المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

Ralph Duncan James
9-11-2017
للتحفيز وسائل.. فأيها تفضل؟
2024-07-26
الوصف النباتي للكمثرى «الاجاص»
2023-09-21
المدرسة واستغلالها مهارات أولياء الأمور
11-6-2017
هل الخوف غريزي عند الطفل ؟
2023-08-13
Occurrence, extraction and uses Occurrence of group 14 elements
23-3-2017


فَتْرةُ الطفُولة في حياة النبيّ (صـلى الله علـيه وآله)  
  
3799   03:20 مساءً   التاريخ: 8-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص220-224.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله قبل البعثة /

إن صفحات التاريخ تشهد بأن حياة رسول الإسلام (صـلى الله علـيه وآله) من بداية طفولته وأوان صباه وإلى يوم بعثه بالرسالة كانت مشحونة بسلسلة من الحوادث العجيبة الّتي تعَدُّ بأجمعها من كراماته (صـلى الله علـيه وآله) وتدل على أن حياة النبيّ لم تكن حياة عادية.

وينقسم المؤلفون في تفسير هذه الحوادث إلى طائفتين :

1 ـ الماديُّون وجماعة من المستشرقين : فان العلماء الماديين الذين يحصرون الوجود في نطاق المادة ويعتبرون جميع الظواهر ظواهر مادية وينحتون لكل واحدة منها علة طبيعية لا يهتمون بهذه الحوادث ولا يُعيرونها أية أهمية لامتناع واستحالة وقوع أمثال هذه الظواهر حسب النظرة المادية ولهذا فكل ما يصادفونه في ثنايا التاريخ من هذا الباب يعتبرونه من ولائد الخيال وممّا نسجته اَوهامُ التابعين لذلك الدين أو الطريقة.

وقد تبعهم في هذا الموقف جماعة من المستشرقين فرغم انهم يعتبرون انفسهم ـ حسب الظاهر ـ في عداد الموحِّدين والمؤمنين باللّه وبما بعد الطبيعة من عوالم الغيب إلاّ أنهم ـ لضعف إيمانهم وبسبب غرورهم العلمي وغلبة النزعة المادية على أفكارهم وأذهانهم ـ اتبعوا ـ لدى تحليلهم لهذه الحوادث ـ المنهج الماديّ فنحن نقرأ في كتاباتهم مراراً وتكراراً زعمهم بانَ النبوة ما هي إلاّ نبوغٌ بشريٌّ وأن النبيّ مجرد نابغة اجتماعية استطاع تغيير مسار الحياة البشرية بأفكاره النيَّرة!!

ولا شك أن مثل هذا التصوّر ينبع من طريقة التفكير المادي الّذي يعتبر جميع الأديان من ولائد الفكر البشري وافرازات الذهن الانساني في حين ان علماء العقيدة اثبتوا في : مباحث النبوَّة العامة انَّ النبوة عطية الهية وموهبة ربّانية هي في الحقيقة منشأ جميع الالهامات والارتباطات المعنوية ومصدر لمناهج الانبياء وبرامجهم ليست ابداً وليدة نبوغهم الإنساني ولا نسيجة فكرهم البشري وليس لها مصدر إلاّ الإلهام من الغيب ولكن عندما ينظر المستشرقُ المسيحي إلى هذه القضايا من زاوية الفكر المادي ويريد تفسير جميع هذه الظواهر بالأسس العلمية الّتي كشفت عنها التجربةُ ينتقد مثل هذه الحوادث ذات الطابع الاعجازي وربما انكرها من الاساس.

2 ـ المؤمنون باللّه : الذين يعتقدون بأن العالم المادي بجميع خصوصياته وخواصه يخضع لتدبير عالم آخر وأن ذلك العالم ( اي عالم التجرد وما وراء الطبيعة ) هو المنظِم لهذه الطبيعة وهو المدبِر لهذا الكون المادي.

وبعبارة اُخرى إن عالم المادة ليس عالماً مسيِّباً مستقلا عن غيره وان جميع الانظمة والقوانين الطبيعية والعلمية مسبَّبةٌ عن تأثيرات موجودات عليا وبخاصة ناشئةٌ عن إرادة اللّه الخالقِ الّذي اعطى للمادة وجودها وأوجد القوانين والعلاقات الصحيحة بين أجزائها وبنى بقاءها على سلسلة من النواميس الطبيعية.

إنَ هذا الفريق من الناس مع احترامهم للقوانين العلمية واذعانهم الصادق بما قاله العلماء في صعيد العلاقات والروابط القائمة بين القوانين ممّا أثبته العلم واكّده يعتقدون بأن مثل هذه القوانين الطبيعية ليست اُموراً لا تقبل التغيير والتبدل.

فهم يعتقدون بأن العالم الاعلى يمكنه ـ إذا أراد ـ أن يُغيّر تلك القوانين لغايات خاصة وليس في مقدوره ذلك فقط بل فعلَ ذلك في جملة من الموارد لأهداف عليا.

وبعبارة اُخرى : إنَّ الافعال الخارقة للعادة ليست ظواهر عارية عن العلل بل إنَّ علتها غير طبيعيّة وافتقاد العلة الطبيعية ( وخاصة العلة الطبيعية غير المعروفة ) ليس دليلا على افتقاد مطلق العلة.

والخلاصة : إن قوانين الخلقة ليست بحيث لا يمكن تبدُّلها وتغيّرها بارادة بارئها وخالقها.

إنهم يقولون : إنَّ جميع خوارق العادة وجميع أفعال الأنبياء العجيبة الّتي تتصف بصفة الاعجاز والخارجة عن اطار القوانين الطبيعية تتحقق من هذه الزاوية.

إنَّ هذا الفريق من الناس لا يسمَحُون لأنفسهم بان يرفضوا الأعمال الخارقة للعادة والكرامات الّتي جاء ذكرها في القرآن الكريم والاحاديث أو وردت في المصادر التاريخية الصحيحة المعتبرة أو يكشوا فيها بحجة أنها لا توافق الموازين الطبيعية والقوانين العلمية.

وها نحن نشير إلى قضيتين عجيبتين وقعتا في فترة الطفولة من حياة رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ومع اخذ ما قلناه بنظر الاعتبار لا يبقى أي مجال للترديد أو الاستبعاد :

1 ـ لقد نقَلَ المؤرخون عن حليمة السعدية قولها بأنها لمّا تكفلَّت إرضاع النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) أرادت أن ترضعه في محضر اُمّها ففتحت جيبها وأخرجت ثديها الايسر وأخذت رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) فوضعته في حجرها ووضعت ثديها في فمه فترك النبي (صـلى الله علـيه وآله) ثديها ومالَ إلى ثديها الأيمن فأخذت حليمة ثديها الأيمن من يد النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) ووضعت ثديها الأيسر في فمه وذلك أنَّ ثديها الأيمن كان جهاماً ( أي خالياً من اللبن ولم يكن يدرُّ به ) وخافت ( حليمة ) أن النبي (صـلى الله علـيه وآله) إذا مصَّ الثدي ولم يجد فيه شيئاً لا يأخذ ـ بعده ـ الأيسر. ولكن النبيّ أصرَّ على أخذ الثدي الأيمن فلمّا مصَّ (صـلى الله علـيه وآله) الأيمن امتلأ فانفتح حتّى ملأ شدقيه فادهش الجميع ذلك .

2 ـ وتقول حليمة أيضاً : إن البوادي أجدبت وحملنا الجُهد على دخول البلد فدخلتُ مكة مع نساء بني سعد فأخذتُ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) فعرفنا به البركة والزيادة في معاشنا ورياشنا حتّى أثرينا وكثرت مواشينا وأموالنا .

إنَّ مَن المسلم أنَّ حكم الماديين أومن يحذو حذوهم ويتبع منهجهم في هذه المسائل يختلف عن حكم المؤمنين باللّه.

فان أتباع المنهج المادي إذ عجزوا عن تفسير هذا النوع من القضايا من زاوية العلوم الطبيعية نجدهم يبادرون إلى اعتبار هذه الحوادث من نسج الخيال ومن ولائد الاوهام واما إذا كانوا اكثر تأدباً لقالوا : إن رسول الإسلام ليس بحاجة إلى امثال هذه المعاجز : ونحن نقول : لا نقاش في أن النبي (صـلى الله علـيه وآله) غني عن هذه المعاجز إلاّ أن عدم الحاجة شيء والحكم بصحة هذه الاُمور أو بطلانها شيء آخر.

وأما المؤمن باللّه الّذي يردُّ النظام الطبيعي إلى مشيئة اللّه خالق الكون وارادته العليا ويعتقد بأن كل الحركات والظواهر في العالم الطبيعي من اصغر اجزائه ( الذرة ) إلى اكبر موجوداته ( المجرة ) يجري تحت تدبيره ونظارته فانه بعد التحقق من مصادر هذه الحوادث والتأكد من وقوعها ينظر إليها بنظر الاحترام وأمّا إذا لم يطمئن إليها لم يرفضها رفضاً قاطعاً.

ولقد ورد في القرآن الكريم نظائر عديدة لهذه القصة حول مريم اُم عيسى فالقرآن يخبرنا عن تساقط الرطب الجَنيّ من جذع النخلة اليابسة كرامة لوالدة المسيح عندما لجأت إليه مريم عند المخاض إذ يقول : {أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 24، 25] .

إنه وان كان الفرق بين مريم و حليمة شاسعاً وكبيراً من حيث الملكات الفاضلة والمكانة والمنزلة إلاّ أن منزلة مريم (عليها ‌السلام) لو استوجبت مثل هذا اللطف الالهي ففي المقام استوجب نفسُ مقام الوليد العظيم ومكانته عند اللّه تعالى أن تشمله العناية الالهية.

كما انه قد جاء في القرآن الكريم حول مريم (عليها ‌السلام) امور اُخرى مشابهة.

ان عصمة هذه المرأة الطاهرة وتقاها وطهرها البالغ كانت بحيث أن زكريا كلّما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً فاذا سألها : مِن أينَ لكِ هذا قالت : هو مِنْ عِند اللّه؟ .

وَعلى هذا الأساس يجب أن لا نتردَّد ولا نسمح لأنفسنا بأن نشك في مثل هذه الكرامات أو نستبعدها.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.