المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



ولادة بطل التوحيد أبراهيم الخليل  
  
4358   12:13 مساءً   التاريخ: 2-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص120-123.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / آبائه /

لقد وُلدَ بطَلُ التوحيد في بيئة مظلمة كانت تسربلها ظلمات الوثنية وعبادة البشر ... في بيئة كان الإنسان فيها يخضع لأَصنام نحتها بيديه كما يخضع لكواكب ونجوم.

لقد وُلد حامل لواء التوحيد إبراهيم الخليل (عليه‌ السلام) في بابل الّذي يعدّها المؤرخون إحدى عجائب الدنيا السبع ويذكرون حولها قصصاً واموراً كثيرة تنبئ عن عظمتها وأهمية حضارتها فيقول هيردوتس المؤرخ المعروف ـ مثلا ـ : لقد كانت بابل بنية بشكل مربَّع طول كل ضلع من اضلاعه الاربعة ( 120 فرسخاً ) ومحيطه ( 480 فرسخاً ) .

إنَّ هذا الكلام مهما كان مبالغاً فيه إلاّ أنه على كل حال يكشف عن حقيقة لا تقبل الإنكار إذا ما ضُمَّ إلى ما كتبه الآخرون عن تلك المدينة التاريخية.

غير اننا لا نرى من تلك المدينة اليوم ومن مناظرها الجميلة وقصورها الرائعة إلاّ تلاّ من التراب في منطقة بين دجلة و الفرات فالموت يخيّم على كل تلك المنطقة اللّهم الا عندما يكسر علماء الآثار بتنقيباتهم جدار الصمت أحياناً بحثاً عن آثار تلك المدينة ويستخرجون بقاياها الموقوف على معالم من حضارة اصحابها وسكانها.

لقد فتح رائد التوحيد ومُرسي اركانه إبراهيم الخليل (عليه‌ السلام) عينيه في دولة نمرود بن كنعان .

وكان نمرود هذا رغم أنه يعبدُ الصنم يدّعي الاُلوهيَّة ويأمر الناس بعبادته , وقد يبدو هذا الامر عجيباً جداً فكيف يمكن ان يكون الشخص عابد صنم ومع ذلك يدّعي الاُلوهية في الوقت نفسه إلاّ أن القرآن الكريم يذكر لنا نظير هذه المسألة في شان فرعون مصر وذلك عندما هزّ النبي موسى بن عمران (عليه‌ السلام) قواعد العرش الفرعوني بمنطقه القويّ وحجته الصاعقة فاعترض أنصار فرعون وملأوه على هذا الأمر وخاطبوا فرعون بلهجة معترضة قائلين : {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعراف: 127].

ومن الواضح جدّاً أن فرعون كان يدعي الالوهية فهو الّذي كان يقول : {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24] وهو القائل : {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: 38] ولكنه كان في الوقت نفسه عابد صنم ووثنياً.

بَيْدَ أَنَّ هذه الازدواجية ليست بأَمر غريب عند الوثنيين ولا يمنع مانع في منطقهم أن يكون الشخصُ نفسه وثنياً يعبد الصنم ومع ذلك يَدَّعي أنه الهٌ ويدعو الناس إلى عبادته فيكون الهاً معبوداً يعبد الهاً أعلى منه لأن المقصود من المعبود والاله ليس هو خالق الكون بل هو من يتفوَّق على الآخرين بنحو من أنحاء التفوق ويتملك زمام حياتهم بشكل من الإشكال.

هذا والتاريخ يحدثنا أن العوائد في بلاد الروم كانت تعبد كبارها ومع ذلك كان اولئك الكبار المعبودين انفسهم يتخذون لأنفسهم معبوداً أو معبودات اُخرى.

إن أكبر وسيلة توسَّل بها نمرودُ في هذا السبيل هو استقطاب جماعة من الكهنة والمنجمين الذين كانوا يُعدّون الطبقة العالمة والمثقَّفة في ذلك العصر.

فقد كان خضوعُ هذه الطبقة يمهّد لاستعمار الطبقة المنحطة وغير الواعية من الناس.

هذا مضافاً إلى أنه كان يُناصر نمرود بعضُ من ينتسب إلى الخليل (عليه‌ السلام) بوشيجة القربى مثل آزر الّذي كان يصنع التماثيل وكان عارفاً بأحوال النجوم والفلك أيضاً وكان هذا هو الآخر أحد العراقيل الّتي كانت تمنع الخليل من انجاح مهمته لأنه مضافاً إلى مخالفة الرأي العام له كان يواجه مخالفة أقاربه ايضاً.

لقد كان نمرود غارقاً في عالم خيالي عندما دق المنجمون فجأة أول ناقوس للخطر وقالوا له : سوف تنهار حكومتُك ويتهاوى عرشك وسلطانك على يد رجل يولد في تلك البيئة الأمر الّذي أيقظ أفكاره النائمة فتساءل من فوره وهل وُلد هذا الرجل؟ فقيل له : لا انه لم يولد بعد .. فأمر من فوره بعزل الرجال عن النساء ( وذلك في الليلة الّتي انعقدت فيها نطفة ابراهيم الخليل (عليه‌ السلام) عدو نمرود وهادم ملكه ومزيل سلطانه وهي الليلة التي حددها وتكهن بها المنجمون والكهنة من انصار نمرود ) ومع ذلك كان جلاوزة نمرود يقتلون كل وليد ذكر وكان على القوابل ان يسجِّلن اسماء المواليد في مكتبه الخاص.

ولقد اتفق أن انعقدت نطفةُ الخليل في نفس الليلة الّتي منع فيها اي لقاء جنسي بين الرجال وازواجهم.

لقد حملت اُم إبراهيم به كما حملت اُم موسى به وامضت فترة حملها في خفاء وتستر ثم لجأت بعد وضع وليدها العزيز إلى غار بجبل على مقربة من المدينة حفاظاً عليه وراحت تتفقده بين حين وآخر من الليل والنهار قدر المستطاع.

وقد أرضى هذا الاسلوبُ الظالمُ نمروداً وأراح باله بمرور الزمن إذ أيقن بانه قد قضى به على عدو عرشه وهادم سلطانه وتخلص منه.

لقد قضى إبراهيم (عليه‌ السلام) ثلاثة عشر عاماً في ذلك الغار الّذي كان يتصل بالعالم الخارجي عبر باب ضيّق ثم أخرجته اُمه من ذلك الغار بعد ثلاثة عشر عاماً ودخل ابراهيم في المجتمع فاستغرب المجتمع النمرودي وجوده وانكروه .

لقد خرج إبراهيم من الغار مؤمناً باللّه بفطرته وقوّى توحيده الفطري بمشاهَدة الأَرض والسماء والنظر في سطوع الكواكب والنجوم والتأمل في ما يجري في عالم النبات من نمو وحركة إلى غير ذلك ممّا يجري في عالم الطبيعة العجيب.

لقد واجه إبراهيم (عليه‌ السلام) بعد خروجه من الغار جماعة من الناس بهرتهم أحوال الكواكب وعظمة أمرها ففقدوا عقولهم تجاه هذه الظاهرة كما راى جماعةٌ اُخرى أحطَّ فكريّاً من سابقتها يعبدون اصناماً منحوتة بل واجه ما هو اسوأ بكثير من أعضاء الطوائف والجماعات الضالة إذ رأى رجلا يستغل جهل الناس وغبائهم ويدعي الالوهية ويفرض عليهم عبادته والخضوع له!!

لقد كان إبراهيم (عليه‌ السلام) يرى أَنَّ عليه أن يهيّئ نفسه لخوض المعركة في هذه الجهات الثلاث المختلفة وقد نقل القرآن الكريم قصة نضال النبيّ إبراهيم (عليه‌ السلام) في هذه الاصعدة والجبهات الثلاث ... .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.