أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-2-2022
6911
التاريخ: 19-11-2017
9945
التاريخ: 18-4-2016
2300
التاريخ: 26-7-2016
2271
|
من الحقوق والواجبات التي يُسأل عنها الاباء تعليم ابنائهم وبناتهم القراءة والكتابة ـ التعليم بصورة عامة ـ وقد قال الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله): (حق الولد على والده ان يعلمه القراءة والرماية وان لا يرزقه الا طيباً).
وإذا قصّر الاباء والامهات في تعليم أبنائهم في المراحل الثلاثة سُئلوا عن ذلك يوم القيامة.
وتقول الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) ان الاباء والامهات الذين يتخلفون عن تعليم ابنائهم مأثومون. وظاهرة التعليم هذه يمتاز بها الاسلام من بقية الاديان والمذاهب لأنه اوجب على المسلمين وجوباً كفائياً تحصيل العلوم التي تنظم بها حياتهم ، كما يجب عليهم وجوباً عينياً التفقه في شؤون دينهم .
وعلى رب الاسرة ان يسعى الى تشجيع اسرته على تعلم المسائل التي تهمهم ليخرجوا من الفقر العلمي الذي هم فيه. والواجب على الرجل والمرأة تعلم الاخلاق الاسلامية الفاضلة وتعليمها أبنائهم بأسلوب واضح ومحبوب وجذاب؛ فالبنت عندما تبلغ التاسعة من عمرها على الابوين ان يقوما بتعليمها اصول دينها وفروعه؛ فالتعليم والتعلم يحظيان بأهمية بالغة في الاسلام الحنيف.
ولو نظرنا الى ترغيب الاسلام في التعليم والتعلم لرأينا اهتمامه بثلاثة امور:
الاول : التعليم
وينصب في ستة جوانب اساسية:
1ـ تعليم الجوانب الاساسية في الحياة مثل القراءة والكتابة والحساب.
2ـ تعليم المسائل الدينية كتعليم القران في المجتمعات الاسلامية.
3ـ تعليم المهارات والفنون الازمة كمسالة ركوب الخيل والرماية والسباحة.
4ـ تقديم معلومات عن القضايا الموجودة في المجتمعات المختلفة.
5ـ تقديم معلومات في مجال معرفة العالم وما فيه من ضوابط.
6ـ تعليم نوع المواقف المتخذة ازاء الامور والظواهر والحوادث.
واخيرا تعليمهم كل ما يحتاجون اليه من الحياة حاليا وفي المستقبل.
وعلى المعلم والمربي ان لا ينزعج من بذل العلم لأهله، وقد ورد في النظام الاسلامي الامتناع عن بذله لغير من يستحقه، وفي هذا الصدد يقول المرحوم الشهيد الثاني:
(من منح الجهّال علماً أضاعه ومن منع المستوجبين فقد ظلم، إذ إن علم الجهال لا يضيف لهم إلا الشر والسوء)(1).
ثانياً : التربية
ويشتمل اساس التربية على ستة ابعاد في الانسان على الاقل: البدن، والعقل، والذهن، والقلب، والنفس والعاطفة.
وعلى الصعيد البدني لابدَّ من بيان الاهتمام بنمو البدن، وذلك برقابته الصحية وحركة الاعضاء وتنميتها ومهارتها وبناء الاجسام مع قوة الاعضاء وإعمالها وإعادة بناء القوى.
وعلى صعيد العقل والذهن لابد من تنمية وتربية القوى الذهنية كالفكر والذاكرة والتخيل والجانب الاختراعي وغيرها والتأكيد من خلال التعليم على تزويد الذهن بصورة عن المسائل
الصحيحة وتنمية ذلك والحيلولة دون الانحراف والعناء الذهني.
وعلى صعيد القلب والعاطفة والنفس لابد من بناء الناشئ صبياً كان أم فتاة على النحو الذي يصبح فيه عضواً كاملاً ويتقدم في طريق النمو والبناء والتحول الايجابي وتعليمه الادب والشرف وحسن العلاقات وحسن السمعة وألا يقوم باي عمل من دون دراسة وحساب.
ثالثا : بناء روح فعّالة
فإن من وظائف المعلم إحياء روح الحركة والنشاط والبناء للتلميذ وتهيئة الارضية للحركة الفكرية والبحث والنقد وتقصّي المعلومات وكسبها والرؤية الواقعية والهدفية ؛ وكثيرة هي الطاقات التي لم تكتشف بعد.
وإن عمل المعلم في المدرسة والصف وسلوك الابوين في المنزل وخارجه وتصرفات جميع المربين الاجتماعيين وجميع الناس يجب ان تكون بالصورة. التي يشعر معها التلميذ انه بحاجة الى تلك الاعمال والسلوك فيسعى الى تعلّم تلك العادات والتقاليد والعمل بها (2).
ولاشك ان للتربية والتعليم طابعا إلزاميا في الاسلام بل هما امران واجبان؛ والحكمة منهما انقاذ البشرية ونقلها من الظلمات الى النور وايصال الانسانية الى الكمال اللامتناهي. وقد اكد الامام الصاق (عليه السلام) ضرورة المعرفة بقولة (عليه السلام): ( لا يقبل الله عز وجل عملا الا بمعرفة ومن لم يعمل فلا معرفة له)(3).
بمعنى لا تقبل الصلاة مثلا الا من خلال الفهم والمعرفة لان المعرفة هي التي تقود الى العمل وتجلو الحقائق.
ولأهمية الكتابة كان الامام الصاق (عليه السلام) يقول: ( اكتب وبُثَّ علمك في إخوانك فان متَّ فأورث كتبك بَنيك فانه يأتي على الناس زمان هرج لا يانسون فيه الا بكتبهم)(4).
والهدف من ذلك انهم لا يجدون من يعلمهم، وقد تضيع عندهم الحقيقة وتختلف السبل؛ وبهذا يخطط الامام (عليه السلام) للامتداد الثقافي من جيل الى جيل بحيث يشعر الإنسان أنه مسؤول عن مستقبل الأجيال من بعده في ما يملكه من علم وعن مستقبل الأجيال التي تعيش معه في زمانه .
وهكذا تتواصل سلسلة المعرفة ، فكم من العلماء الذين أبدعوا في الفكر وارتقوا في مستوى العلم ضاع علمهم عندما دُفنوا تحت التراب ، لأنهم لم يكتبوا شيئاً ولأن من سمعهم لم يكتب عنهم شيئاً فكانت حياتهم ضَياعاً على مستوى العلم .
وأما أثر تعليم الأولاد في المدرسة ، ذكوراً كانوا أم إناثاً فإن للمعلم وظيفة خطيرة جداً فعمله هو نقل التراث الثقافي وإحياء الأسس الفطرية والعقائدية وبناء الطفل بناءً سليماً.
ولاشك أن الفتيات يتأثرن بجاذبية المعلم خاصة في الأعوام الدراسية الأولى ويستفاد من سلوك حياته ونمطها وكيفية تعامله وأسلوبه في الكلام ، وتُحترم أوامره ونواهيه إذا أراد المعلم أن يعمّق تأثيره في الفتيات أو الفتيان فمن الضروري أن يكون مظهر للرأفة والمحبة ، ويقترب منه من طريق الدوافع التوجيهية . والأسلوب الودي يؤثر في الصبيان أكثر من استخدام القوة .
وللمعلم ولاية أخلاقية على التلميذ وهي ولاية مقرونة بالشرف والقدسية ؛ ومن صفات وشروط المعلم والمعلمة ما تؤيده أكثر العقائد والاديان وخاصة الاسلام وذلك ضمن العوامل الآتية:
1ـ على صعيد الوراثة
لمّا كان عمل المعلم عملاً قيادياً ورسالياً، فمن الضروري ان يكون فرداً نقي النسب وممتازاً ومنحدراً من اسرة طاهرة ونقية ولدية صفات وخصائص كريمة، فصفات الابوين وخصائصهما تنتقل الى الابناء. وإذا كان الوالدان لا سمح الله ملوثين وفاسدين وكانت بيئة نموّه فاسدة فالأفضل ان لا يمارس ذلك العمل وألا يتولى امر إرشاد جيل المجتمع وبنائه.
2ـ على الصعيد البدني
من الضروري أن يكون المعلم سليم البدن، وخاصة من الامراض السارية، كي لا يصاب التلاميذ بتلك الامراض مع العلم ان وجود النقص البدني لا يمنع من القيام بالتعليم.
3ـ في المجال النفسي
ينبغي ان يتحلى المعلم ، ذكراً كان أو انثى ، بسلامة النفسية ، وأن يكون صاحب روح سليمة وقوية ودقيقاً ، وبإمكانه البحث، وان يكون ذكياً وقاطعاً ولديه سعة صدر وتوازن نفسي، ويتمتع بقابلية وادراك مقبول وقدراً على افهام المسائل وليس من اللازم أن يكون نابغاً.
4ـ على صعيد الادارة
ينبغي ان يكون المعلم ادارياً وبإمكانه ادارة الصف والطلاب، ويتمتع بلحن وبصوت جذّاب ويستخدم اسلوب الامر عند اللزوم والسيطرة على التلاميذ الطغاة والعصاة من دون الحاجة الى استعمال اسلوب الصياح والغضب.
5ـ على صعيد الوعي
يجب توافر حالة الاحاطة بموضوع الدرس لدى المعلم وأن تكون معلوماته العامة واسعة وان يحمل في يده مصباحاً مضيئاً من العلم والبصيرة كي يستطيع ارشاد الغير وعليه ان يفهم العلوم التي تشكل قواعد علم التربية.
6ـ في مجال الدراسة والتحقيق
من الضروري ان يعمل المعلم دائماً على توسيع دائرة معلوماته وتجربة أفكاره وان يكون باستمرار في حالة تفحص وتحقيق وسعي لاكتساب التجارب.
7ـ على صعيد الأساليب والفنون
ينبغي أن يكون المعلم عارفاً بطرق التعليم وأساليب التربية والبناء ولديه القدرة على حل المشكلات الأخلاقية وأن يعرف فن تدريس الاطفال وتربيتهم ويفهم الموقف الذي يجب عليه اتخاذه تجاه الطلاب .
8ـ في مجال الرؤية
من الضروري توفُّر رؤية اجتماعية لدى المعلم ومعرفته بالمسائل الثقافية والوطنية والدولية ، وأن يكون لديه موقف صحيح في الفن والأدب والنظام والتربية الاجتماعية .
9ـ على صعيد الإيمان
يجب أن يتصف المعلم بالالتزام الديني وأن يكون مؤمناً إيماناً صافياً من كل أنواع الشك والوسواس ، مؤمناً بالله والمعاد والحساب والجزاء ، وأن يقترن عمله بنية إلهية .
10ـ على الصعيد الأخلاقي
ينبغي أن يكون المعلم من الناحية الأخلاقي حراً نجيباً طاهر القلب صادقاً عزيز النفس ويتصف بالعطف والحلم والتحمُّل والحياد والإنصاف وأن يتجنب مسألة تلوّن المزاج والحسد والبغض والبخل والكسل وعدم المبالاة ، كما أن من الضروري أن يكون عارفاً بوظيفته هادئاً وشجاعاً وغير متملق ولا ثرثار ولا حادّ المزاج .
11ـ على صعيد التلاميذ
يجب أن يعرف المعلم تلاميذه وأوضاعهم العائلية وأنماط تفكيرهم وسلوكهم وقابلياتهم ، ومن
الضروري أن يطلع على الحدود الممكنة ، وعلى مواقف الطلاب وعلاقاتهم بالآخرين.
12ـ في المجال العاطفي
ينبغي للمعلم أن يحب تلاميذه ويعاملهم بوجه محب وأن يتوافر لديه توازن عاطفي وإمكان السيطرة على النفس ، وأن يتصف بالصميمية والإخلاص وأن يكون صديقاً وزميلاً للطلاب وبإمكانه تتبُّع أحوالهم وعدم تجاهل حقوقهم في حالات الغضب .
13ـ على صعيد العمل
يجب أن يكون عاملاً بعمله وان لا يتباين كلامه وفعله وافكاره وألّا يكذّب عملُه قولَه وألا ينسى التقوى وان يطبق مقررات دينه وأحكامه.
14ـ صفات اخرى
ومن الصفات والشروط الاخرى الانشراح الروحي والمنطقية والاستدلال وطلب العمل وطلب الطاعة المنطقية من الطلاب وليس الطاعة العمياء، تعزيز العلاقة مع التلاميذ ، القدرة على بيان وجهات النظر ، وعلى حدِّ قول الشهيد الثاني في كتاب (منية المريد) أن لا ينتسب للتدريس حتى تَكْمُلَ أهليته ويظهر استحقاقه لذلك ويشهد له صلحاء ومشايخ . ومن أولى الوظائف التي يجب ان ينتسب اليها المربي مسألة معرفة الذات لأنها مقدمة لبناء الذات، وبناءُ الذات هو وظيفة المربي فعليه ان يتجه الى نفسه ويزيل نقاط ضعفه قبل بنائه واصلاحه لغيره.
وعلى المعلم والمعلمة تعرّف الاحاسيس الخاصة والميول الباطنية للتلاميذ حتى يمكن التمكُّن من السيطرة في الحالات الضرورية، والمعلم الناضج والحكيم هو الذي يهتم بالمحافظة على المصالح الحقيقية للتلميذ وتوفيرها، ويحمل روحية تلتذُّ بالخدمة، ويفرح عند بناء الطفل واعداده وجعله يسير في السبيل المطلوب.
والمعلم الجيد هو الذي يحمل روح العفو والايثار والملاحظة ويستفيد من كل فرصة لتوجيه التلميذ واكتشافه وإرشاده، ويعتبر توجيهه وتشجيعه وتأييده بمثابة تهيئة الاسباب المعنوية لتعليم الطالب.
وقد اشار المرحوم الشهيد الثاني في (منية المريد) الى انه يجب على المعلم تحسين خلقه كي يتمكن من الوصول الى التلاميذ من باب اللطف والبشاشة والتعامل الحسن والمحبة الدائمة والإحسان (5).
_____________
1ـ أسس التربية، ص:289.
2ـ المصدر السابق ص: 290.
3ـ بحار الأنوار ،ج:26.
4ـ المصدر السابق ،ج:1، ص:56.
5ـ اسس التربية ، ص: 276ـ278 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|