أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-5-2017
844
التاريخ: 21-11-2016
705
التاريخ: 27-5-2017
696
التاريخ: 21-11-2016
965
|
استولى أبو مسلم على خراسان، فاستعمل عليها عماله، ثم وجه أبا عون في ثلاثين ألفا إلى مروان، فلما بلغ مروان الخبر خرج حتى أتى حران، فتخمل بعياله وبناته وأهله، وقد كان يتعصب قبل، فجفا أهل اليمن وأهل الشام وغيرهم، وقتل ثابت بن نعيم، والسمط بن ثابت، وهدم مدائن الشام، وتحول إلى الجزيرة. قال اسماعيل بن عبد الله القسري: دعاني مروان فقال: يا أبا هاشم وما كان يكنينى قبلها، قد ترى ما حل من الامر وأنت الموثوق به، ولا مخبأ بعد بؤس، ما الرأي ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين على ما أجمعت ؟ قال: على أن أرتحل بموالي وعيالي وأموالي، ومن تبعني من الناس حتى أقطع الدرب، ثم أميل إلى مدينة من مدائن الروم، فأنزلها، وأكاتب صاحب الروم، وأستوثق منه، فما يزال يأتيني الخائف والهارب حتى يلتف أمرى. قال إسماعيل: وذلك والله الرأي. فلما رأيت ما أجمع عليه، ورأيت سوء آثاره في قومي، وبلائه القبيح عندهم، قلت له: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا الرأي، أن تحكم فيك أهل الشرك، وفي بناتك وحرمك، وهم الروم لا وفاء لهم، ولا تدرى ما تأتى به الايام، فإن أنت حدث عليك حادث بالروم، ولا يحدث إلا خير، ضاع أهلك من بعدك، ولكن اقطع الفرات، ثم استدع الشام جندا جندا، فإنك في كنف وجماعة وعزة، ولك في كل جند صارم يسيرون معك، حتى تأتى مصر، فإنها أكثر أرض الله مالا ورجالا، ثم الشام أمامك، وأفريقيه خلفك، فإن رأيت ما تحب انصرفت إلى الشام، وإن كانت الاخرى مضيت إلى أفريقية. قال: صدقت، ثم استخار الله وقطع الفرات، فمر بكور من كور الشام، فوثبوا عليه، فأخذوا مؤخر عسكره فانتهبوه، ثم مر بحمص فصنعوا له مثل ذلك، ثم مر بأهل دمشق فوثبوا عليه، ووثب به الوليد بن معاوية، وكان عامل مروان على دمشق، ثم مضى إلى الاردن، فوثب به هاشم بن عمر، ثم مر بفلسطين فوثب به الحكم، ثم مضى إلى مصر فاتبعه الحجاج بن زمل السكسكي. فقيل له: أتتبعه وقد عرفت بغضه لقومك ؟ فقال: ويحكم إنه أكرمني لمثل هذا اليوم لآخذ له، وتبعه أيضا أبو سلمة الخلال وثعلبة بن سلامة، وكان عامله على الاردن، وتبعه أيضا الرماحس فقال: إنى لأسير مع مروان حيث جزنا فلسطين. فقال: يا رماحس (1) انفرجت عنى قيس انفراج الرأس ما تبعني منهم أحد، وذلك أنا وضعنا الامر في غير موضعه، وأخرجناه من قوم أيدنا بهم، وخصصنا به قوما، والله ما رأينا لهم وفاء ولا شكرا. تولية أبى مسلم قحطبة بن شبيب قتال مروان قال: وذكروا أن الهيثم بن عدي أخبرهم عن رجال أدركوا الدولة وصحبوا أهلها. قالوا: لما استولى أبو مسلم على خراسان، وولى قحطبة الطائي قتال مروان بن محمد، وبعث معه ثلاثين ألفا من رجال اليمن وأهل الشيعة، وفرسان خراسان، وخرج مروان وهو يريد أبا مسلم بخراسان، ومعه مئة ألف فارس سوى أصحاب الحمولة، فهرب من بين يديه أبو العباس، وأبو جعفر، وعيسى بن علي بن عبد الله بن عباس، فلحقوا بالكوفة، فبعث أبو العباس إلى أبى سلمة الخلال، واسمه حفص بن سليمان، وكان واليا لإبراهيم بن محمد على الشيعة بالكوفة فأمره إن بلغه أمر فيه قوة لابي مسلم بخراسان أن يظهر أمره بالكوفة، ويدعو إليه، ويناهض صاحب الكوفة، ففعل ذلك أبو سلمة، فلما غلظ أمر أبى مسلم بخراسان، واستولى عليها، وبعث الجيوش إلى مروان أظهر أمره بالكوفة، وطرد عامل الكوفة، فخرج هاربا.....
حرب مروان بن محمد وقتله :
وذكروا أن قحطبة بن شبيب، لما انتهى إلى بعض كور الشام، التقى بمروان فقاتله، فانهزم مروان، فأقحم قحطبة في طلب مروان فرسه في الفرات، فحمله الماء، فمات فيه، وقد أصاب أهل عسكر قحطبة من أموال مروان، وأمتعة عسكره ما لا يحصى كثرة، فتناول اللواء حميد بن قحطبة، وعبر الفرات حتى أتى الشام، فقيل له: إن مروان ترك الطريق إلى دمشق وذهب صالح بن عبد الله بن عباس، وكان بناحية من الشام، وقد اجتمع إليه الناس لما علموا من قرابته لامير المؤمنين، فلما اجتمع مع حميد بن قحطبة سلم إليه الامر، وقال الناس: إنه خرج بإظهار الدعوة لابي العباس من غير أمره، فلما سلم الامر إلى صالح بن علي، أتاه كتاب أبى مسلم، أن يرجع ابن قحطبة ببعض عساكره إلى العراق، فيكون فيها حتى يأتيه أمره، فأتى صالح بن علي كتابه بأنه قد صير إليه الشام، وما وراءها إلى المغرب، ويأمره فيه ببعثه الجيوش في طلب مروان، فولى صالح بن على رجلا من الازد، يقال له أبو عون على مصر، وأمره بطلب مروان في أرض المغرب، وبعثه في عشرين ألفا، وكان سليمان بن هشام بن عبد الملك قد نافر مروان بن محمد، وقاتله مرارا قبل أن يشتد أمر أبى مسلم، فسار إليه في أربعة آلاف، وذلك بعد خروج قحطبة من عند أبى مسلم، فنزل به سليمان، وكانت بينه وبين أبى العباس مودة قديمة، فبايع أبا مسلم على طاعة أبى العباس، فسر به أبو مسلم وشيعته، ثم سيره في طلب قحطبة ممدا له، وقد قاتل مروان قحطبة قبل قدوم سليمان بيومين، فلما نظر مروان إلى دخول سليمان ابن هاشم في عسكر قحطبة، وكثرة من جاء معه انهزم، فمضى سليمان مع حميد بن قحطبة في طلبه، ولم يكن مروان انهزم عنه غلبة، ولكنه كان نظر في كتب الحدثان، فوجد فيها أن طاعة المسودة (2) لا تجاوز الزاب (3)، فقال ذلك لوزرائه. فقيل له: إن بمصر زابا آخر. قال: فإليها نذهب إذا، والزاب الذى أراد علمه هو بأرض المغرب، فأقبل مروان وهو يريد مصر، فالتقت الخيل، فانهزمت خيل أبى عون، وأسر جماعتهم وصاحب أمرهم، فأتى مروان بالأسارى، فقال مروان لجماعته: شدوا أيديكم بالأسرى، فقد أجننا الليل، وبات مسرورا. فلما أصبح جعل يهنئ أصحابه للقاء القوم، فأقبل سليمان بن هشام، وأبو عون وكان مروان قد
أرخى حبال الجسر، وتوسط أصحابه فيما هنالك وهم آمنون. فقال أبو عون للقبط (4): هل لهذا النهر من مخاضة، فقالوا له: ما علمنا ذلك، ولا بلغنا أن أحدا خاضه قط، فقطع عما قصد وأراد. فكتب إلى صالح بن علي بذلك، ويسأله أن يبعث إليه بمراكب ساحل البحر عاجلا، فبينما هو في ذلك، إذ أتاه رجل من القبط فقال له: إن أبى كان يقرأ الكتاب، وكان يحدثنا بأمور تكون بعده، ويصف لنا موضعا يجعله الله لكم تخوض فيه الخيل عند تلك الامور، وقد اختبرت ذلك الليلة، فسر بذلك أبو عون، ثم بعث معه الخيل إلى ذلك الموضع، بعد أن وصله ووعده خيرا وكان مروان نظر إلى الرايات السود بناحية مصر، ونظر إلى الخيل تعدو النهر، ولا يشك أنهم لا يجدون سبيلا إلى عبوره، فلم ينشب أهل عسكر مروان أن نظروا إلى خيل أبى عون قد جاوزت النيل، فعبأ مروان أصحابه وأهل بيته، ثم خطبهم وحضهم على الصبر.
وقال لهم: إن الجزع لا يزيد في الاجل، وإن الصبر لا ينقص الاجل وأقبل القوم فاقتتلوا من وقت صلاة الصبح إلى أن مالت الشمس، فأصيب عبد الله ومحمد ابنا مروان وبنو أبيه أكثرهم، وولد عبد العزيز، وصابر القوم، فلما لم يبق حوله إلا قدر الثلاثين، حمل على القوم فأكردهم (5) ورجع، فجعل أصحابه يفترقون عنه. فلما رأى ذلك نزل عن فرسه وأنشأ يقول متمثلا:
ذل الحياة وهول الممات *** وكـــــلا أراه وخيمـــــــا وبيلا
فــإن كان لابد من ميتة *** فسيرى إلى الموت سيرا جميلا
فوثب رجل إلى فرسه فأخذه. فقال له مروان: أكرمه فإنه أشقر مروان. ثم كسر غمد سيفه، وقاتل قتالا شديدا، ثم أصيب، فنزل أبو عون، فأمر بضرب قبابه، وأمر سليمان ابن هشام بطلب المنهزمين، حتى أصيب عامتهم واستأسر منهم من استأسر، وكان فيمن أسر منهم عبد الحميد كاتبه، وحكم المكي مؤذنه، فاستبقاهما أبو عون، وبعث بهما إلى صالح بن علي، ثم أمر أبو عون بطلب جثة مروان على شاطئ النيل. فلما كان من الغد: ركب أبو عون وسليمان ابن هشام لينظرا مروان، فنظرا إليه، ثم تحول أبو عون إلى سليمان. فقال: الحمد لله الذى شفى صدرك قبل الموت من مروان، فهل لك يا أبا أيوب أن تذهب إلى أمير المؤمنين بكتابي وبما هيأ الله على يديك وشفا به صدرك، فيفعل بك خيرا، ويعرف من قرابتك ونصحك ما أنت أهله ؟ فرضى بذلك سليمان، فكتب وسار.
______________
(1) الرماحس بضم الراء وكسر الميم: الشجاع المجترئ.
(2) المسودة: العباسيون لان شعارهم كان لبس الاسود.
(3) الزاب: نهر بالموصل ونهر بإربل ونهر بين سوراء وواسط، ولكنهم يطلقون الزاب هنا على مطلق النهر، بدليل قولهم إن بمصر زابا آخر وليس بمصر غير النيل.
(4) القبط: أهل مصر الاصليون.
(5) اكردهم: طردهم وجعلهم يجرون أمامه
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|