مكانة السلعة العامة في اقتصاد السوق (خصخصة التعليم العالي في التجربة الأردنية) 2 |
2133
12:31 صباحاً
التاريخ: 5-7-2021
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-8-2021
2427
التاريخ: 28-6-2019
6825
التاريخ: 2024-01-19
987
التاريخ: 2023-05-12
1394
|
إن مبدأ استقطاب مدخرات القطاع الخاص لتمويل أنشطة التعليم مبدأ سليم ولا غبار عليه، ويتم هذا الاستقطاب من خلال العمل أو (اللعب) على حافزين : الأول هو رغبة المدخر في الحصول على مكافأة على قيامه بالادخار، أي تأجيل استهلاكه الحالي إلى زمن مستقبلي، وهذه المكافأة تأخذ شكل الفائدة المصرفية على المدخرات في ودائع قصيرة الأجل ، وشكل عوائد ثابتة أعلى من الفائدة البنكية على سندات الإقراض المختلفة؛ والثاني هو المشاركة في المخاطرة التي يقوم بها رجال الأعمال من خلال شراء أسهم في المشروعات الاستثمارية التي يُقيمها هؤلاء، للحصول على الربح الذي تنطوي عليه هذه المخاطرة.
إن حجم الربح الاستثماري من إنتاج سلعة معينة هو الفرق بين تكاليف إنتاج هذه السلعة والقيمة السوقية التي تُباع بها. وينشأ معظم اعتراضنا على الربح المتحقق من الاستثمار في الجامعات الربحية في قطاع التعليم العالي، خلافاً للربح المتحقق في مشروعات استثمارية في قطاعات أخرى، من خفض كلفة إنتاج هذه السلعة وليس من تعظيم قيمتها السوقية ، لأن طبيعة السلعة المُنتجة في التعليم العالي تجعلها مُكوّنة من سلعة خاصة ذات قيمة سوقية وسلعة عامة لا قيمة سوقية لها ، ولا مصلحة للجامعة الربحية في تعظيم إنتاج السلعة العامة ، أما السلعة الخاصة فهنالك سقف لنوعيتها تحدده معايير الأعتماد. لذلك يصبح حجم الربح معتمداً بدرجة كبيرة على خفض الإنفاق بتقليل إنتاج السلعة العامة إلى الحد الأدنى من جهة ، وبالاقتصاد في تكاليف إنتاج السلعة الخاصة وضبط نوعية مستوى الخدمة المقدمة ضمن سقف معايير الاعتماد من جهة أخرى ، إذ لا يترتب عن تجاوز هذه المعايير إلا نفقات لا ضرورة لها لتسويق السلعة.
في الوقت ذاته، لا نستطيع الدعوة إلى الاستغناء عن مدخرات القطاع الخاص لتمويل التعليم العالي. لكن ما يتعين الاستغناء عنه هو المدخرات التي تُستَقطَب من خلال حافز المخاطرة، والاعتماد بصورة حصرية على الاستدانة من البنوك أو من المدخرين مباشرة من خلال سندات تكفلها الحكومة أو تكفلها المؤسسات المستعدّة لعمل الخير. وهذه المقاربة تفتح الباب على مصراعيه لتحويل الجامعات الربحية إلى جامعات وطنية غير ربحية، وتحويل حقوق المساهمين فيها إلى ديون على هذه الجامعات في صورة سندات ذات عائد ثابت وبفائدة عادلة.
في ضوء ما تقدم بيانه، يمكن إيجاز الخطوط العامة لإصلاح التعليم العالي التي يتعَيّن أن تجسدها القوانين الجديدة كالآتي :
- أولاً ، إلغاء ثنائية الجامعات الحكومية والجامعات الخاصة والانتقال إلى مفهوم موحّد هو الجامعة الوطنية المستقلة مالياً وإدارياً، التي يديرها أمناء مؤمنون برسالة التميز والتنافس للتميز، ويكرّسون الطاقات التي بعثها فيهم ذلك الإيمان لتحقيق أكفأ الإدارة للنشاط الأكاديمي للجامعة الوطنية التي اؤتمنوا على إدارتها، ولدعم هذا النشاط بالسعي على مكانتهم إلى اجتذاب التبرعات وتكوين الوقفيات التي تُؤمّن التمويل المطلوب للارتقاء بالأداء الجامعي، حيث يقارب أداء الجامعات ذات المكانة العالمية، إن لم يتساوَ معها.
- ثانياً ، مأسَسَة الاستقلال المالي الكامل للجامعة الوطنية، ما يتيح لها أن تتقاضى كلفة تقديم خدماتها الأكاديمية ونشاطها العلمي والثقافي وإدارتها كاملة من الرسوم التي يدفعها الطلاب والدخل المُتحقّق من الأموال الموقوفة لمصلحتها رأی تبرعات أخرى عامة أو نوعية مخصصة لنشاطات معينة. في الوقت ذاته ، ما يعفيها من العناية باعتبارات العدالة أو القدرة على الدفع في قبول المتقدمين للالتحاق بها، وإعادة الحق إلى نصابه في هذا الشأن باعتبار أن تمكين المؤهلين للدراسة الجامعية ومنهم الفقراء إلى المعونة الجامعية الكلية أو الجزئية هو مسؤولية الدولة، تؤديها الحكومة من جهة، ومسؤولية اجتماعية تؤديها الجمعيات الخيرية في المجتمع. وبناءً على ذلك، تتوقف المعونات الحكومية للجامعات وتتحول إلى صندوق الطلبة الذي يُعاد تنظیم حکمانیته بحيث تُؤمّن له الموارد من المالية العامة ومن التبرعات، بما يغطي كلفة التعليم للطلاب المؤهلين للتعليم العالي لكن غير القادرين على دفع ثمنها. ولعل أفضل صور المعونة تزويد الطالب المحتاج بصكوك خاصة تحمل قيمَا نقدية تقبلها أي جامعة وطنية يختارها الطالب ويحوز القبول فيها .
- ثالثاً ، نقل مسؤولية الإجازة للشهادة الجامعية المعتمدة رسمياً من الجامعة التي درس فيها الطالب إلى هيئات مستقلة عن تلك الجامعة، تمتحن الطالب في الاختصاصات المختلفة التي تُمنح فيها الشهادة. والأولوية في تطبيق هذا المبدأ هو للشهادات العليا، الماجستير والدكتوراه، وربط التعيين في الجهات التي تتوافر فيها فرص العمل، سواءً في القطاع العام أم القطاع الخاص، باجتياز امتحانات تنافسية لِلياقة طالب العمل لإشغال تلك الوظيفة.
- رابعاً ، التوقف عن التعامل مع التعليم الجامعي على أنه امتداد للتعليم الثانوي وأن منطلقه هو اجتياز امتحان الشهادة الثانوية بالمعدل المطلوب للقبول في الكليات المختلفة. بدلاً من ذلك، يُصبح القبول الجامعي رهناً بالصلاحية المطلقة للجامعات من خلال امتحانات تضعها الجامعات لتفحص الأهلية العامة للطالب للاستفادة من التعليم الجامعي، وأهليته الخاصة للاستفادة من التخصص المُعيَن الذي يسعى إليه.
- خامساً ، يجب أن يترافق تحجيم دور الشهادة الثانوية في القبول الجامعي وإناطة معايير القبول بامتحانات الدخول التي تنظمها الجامعات مع عدم تحديد سن من يتقدم للقبول. بذلك، يتحرر الطالب الذي يُنهي الدراسة الثانوية من ارتباط شعوره بالقيمة الذاتية بالدرجة التي يحصل عليها في امتحان الشهادة الثانوية، ولا يؤشر قراره أن يدخل سوق العمل في تلك المرحلة إلى فشل في القبول الجامعي بل إلى تأجيل الرغبة في هذا القبول إلى زمن مُقبل. ولعل ما يُعزّز هذا المعنى إحداث فاصل زمني إلزامي لا يقل عن سنة بين تاريخ الحصول على الشهادة الثانوية وتاريخ التُقدم لامتحانات القبول الجامعي، فيكون لسِجلّ مجالات العمل أو التَعلُم الحر التي استعمل فيها الطالب ذلك الفاصل الزمني والخبرة التي اكتسبها إبان ذلك دور في تحسين فرصة اجتيازه امتحان القبول الجامعي في الاختصاص الذي يرغب فيه.
- سادساً ، إن إحداث فاصل نوعي بين التعليم الجامعي والمراحل السابقة يترتب عنه إصلاح واسع في أداء تلك المراحل حتى تكون شهادة الدراسة الثانوية ذات قيمة فاعلة في ذاتها كمؤشر على أن حاملها حاصل على مهارات ومعارف كافية وملائمة للنجاح في إشغال فرصة للعمل أو أخرى ضمن طيف واسع من الفرص في القطاعين الخاص والعام.
- سابعاً ، اعتبار قضية إصلاح التعليم العالي جزءاً من قضية المسيرة المستمرة لتطوير العقيدة التربوية نحو مفاهیم "بناء الحوافز والقدرات على التعلم المستمر واكتساب المهارات بالجهد المستقل للطالب"، ليَحل بالتدريج محل " التلقين أحادي الطرف (المدرّس) للمعارف والتدريب على المهارات بحدود دنیا لتفاعل الطرف المتلقي (الطالب) ". وما يجعل هذا الانتقال إلى المفاهيم الجديدة سهلاً في هذا العصر بالذات هي الثورة القائمة والمتعاظمة في فُرص التعلّم واكتساب المهارات من قبل أي راغب وبصورة مستقلة ومباشرة من خلال ما تتيحه آلات التصفح ضمن العنكبوت العالمي العريض (ع ع ع مقابل www !!).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|