المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الكفاح  
  
2940   05:34 مساءً   التاريخ: 7-11-2017
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص48-49.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

كان كفاح افراد الاسرة العلوية في الحياة الاجتماعية، باعتبارهم (عليهم السلام) القدوة العليا في الدين، غير منفكّ عن مشقة نفسية وجسدية عظيمة. 
فمشقة فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) في انجاز الاعمال المنـزلية، والجمع بينها وبين العبادة المشهودة لهم (عليهم السلام) مع قلة الطعام والجوع اختياراً كانت حالة سلوكية، فضلاً عن كونها كانت حالة فسلجية . بمعنى ان مشقتها كانت من آثار كمالها وعفتها وزهدها وحبها للمحافظة على حقوق زوجها (عليه السلام) وعائلتها كاملة دون افراط او تفريط ، ولاشك ان الجمع بين اداء الواجب البيتي وبين الانقطاع التام لله سبحانه، أمرٌ صعب، ولذلك فقد كان اداؤها الشرعي الطاهر في تأدية وظيفتها الشرعية والمنـزلية نابعاً من حالة نفسية قوية هائلة في تحمل المصاعب والشدائد، والرضا بقدر الله عزّ وجل، ومحاولة اداء الواجب كاملاً في احسن الاحوال.
ومن المسلّم به ان الجوع الطبيعي وعدم تناول الطعام فترة طويلة من الزمن قد يؤدي الى حالات مرضية تنتهي الى الموت، ولكن جوع العترة الطاهرة (عليهم السلام) كان من نوع آخر. ولنطلق عليه بـ الجوع التعبدي ، فقد كان جوعاً بالاختيار، أو حرماناً من اكل الطعام بالإرادة لانشغالهم بقضية أهمّ وهي العبادة أو الجهاد في سبيل الله أو الشوق للحياة الآخرة، والمتفق عليه ان الجوع عند الفرد العادي يؤدي الى الخمول والضعف والكسل بينما كان جوع أهل البيت (عليهم السلام) - الذي كان اثراً من آثار الزهد - باعثاً للعبادة والعمل والنشاط والجهاد في سبيل الله وحمل السلاح ومقاتلة اعداء الدين.
ولابد لنا من فهم حقيقة مهمة تقول بان طريقة استهلاك الطعام ليست طريقة فسلجية، بل هي سلوك ثقافي ديني بالدرجة الاولى، حيث يلتزم الفرد بممارسته على ضوء احكام الرسالة التي يؤمن بها فليست هناك حدود لتناول العام في مجتمع غير متدين بينما حدد الدين طبيعة الطعام في الحلية والاستحباب، وحدد المقدار الذي يسمح بتناوله عن طريق الاعتدال، وما يذكر قبل الطعام وبعده من بسملة ودعاء وتمجيد لرازق الطعام عزّ وجلّ.
وبذلك اصبح الطعام - نوعيةً وحجماً- في بيوت الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) وطريقة تناوله يعبّران عن لونٍ من الوان الزهد والتقوى وقوة الاتصال بالله عزّ وجلّ ذلك ان السيطرة - بهذا الشكل الصارخ- على شهوة البطن تفتح بوابة القلب على الخالق عزّ وجلّ فتُستثمَر بالعبادة وطاعة الله سبحانه، والاسرة التي تأكل الخبز وتأتدم بالملح والخل، وهي على ما هي عليه من منـزلة سماوية واجتماعية رفيعة، لابد ان تمثل رمزاً دينياً ومثلاً أعلى للمشاعر الانسانية حيث كانت تكتفي غالباً بالغذاء الروحي دون الغذاء الجسدي.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.