أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-3-2022
2013
التاريخ: 19-6-2016
2476
التاريخ: 2023-03-07
1096
التاريخ: 7-6-2018
1894
|
لو عدنا مئة سنة إلى الوراء لوجدنا ان علاقة التحصيل العلمي المرموق بكسب الرزق لم تكن واضحة بالقدر الكافي؛ بسبب شيوع الأمية وضعف مساهمة المعرفة في المنتجات المختلفة اما اليوم فقد اصبح التزود بالمزيد من المعارف والخبرات واكتساب المزيد من المهارات، وهو المدخل الوحيد لرقي الافراد والاسر والشعوب، ومن هنا فان عدم امتلاك الطفل لدافع قوي إلى تحصيل علمي جيد، هو عبارة عن مشكلة كبرى لأسرته، واعتقد جازما ان مغادرة طفل في الصف الخامس الابتدائي للمدرسة والدراسة يلحق به من الاذى والاضرار بمستقبله ما يزيد على قطع يده او فقده للسمع بإحدى اذنيه.. ولهذا فاني اهيب بالآباء والامهات ان يولوا مسألة تفوق ابنائهم في الدراسة ومسالة اكمال تعليمهم إلى نهاية السلم كل اهتمامهم وعنايتهم، وأحثهم على ان يكونوا كرماء في البذل في تدريس ابنائهم في افضل المدارس المتاحة، واود ان اؤكد قبل كل شيء على ان رغبة الاطفال في التفوق الدراسي ومواصلة التعليم، تصنع صناعة من قبل الاسر المهتمة والحريصة على مستقبل ابنائها؛ ولهذا فان اعراض الاطفال عن تحصيل العلم هو ثمرة للبيئة المريضة والسيئة التي نشؤوا فيها، او ثمرة للمدارس الضعيفة والمتهالكة التي ينتسبون اليها.
ـ ما المقصود بضعف الرغبة في الدارسة ؟
كثيرا ما تختلط الرغبات والدوافع، فنعبر ببعضها عن البعض الاخر، ومن حيث المبدأ فان جميع الصغار والكبار يتمنون لأنفسهم التفوق والنجاح والبروز الاجتماعي، لكن الامنيات والاحلام تظل اقرب إلى الاوهام ما لم تتحول إلى رغبات مقلقة، وتتحول إلى دوافع محركة؟ الدوافع هو طاقة كامنة لدى الطفل تحركه في اتجاه سلوك معين، ان الطفل في حاجة إلى دافع كي يسعى إلى التحصيل العالي وكي يؤدي متطلبات التفوق الباهر، وهو بحاجة إلى دافع يجعل سعيه في سبيل ذلك مستمراً، وكل منا قد رأى الأطفال مندفعين إلى تحصيل العلم في السنوات الاربع من دراستهم الابتدائية، وبعدها اخذت عزائمهم تفتر، واخذت درجاتهم في المواد الدراسية المختلفة في الانخفاض، وما ذلك الا لأنهم فقدوا الطاقة التي تحملهم على بذل الجهد من اجل تعلم جيد ومثمر.
ـ مظاهر ضعف الرغبة في الدراسة :
1- رسوب الطفل في جميع المواد ورسوبه في مادتين فاكثر على نحو مكرر.
2- تباطؤ الطفل في كتابة الواجبات المدرسية؛ حيث يشكو كثير من الاباء والامهات من ان اطفالهم لا يقومون بأداء ما طلبه منهم معلموهم الا بعد الالحاح والمتابعة، وحين يقومون بذلك فانهم يظهرون الكثير من التبرم والضيق، ويضاف إلى هذا الاداء الناقص للوظيفة، وكم من طالب يكلف بحل خمسة تمارين في مادة الرياضيات، فيحل اثنين او ثلاثة، ويترك الباقي !
3- الحصول على درجات متدنية في ثلاثة مواد فاكثر.
4- البحث عن اعذار تتيح له الغياب عن المدرسة؛ فالطفل غير الراغب في الدراسة يتعلل يوما بألم في ضرسه ويوما بوجع في معدته، وفي يوم ثالث يقول : سمعت ان المدرس لن يحضر اليوم، ويدعي في يوم رابع ان لدى المدرسة حفلا، ولن يكون مطلوبا من أي طالب كتابة أي
واجب...
5- احيانا يكون ذكاء الطفل عادياً، وان تكون الدراسة في المدرسة التي يدرس فيها سهلة وقليلة الاعباء ومن ثم فان الطفل ينجح بتفوق من غير ان يظهر لديه أي رغبة في المطالعة او تعلق بالكتاب، وهذا الامر لا يزعج الاهل في العادة لكنه يرسل بإرشادات سلبية؛ حيث ان الشغف بالتعلم والحصول على المعارف شرط للتفوق الباهر.
ـ كيف نعالج ضعف الرغبة في الدراسة ؟
1- من المهم ان اؤكد المرة تلو المرة على ان الرغبة في التعبد وعمل الخير وطلب العلم.. تصنع صناعة من قبل الاسرة، ويكتسبها الاطفال من اسرهم ومعلميهم.. وانما اؤكد على هذا المعنى ليعلم الاباء والامهات ان ضعف الدافعية لدى ابنائهم إلى التعلم والتفوق في الدراسة هو ـ في الغالب - بسبب تقصيرهم في توجيه ابنائهم او بسبب اخطاء ارتكبوها خلال تربيتهم لهم.
2- الجو الاسري المحفز على التعلم قد يكون اهم ما على الاسر توفيره، وقد شرح احد الفتيان اسباب حصوله على المركز الاول في الثانوية العامة على مستوى القطر، فقال: ان الانجاز الذي حققته كان مفاجئا بالنسبة لي وقد لحظت فيه توفيق الله ـ تعالى - وانا لم اكن في الحقيقة سوى المخرج لعمل بطولي قام به ابي وامي واختي الكبيرة، لأنهم جميعا بذلوا جهوداً عظيمة في سبيل توفير بيئة تجعل النجاح امراً غير وارد نهائياً، واذا اردتُ ان اذكر عناوين صغيرة لتلك الجهود، فسأقول الاتي :
أ- كان ابي منذ كنت في الخامسة من عمري يردد على سمعي موعظة احد الحكماء لأبنائه : يا بني اذا اردتم الدنيا، فعليكم بالعلم، واذا اردتم الاخرة، فعليكم بالعلم، وكان لا يضيع أي فرصة لبيان فضل العلم واهله، وكان اخو جدي واحدا من كبار الاطباء، وكان ابي كثيرا ما يقول لي: انت ستكون مثله؛ بل ان امامك فرصة لان تكون اشهر منه؛ ولهذا فحين انتقلت إلى المرحلة المتوسطة اخذت اهتم اكثر واكثر بالتفوق، والحلم الذي يلوح امامي هو دخول كلية الطب، وقد حصلت على ذلك بحمد الله.
ب- كانت اسرتي تشعرني انها مستعدة دائما لتأمين كل ما احتاجه من مال من اجل دراستي، وقد اعطاني ابي مبلغاً كبيرا من المال، وانا في السنة الثانية من المرحلة الثانوية حتى احضر المواد المطلوبة لاختراع كنت اشتغل عليه، وكانت امي تقول لي باستمرار: لا تفكر في تكاليف الدراسة مطلقا فكل ما املك من حلي سيكون تحت تصرفك عند الحاجة.
ت- لا استطيع ان انسى ابدا كيف كانت امي تلغي مواعيد زيارة قريباتها وصديقاتها كلما عرفت ان لدي اختبارا في اليوم التالي، اما اختي الكبرى، فقد كانت تقول لي : ما اخبار ابن سينا ؛ تشجيعا وتحفيزاً لعلي اصبح طبيباً مرموقا مثله، ولا احصي المرات التي فاجأتني بها بقطعة حلوى او كأس من الشاي.. انها فعلا امي الثانية !
ث- كنت اشعر في بداية مرحلة المراهقة بان مادة الجغرافيا جافة جدا وصعبة، وكنت اتحدث عن ذلك امام والدي كثيراً، وكنت فعلا اخاف من الرسوب في تلك المادة، وهذا ما حدث فعلا، وكان تأثير ذلك علي كبيراً جداً؛ وذلك لشعوري بانني خذلت اهلي وخيبت امالهم فيَّ؛ اذ لم يكن احد يتصور ان ارسب في أي مادة من المواد، وكان موقف والدي يثير الاعجاب؛ حيث قال لي حين سمع بنتيجة الامتحان : كنت اود الا يحدث ما حدث، لكن كن على ثقة ان هذا الرسوب هو شيء عابر في حياتك، وسوف تنجح في الدور الثاني، وكأن شيئا لم يكن، واخذ والدي يذكر لي
كبوات كثير من العلماء العظام، وكيف ان كثيرين منهم كانوا مخفقين في بعض جوانب حياتهم،
وقد لاحظت ان ابي كان يريد حمايتي من الاحباط ، وقد نجح في ذلك.
3- حين يجد الاب ان ابنه لا يرغب في الاستمرار في الدراسة، او يجد ان تحصيله العلمي ضعيف مقارنة بزملائه فان عليه الا يكتفي بحثه على بذل المزيد من الجهد؛ بل عليه ان يبحث فيما اذا كان ذلك لسبب نفسي او جسمي، فقد يكون سمع الطفل ضعيفاً، وقد يكون في حاجة إلى نظارة، وقد يكون بطيء الفهم، فلا يستطيع في كل هذه الحالات متابعة المدرسين، وقد يكون لديه نوع من عيوب الكلام؛ مثل : (التأتأة) وقد يكون لديه حياء شديد مما يمنعه من التحدث امام زملائه.. ان معالجة هذه المشكلات يعد شرطا مهما لتقوية رغبة الطفل في التعلم ومواصلة الدراسة.
4- للمكان الذي يدرس فيه الطفل تأثير كبير في اقباله على تحصيل العلم، والحقيقة ان المدارس الممتازة دائما قليلة، والدراسة فيها مكلفة مادياً، ووضوح هذه الفكرة لدى الاباء مهم حتى يستعدوا لتعليم ابنائهم بتوفير نسبة محددة من دخلهم الشهري من اجل انفاقه على تعليم الاولاد في مدارس وجامعات ممتازة ولا اريد التوسع في هذا الموضوع الان.
لكن اود ان اشير إلى شيء واحد، هو ان المدرسة الجيدة هي المدرسة التي يتوفر فيها شيئان اساسيان: جدية في التعليم، وشعور المدرسين فيها بالرضا عن اوضاعهم واوضاع مدرستهم، وقد ثبت من مشاهدات كثيرة ان ارتفاع الروح المعنوية للإداريين والمدرسين وشعورهم بالانتماء للمكان الذي يعملون فيه، مما يثير روح التفاؤل لدى الطلاب، ويحفزهم على الاقبال على التعليم، هذا يعني ان على الاباء النظر إلى المدارس التي يسجلون فيها ابناءهم من الداخل، وليس من الخارج، والنظر إلى الانسان الذي فيها اكثر من نظرهم إلى الابنية والتجهيزات.
5- اذا كانت المدارس هي الاماكن الاساسية لتعليم ابنائنا فان لها علينا حق التواصل والمؤازرة والنصح، ولا سيما بعد التطورات الكبيرة التي طرأت على خبراتنا حول التعليم الجيد وحول الظروف الملائمة لأفضل تحصيل ممكن، فقد دلت البحوث والدراسات الكثيرة على ان استجابة الطفل لمعلميه تكون في احسن حالاتها اذا كان اسلوب التعليم مثيراً وممتعا ومشوقاً، وهذا يحتاج إلى تمتع المعلمين بلياقة عقلية وروحية عالية، ويحتاج إلى توفير مكان انيق وجميل ومكيف وثري بوسائل التعليم الحديثة.
المدارس الحكومية تحتاج إلى مساعدة الاهالي من خلال ترتيب علاقات جديدة، وتحتاج من الاهالي التواصل معها لمعرفة احوال ابنائهم.
اما المدارس الاهلية ، فنحتاج نحن عند البحث عن مدرسة لدراسة الطفل إلى التأكد من جودة المدرسة، ونحتاج ايضا إلى التفاعل والتواصل مع معلميها، تقول احدى المعلومات في مذكراتها: حين كنت ادرس لطلاب الصف الثالث الابتدائي اثار انتباهي واعجابي والدة احدى الطالبات؛ فقد كانت الطفلة يتيمة، لكن كانت تلقى من اهتمام والدتها وحرصها ما تناله طفلة حظيت بأفضل أب وافضل ام، قد كانت تلك الام الفاضلة تحضر كل جلسات مجلس الامهات، وتتصل كل اسبوعين لتسأل عن ابنتها، وتطمئن على سير دراستها ولتزودني ببعض الملاحظات، واذكر انها في احدى المرات قال لي: ابنتي كذبت علي مرتين، ولم احاول اشعارها باني اعرف كذبها، فاجوا منك معالجة ذلك معها، وقد دعتني تلك الام الفاضلة خلال سنة واحدة مرتين إلى منزلها، واكرمتني غاية الاكرام...
6- سيظل بنو البشر في حاجة ما يعزز دوافعهم إلى العمل، وان الثناء والتشجيع والمكافاة على الانجاز وعلى الكف عن بعض التصرفات السلبية من الامور التي ينبغي ان يهتم بها كل مرب سواء اكان ابا ام معلماً، احد الاباء كان يتحين الفرص ليوصل رسالة إلى ابنه بانه عزيز عليه، وانه يفكر دائما في مستقبله، كما انه يحاول الاشادة باي نجاح يحققه الطفل، ولا يكاد يقدم له مكافأة على شيء حسن فعله حتى يقدم له وعدا بمكافأة جديدة، واحيانا تكون تلك المكافاة عبارة عن هدية غير مرتبطة باي انجاز.
الطفل الصغير جدا يحتاج إلى المكافاة المادية اكثر، وكلما كبر كبرت حاجته إلى المكافاة المعنوية، وحين يدخل في مرحلة المراهقة يصبح تواصل اهله معه واحساسهم بما يعانيه افضل ما يمكنه ان يتلقاه من هدايا ومكافآت. بعض الاباء يضعون معايير عالية جداً لإنجاز ابنائهم، وقد راينا من يحصل ابنه على المركز الثالث، فلا يقدم له أي تهنئة او هدية؛ بل انه يوبخه لأنه كان يتوقع منه الحصول على المركز الأول، وهذا اسلوب خاطئ في التربية، ونتيجته قد تكون شعور الطفل بالإحباط والعجز، كافئ، وشجع وفكر بصمت كيف تكون النتائج افضل في المستقبل، وكيف يمكن مساعدة الطفل على الوصول اليها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
مكتب المرجع الديني الأعلى يعزّي باستشهاد عددٍ من المؤمنين في باكستان
|
|
|