المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
دين الله ولاية المهدي
2024-11-02
الميثاق على الانبياء الايمان والنصرة
2024-11-02
ما ادعى نبي قط الربوبية
2024-11-02
وقت العشاء
2024-11-02
نوافل شهر رمضان
2024-11-02
مواقيت الصلاة
2024-11-02



مدى خضوع القرار الإداري للإلغاء استناداً لنظام القضاء المزدوج  
  
4994   01:05 مساءً   التاريخ: 12-4-2017
المؤلف : فارس عبد الرحيم حاتم
الكتاب أو المصدر : حدود رقابة القضاء الاداري على القرارات التي لها قوة القانون
الجزء والصفحة : ص50-66
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

النظام القضائي المزدوج هو ذلك النظام الذي تتولى فيه الوظيفة القضائية جهتان قضائيتان مستقلتان تتولى إحداهما الفصل في المنازعات الناشئة بين أشخاص القانون الخاص أو عند ممارسة الإدارة نشاطاً يخضع لقواعد القانون الخاص وهو القضاء العادي، وتتولى الأخرى الفصل في المنازعات التي يكون أحد أطرافها أو كلاهما من أشخاص القانون العام بسبب نشاطهم الخاضع إلى قواعد القانون الإداري، وهو القضاء الإداري. وتعد فرنسا مهد النظام المزدوج الذي يطبق الآن في العديد من الدول. والأساس التاريخي الذي قام عليه هذا النظام  مختلف عمّا قام عليه النظام القضائي الموحد. فبينما كان الإنكليز يحسنون الظن بقضائهم الأمر الذي أدى إلى اطمئنانهم إليه ومنحة ولاية الفصل في جميع أنواع المنازعات ، نرى على العكس من ذلك في فرنسا ،فالسمعة السيئة للمحاكم قبل الثورة الفرنسية والتي كانت تسمى بالبرلمان قد ألقت بظلالها على رجال الثورة . فقد أدى تدخل هذه المحاكم في عمل الإدارة إلى إحباط الإصلاحات التي أرادت الإدارة القيام بها، كما أن استدعاء الموظفين للمثول أمام المحاكم ومحاكمتهم على أعمال يقومون بها أثناء تأديتهم لوظائفهم أدى إلى تقييد عمل الموظفين خوفاً من المحاكمة (1). وهذا كله أدى إلى عرقلة عمل الإدارة وكبح جماحها . ونتج عما تقدم إلغاء هذه المحاكم من قبل رجال الثورة (2) ، وإضافة إلى أسباب أخرى فقد تبنى هؤلاء مبدأ الفصل بين السلطات بمفهومة الجامد (3) . وتم إنشاء محاكم جديدة بموجب قانون 16ـ24/8/1790 الذي نص في المادة (13) منه على أن
( الوظائف القضائية مستقلة وتظل دائماً متميزة ومنفصلة عن الوظائف الإدارية ، وليس للقضاة ان يعرقلوا ، بأي صورة كانت ، أعمال الهيئات الإدارية ، أو أن يستدعوا رجال الإدارة للمثول أمامهم لمقاضاتهم بسبب قيامهم بأداء وظائفهم )(4) .

وبموجب هذه المادة فقد منع القضاة من الرقابة على أعمال الإدارة ، وبسبب الفراغ الحاصل نتيجة لذلك فقد صدر في 6ـ11/9/1790 قانون منح حكام الأقاليم سلطة الفصل في المنازعات التي تكون الإدارة المحلية طرفاً فيها ، ثم صدر قانون في 7ـ14/10/1790 منح رئيس الدولة والوزراء سلطة الفصل في المنازعات التي تكون الإدارة المركزية طرفاً فيها كل فيما يخصه(5) . فظهر ما يسمى بنظام الإدارة القاضية أو الوزير القاضي(6)، فأصبحت الإدارة هي الخصم والحكم في آن واحد . وهذا يجافي مبدأ الفصل بين السلطات إذ جمعت الإدارة في يدها الوظيفة الإدارية والوظيفة القضائية في كل ما يخص المنازعات التي تكون الإدارة طرف فيها(7)، وبعد أن تبين ذلك ولاسيّما إن الثورة الفرنسية رفعت شعار مبدا الفصل بين السلطات استوجب الأمر فصل الإدارة القاضية عن الإدارة العاملة(8)، وإضافة لكثرة الشكاوي من الموظفين مطالبين بإنشاء جهة قضائية تنظر في منازعاتهم مع الإدارة فقد قام نابليون بإنشاء مجلس الدولة في السنة الثامنة والذي استتبعه إنشاء مجالس الأقاليم في السنة نفسها (9).  ويعد هذا الحجر الأساس للنظام القضائي المزدوج . بعد هذه المقدمة عن الجذور التاريخية للنظام القضائي المزدوج نقوم بتناول رقابة المشروعية المتمثلة بدعوى الإلغاء في الفرع الأول من هذا الموضوع، متناولين بعد ذلك في الفرع الثاني رقابة الملائمة التي تعد استثناء على رقابة الإلغاء. 

الفرع الأول : ـ رقابة المشروعية .

للبحث في رقابة المشروعية في ظل النظام القضائي المزدوج فأننا نبدأ من فرنسا مهد هذا النظام والتي تطورت وتبلورت فيها دعوى الإلغاء بعد أن مرت بمراحل عديدة حتى وصلت إلى ما هي علية الآن . فهذه الدعوى بدأت على شكل تظلم أدارى رئاسي(10)، إذ أن مجلس الدولة الذي أنشأه نابليون لم تكن لدية سلطة إصدار أحكام نهائية ، وعليه فما كان يصدره مجرد مشاريع أحكام فيما يحال أليه من الإدارة ويتوقف الأمر على مصادقة رئيس الدولة لما يصدر عنه ، وحتى مجالس الأقاليم وان كانت تصدر أحكاما لا تحتاج إلى مصادقة لاحقة ، إلا أن ما يصدر عنها قابلاً للطعن أمام مجلس الدولة والذي تخضع أحكامه للتصديق فاصبح صدور أحكام نافذة عن هذا المجلس مسالة نظرية(11). وقد سميت هذه المرحلة بالقضاء المحجوز(12). وبتاريخ 24/5/1872 صدر قانون تنظيم مجلس الدولة الذي جعل المجلس محكمة إدارية مستقلة لها إصدار أحكام نهائية قابلة للتنفيذ بدون الحاجة إلى مصادقة لاحقة فانتقل مجلس الدولة بذلك إلى مرحلة القضاء المفوض الأمر الذي نتج عنه أن أصبحت دعوى الإلغاء دعوى قضائية(13)، بعد أن كانت تحمل صفة تظلم إداري ، إلا انه مع ذلك بقيت الإدارة صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية ، فكان على الأفراد أن يلجأوا أولا إلى الادارة فإذا لم تنصفهم توجهوا إلى مجلس الدولة بوصفة جهة استئنافية إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك .   وفي سنة 1889 تقدم أحد الأفراد بدعواه مباشرةً إلى مجلس الدولة فقبلها المجلس واصدر حكمة الشهير في الثالث عشر من شهر كانون الأول من هذه السنة والذي سمي بقضية كادوا (cadot ) ، وبذلك اصبح مجلس الدولة الفرنسي صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية(14). وفي 30/9/1953 صدر مرسوم جعل الولاية العامة في المنازعات الإدارية لمجالس الأقاليم ذات الاختصاص المحدد والتي سميت (المحاكم الإدارية) واصبح مجلس الدولة جهة استئنافية لاحكام هذه المحاكم وجهة نقض لاحكام بعض المحاكم واللجان الإدارية، إلا أن هذا المرسوم منح مجلس الدولة سلطة النظر في بعض الموضوعات على سبيل الحصر كمحكمة أول واخر درجه(15)،وتمثل هذه الموضوعات بموجب هذا المرسوم إضافة إلى المراسيم الصادرة بعد ذلك في الأعوام (1958،1963،1966،1975 ) المسائل المهمة، منها دعاوى الإلغاء ضد مراسيم رئيس الجمهورية والوزير الأول  سواءاً كانت تنظيمية أم فردية وسواء كان لها قوة العمل الإداري أم قوة القانون ، ومنها أيضا دعاوى تتعلق بأنواع مختلفة من القرارات الإدارية(16). أن دعوى الإلغاء تدين بالفضل إلى مجلس الدولة الفرنسي في إنشائها وتطورها ووصولها إلى ماهي عليه الآن اعتماداً على عدد من النصوص التشريعية(17). فهي ليست من صنع المشرع كما في باقي الدول التي تأخذ بالنظام القضائي المزدوج . وقد وصل الأمر بمجلس الدولة أن تجاهل النصوص التشريعية المحصنة لطائفة من القرارات الإدارية ومد رقابته على هذه القرارات منطلقاً من أن دعوى الإلغاء هي دعوى القانون العام لحماية المشروعية وقد اصبح ذلك من المبادئ العامة للقانون فهي لا تحتاج إلى نص خاص لتقريرها إذ يمكن أن توجه إلى أي قرار، والنصوص التي تمنع من الطعن ببعض القرارات الإدارية لا يقصد منها دعوى الإلغاء ألا إذا نص على ذلك صراحةً(18). بقي أن نذكر أن قاضي الإلغاء في فرنسا لا يملك إلا إلغاء القرار الإداري غير المشروع كلياً أو جزئياً(19)، فلا يقوم بتوجيه الأوامر إلى الإدارة بعمل شيء أو الامتناع عن شيء (20)، ولا يقوم بالحلول محل الإدارة وإصدار القرارات الإدارية(21). إن دعوى الإلغاء بعد أن أصبحت قلعة منيعة لحماية حقوق وحريات الأفراد والحامي الأول عن المشروعية ، نجد أن الدول قد تسابقت لتبنيها بحسب المفهوم الفرنسي وطبقت بذلك نظام القضاء المزدوج . ومن هذه الدول جمهورية مصر العربية التي طبقت هذا النظام في وقت مبكر نسبياً بموجب قانون مجلس الدولة رقم (112) لسنة 1946 (22) . لقد ترتب على النشأة التشريعية لدعوى الإلغاء في مصر أن بقيت تحت رحمة المشرع منذ إنشائها ، فكانت تستمد وجودها من النصوص التشريعية المحددة لأنواع القرارات الإدارية التي يختص مجلس الدولة بها (23) ، الأمر الذي أدى إلى تحكم المشرع بهذه الدعوى وقام بتحصين طائفة من القرارات الإدارية ، وساير مجلس  الدولة  المشرع  في نهجه هذا (24)  .  واستمر  هذا  الوضع  حتى  صدور قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 الذي منح الولاية العامة في المنازعات الإدارية للمجلس.  إن مجلس الدولة المصري له بصمات واضحة على دعوى الإلغاء والمتتبع لاحكام هذا المجلس يلمس ذلك . فمنذ بداية نشأته لم يأخذ بالنصوص التشريعية التي تحصن طائفة من القرارات الإدارية والصادرة قبل إنشائه على أساس أن دعوى الإلغاء لم يعرفها النظام القانوني في مصر قبل ذلك ، وان النصوص سابقة الذكر كانت تتماشى مع المادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية (25) .  كما أن مجلس الدولة قد قام بإخراج القرارات الإدارية الصادرة قبل إنشائه من ولايته انطلاقاً من مبدأ عدم رجعية القوانين (26) . إلا أن المجلس قبل الطعن بالقرارات الإدارية الفردية الصادرة بعد إنشائه والتي تستند إلى قرارات تنظيميه سابقه على صدور قانون المجلس رقم (112) لسنة 1946 (27) .ونرى أن سبب مسلك المجلس هذا هو عد هذه القرارات التنظيمية تشريعات فرعية . لقد ساير مجلس الدولة المصري نظيره الفرنسي فيما يخص دعوى الإلغاء بعدم توجيه الأوامر إلى الإدارة بعمل شيء أو الامتناع عن شيء (28) أو الحلول محل الإدارة وإصدار القرارات أو تعديلها (29) والاكتفاء بإلغاء القرار الإداري المعيب كلاً أو جزءاً فقط . أما بشان رقابة المشروعية في العراق ، فان هذا البلد قد انظم إلى طائفة الدول ذات النظام القضائي المزدوج وذلك بموجب القانون رقم (106) لسنة 1989 ، قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 ،الذي اصبح نافذاً في 10/1/1990 . وبذلك يكون العراق قد حذا حذو الدول التي تبنت دعوى الإلغاء كما بلورها مجلس الدولة الفرنسي . لقد جاء في الفقرة ( ثانيا ـ د ) من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة بان ( تختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية التي تصدر من الموظفين والهيئات في دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي بعد نفاذ هذا القانون التي لم يعين مرجع للطعن فيها ، ….. ) . لقد قام المشرع العراقي باستثناء القرارات الإدارية التي عين القانون مرجعاً للطعن فيها من ولاية المحكمة . وإذا كانت كلمة ( مرجع ) هنا يمكن أن تثير خلافاً فقهياً حول المقصود منها ، أهو طعن قضائي فقط أم طعن إداري وقضائي (30) ؟ فأن ما  جاء في الفقرة ( خامسا ـ جـ ) من هذه المادة يزيل الشك باليقين (31) . لقد تميزت الفقرة الخامسة من مجلس شورى الدولة بسعة الاستثناءات الواردة على رقابة القرارات الإدارية . إذ نصت على ما يأتي ( لا تختص محكمة القضاء الإداري بالنظر في الطعون المتعلقة بما يلي :

  1. أعمال السيادة وتعتبر من أعمال السيادة ، المراسيم والقرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية .
  2. القرارات الإدارية التي تتخذ تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية وفقاً لصلاحياته الدستورية .

ج.القرارات الإدارية التي رسم القانون طريقاً للتظلم منها أو الاعتراض عليها أو الطعن فيها ) .

وإضافة إلى الحدود الضيقة التي رسمها المشرع لدعوى الإلغاء فان القضاء الإداري قام بتضييق هذه الحدود اكثر وذلك بتفسيره الفقرة (ثانيا ـ د ) من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة تفسيراً أدى إلى إخراج القرارات التنظيمية من ولايته واقتصر الأمر على القرارات الفردية فقط .... وقد حاولت محكمة القضاء الإداري في بداية نشأتها توسيع الحدود التي رسمها لها المشرع، متخذه النهج الذي سارت عليه نظيرتها محكمة القضاء الإداري المصرية(32) . فجاء في قرارها الصادر بتاريخ 29/9/1990  ( ….. أن دفع وكلية المدعي عليه من كون هذه المحكمة ممنوعة من سماع الدعوى بموجب أحكام المادة 38 من قانون وزارة التعليم العلي والبحث العلمي رقم (40) لسنة 1988 غير وارد حيث أن تعديل قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم (106) لسنة 1989 والنافذ بتاريخ 10/1/1990 قد صدر بعد قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم ….. ولم يرد في قانون مجلس شورى الدولة المعدل قيد يمنع المحكمة من سماع الدعوى سوى ما ورد في خامسا من المادة السابعة من القانون المذكور فتقرر بالاتفاق إلغاء الأمر المطعون فيه ) . إلا إن الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة بصفتها التمييزيه قررت نقض قرار المحكمة وذلك بالقرار الصادر بتاريخ 28/10/1990 (33) . وخلافاً لما هو عليه الحال بالنسبة لقضاء الإلغاء في فرنسا ومصر فان القضاء الإداري العراقي لا يكتفي في احكامة بإلغاء القرار غير المشروع وانما يقوم بتوجيه الأوامر إلى الإدارة بالقيام بعمل معين (34) . ومسلك القضاء هنا ينطبق مع ماجرى عليه العمل في إنكلترا من توجيه الأوامر إلى الموظفين . أن لمحكمة القضاء الإداري عند نظرها في الطعن المقدم أمامها أن ترد الطعن أو تقوم بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه كلاً أو جزءاً والتعويض عن القرار غير المشروع إذا كان قد سبب ضرراً للطاعن على أن التعويض يكون تابعاً للحكم بالإلغاء ولا يجوز رفع دعوى التعويض بصورة اصليه أمام المحكمة ، كما أن للمحكمة الإدارية تعديل القرار المطعون فيه . وذلك بحسب الفقرة ( ثانيا ـ ط ) من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة (35) . ومن الجدير بالذكر أن التعويض وتعديل القرار الإداري هو من صلاحيات القضاء الكامل وليس قضاء الإلغاء الذي تختص به محكمة القضاء الإداري بموجب التعديل الثاني لمجلس شورى الدولة . بقي القول أن القرارات التأديبية الصادرة بشان الموظفين في دوائر دولة والقطاع الاشتراكي يمكن الطعن فيها أمام مجلس الانضباط العام الذي هو أحد هيئات مجلس شورى الدولة بموجب قانون التعديل الثاني لهذا المجلس (36) . في نهاية الحديث عن رقابة المشروعية فأننا نستنتج بان دعوى الإلغاء في النظام القضائي الموحد ليست لها فعالية مثلما هي في النظام المزدوج ، إذ أن الأخير ينظر الدعوى فيه قضاء متخصص يطبق قواعد مرنه تتلائم مع طبيعة دعوى الإلغاء التي تتصف بها جميع المنازعات الإدارية ألا وهي الموازنة بين المصلحة العامة والخاصة التي يجب أن يراعيها القاضي عند الفصل في المنازعة المعروضة أمامه ، وهذا لا يتحقق في ظل قضاء يطبق قواعد جامدة تسري على جميع أنواع المنازعات . لقد رأينا أن المشرع الإنكليزي ، في الوقت الذي تعد فيه إنكلترا مهد النظام الموحد، اضطر إلى إنشاء محاكم إدارية خاصة بالنظر في طائفة من المنازعات الإدارية وذلك نتيجة للازدياد الحاصل في هذه المنازعات بسبب توسع نشاط الدولة وهو الأمر الذي لا يستطيع القضاء العادي التصدي له بالقانون العادي الذي يطبقه . أما في مصر والعراق فلم يكن هناك دعوى الإلغاء قبل دخول هذين البلدين ضمن طائفة الدول المطبقة للنظام القضائي المزدوج وذلك بسبب النصوص المانعة من ذلك في مصر، وبسبب اجتهاد المحاكم الذي ابعد دعوى الإلغاء من ولايتها في العراق . الأمر الذي أدى إلى تبني هذه الدعوى بصريح النصوص التشريعية في ظل النظام القضائي المزدوج .

  الفرع الثاني : ـ رقابة الملاءمة :

لمقتضيات حسن عمل الإدارة ولقيام هذه الأخيرة بواجبها كما هو مطلوب ،  يجب أن تتمتع بقدر من سلطة التقدير عند ممارستها لنشاطها ويكون عملها في هذا المجال خارج رقابة القضاء الإداري ، إذ انه قضاء المشروعية وليس قضاء الملاءمة .

وفي ضوء مسيرة القضاء الإداري المتطورة ، وهو الأمر الذي يتسم به هذا القضاء ، فان مجلس الدولة الفرنسي بسط رقابة الملاءمة ( استثناءً ) على القرارات الإدارية المتعلقة بالحريات العامة عادّاً الرقابة المذكورة على هذه القرارات شرطاً من شروط المشروعية التي يجب توافرها (37) ، أي أن هذه القرارات يجب أن تتناسب مع الوقائع الصادرة بشأنها وإلا حكم بعدم مشروعيتها. ومن أحكام مجلس الدولة في ذلك ، حكمة في قضية ( Olivier Abbe ) الصادر بتاريخ 19/2/1919 بخصوص حرية العبادة ، كما قام المجلس في قضية ( Sieur Benjamin ) بتاريخ 19/5/1933 بمراقبة الملاءمة فيما يتعلق بحرية عقد الاجتماعات (38) ، وقام مجلس الدولة في حكم قضية (Haman) بتاريخ 20/10/1961 بمراقبة ما إذا كانت ضرورات حركة المرور تسوّغ رفض منح الرخصة (39) . أما مجلس الدولة المصري فقد سار على خطى نظيرة الفرنسي في بسط رقابة الملاءمة استثناء على القرارات الإدارية المتعلقة بالحريات العامة . إذ جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري بتاريخ 3/6/1969 ( ….. فانه كما يتعين على قاضي الموضوع أن يتحقق من وجود الخطر الذي يهدد النظام العام الضبطي في مدلوله العام ومن أن التدابير التي تتخذها جهة الإدارة لدرء هذا الخطر ضرورية ومجدية بالقدر الذي يتناسب معه ….. ) (40) . وقد ذكرت المحكمة الإدارية العليا المبدأ العام في رقابة الملاءمة وذلك في حكمها الصادر بتاريخ 13/4/1957 (…….. انه ولان كانت الإدارة تملك في الأصل حرية وزن مناسبات العمل وتقدير أهمية النتائج التي تترتب على الوقائع الثابت قيامها ، إلا انه حينما تختلط مناسبة العمل الإداري بمشروعيته ، ومتى كانت هذه المشروعية تتوقف على حسن تقدير الأمور ، خصوصاً فيما يتعلق بالحريات العامة ، وجب أن يكون تدخل الإدارة لاسباب جدية تبرره . فالمناط والحاله هذه في مشروعية القرار التي تتخذه الإدارة هو أن يكون التصرف لازماً لمواجهة حالات معينة من دفع خطر جسيم يهدد الأمن والنظام ، باعتبار هذا الأجراء الوسيلة الوحيدة لمنع هذا الخطر ) (41). ولم يكتف مجلس الدولة المصري برقابة الملاءمة على قرارات الضبط الإداري المتعلقة بالحريات العامة وانما توسع في هذه الرقابة لتشمل ميدان القرارات التأديبية وهو الأمر الذي تميز به عن مجلس الدولة الفرنسي .

إن القضاء الإداري يتولى في هذه الرقابة الحد من غلو العقوبات الأنضباطية التي تصدرها الإدارة ضد موظفيها لذلك سميت هذه الرقابة بقضاء الغلو. وتقوم المحكمة هنا بالموازنة بين العقوبة التي ينص عليها القرار الإداري وبين الفعل الخاطئ للموظف المعاقب في هذا القرار . لقد جاء حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 11/11/1961 ليضع حداً لتردد محكمة القضاء الإداري (42) وليقرر بأنه ( ولئن كانت للسلطات التاديبة ، ومن بينها المحاكم التاديبة سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري ومايناسبة من جزاء ، وبغير تعقيب عليها في ذلك ، إلا أن مناط مشروعية هذه السلطات شانها في ذلك شان أية سلطة تقديرية أخرى ، ألا يشوب استعمالها غلو. ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره ، ففي هذه الصورة تتعارض نتائج عدم الملاءمة الظاهرة مع الهدف الذي تغياه القانون من التأديب. والهدف الذي توخاه القانون من التأديب هو بوجه عام تأمين انتظام المرافق العامة . ولا يتأتى هذا التامين إذا انطوى الجزاء على مفارقة صارخة ……. وعلى هذا الأساس يعتبر استعمال سلطة تقرير الجزاء في هذه الصورة مشوباً بالغلو ، فيخرج التقرير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ، ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة . ومعيار عدم المشروعية ليس معياراً شخصياً وانما هو معيار موضوعي ، قوامة أن درجة خطورة الذنب الإداري لا تتناسب ألبته مع نوع الجزاء ومقداره ، وغني عن البيان أن تعيين الحد الفاصل بين نطاق المشروعية ونطاق عدم المشروعية في الصورة المذكورة مما يخضع أيضا لرقابة هذه المحكمة ) (43) . وقد تواترت أحكام الإدارية العليا بعد ذلك على ما تضمنه الحكم المذكور في أعلاه(44). ما في العراق فان القضاء الإداري سار على نهج نظيرة المصري في هذا الشان ، بل توسع فيه . فمجلس الانضباط العام وهو اقدم تشكيلات القضاء الإداري في العراق مارس رقابة الملاءمة على القرارات الانضباطيه منذ إنشائه عام 1929 وحتى الآن (45) . فقد جاء في حكم له بتاريخ 20/12/1995 :( …. لذا يكون عدم إلزامه بتوجيهات رئيسه المباشر يشكل مخالفه موجبة للعقاب الذي يتناسب مع التقصير الوظيفي في حدود منع تكرار المخالفة من الموظف ذاته وردع الموظفين الآخرين . هذا وحيث أن اللجنة التحقيقية قد أوصت بعقوبة الإنذار وهي عقوبة متناسبة مع الإهمال الوظيفي موضوع التحقيق والتظلم فتكون عقوبة التوبيخ مغالى فيها ولا تتناسب مع الوقائع لذا تقرر تخفيفها إلى عقوبة الإنذار ……. ) (46) . وقد ذهب مجلس الانضباط العام إلى ابعد من قضاء الغلو وبسط رقابة الملائمة على القرارات الإدارية التي تتعلق بالموظفين في غير العقوبات الانضباطيه . فقد راقب المجلس في قراره الصادر بتاريخ 22/4/1972 قرار الإدارة الصادر برفض الإجازة المرضية الممنوحة للموظف خارج القطر عادّاً هذا القرار تعسفاً في استعمال السلطة . كما ألغى في 12/2/2000 قراراً صادراً عن إحدى الإدارات بنقل موظف وذلك لأنه مخالفٌ للقانون ولم يحقق المصلحة العامة . وأضافه لما تقدم فقد رفض مجلس الانضباط العام إلغاء قرار أدارى يتضمن نقل مكاني لاحد الموظفين وذلك لعدم ثبوت وجود تعسف في استعمال السلطة (47) . أما محكمة القضاء الإداري التي أُنْشِئت عام 1989 فقد سارت على نهج مجلسي الدولة الفرنسي والمصري في رقابة الملاءمة ، ومن أحكامها في ذلك ما نصت عليه بتاريخ 26/2/1992 من رفض دعوى المدعي وقررت أن عدم منح إجازة له خالي من التعسف في استعمال السلطة، إذ أن الإدارة وهي تمارس سلطتها التقديرية قد راعت الضوابط والسياقات المعمول بها لديها وتحقيق المصلحة العامة (48) . كما أيدت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة في حكمها الصادر بتاريخ 13/4/1998 قرار المحكمة الإدارية الصادر بإلغاء قرار أمين بغداد المتضمن إلغاء إجازة بناء وذلك لان القرار الإداري المذكور مشوب بتعسف في استعمال السلطة (49) . يظهر لنا مما تقدم أن القضاء الإداري العراقي قد اقر رقابة الملاءمة وتبنى التوسع الذي جاء به نظيرة المصري فيما يخص العقوبات الانضباطيه وتوسع اكثر في القرارات الخاصة بالموظفين وهذا ما يحمد عليه هذا القضاء فمسلكه المذكور هو ضمانة من ضمانات حقوق وحريات الأفراد .       

   ________________

1- د. فؤاد العطار ، القضاء الإداري ، الناشر دار النهضة العربية ، القاهرة ، بلا سنة طبع ص178 .

2-  د. سامي جمال الدين ، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة ، الطبعة الأولى، منشأة المعارف بالاسكندرية ، 1982. ص246 . د. فؤاد العطار ، مصدر سابق . ص178 .

3-  د. سليمان محمد الطماوي ، القضاء الإداري ،الجزء الأول ،  ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1967. ص52 .

4- د. فؤاد العطار ، مصدر سابق . ص177 .

5- د. فؤاد العطار ، مصدر سابق . ص179.

6- د. محمد علي جواد ، القضاء الإداري ،مذكرات مطبوعة بالرونيو لطلبة كلية القانون ، جامعة بابل ، بدون سنة طبع. ص20.

7- د. عبد الرحمن نورجان الايوبي ، القضاء الإداري في العراق حاضره ومستقبله ( دراسة مقارنة ) ، دار ومطابع الشعب ، 1965. ص77 . د. فؤاد العطار ، مصدر سابق . ص170.

8- المصدر السابق . ص179.

9- د. محمد علي جواد ، القضاء الإداري ، مصدر سابق . ص20. وقد جاء في المادة (52) من قانون إنشاء المجلس (بأن يكلف بأعداد مشروعات لقوانين ولوائح الإدارة العامة وحل المنازعات التي تنشأ في المجال الإداري) . المصدر نفسه.

R -  Bonnard, precis  Elementaire de droit public, P. 144.

10- د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، القضاء الإداري (قضاء الإلغاء ) ، مصدر سابق . ص26. د. محمود عاطف ألبنا ، مصدر سابق . ص29. 

11- د. فؤاد العطار ، مصدر سابق . ص180 .

12- د.ماجد راغب الحلو ، القانون الإداري،مصدر سابق . ص40 . د.عبد المجيد عبد الحفيظ سليمان، مصدر سابق . ص8.

13- د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، ولاية القضاء الإداري على اعمال الإدارة ، الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية ، 1983. ص32.

14- ينظر د. سليمان محمد الطماوي ، القضاء الإداري ،الجزء الأول ،  ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1967. ص55 د. فؤاد العطار ، القضاء الإداري ، الناشر دار النهضة العربية ، القاهرة ، بلا سنة طبع . ص181 -182، د. ماجد راغب الحلو ، القانون الإداري ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 1994. ص40.

15- د. محمد علي جواد ، القضاء الإداري ،مذكرات مطبوعة بالرونيو لطلبة كلية القانون ، جامعة بابل ، بدون سنة طبع. ص21-22.

وفي عام 1987 صدر تشريع يقضي بإنشاء خمس محاكم استئناف في فرنسا تعمل إلى جانب مجلس الدولة في النظر بالطعون الموجهة إلى قرارات المحاكم الإدارية من أجل التخفيف عن كاهل مجلس الدولة في اختصاصه الاستئنافي . ص22.

16- ينظر في الدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة كأول وآخر درجه . الدكتور سامي جمال الدين ، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة ، الطبعة الأولى، منشأة المعارف بالاسكندرية ، 1982  . ص253 .

17- د. الغني بسيوني عبد الله ، القضاء الإداري ( قضاء الالغاء ) ، الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية ، 1997. ص25 . ومن أمثلة هذه التشريعات قانون 24/5/ 1872 والأمر الصادر في 31/7/1945 او المرسوم الصادر في 30/9/1953. د. ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، دار المطبوعات الجامعية ، 1985. ص249  الهامش .

 

18- د. محمود عاطف البنا ، الوسيط في القضاء الإداري ( قضاء الالغاء وقضاء التعويض ) ، ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي ، 1988. ص31 . ولمجلس الدولة في ذلك حكم شهير سنة 1950 في قضية (لاموت) الذي جاء فيه ( أن النص التشريعي التالي " لايمكن أن يكون منح الامتياز محلاً للطعن بأي طعن إداري أو قضائي " لم يستبعد دعوى تجاوز حدود السلطة أمام مجلس الدولة ضد قرار منح الامتياز فهي دعوى مقررة حتى ولو لم يكن هنالك نص تشريعي عليها ضد أي قرار إداري بهدف تأمين أحترام مبدأ المشروعية وفقاً للمبادئ العامة للقانون ) . د.علي خطار شطناوي ، القضاء الإداري الأردني ، الطبعة الأولى ، المركز العربي للخدمات الطلابية ، مطبعة كنعان ، ، عمان ، 1995 . ص351 .       

19- د.عبد الغني بسيوني عبد الله ، ولاية القضاء الإداري على أعمال الإدارة ، مصدر سابق . ص22 . 

20- د. عبد المنعم عبد العظيم جيره ، أثار حكم الألغاء ( دراسة مقارنة في القانون المصري والفرنسي ) ، الطبعة الأولى ، ملتزم الطبع النشر دار الفكر العربي ، 1971 . ص296 . ومثال ذلك ماقضى به مجلس الدولة الفرنسي من انه ليس من اختصاصه الأمر بإعادة الموظف المفصول إلى عمله وكذلك الأمر بهدم مبنى تم بناؤه بمقتضى قرار غير مشروع . المصدر نفسه . ص297 .  

21- المصدر السابق . ص301 . ومثال ذلك ما نص به مجلس الدولة من انه لا يمكنه أدراج أسم موظف في كشوفات الترفيه وكذلك لا يمكنه منح ترخيص بالبناء . المصدر نفسه . ص302 .

22- جاء في المادة (4) منه (تختص محكمة القضاء الإداري دون غيرها بالفصل في المسائل الأتيه ويكون لها فيها ولاية القضاء كاملة :1…. 2…. 3…. 4ـ الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية. 5ـ الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بأحالتهم إلى المعاش أو الأستيداع أو تفصلهم من غير طريق التأديب. 6ـ الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية …) د.محمد كامل ليله، نظرية التنفيذ المباشر في القانون الإداري (دراسة مقارنة للتشريع والفقه والقضاء)، ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي، بلا سنة طبع. ص519ـ520. صدر بعد ذلك عدة  قوانين تنظم مجلس الدولة وهي قانون رقم (9) لسنة 1949 وقانون رقم (165) لسنة 1955 وقانون رقم (55)  لسنة 1959 وأخيراً القانون الحالي رقم (47) لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم (50) لسنة 1973 . د. سامي جمال الدين ، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة ، الطبعة الأولى، منشأة المعارف بالاسكندرية ، 1982. ص245 الهامش .  

23- د.طعيمة الجرف ، رقابة القضاء لأعمال الإدارة العامة (قضاء الإلغاء)، دار النهضة العربية، لقاهرة،1984. ص26. 

24- في البداية قررت المحكمة الإدارية أن القانون الذي يحصن القرارات الإدارية ضد الإلغاء ويبقى باب التعويض مفتوحاً هو قانون دستوري إلا أن التحصين من الإلغاء والتعويض هو أمر غير دستوري وللمحكمة في ذلك أحكام مطردة منها حكم في 5/3/1954 وأخر في 23/11/1954 وفي 26/3/1957 . وقد أيدت المحكمة الإدارية العليا موقف المحكمة هذا . إلا أنها بعد ذلك خرجت عن هذا النهج وقضت بدستورية القانون الذي يحصن القرار الإداري  إلغاءاً وتعويضاً . وأول حكم لها في ذلك صدر بتاريخ 29/6/1957 ومما جاء فيه ( ….. ولا شبهة في دستورية هذه التشريعات جميعاً " المحصنة للإلغاء والتعويض " مادام القانون هو الأداة التي تملك بحكم الدستور ترتيب جهات القضاء وتعيين اختصاصها ومن ثم فله أن يضيقها أو يوسعها بالشروط والأوضاع التي يقررها …. ) وجاء في الحكم أيضاً ( …. وقد جرى قضاء هذه المحكمة في هذه الحالة على أنه لاوجه للنعي بعدم الدستورية بدعوى مصادرة حق التقاضي إذ تجب التفرقة بين المصادر المطلقة عموماً وبين دائرة تحديد اختصاص القضاء …. ) وللمحكمة حكم مشابه في 14/11/1957 . ينظر د. سليمان محمد الطماوي ، مشكلة استبعاد المشرع لبعض القرارات الإدارية من رقابة القضاء الإدارية ، مجلة القضاء تصدرها نقابة المحامين في الجمهورية العراقية العددان 3ـ4 كانون الأول السنة 19 ، مطبعة العاني ، بغداد 1961 . ص523ـ531 . وأستمر هذا الوضع حتى صدور دستور سنة 1971 الذي نص في المادة (68) منه على أنه ( ….. ويحضر النص بالقوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ) التي على أثرها صدر قانون مجلس الدولة رقم (47) من سنة 1972 الذي منح الولاية العامة للمنازعات الإدارية لهذا المجلس . ينظر في ذلك د. ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، دار المطبوعات الجامعية ، 1985. ص278ـ279 .

 25- د. طعيمة الجرف ، رقابة القضاء للأعمال الإدارية ، مصدر سابق . ص21ـ22 . وتقول محكمة القضاء الإداري في حكم لها ( أن الأمر العالي الصادر في 25 يونيو سنة 1890 في شان الدخان والتمباك نص في المادة الثانية منه على عدم جواز الطعن في القرارات الصادرة بالتطبيق لأحكامه أمام أية محكمة إلا أن هذا الأمر صدر في تاريخ سابق على استحداث قضاء الإلغاء بإنشاء مجلس الدولة ، ومن ثم فأن هذا الحظر لا يسري على هذا النوع من القضاء الذي لم يكن موجوداً وقت صدوره ويكون الدافع بعدم الاختصاص على غير أساس سليم في القانون ) . المصدر نفسه .   

26- د.ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، مصدر سابق . ص294 .

27- د. طعيمة الجرف ، القانون الإداري ، الناشر دار النهضة العربية ،  القاهرة، 1985. ص24 .

28- د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة ، مصدر سابق . ص298 . وذكرت محكمة القضاء الإداري في حكم لها بتاريخ 1/12/1955 بأنه ( إذا كان الطلب ينطوي على أمر للجهة الإدارية بعمل شيء معين فان المحكمة لا تملكه إذ أن اختصاصها قاصر على إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون …… ) . المصدر نفسه .

29- المصدر السابق . ص301 . وقضت محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر بتاريخ 17/5/1950 من ( أن القانون إذا خول هذه المحكمة سلطة إلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون قد جعل منها إدارة لرقابة تلك القرارات قضائياً في الحدود التي رسمها دون أن يجعل منها هيئة من هيئات الإدارة وبهذه المثابة ليس للمحكمة أن تحل محلها في إصدار أي قرار أو أن تأمرها بأداء أي أمر معين أو بالامتناع عنه ولا أن تكرهها على شيء من ذلك عن طريق الحكم بالتهديدات المالية …… ) . المصدر نفسه .ص302

30- يرى د. ماهر صالح علاوي ، أن الطريق الذي يمنع القضاء من الطعن بدعوى الإلغاء أو التعويض هو طريق الطعن القضائي  فقط ويقول ( فإذا كان المشرع قد رسم طريقاً يوصل الفرد إلى غايته فلا داعي في مثل هذه الحالة لفتح اكثر من طريق للطعن بالقرار بشرط أن يكون الطريق الذي رسمه المشرع قضائياً ) ويقصد الدكتور ماهر هنا فكرة الطعن الموازي الذي استقر عليه الفقه والقضاء الإداريين كما يذكر د. ماهر صالح علاوي ، القرار الإداري ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1991. ص186 . ويرى د. غازي فيصل مهدي ، أن (كلمة "مرجع" جاءت مطلقة وبالتالي لا محل لتخصيصها بالمرجع القضائي ) . د. غازي فيصل مهدي ، الحدود القانونية لسلطات محكمة القضاء الإداري في العراق ، مجلة العدالة تصدرها وزارة العدل ، العدد الثاني ،( نيسان ، حزيران ، مايس ) ،2001. ص89 .

31- يرى د. عصام البرزنجي أن جملة ( لم يعين مرجع للطعن فيها ) معناها ما جاء في الفقرة ( خامسا ـ ح ) ينظر في ذلك د. عصام عبد الوهاب البرزنجي ، مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الإداري العراقي ، مجلة العلوم القانونية ، تصدرها كلية القانون ، جامعة بغداد ، المجلد التاسع ، العدد الأول والثاني ، 1990  ص152 .

32- ينظر ص56-57 من هذه الرسالة .

33- ينظر د. ماهر صالح علاوي ، مصدر سابق . ص183 .

34- جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري عدد (89/ أدارى /91 ) في 29/2/1991 ( غير مشور ) مايلي (…… لهذا قررت المحكمة إلغاء قرار وزير الزراعة لانه مخالف للقانون وإلزامه بإبرام عقد مع المدعين على حصة وزارة المالية ) ينظر د. علي جمعة محارب المشهداني ، القضاء الإداري العراقي ، مجلة الحولية العراقية للقانون ، تصدرها كلية القانون ، جامعة بغداد ، العدد الأول ، 2001 . ص189 .

ولقد أورد د. غازي فيصل ، العديد من القرارات الصادرة من القضاء الإداري تنتهج نفس منهج القرار المذكور أعلاه . ينظر . د. غازي فيصل مهدي ، الحدود القانونية لسلطات القضاء الإداري في العراق ، مصدر سابق . ص95ـ96 .

35-جاء في هذه المادة ( تبت المحكمة في الطعن المقدم أليها ، ولها أن تقرر رد الطعن أو إلغاء أو تعديل الأوامر أو القرار المطعون به مع الحكم بالتعويض إن كان له مقتضى بناء على طلب المدعي ، …… ) .  

36- ينظر الفقرة ( أولا ) من المادة السابعة من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 . والمادة (15) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم (14) لسنة 1991 .

37- ينظر د. سامي جمال الدين ، لوائح الضرورة ، مصدر سابق . ص432 . د. . ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، دار المطبوعات الجامعية ، 1985. ص438 .

38- ينظر د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، القضاء الإداري ( قضاء الإلغاء ) ، مصدر سابق . ص259 . قام مجلس الدولة في هذه القضية بإلغاء القرار الصادر من عمدة المدينة بمنع عقد اجتماع وجاء في قرار المجلس بأنه ( قد اتضح من التحقيق أن الاضطرابات المحتملة التي تذرع بها العمدة لا تبلغ في خطورتها الدرجة التي يعجز معها بما لدية من سلطات البوليس ، عن المحافظة على النظام العام مع السماح بعقد الاجتماع ) . أورده عاشور سليمان صالح شوايل ، مسؤولية الإدارة عن أعمال قرارات الضبط الإداري ( دراسة مقارنة ) ، الطبعة الأولى ، منشورات جامعة قاريونس ، بنغازي ، 1997 . ص306 .

39- د. ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، مصدر سابق . ص438  الهامش .

40- ذكرة  د. سامي جمال الدين ، اللوائح الإدارية وضمان الرقابة القضائية ، منشأة المعارف بالاسكندرية ، 1982. ص344 .

41- ذكرة د. سامي جمال الدين ، اللوائح الإدارية ، مصدر سابق . ص344 . د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، القضاء الإداري (قضاء الإلغاء ) ، مصدر سابق . ص262 .

42- قامت محكمة القضاء الإداري في بداية عهدها ببسط رقابة الملاءمة على القرارات التاديبة كما في الحكم الصادر بتاريخ 12/3/1953 . إلا أنها بعد ذلك أصدرت أحكام عدلت فيه عن موقفها في بعض القضايا المعروضة عليها كما في الحكم الصادر بتاريخ 14/12/1954 وحكم أخر بتاريخ 7/6/1955 ، وبذلك يكون موقف هذا القضاء من رقابة الملاءمة على القرارات التأديبية متردداً ليس له مسار ثابت . ينظر في ذلك د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، القضاء الإداري ( قضاء الإلغاء ) ، مصدر سابق . ص262ـ263 .

43- ذكره المصدر السابق . ص263ـ264 . د. ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، مصدر سابق . ص439ـ440 .

 44- ينظر في ذلك د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، المصدر السابق . ص264 .

 45- ينظر د. ماهر صالح علاوي ، حول بعض اجتهادات مجلس الانضباط العام في ظل قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم (14) لسنة 1991 ، مجلة العدالة ، مجلة فصلية تصدرها وزارة العدل ، العدد الأول ، السنة الثانية ، بغداد ، 2000 . ص41ـ59 .

46- ذكره د. ماهر صالح علاوي ، المصدر السابق . ص60 .

47- ذكر هذه الأحكام د. غازي فيصل مهدي ، موقف القضاء الإداري العراقي من السلطة التقديرية للإدارة ، مجلة دراسات قانونية ، مجلة فصلية محكمه تصدر عن قسم الدراسات القانونية في بيت الحكمة ، مطبعة الزمان ، بغداد ، 2002 . ص76 .

48- ذكره د. غازي فيصل مهدي ، المصدر السابق . ص78 .

49- ذكره د. غازي فيصل مهدي ، المصدر السابق . ص76 .

 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .