المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

شعرلأبي عامر ابن ينق
2023-02-06
المقومات السياحية البشرية - عوامل الضيافة (hospitality)
11-4-2022
الوزن الذري atomic weight
30-11-2017
محمد بن صدقة ابن الحسين
8-8-2016
Trinidad
2024-04-12
تربة البودزول Podrol Soil
2024-08-14


فتح مكة المعظمة  
  
3740   03:25 مساءً   التاريخ: 11-12-2014
المؤلف : الشيخ عباس القمي
الكتاب أو المصدر : منتهى الآمال في تواريخ الائمة والآل
الجزء والصفحة : ج1,ص118-123.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2014 4044
التاريخ: 11-12-2014 3359
التاريخ: 5-7-2017 3002
التاريخ: 11-12-2014 3741

لمّا صالح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قريشا عام الحديبيّة كان من شروطهم أن لا يتعرض أحد الفريقين الى جار الآخر و حليفه من القبائل فدخلت خزاعة في حلف النبي (صلّى اللّه عليه و آله) وعهده، و دخلت كنانة و بني بكر في حلف قريش و كان بين القبيلتين شر قديم و في أحد الايام هجا شخص من بني بكر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و منعه غلام من بني خزاعة و لكن البكري أصرّ على هجائه، فحمل الخزاعي عليه و ضربه ضربا شديدا فصارت بني بكر صفا واحدا على بني خزاعة لنصرة صاحبهم و استصرخوا قريشا.

فنبذت قريش عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وراء ظهورها و أعانت بني بكرا بالكراع و السلاح، و أغاروا على بني خزاعة ليلا و قتلوا منهم عشرين رجلا.

فلمّا بلغ ذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال: لا نصرت ان لم أنصر بني كعب.

ثم أرسل الرسل الى القبائل و معهم كتاب من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، انّه من آمن باللّه فليحضر الى المدينة شاكي السلاح أوّل شهر رمضان، و أمر كل من في المدينة بالاستعداد وجعل العيون في الطرق و الشوارع كي لا يصل الخبر الى مكة فكتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا الى قريش يخبرهم بعزم النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و أعطاه الى امرأة اسمها سارة كي توصله الى قريش فوضعته في ذؤابتها و ذهبت الى مكة.

فنزل جبرئيل (عليه السّلام )على النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و أخبره الخبر فأرسل أمير المؤمنين (عليه السّلام )مع جمع آخر في طلبها كي يأخذ الكتاب منها، فلمّا وصلوا إليها انكرت وأقسمت باللّه انّها لا تحمل شيئا و أصرّت على الانكار فسلّ أمير المؤمنين (عليه السّلام )سيفه وقال: اخرجي الكتاب و الّا و اللّه لأضربنّ عنقك، فلمّا رأت هذا أخرجت الكتاب و سلّمته الى علي (عليه السّلام)، فجاء به الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله).

فسأل (صلّى اللّه عليه و آله) حاطبا عن سبب هذا الفعل، فقال: انّ لي بمكة عشيرة و لي بها أهل فأردت أن أتخذ عندهم يدا ليحفظوني فيهم.

فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1] و خرج النبي (صلّى اللّه عليه و آله) من المدينة في الثاني من شهر رمضان و قيل في العاشر منه في عشرة آلاف رجل.

قال ابن عباس: انّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) تناول قدحا في منزل عسفان و شرب منه الماء و أفطر و لم يصم حتى وصل مكة.

قال جابر: لمّا أفطر النبي (صلّى اللّه عليه و آله) قيل له انّ بعض الناس لم يفطروا فقال: اولئك العصاة، اولئك العصاة. امّا العباس عمّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فانه خرج مع أهله من مكة مهاجرا الى المدينة، فلقى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) في منزل سقيا و قيل في ذي الحليفة، فسر النبي بلقياه و قال: انّها آخر هجرة كما انّ نبوتي آخر نبوة فبعث أهله الى المدينة و لازم هو ركب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله).

فسار (صلّى اللّه عليه و آله) حتى وصل الى أربعة فراسخ من مكة فنزل في مرّ الظهران فقال العباس في نفسه: ان دخلها رسول اللّه عنوة فهو هلاك قريش الى آخر الدهر فأراد الخروج الى أراك كي يلقى أحدا و يخبرهم الخبر، فخرج على بغلة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قاصدا الى أراك و في الطريق سمع‏ صوت أبي سفيان و بديل بن ورقاء يتكلّمان فقال: يا أبا سفيان فعرفه و قال له: يا أبا الفضل بابي أنت و أمي ما وراك؟ و ما حدث؟.

قال العباس: ويل لك هذا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في اثني عشر الف من المسلمين، قال: فما تأمرني؟ قال: تركب عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و اعلم انّ أمر الحراسة في هذا الليلة بيد عمر بن الخطاب، فان رآك قتلك [لانّه كانت بين عمر و أبي سفيان خصومة في الجاهليّة و قيل انّ هند زوجة ابي سفيان كانت تؤالف و تحابب و تخالط فتيان من قريش و كان عمر من جملتهم و لذا كان يحقد على أبي سفيان رقيبه على هند].

فركبا بغلة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و قصدا خيمته فرآهما عمر فجاء الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و قال: يا رسول اللّه هذا أبو سفيان عدوّ اللّه قد أمكن اللّه منه بغير عهد و لا عقد فدعني أضرب عنقه فقال العباس: يا رسول اللّه انّي قد أجرته.

قال (صلّى اللّه عليه و آله) لأبي سفيان يا أبا سفيان أسلم تسلم، قال: فما نصنع باللات و العزّى؟ فقال له عمر: أسلح عليهما ، قال أبو سفيان أف لك ما أفحشك ما يدخلك يا عمر في كلامي و كلام ابن عمّي، فقال له عمر: لو كنت خارج هذه الخيمة ما أمكنك هذا الجواب، فنهاه النبي (صلّى اللّه عليه و آله) عن الغلطة و أمر العباس أن يبيّت أبا سفيان عنده حتى الصباح، فلمّا أصبح سمع بلالا يؤذن، قال: ما هذا المنادي؟ قال العباس: هذا مؤذن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فنظر أبو سفيان الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و هو يتوضأ و أيدي المسلمين ممدودة فليس قطرة تصيب رجلا منهم الّا مسح بها وجهه و استبق صاحبه، فما كانت قطرة تصل الى الارض قط، قال أبو سفيان: باللّه لم أر كاليوم قط كسرى و لا قيصر ... فجاء بعد الصلاة الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و أسلم خوفا على نفسه فقال العباس: يا رسول اللّه انّ أبا سفيان يحب الفخر فلو خصّصته بمعروف، فقال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن و من ألقى سلاحه فهو آمن و من أغلق بابه و كفّ يده فهو آمن و من دخل الكعبة و وضع سلاحه فهو آمن.

ثم أمر (صلّى اللّه عليه و آله) أن يجعل أبو سفيان في مضيق كي يرى جيش الاسلام عند عبوره، فوضع هناك و كان ينظر الى أفواج الجند من أمامه ثم ظهرت الكتيبة التي كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فيها، و هم خمسة آلاف رجل من ابطال المهاجرين و الانصار مدججين بالسلاح و الحديد لابسين الدروع الداوديّة، قاعدين على الجياد و الابل الحمراء.

فقال أبو سفيان: يا عباس لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما، قال: ويحك انها النبوة ثم خرج أبو سفيان و ذهب مسرعا الى مكة، فرأته قريش من بعيد و رأت الغبار خلفه و لم يعلموا وصول النبي بعد، فصاح بهم أبو سفيان: ويل لكم هذا محمد في جيش كالبحر الموّاج و اعلموا انّ من دخل بيتي كان آمنا و من ألقى سلاحه فهو آمن و من دخل البيت الحرام كان آمنا، قالت قريش: قبّحك اللّه، ما هذا الخبر الذي أتيت به؟ و أخذت هند تجر لحية أبي سفيان و تقول: اقتلوا هذا الشيخ الاحمق لئلا يتكلم بهذا الكلام.

واجتمع جند الاسلام فوجا بعد فوج في ذي طوى، ثم لحقهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فاجتمع المسلمون حوله، فتذكر (صلّى اللّه عليه و آله) بعد ما رأى كثرة المسلمين و فتح مكة ايّام غربته و وحدته حينما خرج منها، فوضع جبينه الطاهر على المحمل و سجد للّه شكرا، لانّه لما خرج من مكة و هاجر منها الى المدينة التفت نحوها و قال: «اللّه يعلم انّني أحبك و لو لا أنّ أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلدا، و لا ابتغيت عليك بدلا و انّي لمغتمّ على مفارقتك» ثم نزل (صلّى اللّه عليه و آله) الحجون (بفتح الحاء و ضمّ الجيم و هو موضع من مكّة فيه قبر خديجة (رضي اللّه عنها) و دخل خيمته فاغتسل و خرج شاكي السلاح راكبا على راحلته قارئا سورة الفتح، حتى وصل الى البيت الحرام فاستلم الحجر الاسود بمحجنه‏ ، فكبّر و كبّر المسلمون معه، بحيث دوّى صداه في جميع جبال مكة  و وديانها.

ثم نزل (صلّى اللّه عليه و آله) من على ناقته و توجّه الى كسر الاصنام التي كانت حول الكعبة، فكان يشير إليها بعصاه و يقول: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] .

{ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49].

فتقع الاصنام على وجوهها الى الارض الا بعض الاصنام الكبيرة كانت على سطح الكعبة فأمر (صلّى اللّه عليه و آله) عليّا أن يضع قدميه على منكبيه و يصعد الى السطح و يلقي الاصنام منه الى الارض، فصعد (عليه السّلام )و القى بالاصنام الى الارض و نزل هو من الميزاب تأدبا للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) فلمّا وصل الى الارض تبسّم فسأله النبي (صلّى اللّه عليه و آله) عن السبب فقال: ألقيت نفسي من مكان رفيع و لم يصبني شي‏ء فقال (صلّى اللّه عليه و آله): كيف يصيبك أذى و قد حملك محمد و أنزلك جبرائيل.

ثم أخذ (صلّى اللّه عليه و آله) مفاتيح الكعبة ففتح بابها و أمر أن تمحى صور الملائكة و الأنبياء المرسومة في جوف البيت ثم أخذ بعضادتي الباب و هلّل التهليلات المعروفة و خاطب أهل مكّة فقال: ما ذا تقولون؟ و ما ذا تظنّون؟ قالوا: نقول خيرا و نظنّ خيرا، أخ كريم و ابن أخ كريم و قد قدرت.

فرقّ (صلّى اللّه عليه و آله) قلبه و ظهرت دمعته، فلمّا رأى أهل مكة ذلك أخذوا بالبكاء و النحيب، فقال (صلّى اللّه عليه و آله): اني أقول كما قال أخي يوسف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } [يوسف: 92] .

ثم ذكر لهم جناياتهم و معاداتهم له و ايذاءهم له و قال: «الا لبئس جيران النبي كنتم، لقد كذّبتم و طردتم، و أخرجتم و فللتم، ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني، فاذهبوا فأنتم الطلقاء» .

ثم دخل وقت الظهر، فأمر بلالا فصعد على الكعبة و أذّن و كان جمع من المشركين في البيت و جمع آخر على الجبال، فلمّا سمعوا الاذان، بدأ بعض منهم بالكلام البذي‏ء الفاحش، منهم‏ عكرمة بن ابي جهل قال: اكره أن أسمع صوت ابن رباح ينهق على الكعبة، و قال خالد بن أسيد: الحمد للّه الذي أكرم أبا عتاب من هذا اليوم أن يرى ابن رباح قائما على الكعبة، و قال أبو سفيان: أمّا انا فلا أقول شيئا و اللّه لو نطقت لظننت أنّ هذه الجدر تخبر به محمدا.

فابلغ جبرئيل (عليه السّلام )ذلك الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فأحضرهم و قال لكل مقالته فأسلم بعض منهم، ثم جاء رجال قريش للبيعة و فيهم أبو قحافة و كان آنذاك كهلا و اعمى، و نزلت سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1].

ثم كانت بيعة النساء، فوضع (صلّى اللّه عليه و آله) يده في طست من الماء فقال لكل من تريد بيعته، أن تضع يدها فيه لانّه لا يصافح النساء، و قيل انّ أمية أخت خديجة أخذت البيعة من النساء للنبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12].

فقامت أمّ حكيم بنت الحارث بن هشام‏ ، و زوجة عكرمة بن أبي جهل و قالت: يا رسول اللّه ما هذا المعروف الذي أمرنا اللّه أن لا نعصينّك فيه؟.

فقال: الّا تخمشن وجها و لا تلطمن خدا، و لا تنتفن شعرا، و لا تمزقن جيبا، و لا تسودن ثوبا و لا تدعونّ بالويل و الثبور، عند قبر، فبايعهنّ (صلّى اللّه عليه و آله) على هذه الشروط.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.