الامر نفسه يفسر لنا بغض الامويين وأتباعهم للفرس . فقد تجسم بعضهم للإمام فشمل أنصاره ومحبيه .
(3) ابن عبد ربه ، العقد الفريد 2 | 260 ـ 261 .
(4) المصدر نفسه 262 .
(5) المصدر نفسه 262 .
(6) ابن عبد ربه « العقد الفريد » 2 | 260 ـ 261 إن كل ما ذكر خروج صارخ على مبادئ الاسلام .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|