المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



استجابة الحرّ  
  
2814   03:39 مساءً   التاريخ: 7-8-2017
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : العباس بن علي
الجزء والصفحة : ص192-195.
القسم : أبو الفضل العباس بن علي بن أبي طالب / دوره الكبير في النهضة الحسينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2017 3111
التاريخ: 12-8-2017 2943
التاريخ: 7-8-2017 2636
التاريخ: 19-8-2017 2867

استيقظ ضمير الحرّ وثابت نفسه إلى الحقّ بعدما سمع خطاب الإمام وجعل يتأمّل ويفكّر في تلك اللحظات الحاسمة من حياته فهل يلتحق بالحسين ويحفظ بذلك آخرته وينقذ نفسه من عذاب الله وسخطه أو أنّه يبقى على منصبه كقائد فرقة في الجيش الأموي وينعم بصلات ابن مرجانة واختار الحرّ نداء ضميره الحيّ وتغلّب على هواه ، فصمم على الالتحاق بالإمام الحسين (عليه السلام) وقبل أن يتوجّه إليه أسرع نحو ابن سعد القائد العام للقوات المسلّحة فقال له : أمقاتل هذا الرجل .. .

ولم يلتفت ابن سعد إلى انقلاب الحرّ فقد أسرع قائلاً بلا تردّد : أي والله قتالاً أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح الأيدي .. .

لقد أعلن ذلك أمام قادة الفرق ليظهر إخلاصه لابن مرجانة فقال له الحرّ : أفمالكم في واحدة من الخصال التي عرضها عليكم رضا .. .

واندفع ابن سعد قائلاً : لو كان الأمر لي لفعلت ولكن أميرك أبى ذلك .. .

ولما أيقن الحرّ أن القوم مصمّمون على حرب الإمام عزم على الالتحاق بمعسكر الإمام وقد سرت الرعدة بأوصاله فأنكر عليه ذلك زميله المهاجر ابن أوس فقال له : والله إن أمرك لمريب والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل ما أراه الآن ولو قيل لي : من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك .. .

وأعرب له الحرّ عمّا صمّم عليه قائلاً : إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنار ولا اختار على الجنّة شيئاً ولو قطعت وأحرقت .. .

وألوى بعنان فرسه نحو الإمام   وكان مطرقاً برأسه إلى الأرض حياءً وندماً على ما صدر منه تجاه الإمام ولما دنا منه رفع صوته ودموعه تتبلور

على خدّيه قائلاً : اللهمّ إليك أُنيب فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيّك يا أبا عبد الله إنّي تائب فهل لي من توبة .. .

ونزل عن فرسه وأقبل يتضرّع ويتوسّل إلى الإمام ليمنحه التوبة قائلاً : جعلني الله فداك يا بن رسول الله أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وجعجعت بك في هذا المكان ووالله الذي لا آله إلاّ هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبداً ولا يبلغون منك هذه المنزلة أبداً فقلت في نفسي : لا أُبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم ولا يرون أني خرجت من طاعتهم وأما هم فيقبلون بعض ما تدعوهم إليه ووالله لو ظننت أنّهم لا يقبلون منك ما ركبتها منك وانّي قد جئتك تائباً مما كان منّي إلى ربّي مواسياً لك بنفسي حتى أموت بين يديك أفترى لي توبة .. .

واستبشر به الإمام ومنحه الرضا والعفو وقال له : نعم يتوب الله عليك ويغفر ..   .

وملأ الفرح قلب الحرّ حينما فاز برضاء ريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) واستأذنه أن ينصح أهل الكوفة لعلّ بعضهم أن يرجع إلى الحقّ ويتوب إلى الرشاد فأذن له الإمام في ذلك فانبرى الحرّ إليهم رافعاً صوته : يا أهل الكوفة لأمكم الهبل   والعبر أدعوتموه حتى إذا أتاكم اسلمتموه وزعمتم أنّكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه أمسكتم بنفسه وأحطتم به ومنعتموه من التوجه إلى بلاد الله العريضة حتى يأمن ويأمن أهل بيته فأصبح كالأسير لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضرّاً ومنعتموه ومن معه عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهودي والنصراني والمجوسي ويتمرّغ فيه خنازير السواد وكلابه وها هو وأهله قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمّداً (صلى الله عليه واله) في ذريّته لا سقاكم الله يوم الظمأ إن لم تتوبوا وتفزعوا عمّا أنتم عليه ...   .

وودّ الكثير منهم أن تسيخ بهم الأرض فهم على يقين بضلالة حربهم إلاّ أنّهم استجابوا لرغباتهم النفسية في حبّ البقاء وتوقح بعضهم فرموا الحرّ بالنبل وكان ذلك ما يملكونه من حجّة في الميدان.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.