المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



صراع بين الايمان والعاطفة  
  
3106   01:21 مساءً   التاريخ: 7-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص309-310.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

كان عبد الله ابن عبد الله بن ابي من فتيان الإسلام الشجعان، ومن فرسانه البواسل، وكان ـ كما تقتضيه تعاليم الإسلام ـ يبر بأبيه المنافق أكثر من غيره، ولكنه عند ما عرف بما تفوّه به أبوه في شأن رسول الله (صلى الله عليه واله) وظن أن رسول الله (صلى الله عليه واله) سيقتل أباه جاء الى النبي (صلى الله عليه واله) وقال : يا رسول الله انه قد بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن ابي ، فيما بلغك عنه فإن كنت لا بدّ فاعلا فمرني به فانا أحمل إليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبرّ بوالده مني، وإني أخشى أن تامر به غيري، فيقتله فلا تدعني نفسي انظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فاقتله، فأقتل ( رجلا ) مؤمنا بكافر فأدخل النار!!

إن حديث هذا الفتى يعكس ـ في الحقيقة ـ أعظم تجليات الإيمان وآثاره في النفس، والروح الانسانية.

لماذا لم يطلب من النبي (صلى الله عليه واله) أن يعفو عن أبيه؟! لأنّه كان يعلم أن ما يفعله رسول الله (صلى الله عليه واله) إنما هو بأمر الله تعالى، ولكن ابن عبد الله كان يرى نفسه في صراع روحيّ حادّ.

فمن جانب كانت تدعوه عواطف البنوة والابوّة والأخلاق العربيّة أن ينتقم ممّن يقتل أباه، ويسفك بالتالي دم مسلم.

ومن جانب آخر توجب عوامل اخرى مثل ضرورة استتباب الأمن والطمأنينة في البيئة الاسلامية أن يقتل رأس المنافقين ابن أبي ، انه صورة من صور الصراع بين مقتضى الايمان، ومقتضى العاطفة.

ولقد اختار عبد الله بن عبد الله بن ابي طريقا ثالثا في هذا الصراع، يضمن مصالح الإسلام من جهة، ويحافظ على مشاعره من أن تجرح على أيدي الآخرين من جهة اخرى، وذلك بأن يكون هو الذي ينفّذ حكم الاعدام في أبيه المنافق المشاغب.

وهذا العمل وان كان شاقا مؤلما إلاّ أن قوة الايمان بالله والتسليم لأمره سبحانه كانت تفيض عليه قدرا كبيرا من الطمأنينة والسكون.

ولكن النبي الرحيم (صلى الله عليه واله) قال ردا على سؤال واقتراح عبد الله بن عبد الله بن أبي : بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا !!!

وهذا الكلام الذي يكشف عن سمو أخلاق النبيّ (صلى الله عليه واله) ومبلغ رحمته، أدهش المسلمين جميعا فتوجهوا باللوم والعتاب الحادّ إلى المنافق عبد الله بن أبي ، ولحقه بسبب ذلك ذل شديد بين الناس ما وراءه ذل، وهوان ما وراءه هوان، واحتقره الناس حتى انه لم يعد أحد يعبأ به، ويقيم له وزنا.

لقد علّم رسول الله (صلى الله عليه واله) المسلمين في هذه الحوادث دروسا مفيدة جدا، وأظهر جانبا من سياسة الاسلام الحكمية، والرشيدة.

فقد تحطم عبد الله بن أبي  رئيس المنافقين بعد هذه الحادثة، ولم يعد له أي دور، بل عاش بقية حياته مهانا محتقرا بين الناس بعد أن رأى الناس إيذاءه المستمر لرسول الله، وعفو النبي (صلى الله عليه واله) عنه، واغضاءه عن مساوئه.

وقد قال رسول الله (صلى الله عليه واله) لعمر بن الخطاب ذات يوم حين بلغه احتقار الناس لابن ابي ذلك الاحتقار، وسقوط محله في القلوب : كيف ترى يا عمر، أما والله لو قتلته يوم قلت لي : اقتله، لارعدت له انف، لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته.

فقال عمر : قد والله علمت لأمر رسول الله (صلى الله عليه واله) أعظم بركة من أمري.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.