المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6194 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



خالد بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس  
  
2971   01:27 مساءً   التاريخ: 28-7-2017
المؤلف : السيد محسن الامين.
الكتاب أو المصدر : أعيان الشيعة.
الجزء والصفحة : ج 6 -ص288
القسم : الحديث والرجال والتراجم / أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-06 1115
التاريخ: 24-12-2015 1310
التاريخ: 2023-10-01 1012
التاريخ: 2023-10-21 841

خالد بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي أبو سعيد القرشي الأموي.
استشهد بأجنادين 28 جمادى الأول يوم السبت نصف النهار سنة 13 للهجرة وقيل بل قتل بمرج الصفر في المحرم سنة 13 أو 14 للهجرة وهو ابن خمسين أو أكثر على أن أهل التاريخ اختلفوا في وقعة أجنادين ومرج الصفر أيهما كان قبل قاله في أسد الغابة وغيره.
وأجنادين بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح النون وبعدها ألف وكسر الدال المهملة وسكون المثناة التحتية بعدها نون بلفظ الجمع وبلفظ المثنى موضع بفلسطين كانت فيه الوقعة ومرج الصفر بضم الصاد وتشديد الفاء المفتوحة بعدها راء بنواحي دمشق وحوران وقيل هو المعروف اليوم بأرض المرج بجهة مرج عذرا.
أبـوه :

سعيد بن العاصي يكنى أبا أحيحة مات على كفره وكان أعز من بمكة وكان شديدا عليه وعلى المسلمين ولكن الله تعالى يخرج الحي من الميت.
أمــه :

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن خليفة بن خياط قال: أم خالد بن سعيد بن العاصي لبينة المعروفة بأم خالد بنت خباب أو حباب ابن عبد باليل بن ناشب بن غيرة بن معد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة. وقال ابن سعد أمه أم خالد بنت خباب بن عبد باليل إلى آخر ما مر إلا أنه قال ابن عبد مناة بن كنانة وساق ابن الأثير في أسد الغابة نسبها إلى غيره وقال من ثقيف.

إخــوتــه :

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أحمد بن سيار ان خالد بن سعيد بن العاصي كان لأبيه عشرون ابنا وعشرون ابنة اه‍. والمعروف أن له ثمانية أولاد ذكور مات منهم ثلاثة على الكفر أحيحة قتل في الجاهلية والعاص وعبيدة قتلا ببدر كافرين واسلم خمسة خالد وعمرو وسعيد وابان والحكم. قتل سعيد مع رسول الله ص بالطائف وقتل خالد وعمرو وأبان بالشام ومرت ترجمة ابان في بابه وفي الاستيعاب: كان الحكم تعلم الحكمة اه‍.

أولاده :

قال ابن سعد في الطبقات كان لخالد بن سعيد من الولد سعيد ولد بأرض الحبشة درج أي لم يعقب وليس لخالد بن سعيد اليوم عقب اه‍. وسيأتي ان ابنه سعيدا هذا قتل في حرب الروم وقتله باهان من امراء الروم، ثم روى ابن سعد كما يأتي انه ولد له بالحبشة أم خالد واسمها أمة تزوجها الزبير بن العوام وولدت له.

أقـوال الـعــلمـاء فـيه :

سيأتي عن ابن سعد في الطبقات عن الواقدي ان اسلامه كان قديما وانه أول إخوته أسلم.
وفي الاستيعاب: أسلم قديما يقال بعد أبي بكر فكان ثالثا أو رابعا وقيل كان خامسا وقال حمزة بن ربيعة أسلم مع أبي بكر. أقول وفي رواية للحاكم في المستدرك أنه أسلم قبل أبي بكر.

وبسنده عن أم خالد بنته كان أبي خامسا في الاسلام تقدمه علي بن أبي طالب وابن أبي قحافة وزيد بن حارثة وسعد بن أبي وقاص هاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته الخزاعية وولد بها ابنه سعيد وابنته أم خالد واسمها أمة وهاجر معه أخوه عمرو. وروى الواقدي بسنده عن أم خالد هاجر أبي إلى أرض الحبشة المرة الثانية وأقام بها بضع عشرة سنة وولدت أنا بها ثم قدم على النبي ص بخيبر فكلم المسلمين فأسهموا لنا ثم رجع مع رسول الله ص إلى المدينة وأقمنا بها وشهد أبي مع رسول الله ص عمرة القضية وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك وبعثه رسول الله ص على صدقات اليمن فتوفي رسول الله ص وأبي باليمن.
وفي الطبقات بسنده: أقام خالد بعد أن قدم من أرض الحبشة مع رسول الله ص بالمدينة وكان يكتب له وهو الذي كتب كتاب أهل الطائف لوفد ثقيف وهو الذي مشى في الصلح بينهم وبين رسول الله ص اه‍.  

وفي الاستيعاب: روى إبراهيم بن عقبة عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت أبي أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم وكان قدومه من ارض الحبشة مع جعفر بن أبي طالب واستعمله رسول الله ص على صدقات مذحج واستعمله على صنعاء اليمن فلم يزل عليها إلى أن مات رسول الله ص ولما هاجر أصحاب رسول الله ص إلى ارض الحبشة الهجرة الثانية كان خالد أول من هاجر إليها. وقال خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد اخبرني أبي ان أعمامه خالدا وابان وعمر ابني سعيد بن العاصي رجعوا من عمالتهم حين مات رسول الله ص فقال أبو بكر ما لكم رجعتم عن عمالتكم ما كان أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله ص ارجعوا إلى أعمالكم فقالوا نحن بني أبي أحيحة لا نعمل لأحد بعد رسول الله ص ابدا ثم مضوا إلى الشام فقتلوا جميعا وكان خالد على اليمن وابان على البحرين وعمرو على تيماء وخيبر قرى عربية وكان الحكم تعلم الحكمة ويقال ما فتحت بالشام كورة الا وجد عندها رجل من بني سعيد بن العاصي ميتا وكان سعيد بن سعيد بن العاصي قد قتل مع رسول الله ص بالطائف. الواقدي بسنده كان اسلام خالد بن سعيد قديما وكان أول اخوته اسلاما اه‍ الاستيعاب ببعض اختصار.
وفي أسد الغابة قدم خالد وأخوه عمرو من أرض الحبشة في السفينتين وقال: قال الغساني قرى عريبة كذا هو غير منون لهذه التي بالحجاز كذا قيده غير واحد من أهل العلم.

وفي الإصابة من السابقين الأولين قيل كان رابعا أو خامسا. وروى يعقوب بن سفيان من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب وغيره ان الهجرة الأولى إلى الحبشة هاجر فيها جعفر بن أبي طالب بامرأته أسماء بنت عميس وعثمان بن عفان برقية بنت النبي ص وخالد بن سعيد بن العاص بامرأته وكذا قال ابن إسحاق وسماها أمية بنت خالد بن أسعد بن عامر من خزاعة وسيأتي لخالد ذكر في ترجمة فروة بن مسيك وذكر سيف في الفتوح أن أبا بكر أمره على مشارف الشام في الردة.
وقال بحر العلوم الطباطبائي في رجاله انه نجيب بني أمية وأنه من السابقين الأولين ومن المتمسكين بولاء أمير المؤمنين ع.
اسلامه والسبب فيه روى ابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك واللفظ للأول عن الواقدي باسناده كان اسلام خالد بن سعيد قديما وكان أول إخوته أسلم وكان سبب إسلامه أنه رأى في النوم أنه واقف على شفير النار فذكر من سعتها ما الله به أعلم ويرى في النوم كان أباه يدفعه فيها ويرى رسول الله ص أخذ بحقويه لا يقع ففزع من نومه فقال أحلف بالله ان هذه لرؤيا حق فذكر ذلك لأبي بكر فقال أريد بك خير هذا رسول الله فاتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الاسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها وأبوك واقع فيها فلقي رسول الله ص وهو بأجياد فقال يا محمد إلى ما تدعو قال أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ولا يدري من عبده ممن لم يعبده قال خالد فاني أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد انك رسول الله فسر رسول الله باسلامه وتغيب خالد وعلم أبوه باسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ممن لم يسلم ورافعا مولاه فوجدوه فاتوا به إلى أبيه أبي أحيحة فأنبه وبكته وضربه بمقرعة بصريمة في يده حتى كسرها على رأسه ثم قال اتبعت محمدا وأنت ترى خلافه قومه وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم فقال خالد قد صدق والله واتبعته فغضب أبو أحيحة ونال من ابنه وشتمه ثم قال اذهب يا لكع حيث شئت فوالله لأمنعنك القوت فقال خالد ان منعتني فان الله يرزقني ما أعيش به فأخرجه وقال لبنيه لا يكلمه أحد منكم الا صنعت به ما صنعت به فانصرف خالد إلى رسول الله ص فكان يلزمه ويكون معه. وروى ابن سعد عن الواقدي بسنده عن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص قال كان اسلام خالد بن سعيد بن العاص ثالثا أو رابعا وكان ذلك ورسول الله ص يدعو سرا وكان يلزم رسول الله ويصلي في نواحي مكة خاليا فبلغ ذلك أبا أحيحة فدعاه فكلمه ان يدع ما هو عليه فقال خالد لا أدع دين محمد حتى أموت عليه فضربه أبو أحيحة بقراعة في يده حتى كسرها على رأسه ثم امر به إلى الحبس وضيق عليه وأجاعه وأعطشه حتى لقد مكث في حر مكة ثلاثا ما يذوق ماء فرأى خالد فرجة فخرج فتغيب عن أبيه في نواحي مكة حتى حضر خروج أصحاب رسول الله ص إلى الحبشة في الهجرة الثانية فلهو أول من خرج إليها.
وروى ابن عساكر في تاريخه سببا آخر في إسلامه شبيها بهذا.

هجرته إلى بلاد الحبشة ورجوعه منها :

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن محمد بن إسحاق قال: وممن خرج من أهل مكة مهاجرا إلى أرض الحبشة من أصحاب رسول الله ص من بني أمية بن عبد شمس خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ومعه امرأته فولدت له بأرض الحبشة ابنه سعيد بن خالد اه‍. ومر أن ذلك في الهجرة الثانية. وفي رواية في الإصابة ان هجرته إلى الحبشة كانت في الهجرة الأولى. لكن الأول أشهر.
وروى ابن سعد عن الواقدي بسنده عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بنت العاص قالت كان أبي خامسا في الاسلام أسلم قبل الهجرة الأولى إلى ارض الحبشة وهاجر في المرة الثانية وأقام بها بضع عشرة سنة وولدت أنا بها وقدم على النبي ص بخيبر سنة سبع فكلم رسول الله ص المسلمين فأسهموا لنا ثم رجعنا مع رسول الله ص إلى المدينة وأقمنا بها وخرج أبي مع رسول الله ص في عمرة القضية وغزا معه الفتح هو وعمي تعني عمرا وخرجا معه إلى تبوك وبعث رسول الله ص أبي عاملا على صدقات اليمن فتوفي ص وأبي باليمن. وبسنده عن أم خالد هذه قالت خرج خالد بن سعيد إلى أرض الحبشة ومعه امرأته همينة أو أمينة بنت خلف بن أسعد الخزاعية فولدت له هناك سعيدا وأم خالد. وبسنده عن خالد بن سعيد بن العاص أن رسول الله ص بعثه في رهط من قريش إلى ملك الحبشة فقدموا عليه ومع خالد امرأة له فولدت له جارية وتحركت وتكلمت هناك ثم أن خالدا أقبل هو وأصحابه وقد فرع رسول الله ص  من وقعة بدر (1) فاقبل يمشي ومعه ابنته فقال أوما ترضى يا خالد أن يكون للناس هجرة ولكم هجرتان اثنتان قال بلى يا رسول الله قال فذاك لكم (2) ثم أن خالدا قال لابنته اذهبي إلى رسول الله فسلمي عليه فذهبت الجويرية حتى أتته من خلفه فأكبت عليه وعليها قميص أصفر فأشارت به إلى رسول الله ص تريه إياه فقال لها سنه سنه سنه يعني حسن يعني بالحبشية ثم قال أبلي واخلقي ثم أبلي واخلقي (3) اه‍.
وهذه أم خالد صحبت بعد ذلك رسول الله ص وقد روت عنه اه‍.
وفي ذلك من الدلالة على كلام أخلاق رسول الله ص وعلى بساطة أحوال العرب وأخلاقهم ما لا يخفى. وفي أسد الغابة هاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد وقدما على النبي ص بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين فكلم النبي ص المسلمين فأسهموا لهم. وفي رجال بحر العلوم: وشهد خالد مع النبي ص الفتح وحنين والطائف وتبوك ثم ولاه صدقات اليمن فكان في عمله ذلك حتى بلغه وفاة النبي ص فترك ما في يده وأتى بالمدينة ولزم عليا ع اه‍.

بقية أخباره في عصر النبوة :

وروى ابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك بالاسناد عن الواقدي بسنده عن خالد بن سعيد ان أباه سعيد بن العاصي بن أمية مرض، زاد صاحب أسد الغابة وكان أبوه شديدا على المسلمين وكان أعز من بمكة فقال لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كمبشة ببطن مكة أبدا فقال خالد بن سعيد عند ذلك اللهم لا ترفعه، زاد صاحبا المستدرك والاستيعاب فتوفي في مرضه ذلك.
وفي الاستيعاب فيما أخرجه البغوي بسنده عن خالد بن سعيد انه أتى رسول الله ص وعليه خاتم فضة مكتوب عليه محمد رسول الله قال فأخذه مني فلبسه وهو الذي كان في يده. وروى الحاكم في المستدرك بسنده أنه أتى النبي ص وفي يده خاتم فقال له النبي ما هذا الخاتم قال خاتم اتخذته قال فاطرحه فطرحته إليه فإذا هو خاتم من حديد فقال النبي ص ما نقشته قلت محمد رسول الله فأخذه النبي ص فتختم به حتى مات فهو الخاتم الذي كان في يده. صحيح الاسناد ولم يخرجاه:
وقال ابن عساكر: اخرج الخطيب قال مر النبي ص بقبر أبي أحيحة الفاسق، فقال خالد بن سعيد والله ما يسرني انه في أعلى عليين وأنه مثل أبي قحافة، فقال النبي ص لا تسبوا الموتى فتغضبوا الأحياء.

من أخباره باليمن :

في الاستيعاب قال الزبير ابن بكار لخالد بن سعيد بن العاص وهب عمرو بن معديكرب الصمصامة وذكر شعره في ذلك. ثبت في ديوان عمرو بن معديكرب مدح خالد بن سعيد بن العاص لما بعثه النبي ص مصدقا عليهم مصدقا يقول فيها:
فقلت لباغي الخير أن تأت خالدا * تسر وترجع ناعم البال حامدا وفي تاريخ دمشق وهب له عمرو بن معديكرب الصمصامة وقال حين وهبها له:
خليلي لم أهبه عن قلاة * ولكن التواهب للكرام خليلي

لم أخنه ولم يخني * كذلك ما خلا لي أو بذام كذا

حبوت به كريما من قريش * فسر به وصين عن اللئام

أخباره بعد عصر النبوة ورجوعه من اليمن :

حكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن الزبير بن بكار في الموفقيات خبرا يتضمن كلاما وشعرا لعمرو بن العاص ضد الأنصار بعد بيعة أبي بكر وكلاما وشعرا للنعمان بن عجلان في الرد عليه وذكرنا ذلك كله في ترجمة النعمان وان شعر عمرو وكلامه لما انتهى إلى قريش غضب كثير منها. قال وألفى ذلك قدوم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن وكان رسول الله ص استعمله عليها وكان له ولأخيه أثر قديم في الاسلام وهما من أول من أسلم من قريش ولهما عبادة وفضل فغضب خالد للأنصار وشتم عمرو بن العاص وقال يا معشر قريش ان عمرا دخل في الاسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه فلما لم يستطع ان يكيده بيده كاده بلسانه وان من كيده الاسلام تفريقه وقطعه بين المهاجرين والأنصار والله ما جازيناهم للدين ولا للدنيا لقد بذلوا دماءهم لله تعالى فينا وما بذلنا دماءنا لله فيهم وقاسمونا ديارهم وأموالهم وما فعلنا مثل ذلك بهم وآثرونا على الفقر وحرمناهم على الغنى ولقد وصى رسول الله ص بهم وعزاهم عن جفوة السلطان فأعوذ بالله أن أكون أنا وإياكم الخلف المضيع والسلطان الجاني اه‍. قال ابن أبي الحديد قوله وعزاهم عن جفوة السلطان إشارة إلى قول النبي ص ستلقون بعدي اثرة فاصبروا حتى تقدموا على الحوض.
وجاء النعمان بن بشير في جماعة من الأنصار إلى معاوية فشكوا إليه فقرهم وقالوا لقد صدق رسول الله ص في قوله لنا ستلقون بعدي أثرة فقد لقيناها فقال معاوية فماذا قال لكم قالوا قال لنا فاصبروا حتى تردوا علي الحوض، قال معاوية فافعلوا ما أمركم به عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبر.
وحرمهم ولم يعطهم شيئا اه‍. ومر في ترجمة أبي أيوب الأنصاري خالد بن زيد انه قال له نحوا من ذلك وان ذلك استهزاء بالشرع وصاحبه قال الزبير وقال خالد بن سعيد بن العاص في ذلك:
تفوه عمرو بالذي لا نريده * وصرح للأنصار عن شناة البغض

فان تكن الأنصار زلت فإننا * نقيل ولا نجزيهم القرض بالقرض

فلا تقطعن يا عمرو ما كان بيننا * ولا تحملن يا عمرو بعضا على بعض

أتنسى لهم يا عمرو ما كان منهم * ليالي جئناهم من النفل والفرض

 وقسمتنا الأموال كاللحم بالمدي * وقسمتنا الأوطان كل به يقضي

ليالي كل الناس بالكفر جهرة * ثقال علينا مجمعون على البغض

فساروا وآووا وانتهينا إلى المنى * وقر قرارانا من الأمن والخفض

امتناعه وأخويه عن العمل بعد وفاة النبي ص:

قد عرفت انه كان عاملا للنبي ص على صدقات اليمن وعلى صنعاء وانه بقي عاملا عليها إلى حين وفاته ص وانه بعد وفاته عاد واخوته إلى المدينة ولم يريدوا أن يعملوا لغيره. روى الحاكم في المستدرك بسنده وصاحب الاستيعاب، عن خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد واللفظ للثاني قال: اخبرني أبي ان أعمامه خالدا وأبانا وعمرا بني سعيد بن العاص رجعوا عن عمالتهم حين بلغهم وفاة رسول الله ص فقال أبو بكر ما لكم رجعتم عن عمالتكم ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول الله ص ارجعوا إلى أعمالكم فقالوا نحن بنو أبي أحيحة لا نعمل لاحد بعد رسول الله ص ابدا ثم مضوا إلى الشام فقتلوا جميعا.

امتناعه وأخوه عن البيعة :

في أسد الغابة: تأخر خالد وأخوه أبان عن بيعة أبي بكر فقال لبني هاشم انكم لطوال الشجر طيبو الثمر ونحن تبع لكم فلما بايع بنو هاشم أبا بكر بايعه خالد وابان اه‍ وقال ابن عساكر: روى ابن إسحاق ان خالدا حين قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله ص تربص ببيعته شهرين وفي رواية ابن البنا ثلاثة أشهر.
وحكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة ان خالد بن سعيد هذا كان قد تخلف عن بيعة أبي بكر وقال لا أبايع إلا عليا وفي شرح النهج أيضا قال أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة ثنا يعقوب عن أبي النصر عن محمد بن راشد عن مكحول ان رسول الله ص استعمل خالد بن سعيد بن العاص على عمل فقدم بعد ما قبض رسول الله ص وقد بايع الناس أبا بكر فدعاه إلى البيعة فأبى فقال عمر دعني وإياه فمنعه أبو بكر حتى مضت عليه سنة ثم مر به أبو بكر وهو جالس على بابه فناداه خالد أبا بكر هل لك في البيعة قال نعم قال فادن فدنا منه فبايعه خالد وهو قاعد على بابه اه‍ ويأتي في خبر آخر أنه جاء إليه فبايعه على المنبر.

توليته إمارة الجيش الموجه للشام ثم عزله :

قال ابن أبي الحديد في شرح النهج قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة: أبو زيد عن هارون بن عمر عن محمد بن سعيد بن الفضل عن أبيه عن الحارث بن كعب عن عبد الله بن أبي أوفى الجزاعي قال كان خالد بن سعيد بن العاص من عمال رسول الله ص جاء إلى المدينة وقد بايع الناس أبا بكر فاحتبس عن أبي بكر فلم يبايعه أياما وقد بايع الناس وأتى بني هاشم فقال أنتم الظهر والبطن والشعار دون الدثار والعصا دون اللحا فإذا رضيتم رضينا وإذا سخطتم سخطنا حدثوني إن كنتم بايعتم هذا الرجل قالوا نعم قال على برد ورضا من جماعتكم قالوا نعم قال فانا أرضى وأبايع إذا بايعتم أما والله يا بني هاشم أنكم لطوال الشجر الطيب الثمر ثم أنه بايع أبا بكر وبلغت أبا بكر فلم يحفل بها واضطغنها عليه عمر فلما ولاه أبو بكر الجند الذي أستنفر إلى الشام قال له أتولي خالدا وقد حبس عنك بيعته وقال لبني هاشم ما قال وقد جاء بورق من اليمن وعبيد وحبشان ودروع ورماح ما أرى أن توليه وما آمن خلافه فانصرف عنه أبو بكر وولى أبا عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة اه‍.
وروى ابن سعيد في الطبقات بسنده عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص قالت قدم أبي من اليمن إلى المدينة بعد أن بويع لأبي بكر فقال لعلي وعثمان أرضيتم بني عبد مناف أن يلي هذا الأمر عليكم غيركم فنقلها عمر إلى أبي بكر فلم يحملها أبو بكر على خالد وحملها عمر عليه وأقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع ثم مر عليه أبو بكر بعد ذلك مظهرا وهو في داره فسلم فقال له خالد أتحب أن أبايعك فقال أبو بكر أحب أن تدخل في صالح ما دخل فيه المسلمون قال موعدك العشية أبايعك فجاء وأبو بكر على المنبر فبايعه وكان رأي أبي بكر فيه حسنا وكان معظما له فلما بعث أبو بكر الجنود على الشام عقد له على المسلمين وجاء باللواء إلى بيته فكلم عمر أبا بكر وقال تولي خالدا وهو القائل ما قال فلم يزل به حتى ارسل أبا أروى الدوسي فقال إن خليفة رسول الله يقول لك أردد إلينا لواءنا فأخرجه فدفعه إليه وقال والله ما سرتنا ولايتكم ولا ساءنا عزلكم وان المليم لغيرك وهذا يدل على علو الهمة وكبر النفس قال فما شعرت الا بأبي بكر دخل على أبي يعتذر إليه ويعزم عليه ان لا يذكر عمر بحرف الحديث ثم روى بسنده انه لما عزل أبو بكر خالدا ولى يزيد بن أبي سفيان جنده ودفع لواءه إلى يزيد وروى الطبري وتبعه ابن الأثير ان أول لواء عقده أبو بكر لحرب الروم لواء خالد بن سعيد بن العاص ثم عزله قبل ان يسير وولى يزيد بن أبي سفيان وكان سبب عزله له ان خالد بن سعيد حين قدم من اليمن بعد وفاة رسول الله ص تربص ببيعته شهرين يقول قد امرني رسول الله ص ثم لم يعزلني حتى قبضه الله ويبعد ان يكون قال ذلك فإنه لا يصلح حجة للتأخر عن البيعة بل الظاهر أنه قال لا أبايع الا علي بن أبي طالب كما مر قال الطبري: وقد لقي علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان فقال يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم فاما أبو بكر فلم يحقدها وأما عمر فاضطغنها عليه ثم بعث أبو بكر الجنود إلى الشام وكان أول من استعمل على ربع منها خالد بن سعيد فاخذ عمر يقول أتؤمره وقد صنع ما صنع وقال ما قال فلم يزل بأبي بكر حتى عزله وامر يزيد بن أبي سفيان.
ورواه الحاكم في المستدرك بسنده عن خالد بن سعيد مثله الا انه قال فلم يحملها بدل فلم يحقدها وحملها بدل فاضطغنها وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وفي تاريخ دمشق فلم يحفلها.
والذي ذكره المؤرخون ان أبا سفيان لما شاغب بعد بيعة أبي بكر وجاء إلى علي بن أبي طالب يستفزه ورد عليه علي أقبح رد قيل له قد أمر أبو بكر ابنك يزيد قال وصلته رحم وسكت. وروى الطبري بسنده ان عمر بن الخطاب لم يزل يكلم أبا بكر في خالد بن الوليد وخالد بن سعيد ان لا يوليهما فأبى ان يطيعه في خالد بن الوليد وأطاعه في خالد بن سعيد بعد ما   فعل فعلته. وروى أيضا بسنده قال كان خالد بن سعيد بن العاص باليمن زمن النبي ص وتوفي النبي ص وهو بها وقدم بعد وفاته بشهر وعليه جبة ديباج فلقي عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب فصاح عمر بمن يليه مزقوا عليه جبته أيلبس الحرير وهو في رحالنا في السلم فمزقوا جبته فقال خالد يا أبا حسن يا بني عبد مناف أغلبتم عليها. فقال علي ع أمغالبة ترى أم خلافة؟ قال لا يغالب على هذا الامر أولى منكم يا بني عبد مناف.
وقال عمر لخالد فض الله فاك والله لا يزال كاذب يخوض فيما قلت ثم لا يضر الا نفسه فأبلغ عمر أبا بكر مقالته فلما عقد أبو بكر الألوية لقتال أهل الردة عقد له فيمن عقد فنهاه عنه عمر وقال إنه لمخذول وانه لضعيف التروئة ولقد كذب كذبة لا يفارق الأرض مدل بها وخائض فيها فلا تستنصر به فلم يحتمل أبو بكر عليه وجعله رداء بتيماء بين الشام ووادي القرى أطاع عمر في بعض امره وعصاه في بعض ففصل حتى انزل بتيماء وقد امره أبو بكر ان لا يبرحها فاما ان يبقى بعيدا بتيماء أو يقتل فتؤمن غائلته على الحالتين وان يدعو من حوله بالانضمام إليه وان لا يقبل الا من لم يرتد ولا يقاتل الا من قاتله فاجتمع إليه جموع كثيرة وبلغ الروم عظم ذلك العسكر فضربوا على العرب الضاحية البعوث بالشام من بهراء وكلب وسليح وتنوخ ولخم وجذام وغسان فكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بذلك فكتب إليه أبو بكر أقدم ولا تحجم واستنصر الله فسار إليهم خالد فلما دنا منهم تفرقوا فنزل منزلهم ودخل عامة من كان تجمع له في الاسلام وكتب خالد إلى أبي بكر في ذلك فكتب إليه أبو بكر أقدم ولا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك فسار فيمن كان خرج معه من تيماء وفيمن لحق به فسار إليه بطريق من بطارقة الروم يدعى باهان فهزمه وقتل من جنده فكتب خالد إلى أبي بكر يستمده وكان قد قدم على أبي بكر أوائل مستنفري اليمن ومن بين مكة واليمن وفيهم ذو الكلاع وقدم عليه عكرمة بن أبي جهل قافلا وغازيا فيمن كان معه من تهامة وعمان والبحرين والسرو فقدموا على خالد بن سعيد وأرسل أبو بكر عمرو بن العاص وأمره على فلسطين وأرسل الوليد بن عقبة وأمره بالأردن ودعا يزيد بن أبي سفيان فأمره على جند عظيم وأمر أبا عبيدة بن الجراح على حمص. ولما قدم الوليد على خالد بن سعيد فسانده وقدمت جيوش المسلمين الذين كان أبو بكر أمده بهم مع عكرمة وبلغه عن الامراء وتوجههم إليه اقتحم على الروم طلب الخطوة وأعرى ظهره وبادر الامراء بقتال الروم واستطرد له باهان واقتحم خالد في الجيش ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى نزل مرج الصفر فاجتمعت عليه مسالح باهان واخذوا عليه الطرق وزحف إليه باهان فوجد ابنه سعيد بن خالد يستمطر (4) في الناس فقتله ومن معه واتى الخبر خالدا فهرب في جريدة فأفلت من أفلت من أصحابه على ظهور الخيل والإبل وقد أجهضوا عن عسكرهم فوصل في هزيمته إلى ذي المروة بقرب المدينة وأقام عكرمة في الناس ردءا لهم فرد عنهم باهان وجنوده ان يطلبوه وأقام قريبا من الشام. وقدم شرحبيل بن حسنة وافدا من عند خالد بن الوليد فاستعمله أبو بكر على عمل الوليد بن عقبة فاتى شرحبيل على خالد بن سعيد ففصل عنه جماعة من أصحابه وأرسل أبو بكر معاوية بن أبي سفيان وأمره باللحاق بأخيه يزيد فلما مر بخالد بن سعيد فصل ببقية أصحابه وكتب أبو بكر إلى خالد بن سعيد لما قدم ذا المروة أن أقم مكانك ثم أذن له بدخول المدينة فدخلها اه‍. هكذا ذكر المؤرخون هذه القصة وفيها ما يستدعي التأمل من وجوه أولا خبر تمزيق الجبة ينافيه ما رواه ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أشياخه ان خالد بن سعيد بن العاص وهو من المهاجرين قتل رجلا من المشركين ثم لبس سلبه ديباجا أو حريرا فنظر الناس إليه وهو مع عمر فقال عمر ما تنظرون من شاء فليعمل مثل عمل خالد ثم يلبس لباس خالد. فان هذا كان من خالد في السلم لا في الحرب والا لم ينظر الناس إليه نظر انكار لأنه كان من المعلوم جواز لبس الحرير في الحرب ولذلك قال عمر في الرواية الأولى أيلبس الحرير وهو في رحالنا في السلم وإذا كان لبس الحرير في الرواية الثانية من خالد في السلم فسبق قتله المشرك لا يسوع له لبس الحرير ثانيا إذا كان أمر بتمزيق جبته لأنها حرير والحرير لا يجوز لبسه في السلم فما معنى قول خالد يا أبا حسن يا بني عبد مناف أغلبتم عليها فهذا ليس جوابا لتمزيق الجبة بل كان عليه ان يسكت أو يجيب بحجة مقبولة وكيف يقره على هذا الجواب ثالثا ما حكي في هذه القصة عن علي انه قال أمغالبة ترى أم خلافة ما نراه الا ملحقا الحاقا وإذا كان علي قال له ذلك فكيف يقول له لا يغالب على هذا الأمر أولى منكم اي أنتم أولى من يغالب عليه فإنه يدل على أنه مغالبة وقد قال له علي انه خلافة لا مغالبة رابعا إذا كان هؤلاء الثلاثة ذو الكلاع وعكرمة والوليد مع خالد بن سعيد فأين ذهبوا حين اجتمعت عليه مسالح باهان وهزمته وقتل باهان ابنه سعيدا ولماذا لم ينصروه ولماذا لم يصبهم ما أصابه فان قلنا انهم كانوا بعيدين عنه فالطبري يقول إنهم كانوا معه يلوح لنا انهم قصدوا خذلانه وهلاكه فالوليد بن عقبة عدو علي الألد لم يكن لينصر وليه كذلك ذو الكلاع عضد معاوية الأيمن بصفين وقد لا يكون أقل منهما عكرمة. خامسا كلام الطبري يدل على أن أبا بكر امره مرتين وعقد له لوائين مرة في قتال الروم ومرة في قتال أهل الردة وان عمر عارضه في المرتين ومنعه من توليته فاطاعه في المرة الأولى وعزله وولى مكانه يزيد بن أبي سفيان وأطاعه في المرة الثانية في بعض أمره فلم يوله قتال أهل الردة وعصاه في البعض وهو عدم الاستنصار به أصلا فجعله ردءا بتيماء ولم يعارض في ذلك عمر إذ فيه التخلص منه بابعاد أو قتل. وكلام ابن سعد يدل على أن أبا بكر لم يؤمره الا مرة واحدة على غزو الروم ثم عزله باصرار عمر وانه سار في ذلك الجيش تحت راية شرحبيل بن حسنة فقتل ولم يتعرض لجعله ردءا بتيماء ولا ذكر هذه القصة أصلا فروى بسنده انه لما عزل أبو بكر خالد بن سعيد أوصى به شرحبيل بن حسنة وكان أحد الامراء فقال انظر خالد بن سعيد فاعرف له من الحق عليك مثلما كنت تحب ان يعرفه لك من الحق عليه لو خرج واليا عليك وقد عرفت مكانه من الاسلام وان رسول الله ص توفي وهو له وال وقد كنت وليته ثم رأيت عزله وعسى ان يكون ذلك خيرا له في دينه ما أغبط أحدا بالامارة وقد خيرته في امراء الأجناد فاختارك على غيرك على ابن عمه يعني يزيد بن أبي سفيان ثم أوصاه ان يستشيره بعد أبي عبيدة ومعاذ بن جبل. ثم حكى عن الواقدي انه سال موسى بن محمد عن قول أبي بكر قد اختارك على غيرك فروى له عن أبيه ان خالد بن سعيد لما عزله أبو بكر كتب إليه اي الامراء أحب إليك فقال ابن عمي في قرابته وهذا في ديني فاستحب ان يكون مع شرحبيل بن حسنة اه‍. وذلك لما يعلمه من عداوة يزيد له وان شرحبيل أخف وطأة عليه منه. سادسا ان الطبري بعد ما ذكر قتله ابنه وانهزامه حتى بلغ ذا المروة بقرب المدينة ثم دخوله المدينة لم يذكر ما جرى له بعد ذلك ولكنه ذكر ارسال أبي بكر يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل وأبا عبيدة وعمرو بن العاص ووصلهم إلى الشام ونزول الروم  بثنية جلق في سبعين ألفا قال فكتب عمرو بن العاص إلى أبي بكر يذكر له أمر الروم ويستمده وخرج خالد بن سعيد بن العاص وهو بمرج الصفر من ارض الشام في يوم مطير يستمطر (5) فتعاوى عليه أعلاج الروم فقتلوه اه‍. وهو يدل على أنه كان مع الجيش الموجه لحرب الروم وفتح الشام وقال أيضا كان شرحبيل على كردوس ومعه خالد بن سعيد وهو يدل أيضا على وجوده في فتح الشام لكن لم يسبق في كلامه ذكر لذلك. ثم قال ثم كانت مرج الصفر استشهد فيه خالد بن سعيد بن العاص أتاهم أربعة آلاف وهم غارون فاستشهد خالد وعدة من المسلمين فكلامه الأول يدل على أنه تعاون عليه أعلاج الروم فقتلوه وكلامه الثاني يدل على أنه استشهد بهجوم أربعة آلاف عليهم وهم غارون ثم قال وقيل إن المقتول في هذه الغزوة ابنه وان خالدا انحاز حين قتل ابنه وذكر نحوه ابن الأثير على عادته.
ومما مر يعلم وقوع التشويش في كلامهم في هذه القصة والذي ينبغي ان يكون هو الصواب ان أبا بكر امره في حرب الروم فمنعه عمر فعزله بعد ما امره وأمره في حروب الردة فمنعه عمر أيضا فبعثه في جيش إلى تيماء وأمره بالمقام هناك ليكون ردءا ويكون بمنزلة تبعيده ولذلك لم يعارض فيه عمر وتخاذل عنه من ذهبوا لنجدته فقتل ابنه ورجع هو إلى المدينة وفرق جيشه بين شرحبيل ومعاوية ثم ارسل إلى الجيش الموجه لغزو الروم تحت راية شرحبيل فقتل بعد ما قتل ابنه فلم يبق له نسل.
مقتله مر الخلاف في قتله انه كان بأجنادين أو بمرج الصفر وقال ابن عساكر هذا صحيح ما قيل في موضع شهادته وكان يقول وهو يقاتل:
هل فارس كره القتال يعيرني * رمحا إذا نزلوا بمرج الصفر

وروى ابن سعد في الطبقات عن الواقدي بسنده: شهد خالد بن سعيد فتح أجنادين وفحل ومرج الصفر وقتل بأجنادين وكانت أم الحكيم بنت الحارث بن هشام تحت عكرمة بن أبي جهل فقتل عنها بأجنادين فاعتدت أربعة أشهر وعشرا وكان يزيد بن أبي سفيان يخطبها وكان خالد بن سعيد يرسل إليها في عدتها يتعرض للخطبة فحطت إلى خالد بن سعيد فتزوجها على أربعمائة دينار فلما نزل المسلمون مرج الصفر أراد خالد ان يعرس بأم حكيم فقالت لو أخرت حتى يفض الله هذه الجموع فقال إن نفسي تحدثني اني أصاب في جموعهم فأعرس بها عند القنطرة فيها سميت قنطرة أم حكيم وأولم عليها في صبح مدخله فدعا أصحابه على طعام فما فرغوا حتى صفت الروم صفوفها وبرز رجل منهم معلم فبرز إليه أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري فنهاه أبو عبيدة فبرز حبيب بن مسلمة فقتله حبيب وبرز خالد بن سعيد فقاتل فقتل وشدت أم حبيب بنت الحارث عليها ثيابها وعدت وان عليها الردع الخلوق في وجهها فقتلت سبعة بعمود الفسطاط الذي بات فيه خالد بن سعيد معرسا بها وكانت وقعة مرج الصفر في المحرم سنة 14 اه‍.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اي بعد انقضاء وقعة بدر بمدة لأنه جاء بعد وقعة خيبر وبينها وبين بدر سنة.
(2) أسف خالد على عدم شهوده وقعة بدر لأنه كان يومئذ بالحبشة فجبر النبي " ص " قلبه بان للناس هجرة واحدة من مكة إلى المدينة ولهم هجرتان من مكة إلى الحبشة ومن الحبشة إلى المدينة.
(3) لفظ الحديث في الطبقات المطبوع فيه نقصان بعض الكلمات والتصحيح من المستدرك.

(4) الذي في الأصل يستمطر، ولعل صوابه: يتمطر اي يتنزه غب المطر. المؤلف.

(5) الذي في الأصل يستمطر ولعل الصواب يتمطر اي يتنزه عقيب المطر كما مر في الحاشية السابقة. - المؤلف -




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)