المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



ايمان جده عبد المطّلب  
  
3449   10:35 صباحاً   التاريخ: 18-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص287-291.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / آبائه /

أما عبد المطلب كفيل النبيّ الأوَّل فلا ننسى أنه عند ما قصد أبرهة هدم الكعبة في جيش الفيل نزل في جوف الليل إلى الكعبة وأخذ بحلقة بابها يَدْعوا اللّه ويقول مناجياً اللّه سبحانه.

اللّهم أنيسَ المُسْتَوحشِين ولا وحشة مَعكَ فالبيتُ بَيْتُكَ والحرم حرمك والدارُ دارُك ونحنُ جيرانُكَ انَك تمْنَعُ عَنْه ما تشاء وربّ الدّار اُولى بالدّار .

ثم أنشأَ يقول :

يا ربّ لا أرجُو لَهُمْ سِواكا

                   ياربِّ فاْمنَعْ مِنْهُمُو حِماكا

إنَ عَدُوَّ الْبيْت مَنْ عاداكا

                   إمنَعْهُمُو إن يُخربوا فناكا

وهذا يكشف بوضوح عن ايمان عبد المطلب بالله تعالى وتوكله عليه سبحانه وانه كان الرجل الموحد الّذي لا يلتجئ في المصائب والمكاره إلى غير كهف اللّه ولا يعرف الاّ باب اللّه على عكس ما كانت الوثنية عليه فان قومه كانوا يستغيثون بالاصنام المنصوبة حول الكعبة.

وممّا يدل على ايمانه ايضاً توسله لكشف غمته باللّه سبحانه فقد تتابعت على قريش سنون جدب ذهبت بالأموال واشرفت الانفس واجتمعت قريش لعبد المطلب وعَلَوا جبل ابي قبيس ومعهم النبي (صـلى الله علـيه وآله) محمَّد وهو غلام فتقدم عبد المطلب وقال : لاهم ( اي اللّهم ) هؤلاء عبيدك واماؤك وبنو امائك وقد نزل بنا ما ترى وتتابعت علينا هذه السنون فذهبت بالظلف والخف والحافر فاشرفت على الانفس فأذهِب عنا الجدب وائتنا بالحياء والخصب فما برحوا حتّى سالت الأودية وفي هذه الحالة تقول رقيقة :

بشيبة الحمد اسقى اللّه بلدتنا

                   وقد عدمنا الحيا وا جلوّذ المطر

إلى أن تقول :

مبارك الاُم يستسقى الغمام به

                   ما في الانام له عدل ولا خطر

وإلى هذه الواقعة يشير ابو طالب في قصيدة أولها :

ابونا شفيع الناس حين سقوا به

                   من الغيث رجاس العشير بكور

ونحن ـ سنين المحل ـ قام شفيعنا

                   بمكة يدعو والمياه تغور

وقد نقل الشهرستاني هذه الواقعة في كتابه الملل والنحل قال : وممّا يدل على معرفته ( أي عبد المطلب ) بِحال الرسالة وشرف النبوة ان اهل مكة لما أصابهم ذلك الجدب العظيم وامسك السحاب عنهم سنتين أمر ابا طالب ابنه ان يُحضر المصطفى محمَّد (صـلى الله علـيه وآله) فاحضره ابو طالب وهو رضيع في قماط فوضعه على يديه واستقبل الكعبة ورماه إلى السماء وقال : يا رب بحق هذا الغلام ورماه ثانياً وثالثاً وكان يقول : بحق هذا الغلام اسقنا غيثاً مغيثاً دائماً هطلا فلم يلبث ساعة أن السحاب وجه السماء وأمطر حتّى خافوا على المسجد وقال ايضاً : وببركة ذلك النور كان عبد المطلب يأمر أولاده بترك الظلم والبغي ويحثهم على مكارم الاخلاق وينهاهم عن دنيات الاُمور.

وكان يقول في وصاياه : انه لن يخرج من الدنيا ظلوم حتّى ينتقم اللّه منه وتصيبه عقوبة إلى ان هلك رجل ظلوم حتف انفه لم تصبه عقوبة فقيل لعبد المطلب في ذلك ففكر وقال : ان وراء هذه الدار داراً يجزى فيها المحسن بإحسانه ويعاقب فيها المسيء باساءته .

ان توسل عبد المطلب باللّه سبحانه وتوليه عن الاصنام والاوثان والتجاءه إلى رب الارباب آية توحيده الخالص وايمانه باللّه وعرفانه بالرسالة الخاتمة وقداسة صاحبها فلو لم يكن له الاّ هذه الوقائع لكفت في البرهنة على ايمانه باللّه وتوحيده له.

وقد اعترف المؤرخون لعبد المطلب بهذا فقد قال اليعقوبي : ورفض عبد المطلب عبادة الاوثان والاصنام ووحدَ اللّه عزّ وجلّ ووفى بالنذر وسنّ سنناً نزل القرآن باكثرها وجاءت السنة الشريفة من رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بها وهي الوفاء بالنذر ومائة من الابل في الدية وان لا تنكح ذاتُ محرم ولا تؤتى البيوت من ظهورها وقطع يد السارق والنهي عن قتل الموؤدة وتحريم الخمر وتحريم الزنا والحدّ عليه والقرعة وان لا يطوف احد بالبيت عرياناً واضافة الضيف وان لا ينفقوا إذا حجوا الاّ من طيب اموالهم وتعظيم الاشهر الحُرُم ونفي ذوات الرايات.

هذا وعن اُم أيمن رضي اللّه عنها قالت : كنتُ أحضن النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) ( اي اقوم بتربيته وحفظه ) فغفلت عنه يوماً فلم ادر الاّ بعبد المطلب قائماً على رأسي يقول يا بركة .

قلت : لبيك.

قال : أتدرين اين وجدتُ إبني؟

قلت : لا ادري.

قال : وجدته مع غلمان قريباً من السدرة لا تغفلي عن ابني فان أهل الكتاب يزعمون انه نبيّ هذه الاُمة وأنا لا آمن عليه منهم .

وكان عبد المطلب لا يأكل طعاماً الاّ يقول عليّ بابني ( اي احضروه ) ويجلسه بجنبه وربما اقعده على فخذه ويؤثره بأطيب طعامه.

ثم انه لما بلغ أجله اوصى إلى ابي طالب برسول اللّه وقال له : قد خلّفت في ايديكم الشرف العظيم الّذي تطؤون به رقاب الناس وقال له أيضاً :

اُوصيك يا عبد منافٍ بعدي

                   بمفرد بعد ابيه فرد

فارقهُ وهو ضجيع المهد

                   فكنت كالاُم له في الوجد

تدنيه من أحشائها والكبد

                   فانت من أرجى بنيي بعدي

لدفع ضيم أو لشدّ عقدِ

هذا هو عبد المطلب وتعوذه ببيت اللّه الحرام ومواقفه بين قومه وكلماته في المبدأ والمعاد وعطفه وحنانه على رسول الإسلام واهتمامه برسالة خاتم النبيين وهي بمجموعها من اقوى الشواهد على توحيده وايمانه باللّه واعترافه برسالة الرسول الكريم.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.