أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-4-2017
2374
التاريخ: 11/12/2022
3959
التاريخ: 29-4-2017
2175
التاريخ: 17-2-2017
7668
|
هناك أساليب تربوية كثيرة يمكن استخدامها في تربية الأطفال وبناء شخصيته...واذا ما فشلت هذه الأساليب في إصلاح الطفل فعلينا ان نلجأ مضطرين الى أسلوب العقاب البدني والضرب، ومما لا شك فيه ان هناك بحوثاً كثيرة في تأييد ومعارضة هذا الأسلوب، فالبعض يحظر الضرب جملة وتفصيلا ويعتبره أمراً متعارضاً مع الشؤون الإنسانية واما البعض الآخر فانه يذهب الى عكس ذلك ويعتبر الضرب أفضل وسيلة على طريقة اصلاح الطفل وحتى يفرطون في استخدام هذا الأسلوب.
وعلينا التذكير في هذه الدراسة انه لا يمكننا ان نقبل كلّاً من هاتين النظرتين بشكل مطلق، فاذا ما فشلنا في اصلاح الطفل بالأساليب السابقة فانه لا حيلة لنا سوى اللجوء الى أسلوب الضرب والعقوبة البدنية وبدونه لا يمكننا ان نفعل شيئاً، ولكن الشيء المهم هنا هو ضرورة تجنب الضرب المفرط ومن غير سبب وان يجري الاستفادة منه بشكل قليل مثل الدواء وان يكون في اغلب الأحيان كالفزاعة بالنسبة للطفل.
ـ ضرورات العقاب :
الأسرة مركز لتعليم الأنظمة والضوابط، وان الطفل وبسبب عطف ومحبة والديه يرى نفسه حراً يقوم بأي عمل يشاء ويبدي عواطفه بالشكل الذي يرتئيه، ولا شك ان الوالدين وانطلاقاً من مهمتهم التربوية والدينية مجبرون على مراقبة مشاعر الطفل والسيطرة عليهما وهما يستفيدان في هذا الطريق من شتى الأساليب والفنون، واذا ما عجزت هذه الأساليب عن بلوغ الأهداف فمن اللازم اللجوء الى أساليب أكثر جدية.
ان قيام الوالدين بفرض قدرتهما وسطوتهما وصولاً الى صيانة المقررات وتعزيز الانضباط لدى الأطفال يعد أمراً ضرورياً وأساسياً ولكن شريطة ان يكون ذلك على أساس عادل ومنطقي. كما ينبغي للأولاد ان يقفوا على معنى قدرة وسطوة الوالدين لكي يطيعوهما دوماً ويتخذوا منهجاً عقلانياً في الحياة.
ويتعين على العائلة ان تبني الجوانب المعنوية والمادية للطفل وترسم له النهج الصحيح الأمر الذي يحتاج الى ممارسة الوالدين قدرتهما وسطوتهما، وان غياب القدرة لدى الوالدين ومنح الطفل الحريات غير المنضبطة والمبالغة في التأكيد على شخصيته تعد جميعها من العوامل المخربة للطفل. والجدير ذكره ان الطفل اذا ما رفض الانصياع في بعض الحالات فينبغي اللجوء الى العقوبات البدنية لإعادته الى جادة الصواب.
ـ المراحل التي تسبق العقاب :
لا تعتبر العقوبات البدنية وبعبارة أخرى ضرب الطفل الخطوة الأولى لإصلاح الطفل أو المرحلة الأولى لبناء شخصية الطفل بل ينبغي ان نطوي مراحل معينة قبل ان نصل الى هذه المرحلة. وكما ذكرنا فيما سبق ان الأساس في العملية التربوية هو اللجوء الى أسلوب المحبة والحماية والاشادة والتشجيع وإسداء النصيحة والوعظ والتذكير والتنبيه والتهديد والوعيد واللوم والحرمان والقطيعة والمصالحة لإصلاح الطفل وبناء شخصيته وإذا ما فشلت كل هذه الأساليب في اصلاح الطفل عندها نلجأ الى أسلوب الضرب.
فالوالدان ومن أجل صيانة مصالح الطفل يأمرانه بأداء مهمة ما ويطلبان منه ان ينفذ هذا الأمر، ولو رفض الطفل الانصياع الى هذا الأمر يطلبان منه بلهجة اشد ان يلبي هذا الأمر وإذا ما رفض الانصياع أيضاً عندها ينبغي التفكير بتطويعه بأسلوب آخر ومن خلال الاخذ بنظر الاعتبار الظروف التي يعيشها، فنحن من حقنا معاقبة الطفل بدنياً ولكن ما هو الهدف من وراء ذلك؟ أليس الهدف هو اصلاح الطفل بشكل حقيقي؟ وفي هذه الحالة ينبغي لنا ان نسلك الطريق الذي يترتب عليه الحد الأدنى من الخسائر والحد الأكثر من الفوائد، كما اننا سنلاحظ ان الضرب الى جانب فوائده التربوية يترك آثاراً سلبية كبيرة على الطفل رغم اننا مضطرون لتعاطي هذا الأسلوب.
ـ الآثار التربوية لهذا الأسلوب :
يعد الضرب عاملاً لجذب انتباه الطفل ووسيلة لإصلاحه وبناء شخصيته ونوعاً من التدبير التربوي البنّاء الذي ينبغي استخدامه ضمن حدود معينة، وهو يترك آثاراً سريعة قد تنجلي بسرعة أو تبقى راسخة، فتأثير الضرب ينجلي بسرعة إذا جاء من غير تدبير ومن دون مقدمات وفي المقابل تبقى آثاره راسخة اذا ما جاء عن تمهيد واعداد واجتياز المراحل اللازمة.
فالطفل الذي لم يأخذه هاجس العقوبة ولم يجرب غضب وعقوبة الوالدين أو لا يخشى العقوبة لا يعد فرداً ناضجاً، فأمثال هذا الطفل يكونون أشخاصاً أنانيين ومغرورين متخبطين يفتقرون لمنهج معين أو يختارون المنهج الذي يخدم اهواءهم وتوجهاتهم فضلاً عن انهم أناس توقعاتهم كبيرة.
العقاب البدني ليس عامل نمو يساهم في تسريع التلقي عند الطفل، فالضرب لا يقود الى رفع مستوى فهم الطفل أو دفعه الى فهم الدرس الذي لم يستوعبه، فالضرب لا يرفع مستوى كفاءة واستعداد الطفل بل هو وسيلة يقظة وتحذير للطفل وعامل محفز له للوقوف على الوضع الذي يعيشه وإعادة النظر في مستقبله.
فالعقوبة البدنية اذا كانت قائمة على أساس العدالة وبدافع خير تترك آثاراً بناءة جداً وتحفز الفرد على مراجعة افعاله وممارساته بشكل جدي، وفي غير هذه الصورة لا يترك الضرب سوى مجموعة من العقد لدى الطفل.
ـ الآثار السلبية للعقاب :
العقاب لا يترك دوماً آثاراً بناءة فكثيراً ما يساهم في تحقير الفرد وزرع العُقد في داخله وتجعله إنساناً خشناً وعنيفاً لا سيما اذا كان الضرب مقروناً بالتأنيب والاتهام وكشف العيوب والاجحاف.
فسياسة ممارسة القوة قد تكون بنّاءة في الظاهر ولكنها تساهم في زرع نزعة الغضب والانتقام عند الفرد وتبقى آثارها موسمية وغير مستقرة، فالطفل الذي لا يجد حيلة مقابل عنف المربي ويشعر انه يفتقر الى الملاذ الذي يلجأ اليه يأخذه اليأس حيالهم وحيال الحياة لأنه لا يجد سبيلاً للنجاة ويغرق بذلك في عالم من التشاؤم.
نحن نتصور ان توجيه صفعة للطفل أو الصراخ بوجهه وتهديده يساهم في معالجة اخطائه أو ان ركله وضربه يعيده الى جادة الصواب في حين ان هذا التصور هو تصور خاطئ، فهذا الأسلوب ليس فقط لا يقود الى بناء الطفل بل يدفعه في بعض الحالات الى التخطيط للانتقام وتختمر في رأسه أفكار سيئة لا تخدمه ولا تخدم مربيه.
فالعقاب لا سيما اذا قام على أساس خاطئ أو لم يكن متناسباً مع مستوى الخطأ الصادق أو قبل
تقديم التوعية اللازمة للطفل يترك آثاراً سلبية كثيرة ولذا فمن الضروري قبل ممارسة أي عقوبة بدنية دراسة عواقبها وان يقيّم المربي هل ان فوائدها أكثر ام مضارها.
ـ رد فعل الطفل :
ما هو رد فعل الطفل حيال عقاب الوالدين والمربي؟ الجواب واضح :
- قد يرى ان شخصيته مسحوقة وينعزل في زاوية ما.
- قد يبدي رد فعل ويقاوم صيانة وحفاظاً على شخصيته.
- قد يرى سبيلاً للخلاص وإنقاذ نفسه من شر ذلك.
- قد يفقد قدرته على المقاومة ويشل الانضباط السائد داخل الأسرة.
- نرى في بعض الاحيان ان الطفل يعتاد على تلقي الضرب ولكن لا يكف عن ممارسة فعالة.
- قد يفرغ عقده على رؤوس الآخرين.
- أو قد يصدر عنه رد انتقامي ويمارس أعمالاً تخريبية.
- أو قد يلجأ الى الكذب لإنقاذ نفسه.
يتعين في كل الأحوال ان تكون حدود ونوع التنبيه بالشكل الذي لا يجعل الطفل ينظر الى الضرب على انه عمل انتقامي وعدائي بل العكس ان يراه رد فعل ونتيجة لأعماله وان يتوصل الى ان لا سبيل للخلاص في المراحل اللاحقة الا بالكف عن أعماله الخاطئة.
ـ صور العقاب :
هناك صور مختلفة للعقاب فليس من الضروري ان يكون دوماً بصورة الضرب فالعقاب قد يكون بصورة منع الطفل من الممارسات الترفيهية واللعب مع الأصدقاء وما شابه ذلك وقد يكون تارة بصورة حرمان مثل قطع المصروف اليومي للطفل لعدة أيام أو حرمانه من الغذاء والمأكولات وتارة بصورة الإعلان عن سلب الثقة والحب.
فعقوبة الطفل الذي لم يكتب واجباته المدرسية هو اجباره على كتابة واجباته في الوقت المخصص للعبه كما ان عقوبة الطفل الذي ضيع لعبته جراء اهماله أو كسرها هو حرمانه من اللعب بتلك اللعبة واخيراً ان عقوبة الطفل الذي يسيء التصرف اثناء مراسم الضيافة هو حرمانه من أي برنامج ضيافة.
على كل ان الطفل ينبغي ان يرى نتيجة أعماله وعواقب ممارساته وتصرفاته السيئة واهماله. هذا وتعهد بعض الممارسات والتصريحات والتصرفات من جملة العقوبات ولكن لا يصح استخدامها فمثلاً تحقير الطفل والمبالغة في التأنيب والضرب المبرح والحقد عليه وارعابه وبث اليأس في قلبه وممارسته القوة بدون دليل وسلب الأمن منه والحرمان الشديد والمستمر و.. يترتب على كل واحدة فوائد واضرار وعلى المربي ان يقيم فوائد واضرار كل منها.
ـ حدود العقاب :
عادة العقاب يعد مهمة صعبة ويتعين ان يكون قائماً على أسس وضوابط ولذا فان بعض القرارات في هذا الاطار تترك آثاراً سيئة على الطفل وحتى ان العقوبات الشديدة تورث القساوة عند الطفل أو على الأقل تجعله يستسلم دون أي قيد أو شرط وهذا الأسلوب مناسب للعبيد أكثر مما هو مناسب للأحرار. فالعنف والحدة الزائدة عن الحد للوالدين حيال الطفل ليس انه لا يداوي جرحاً بل يزيد من قلق ورعب الطفل، هذا وان إغراق الأبوين في الوعيد قد يترك في الظاهر آثاره ولكن الطفل سيدرك بسرعة زيف ذلك وهذا في حد ذاته يعد من السنن السيئة.
نحن لا نقول بإلغاء العقوبة مطلقاً بل ندعو الى ضرورة ان يكون العقاب ذا قيمة تربوية لا ان
يكون ذا طابع مستبد ومن غير حساب، كما ينبغي ان يراعى في العقاب العدل والانصاف والاحتياط وان نميز بين ممارسة القوة وممارسة أسلوب تربوي فلا يتعين ان يكون بالصورة التي تكرس التشاؤم عند الطفل وسوء ظنه بوالديه..
ـ البعد التنفيذي له :
ينبغي مراعاة عدة نقاط عند تنفيذ العقوبة :
- يجب ان يخلو من طابع الغضب والعصبية.
- ان يكون متناسباً مع نوع الخطأ الصادر.
- ان يكون عند مستوى تحمل الطفل.
- ان يكون الأسلوب التربوي الأخير في العملية التربية.
- ان لا يفقد منفّذ العقوبة السيطرة على اعصابه.
- ان نكتفي بنوع واحد من العقاب في كل مرة.
- ان لا نخلط بين الممارسات الماضية للطفل والممارسة الحالية.
- ان نسعى الى تجنب الوقوع في الخطأ عند اجراء العقوبة.
- ان يجري تنفيذ العقوبات بالشكل الذي يساهم في دعم شعوره بالمسؤولية.
- ان يشعر الطفل انه نتيجة طبيعية لأعماله لا ان يعتبره عملاً مجحفاً يجري بدافع من الحقد.
ـ تحذير للمربي :
قال الإمام علي (عليه السلام): لا ينبغي التعامل مع الأطفال مثل جُفاة الجاهلية.
ان هذه الملاحظة تشير الى ان على الأبوين ان لا يتصورا انهما يملكان روح ودم الطفل وبإمكانهما ان يفعلا به ما يحلو لهما.
عادة ان الضرب الذي نوجهه للطفل يطفئ غضبنا قبل ان يساهم في بناء شخصيته وهذا هو خطأ كبير. فالعقاب من المنظار التربوي هو وسيلة للتوعية وليس وسيلة للانتقام والتشفي أو انزال القصاص. لا ينبغي ان يكون العقاب على نمط واحد لان الطفل لا يلبث ان يعتاد عليه وهذا هو عين الضرر لان الحالة ستكون بالشكل الذي يصبح الضرب غير موجع للطفل ولذا فهو يبادر الى القيام باي عمل دون ان يخاف عواقبه وهذا هو مدعاة لانحراف الطفل أكثر فأكثر.
هذا ومن الضروري للمربي ان يسيطر على اعصابه اثناء انزال العقوبة وقد نشاهد في بعض الأحيان ان الطفل يذهب ضحية جنون والديه ومربيه.
ـ ملاحظات مهمة :
علينا الالتفات الى بعض الملاحظات عند انزال العقاب على الطفل أهمها هي:
1ـ لا ينبغي ان يأخذ العقاب طابعاً عدائياً ومن الضروري ان يصدر حتى الضرب بدافع حب الخير للطفل.
2ـ ان نكون جادين في قراراتنا وتعاملنا مع الطفل وان لا نخشى شيئاً.
3ـ من حقنا ان نمارس العقوبة ولكن لا يحق لنا ان نعبس ونتبع عيوبه.
4ـ لا ينبغي للعقاب ان يكون فوق طاقة الطفل.
5ـ ان يكون هناك توافق بين الأبوين على ممارسة العقوبة لا ان يشكك احدهما بعمل الآخر.
6ـ ينبغي للعقوبة شانها شأن أي عمل تربوي ان تقوم على أسس وضوابط.
7ـ ان فرض السطوة والقوة اذا كان مشفوعاً بالوقار والهدوء يترك تأثيراً اكبر ويمهد أرضية
تعزيز الثقة.
8ـ ينبغي رعاية العدالة عند اجراء العقوبة.
9ـ يتيعن الاخذ بنظر الاعتبار الوضع الروحي وحال الطفل عند اجراء العقوبة والا فإنها لا تساهم في بناء شخصيته.
10ـ لا ينبغي تكرار العقوبة اذا لم يرجع الطفل عن ممارسة الخطأ بل يتعين البحث عن جذور ذلك.
11ـ هناك سبيل آخر للإصلاح غير العقاب لا بد من التفكير به.
12ـ حاول على الأقل بعد انزال العقاب كسب ود الطفل وتفريغ عقدته.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|