أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-14
656
التاريخ: 31-1-2023
2086
التاريخ: 12-6-2016
17289
التاريخ: 4-4-2017
13946
|
السبب في القرار الاداري هو (الحالة القانونية أو الواقعية التي تتيح تدخل الادارة)(1) والمسلم به فقهاً افتراض صحة القرار الاداري غير المسبب وانه يستند الى سبب صحيح مالم يلزم القانون ذكر الاسباب. وإذا كان سبب القرار هو حالة أو واقعة، مادية كانت أم قانونية تبرر القرار وتؤدي به الى تحقيق غرضه فان طبيعة السبب هي موضوعية أي أنها تقدر بمعيار موضوعي بحت لأن القانون عندما يحدد أسباب القرار فأن هذه الاسباب تلحق بالقانون ولذلك فأنها تقدر في ضوء القانون مباشرة بحيث إذا لم تكن للقرار أسبابه كان القرار باطلاً والعكس صحيح فالسبب هو موضوعي في ثلاثة جوانب :-
1- موضوعي في طبيعته بعده حالة أو واقعة.
2- موضوعي في الرابطة التي تربط بالقرار.
3- موضوعي من حيث المعيار الذي يقدر به هو القانون أو الغرض الموضوعي(2).
والسؤال الذي يثار بهذا الخصوص عن أساس الرقابة على السبب والاجابة عن هذا التساؤل تكون من خلال دراستنا للقضاء الفرنسي حيث أن مجلس الدولة كان يختص بالنظر في القرارات الادارية المعيبة بعدم الاختصاص وكان هذا العيب هو الوجه الوحيد الذي تقوم عليه دعوى تجاوز السلطة ثم امتدت الرقابة الى شكل القرار واصبح يلغي القرارات لعيب في شكلها وبعد ذلك امتدت الى أغراض القرار وتطورت الرقابة الى رقابة المجلس على الوقائع في حالات السلطة التقديرية وصار يلغي القرارات المستندة الى وقائع غير صحيحة(3) . ورقابة الوقائع لا تغير من طبيعة الرقابة القضائية لأن وجود الوقائع لا تكفي لإعطاء المشروعية على القرار الإداري وانما يجب ان تحتوي على الخصائص التي حددها القانون فإذا أخطأت الادارة في تقديرها تعرض قرارها للألغاء ففي حالة اعلان الادارة عن الأسباب التي دعتها الى اتخاذ القرار ثم اتضح ان هذه الاسباب غير صحيحة فان القضاء في هذه الحالة يلغي القرار الذي استند اليها وهذا بالضبط ما أكدته المحكمة الادارية العليا في قرارها الصادر في يناير 1970 الذي تذهب فيه (وحيث أنه من المتفق عليه ان السبب وهو احد الأركان الاساسية التي يجب أن يقوم عليها القرار الاداري يشترط فيه ان يكون حقاً وصدقاً فأن لم يكن كذلك بان كان وهمياً أو صورياً كان القرار الذي يبني عليه باطلاً غير منتج لأي أثر من الآثار)(4). فالمتعاقد مع الادارة لا يستطيع التنازل عن العقد او التعاقد بخصوصه من الباطن الا بموافقة الادارة ، والتي لها الرفض شريطة ان يستند الى اسباب معقولة وليس لمجرد الرفض مثل ضعف الكفاية المالية او الفنية للمتعاقد الجديد فاذا كانت الاسباب غير مبررة فالمتعاقد ينازعها بهذا الخصوص ويستطيع الحصول على حكم بالغاء القرار الصادر برفض الموافقة وهذا ما اكده مجلس الدولة الفرنسي في 13 نوفمبر 1908 في قضية (wui llaume) الذي يذهب فيه (فاذا كانت الاسباب الذي تذرعت بها الادارة غير وجيهة فان المتعاقد يستطيع ان يحصل من قاضي العقد على حكم بالغاء القرار الصادر برفض الموافقة)(5). كما ان الفسخ بلا مبرر اذ كان مشوبا باحد العيوب الموضوعية كالغلط في الواقع، او اذا سببت الادارة قرار الفسخ تسبيباً معيباً فالمتعاقد في هذه الحالة ينازع الادارة في صحة اسباب تبررها وهذا ما اكده مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في 21 أيار 1931 في قضية (Santeni) وهو خاص بانهاء الادارة لعقد تصنيع بسبب نقص الامكانيات الضرورية لدى المورد وقد تبين عند نظر الدعوى ان الفسخ قد بنى على غلط في الواقع لان المورد كانت لديه الامكانيات اللازمة للانتاج(6). وقد صدرت من المحكمة الإدارية العليا المصرية العديد من القرارات بهذا الخصوص ومنها حكمها المؤرخ في 5 نوفمبر 1955 إذ تقول فيه (… لا تتدخل الادارة لتوقيع الجزاء الا اذا قامت حالة واقعية او قانونية تسوغ تدخلها ، وللقضاء الاداري ان يراقب صحة قيام هذه الوقائع ..)(7). وهذا ما أخذت به محكمة القضاء الاداري في حكمها الصادر في 2 يونيو 1957 الذي تذهب فيه (… ومن حيث ان التزام صاحب المطعن بانتاج عدد معين من افات الدقيق الصافي من كل اردب من القمح الذي تقوم بتسليمه اليه سلطات التموين ثم مساءلته عن عدم انتاج هذا المقدار يجب ان يقوم على سبب قانوني، وهذا السبب يكون اما بنص في التشريع او بنص في لائحة صادرة من جانب المطعن يمثل هذه المعدلات المقررة عند ابرامه العقد مع جهة الادارة التي تهيمن على مرفق التموين في البلاد … واما باتفاق يتضمن ذكر المعدل المقصود وينبه الى ضرورة الانتاج على مقتضاه . فاذا جاء خالياً تماماً من مثل هذا النص ، فقد يسر شد القاضي بما هو من مستلزمات العقد وفقاً للعرف الجاري في التعامل بحسب طبيعة كل التزام)(8). واضح من هذا العرض، أنه إذا كان السبب ركناً في القرار الاداري كسائر أركانه فانه لا يؤدي عمله بالكامل الا إذا حدد المشرع عناصره وواجب على الادارة الافصاح عن سبب تدخلها أما إذا تمتعت الادارة باختصاص تقديري في اختيار سبب تدخلها وفي عدم الافصاح عنه فان دور السبب في مجال الرقابة القضائية يتضاءل(9) فوجود الرقابة القضائية على السبب يتطلب ان يتمتع القاضي بالسلطان الكافي لفحص الاسباب التي بني عليها القرار من حيث صحتها من الناحيتين القانونية والواقعية ويذهب مفوض الدولة بان الرقابة القضائية هي التي تكبح جماح السلطة التقديرية للإدارة حيث أن الادارة عندما تصدر قرارات ادارية فان رقابة القضاء لا تتحرك على الوجود المادي الى الوقائع فقط وأنما الى صحة تقدير الوقائع وسبب ذلك ان هذه الوقائع لا تخرج عن كونها من العناصر التي يبنى عليها تقدير القرار الاداري والمحكمة عندما تسلط رقابتها فانها تقدر هذه العناصر التقدير الصحيح حتى تنزل حكم القانون عليها ففي حالة وجود نص قانوني أو لائحي يلزم جهة الادارة مراعاة شرط معين أو شروط عدة فان الادارة في هذه الحالة ملزمة بمراعاة هذا النص لدى اصدار قراراتها أما دور القاضي فان صلاحيته تتمثل التأكيد ما إذا كانت الادارة راعت هذا النص وفي الوقت نفسه يفحص مسألة التعسف في استعمال السلطة(10). فإجراء السحب هو اجراء مؤقت تتخذه الادارة لمصلحة المرفق ، على انه يمكن للمقاول ان يطلب من الإدارة إنهاء وضع المقاولة تحت الادارة المباشرة واعادة الاعمال اليه لاتمام التنفيذ اذا اثبت انه اصبح يملك من الوسائل الكافية ما يمكنه استئناف الاعمال والوصول بها الى نهاية مرضية. ويلاحظ ان الادارة تستقل بتقدير هذه الوسائل دون رقابة عليها من القضاء(11). ويلاحظ ان القضاء الإداري في مصر على خلاف القضاء الفرنسي يراقب الادارة في استخدامها لهذه الوسيلة من وسائل الضغط ويرتب عليها اثار وقد اكدت محكمة القضاء الاداري في حكمها الصادر في 33 ديسمبر 1956 والذي بموجبه الغت قرار الادارة بمصادرة تامين المقاول واستيلائها على ادواته ومهماته تنفيذا لقرار السحب الذي اتخذه وقد جاء في حكمها ((… فمن الواضح ان الاجراء الذي اتخذته الحكومة في هذا الخصوص انما يكون عند توقف المقاول عن العمل بلا مبرر قانوني …))(12). يتضح مما تقدم بان عمل الرقابة القضائية بالنسبة للسبب ينصب على التأكد من قيام الحالة القانونية أو الواقعية وبعد التأكد من صحة السبب من عدمه تنتقل الرقابة لمرحلة تكييف الواقعة، فان وضح السبب على نحو ما توضح كان القرار صحيحاً ومنتجاً لآثاره، أما إذا اتضح عدم صحته فان مصيره يكون البطلان(13) لأن القرارات الادارية تخضع لرقابة القضاء الاداري من حيث صحة اسبابها استناداً الى ان ركن السبب هو ركن مستقل وقائم بذاته ورقابة القضاء في هذا الصدد تقع أما على الوصف القانوني للوقائع أو على الوقائع المادية للقرار أو الاثنين معاً وهذا ما استقر عليه القضاء الفرنسي والمصري واللبناني والاردني(14) .
أما في العراق فان القضاء والفقه متفقان على وجوب استناد القرار الاداري إلى سبب حقيقي وصحيح من الناحيتين المادية والقانونية على الرغم من اننا لا نجد سوى اشارات عابرة في كتابات الفقه العراقي بهذا الخصوص ويرجع السبب في ذلك الى عدم وجود قضاء اداري في السابق وعدم التفات القضاء الاعتيادي لهذه المسألة(15). فالادارة تفرض الجزاء على المتعاقد استناداً الى علاقة نسبة بين خطأ المتعاقد والضرر فاذا انعقدت هذه العلاقة النسبية فلا مبرر او سند لهذا الجزاء وكما هو معروف ان العلاقة النسبية تنعدم في حالة السبب الاجنبي والذي يتمثل بـ (القوة القاهرة او الحادث الفجائي او خطأ المضرور (الادارة) او خطأ الغير) فمثلاً غرامة التاخير لا تستحق بمجرد حصول التاخير لان هنالك حالات للتاخير لا ترجع دائماً الى خطأ من جانب المتعاقد ، وهنا تنتفي المسؤولية وهذا ما اكدته المحكمة الادارية العليا في حكمها الصادر في 17 مارس 1957 الذي تذهب فيه ((… ومن ثم فان المطالبة بمبلغ هذه الغرامة دون قيام ما يثبت توقيعها وبعد نفاذ العقد من جانب طرفيه ، وبعد انقضاء سنوات من تاريخ ذلك النفاذ وانتهاء الرابطة بين الطرفين تكون عن غير اساس من القانون الامر الذي يتعين معه رفض الدعوى))(16). وقد أشارت محكمة التمييز في العديد من أحكامها الى مضمون السبب الأجنبي وعد سبباً كافيا لإعفاء المتعاقد مع الادارة من فرض الجزاء غير المبرر عليه اذ اثبت بان الاخلال في التنفيذ عائد الى سبب اجنبي لا بد له في حدوثه وهذا ما أكدته في حكمها إذ تذهب فيه ((… وتايد من اقوال ممثل الشخص الثالث المستوضح منه الشركة العامة للصناعات الصوفية ان هذه الشركة هي الوحيدة في القطر التي تنتج بطانيات نوع افراح وانها فعلاً كانت قد نفذت توجيهات وزارة الصناعة بايقاف اوامر التجهيز بمنتجاتها الصادرة من شركة (ب) التجارية وبقية الشركات الواجهية قبل تاريخ 16/9/1995 وقد شملت بقرار ايقاف التجهيز اوامر التجهيز ببطانيات من نوع افراح الخاصة بالمدعى عليه اضافة لوظيفته لكونها صادرة من شركة (ب) التجارية بتاريخ 21/5/1995 مما جعل تنفيذ الالتزام مستحيلا بالنسبة له لسبب اجنبي لا يد له فيه لعدم وجود منفذ اخر لانتاج البطانيات من النوع المذكور المتعاقد عليها مع المدعي اضافة لوظيفته ويعد التزامه منقضياً استناداً للمادة (425) من القانون المدني ولا يصح الرجوع عليه بطلب التعويض عن الاخلال بتنفيذ العقد…))(17).
______________
1- د.إعاد علي حمود القيسي، القضاء الاداري وقضاء المظالم، دار وائل للنشر ، عمان، 1999،ص221.
2- د. السيد محمد ابراهيم، رقابة القضاء الاداري على الوقائع في دعوى الالغاء، بحث منشور في مجلة العلوم الادارية، عدد2، س1970، ص64-65 .
3- انظر: السيد محمد ابراهيم، المرجع نفسه، ص60 .
4- د. خالد عبد العزيز عريم، ص1014-1016 .
5- د. سليمان الطماوي ، الاسس العامة للعقود الادارية، ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص403.
6- د. احمد عثمان عياد، مظاهر السلطة العامة في العقود الادارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1973، ص271 وما بعدها.
7- د. سليمان الطماوي، نظرية التعسف في استعمال السلطة،دراسة مقارنة ، ط3، مطبعة جامعة عين شمس ، 1978، ص316.
8- د. سليمان الطماوي ، الاسس العامة للعقود الادارية، مرجع سابق، ص360-361.
9- نقلاً عن د. سليمان الطماوي، نظرية التعسف في استعمال السلطة، المرجع نفسه، ص321.
10- انظر: د. سمير صادق ، المبادئ العامة في القضاء الاداري المصري ، بدون سنة طبع ص549-551 .
11- Andre de laubadere: contrats administratifs, op. Cit, p: 159
12- د. عزيزه الشريف، دراسات في نظرية العقد الاداري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1982، ص178.
13- د. حسين عبد العال محمد، الرقابة الادارية بين علم الادارة والقانون، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2004، ص304 .
14- (احتدم خلاف فقهي حول اعتبار السبب وجه مستقل من اوجه الالغاء فالفقه انقسم على جهتين جهة تذهب بان عيب السبب هو وجه مستقل من أوجه الالغاء، أما الجهة الثانية فتذهب الى ان عيب السبب يندرج ضمن عيب مخالفة القانون كوجه مستقل من أوجه الالغاء إذ كانت سلطة الادارة مقيدة ويندرج ضمن عيب الانحراف إذ كانت سلطاتها تقديرية ويبرر الاستاذ د. غازي فيصل بأن اسباب الخلاف تعود الى أن العديد من القوانين لم تشير صراحة عند بحثها لأوجه الالغاء ومثال على ذلك القانون الاردني والقانون العراقي حيث يكون ذلك من خلال مراجعة م/7 ثانياً فقرة (هـ) من قانون مجلس شورى الدولة المعدل مع ذلك يذهب بأن اشارة بعض القوانين الى عيب الخطأ في تطبيق القانون أو تأويله هي اشارة لامعة للعيب السبب) د. اوجه الطعن بالالغاء والطعن بالنقض في مجال القضاء الاداري، بحث منشور في مجلة جامعة صدام، 2001، ص205.
15- لمزيد من التفاصيل راجع بهذا الخصوص بحث استاذنا الدكتور ماهر صالح الجبوري، الموسوم غلط الادارة البين في تقدير الوقائع معياره ورقابة القضاء عليه، منشور في مجلة العلوم القانونية مجلد التاسع، عدد1-2،1990 ، ص207 وما بعدها.
16- انظر حكم المحكمة الادارية العليا في مصر المؤرخ في 17 مارس 1957 واشار اليه حسين درويش ، السلطات المخولة لجهة الادارة في العقد الاداري، ص140.
17- انظر حكم محكمة التمييز المرقم 185/ موسعة ثانية /2001 والصادر في 28/8/2002 (غير منشور)
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|