المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

ميوعة fluidity
23-5-2019
دعاء لوجع الصدر والبطن.
17-1-2023
الماء الكُر
27-9-2016
نظرة سريعة عن حياة العسكري "عليه السّلام"
31-5-2022
عائلة الثايرستور: المقوم السيلكوني المحكوم
2023-08-12
عبد الحسين بن علي بن محمد كمّونة.
30-7-2016


خَديجة زَوجةُ الرَّسول الاُولى  
  
3282   11:24 صباحاً   التاريخ: 18-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص259-261.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / زوجاته واولاده /

حتى قبل ذلك اليوم لم تكن حالة النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) الاقتصادية ووضعه المالي يُحسدُ عليه فقد كان بحاجة إلى مساعدة عمّه أبي طالب المالية ولم يكن شغله على النحو الّذي يكفي لضمان نفقاته من جانب وتمكينه من اختيار زوجة وشريكة حياة وتكوين عائلة من جانب آخر.

ولكن هذه السفرة إلى الشام وبخاصة على نحو الوكالة والمضاربة في أموال امرأة جليلة معروفة في قريش ( أعني خديجة ) ساعدت وإلى حدّ كبير على تثبيت وضعه الاقتصادي وتقوية بنيته المالية.

ولقد اعجبت خديجة بعظمة فتى قريش وسموّ أخلاقه ومقدرته التجارية حتّى أنها أرادت أن تعطيه زيادة على ما تعاقدا عليه تقديراً له واعجاباً به ولكنه اكتفى بأخذ ما تقرر في البداية ثم توجه إلى بيت عمه أبي طالب وقدّم كل ما أخذه من خديجة إلى عمه أبي طالب ليوسّع به على أهله.

ففرح أبو طالب بما عاين من ابن اخيه وبقية أبيه عبد المطلب وأخيه عبد اللّه وأغرورقت عيناه بالدموع وسرّ بما حقق من نجاح وما حصل عليه من ربح من تلك التجارة سروراً كبيراً واستعدّ أن يعطيه بعيرين يسافر عليهما ويتاجر وراحلتين يُصلح بهما شأنه ليتسنى له بأن يحصل على ثروة ومال يعطيه لعمه ليختار له زوجة.

في مثل هذه الظروف بالذات عزم رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) عزماً قاطعاً على أن يتخذ لنفسه شريكة حياة ويكوّن اُسرة ولكن كيف وقع الاختيار على خديجة الّتي سبق لها أن رفضت كل طلبات الزواج الّتي تقدم بها كبار الاثرياء والشخصيات القرشية مثل عقبة بن أبي معيط و أبو جهل و أبو سفيان للزواج بها؟؟! وماذا كانت العلل الّتي جمعت هذين الشخصين غير المتشابهين من حيث مستوى الحياة والثراء؟ وكيف ظهرت تلك الرابطة القوية وتلك العلاقة المعنويّة العميقة والاُلفة والمحبة بينهما إلى درجة أنَّ خديجة (سلام اللّه عليها) وهبت كل ثروتها للنبيّ (صـلى الله علـيه وآله) لينفقها في نشر الإسلام وإعلاء كلمة الحق وإرساء قواعد التوحيد وبث الدين الجديد واصبحت تلك الدار المفخمة الّتي كانت تزينها الكراسي المرصّعة والستر المطرزة المصنوعة من أغلى الأقمشة الهندية والإيرانية ملجأ للمسلمين وملتقى لانصار الرسالة؟!!

لابدَّ من البحث عن جذور هذه الحوادث في تاريخ حياة خديجة نفسها فان من المسلَّم والبديهيّ أن هذا النوع من الفداء والتفاني والإيثار لم يكن ثابتاً ليتحقق ما لم يكن لها جذور معنوية وطاهرة.

إن صفحات التاريخ لتشهد بأنّ هذا الزواج كان ناشئاً من إيمان خديجة بتقوى عزيز قريش وفتاها الامين محمَّد وطهره وحبها الشديد لعفته وكرم أخلاقه ولهذا قال النبيّ الأكرم (صـلى الله علـيه وآله) في حقها : أفضل نساء الجنة أربع : خديجة ... .

إنها أول إمرأة آمنَتْ برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله).

فقد قال علي أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) : في خطبته الّتي يشير فيها إلى غربة الإسلام في مبدأ البعثة النبوية الشريفة : لَمْ يَجمَعْ بَيْتٌ واحِدٌ يَوْمَئذ في الإسْلام غَيرَ رَسُول اللّه وَخَديجَة وأَنا ثالِثُهما .

ويكتب إبن الأثير قائلا : إنّ عفيف الكندي كان إمرأً تاجراً قدم مكة أيام الحج فرأى رجلا قام تجاه الكعبة يصلّي ثم خرجت امراةٌ تصلّي معه ثم خرج غلامٌ فقام يصلي معه فمضى يسأل العباسَ عمَّ النبيّ عن هؤلاء وعن هذا الدين فقال العباس : هذا محمَّد بن عبد اللّه ابن أخي زعم أن اللّه ارسله وهذه امرأته خديجة آمنت به وهذا الغلام علي بن أبي طالب آمن به وأيمُ اللّه ما أعلم على ظهر الأَرض أحداً على هذا الدين إلاّ هؤلاء الثلاثة .. .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.