أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-10
1406
التاريخ: 27-08-2015
1970
التاريخ: 7-10-2014
1958
التاريخ: 2023-09-26
1116
|
يظهر من الشيخ الصدوق أنّ إنكار سهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان شعار الغلاة والمفوّضة ، قال في كتابه « من لا يحضره الفقيه » : إنّ الغلاة والمفوّضة ينكرون سهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويقولون : لو جاز أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ ، لأنّ الصلاة عليه فريضة كما أنّ التبليغ عليه فريضة.
ثم أجاب عنه بقوله : وهذا لا يلزمنا ، وذلك لأنّ جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها ما يقع على غيره ... فالحالة التي اختص بها هي النبوة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة ، لأنّها عبادة مخصوصة ، والصلاة عبادة مشتركة ، وبها تثبت له العبودية ، وبإثبات النوم له عن خدمة ربّه عزّ وجلّ من غير إرادة له وقصد منه إليه ، نفي الربوبية عنه ، لأنّ الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله الحي القيّوم ، وليس سهو النبي كسهونا ، لأنّ سهوه من الله عزّ وجلّ ، وإنّما أسهاه ليعلم أنّه بشر مخلوق فلا يتخذ ربّاً معبوداً دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا عن الشيطان ، وليس للشيطان على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ سلطان { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ }[ النحل : 100] وعلى من تبعه من الغاوين.
ثم نقل عن شيخه محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( المتوفّى 343 ه ) انّه كان يقول : أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (1).
وحاصل كلامه : انّ السهو الصادر عن النبي إسهاء من الله إليه لمصلحة ، كنفي وهم الربوبية عنه ، وإثبات انّه بشر مخلوق ، وإعلام الناس حكم سهوهم في العبادات وأمثالها وأمّا السهو الذي يعترينا من الشيطان فإنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) منه بريء ، وهو منزّه عنه ، وليس للشيطان عليه سلطان ولا سبيل.
ومع ذلك كلّه ، فهذه النظرية مختصة به ، وبشيخه ابن الوليد ، ومن تبعهما كالطبرسي في « مجمعه » على ما سيأتي; والمحقّقون من الإمامية متفقون على نفي السهو عنه في أُمور الدين حتى مثل الصلاة.
قال المفيد : أقول إنّ الأئمّة القائمين مقام الأنبياء (عليهم السلام) في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام معصومون كعصمة الأنبياء ، وانّه لا يجوز منهم سهو في شيء في الدين ، ولا ينسون شيئاً من الأحكام ، وعلى هذا مذهب سائر الإمامية إلاّ من شذّ منهم وتعلّق بظاهر روايات لها تأويلات على خلاف ظنّه الفاسد من هذا الباب ، والمعتزلة بأسرها تخالف في ذلك ويجوّزون من الأئمة وقوع الكبائر والردّة عن الإسلام (2).
وقال في شرحه على عقائد الصدوق : فأمّا نص أبي جعفر (رحمه الله) بالغلو على من نسب مشايخ القمّيين وعلمائهم ( الذين جوّزوا السهو على النبي ) إلى التقصير ، فليس نسبة هؤلاء القوم إلى التقصير علامة على غلو الناس ، إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصّراً ، وانّما يجب الحكم بالغلو على من نسب المحقّقين إلى التقصير سواء أكانوا من أهل قم أم من غيرها من البلاد ومن سائر الناس ، وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد (رحمه الله) لم نجد لها دافعاً وهي ما حُكي عنه انّه قال : أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام (عليه السلام).
ثم إنّ الشيخ المفيد لم يكتف بهذا القدر من الرد بل ألّف رسالة مفردة في ردّه ، وقد أدرجها العلاّمة المجلسي في « بحاره » (3).
وعلى هذا الرأي استقر رأي الإمامية ، فقال المحقّق الطوسي : وتجب في النبي العصمة ليحصل الوثوق ... وعدم السهو.
وقال العلاّمة الحلّي في شرحه : وان لا يصح عليه السهو لئلاّ يسهو عن بعض ما أُمر بتبليغه (4).
وقال المحقّق الحلّي في « النافع » : والحق رفع منصب الإمامة عن السهو في العبادة (5).
وقال العلاّمة في « المنتهى » في مسألة التكبير في سجدتي السهو : احتج المخالف بما رواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : قال : ثم كبّر وسجد.
والجواب : هذا الحديث عندنا باطل ، لاستحالة السهو على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقال في مسألة أُخرى : قال الشيخ : وقول مالك باطل ، لاستحالة السهو على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (6).
وقال الشهيد في « الذكرى » : وخبر ذي اليدين متروك بين الإمامية ، لقيام الدليل العقلي على عصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن السهو ، لم يصر إلى ذلك غير ابن بابويه (7).
هذا هو الرأي السائد بين الإمامية ، ولم يشذّ عنهم أحد من المتأخّرين سوى أمين الإسلام الطبرسي في « تفسيره » حيث قال : وأمّا النسيان والسهو فلم يُجْوّزوهما عليهم فيما يؤدّونه عن الله تعالى ، وأمّا ما سواه فقد جوّزوا عليهم أن ينسوه أو يسهوا عنه ما لم يؤدّ ذلك إلى إخلال بالعقل (8).
وأمّا غيره ، فلم نجد من يوافقه ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى المصادر المذكورة في الهامش.
وقد قام (9) العلاّمة المجلسي بإيفاء حق المقام في « بحاره » (10).
__________________
(1) من لا يحضره الفقيه : 1 / 232.
(2) أوائل المقالات : 35.
(3) راجع البحار : 17 / 122 ـ 129.
(4) كشف المراد : 195.
(5) النافع : 45.
(6) منتهى المطلب : 418 ـ 419.
(7) الذكرى : 215.
(8) مجمع البيان : 2 / 317.
(9) حق اليقين في معرفة أُصول الدين : للسيد عبد الله شبر : 1 / 124 ; مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار ، له أيضاً : 2 / 134 ـ 142 ; تنزيه الأنبياء للسيد المرتضى ; منهج الصادقين : 3 / 393 ، و 5 / 346.
(10) لاحظ البحار : 17 / 97 ـ 129.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|