أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-10-2014
2080
التاريخ: 15-11-2014
3306
التاريخ: 2024-09-15
207
التاريخ: 15-10-2014
2531
|
قد ألّف بعض أعاظم القوم « علل الحديث » المخّرج في الصحيحين كالدار قطني.
وآخر « غريب الصحيحين » كالضياء المقدسي.
وثالث : « نقد الصحيح » كالفيروز آبادي.
ورابع « التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح » كالزركشي.
وخامس « غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في مسلم من الأحاديث المقطوعة » كالعطّار ...
ودافع ابن حجر العسقلاني عن البخاري وحاول رفع مشكلات حديثه في مقدّمة شرحه ، لكنّه أخفق في موضع واعترف بالإشكال وستعلم بعض ذلك ...
وقبل الشروع في ذكر نماذج من الأحاديث المحكوم عليها بالوضع أو الضعف أو الخطأ .. المخرّجة في الصحيحين .. نذكّر بمطلبين :
1 ـ إنّا عندما نلاحظ كتب الحديث وعلومه عند القوم ، ونستعرض أحوال محدّثيهم ورواتهم ، نجد أنّهم يهتمّون برواية الحديث ونقله بسنده ومتنه ، ولا يعتنون بالنظر في معناه ومدلوله ، وأنّ الأوصاف والألقاب والمناقب والمراتب تعطى لمن كان أوسع جمعاً وأكثر رواية ، لا لمن أدقّ نظراً وأوفر درايةً ... ومن هنا كثرت منهم الأغلاظ الفاحشة ، حتى في الآيات القرآنية والأحكام الشرعية.
قال ابن الجوزي : « إنّ اشتغالهم بشواذّ الحديث شغلهم عن القرآن ... إن عبدالله بن عمر بن أبان مشكدانة قرأ عليهم في التفسير : ( ويعوق وبشراً ) فقيل له : ( ونسراً ) فقال : هي منقوطة من فوق فقيل له : النقط غلط. قال : فارجع إلى الأصل.
قال الدار قطني : سمعت أحمد بن عبيد الله المنادي يقول : كنّا في دهليز عثمان ابن أبي شبية فخرج إلينا فقال : ( ن والقلم ) في أيّ سورة هو؟
قال : وأمّا بيان إعراضهم عن الفقه شغلاً بشواذّ الأحاديث ، فقد رويت عنهم عجائب ... وقفت امرأة على مجلس في يحيى بن معين وأبو خيثمة وخلف ابن سالم في جماعة يتذاكرون الحديث ، فسمعتهم يقولون : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ورواه فلان ، وما حدّث به غير فلان ، فسألتهم المرأة عن الحائض تغسل الموتى ـ وكانت غاسلة ـ؟ فلم يجبها أحد منهم ، وجعل بعضهم ينظر إلى بعض ، فأقبل أبو ثور فقالوا لها : عليك بالمقبل ، فالتفتت إليه فسألته فقال : نعم تغسل الميت بحديث عائشة : إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لها : حيضك ليست في يدك ، ولقولها : كنت أفرق رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالماء وأنا خائض ، قال أبو ثور : فإذا فرقت رأس الحيّ فالميّت أولى به ، فقالوا : نعم ، رواه فلان وحدّثنا فلان ؛ وخاضوا في الطرق ، فقالت المرأة : فأين كنتم إلى الآن؟! » (1).
قال : « وقد كان فيهم مع كثرة سماه وجمعه للحديث من يرويه ولا يدري ما معناه ، وفيهم من يصحّفه ويغيره ... أخبرنا الدار قطني : أنّ أبا موسى محمد بن المثنّى العنزي قال لهم يوماً : نحن قوم لنا شرف ، نحن من عنزة قد صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلينا ، لما روي أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى الى عنزة ، توهّم أنّه صلى إلى قبلتهم ، وإنّما العنزة التي صلى إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هي حربة » (2).
قال : « وقد كان أكثر المحدّثين يعرفون صحيح الحديث من سقيمه وثقات النقلة من مجروحيهم ثم يعابون لقلّة الفقه ، فكان الفقهاء يقولون للمحدّثين : نحن الأطبّاء وأنتم الصيادلة ... » (3).
قال : « والآن فالغالب على المحدّثين السماع فحسب ، لا يعرفون صحابياً من تابعي ، ولا حديثاً مقطوعاً من موصول ، ولا صحّة إسناد من بطلانه ، وفرض مثل هؤلاء القبول ممّن يعلم ما جهلوه ... » (4).
وبالجملة .. فإنّ هذا حال أهل الحديث .. إلاّ القليل منهم .. الّذين نظروا في الأحاديث وبحثوا عن أحوالها على أساس النظر في المفاد والمدلول ، فجاء عنهم الطعن والقدح في أحاديث كثيرة حتى من الصحيحين .. لأنّ الحديث إذا عارض الكتاب أو خالف الضرورة من الدين أو العقل أو التاريخ يكذّب وإن صحّ سنده .. وقد أشرنا إلى هذه القاعدة المقرّرة من قبل ..
إنّه قد اختلف القوم في أسباب الجرح والتعديل اختلافاً فاحشاً ، فرُبّ راو هو موثوق به عند البخاري ومجروح عند مسلم كعكرمة مولى ابن عبّاس ، أو موثوق عندهما ومجروح عند غيرهما ... كما ذكرنا ..
ويتلخّص أنّ في أحاديث الصحيحين ما هو مطعون من جهة السند ، وما هو مطعون فيه من جهة دلالته على معنى تخالفه الضرورة من النقل أو العقل : وما هو مطعون فيه من الجهتين .. وإليك نماذج من هذه الأنواع :
1 ـ أخرج البخاري في كتاب الطبّ بسنده عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال في كسب المعلّمين : « إن أحق ما اخذ عليه الأجر كتاب الله » (5).
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ، حيث رواه بسنده عن ابن أبي مليكة عن عائشة ، وطعن في سنده ثم قال : « والحديث منكر » (6).
2 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير عن ابن عباس قال : « قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكّة : والنجم ... فلمّا بلغ : {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى } [النجم : 19، 20] ألقى الشيطان في امنيّته ... » (7).
قال الرازي : « أمّا أهل التحقيق فقد قالوا : هذا الرواية باطلة موضوعة وبيّن بطلانها.
وحكي عن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنّه سئل عن هذه القصّة فقال : إنّها من وضع الزنادقة.
وقال الإمام أبوبكر البيهقي : هذه القصّة غير ثابتة من جهة النقل » (8).
وقال القاضي عياض المالكي : « قد قامت الحجّة وأجمعت الامّة على عصمته (صلى الله عليه وآله وسلم) ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة النقيصة ... » (9).
3 ـ قال ابن حزم في ( المحلى ) : « ومن طريق البخاري ، قال : هشام بن عمار ، نا صدقة بن خالد ، نا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ، نا عطيّة بن قيس الكابلي ، نا عبدالرحمن بن غنم الأشعري ، حدّثني أبو عامر وأبو مالك الأشعري ـ والله ما كذبني ـ أنّه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : ليكوننّ من أمّتي قوم يستحلّون الخزّ والخنزير والخمر والمعازف.
وهذا منقطع لم يتّصل ما بين البخاري وصدقة بن خالد ، ولا يصحّ في هذا الباب شيء أبداً ، وكلّ ما في موضوع ».
4 ـ أخرج البخاري بسنده عن عروة : « إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب عائشة بنت أبي بكر ، فقال له أبو بكر : إنّما أنا أخوك ، فقال : أنت أخي في دين الله وكتابه ، وهي لي حلال » (10).
قال ابن حجر : « قال مغطاي : في صحّة هذا الحديث نظر ، لأنّ الخلّة لأبي بكر إنّما كانت بالمدينة، وخطبة عائشة كانت بمكّة ، فكيف يلتئم قول : إنّما أنا أخوك؟! أيضاً .. فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما باشر الخطبة بنفسه ... » (11).
5 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : « يلقى إبراهيم أباه فيقول : يا ربّ إنّك وعدتني ألاّ تخزني يوم يبعثون : فيقول الله : إنّي حرّمت الجنّة على الكافرين » (12).
قال ابن حجر : « وقد استشكل الإسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحّته ، فقال بعد أن أخرجه : هذا خبر في صحّته نظر من جهة أنّ إبراهيم عالم أنّ الله لا يخلف الميعاد ، فكيف يجعل ما صار لأبيه خزياً له مع علمه بذلك؟! وقال غيره : هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى : {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ ...} [التوبة : 114] » (13).
6 ـ أخرج البخاري في كتاب الصلح بسنده عن أنس ، قال : « قيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لو أتيت عبدالله بن اُبيّ ، فانطلق إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وركب حماراً ، فانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة ، فلمّا أتاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إليك عنّي ، والله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الأنصار منهم : والله لحمار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أطيب ريحاً منك ، فغضب لعبدالله رجل من قومه فشتمه فغضب لكل واحد منهما أصحابه ، فكا بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنّها نزلت : {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات : 9] قال أبو عبد الله : هذا ممّا انتخبت من مسدّد قبل أن يجلس ويحدّث » (14).
قال الزركشي : « فبلغنا أنّها نزلت : ( وإن طائفتان ) قال ابن بطّال : يستحيل نزولها في قصّة عبدالله بن أبيّ والصحابة ، لأنّ أصحاب عبدالله ليسوا بمؤمنين وقد تعصّبوا بعد الإسلام في قصّة فدك ، وقد رواه البخاري فدلّ على أنّ الآية لم تنزل فيه ، وإنّما نزلت في قوم من الأوس والخزرج اختلفوا في حقّ فاقتتلوا بالعصي والنعال » (15).
7 ـ أخرج البخاري في كتاب التفسير بسنده عن ابن عمر قال : « لمّا توفّي عبدالله بن اُبيّ ، جاء ابنه عبدالله بن عبدالله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله أن يعطيه قميصه يكفّن فيه أباه فأعطاه ، ثم سأله أن يصلّي عليه ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليصلّي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله فقال : يا رسول الله ، تصلّي عليه وقد نهاك ربّك أن تصلّي عليه؟! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّما أخبرني الله فقال : {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة : 80] وسأزيده على السبعين. قال : إنّه منافق ! قال : فصلّى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنزل الله : {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة : 84] » (16).
- أبو بكر الباقلاني .
- أبو حامد الغزّالي .
- الإمام الداودي .
قال ابن حجر : « استشكل فهم التخيير من الآية ، حتى أقدم جماعة من الأكابر على الطعن في صحّة الحديث ، مع كثرة طرقه واتّفاق الشيخين وسائر الّذين خرّجوا الصحيح على تصحيحه ... » ثم ذكر كلمات القوم ثم قال : « والسبب في إنكارهم صحّته ما تقرّر عندهم ممّا قدّمناه ، وهو الذي فهمه عمر من حمل ( أو ) على التسوية لما يقتضيه سياق القصّة ، وحمل السبعين على المبالغة ... » (17).
8 ـ أخرج البخاري بسنده عن مسروق ، قال : « أتيت ابن مسعود فقال : إنّ قريشاً أبطؤا عن الإسلام ، فدعا عليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيما وأكلوا الميتة والعظام ، فجاءه أبو سفيان فقال : يا محمد جئت تأمر بصلة الرحمن إنّ قومك هلكوا ...
زاد أسباط عن منصور : دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسقوا الغيث ... » (18).
وطعن فيه :
- إبن حجر العسقلاني .
- العيني ، صاحب ( عمدة القاري ).
- الإمام الداودي .
- أبو عبدالملك .
- الحافظ الدمياطي .
- الكرماني ، صاحب ( الكواكب الدراري ) .
قال العيني : « واعترض على البخاري زيادة أسباط هذا ، فقال الداودي : أدخل قصّة المدينة في قصّة قريش وهو غلط. وقال أبو عبدالملك : الذي زاده أسباط وهم واختلاط ... وكذا قال الحافظ شرف الدين الدمياطي.
والعجب من البخاري كيف أورد هذا ومكان مخالفاً لما رواه الثقات!!
وهذا من المواضع التي اعترف فيها ابن حجر بنكارة الحديث ولم يتمكّن من الدفاع عنه ...
9 ـ أخرج البخاري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : « تكثير لكم الأحاديث من بعدي فإذا روي لكم حديث فأعرضوه على كتاب الله تعالى ...».
قال يحيى بن معين : « إنّه حديث وضعته الزنادقة ».
وقال التفتازاني : « طعن فيه المحدّثون ».
قال : « وقد طعن فيه المحدّثون بأنّ في رواته يزيد بن ربيعة وهو مجهول ، وترك في إسناده واسطة بين الأشعث وثوبان فيكون منقطعاً. وذكر يحيى بن معين أنّه حديث وضعته الزنادقة ، وإيراد البخاري إيّاه في صحيحه لا ينافي الإنقطاع أو كون أحد رواته غير معروف بالرواية » (19).
10 ـ أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر : « كنّا في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا نفاضل بينهم » (20).
قال ابن عبد البّر : « هو الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ ، لأنّ القائل بذلك قد قال بخلاف ما أجمع عليه أهل السنّة من السلف والخلف من أهل الفقه والأثر : أنّ عليّاً أفضل الناس بعد عثمان ، وهذا ممّا لم يختلفوا فيه ، وإنّما اختلفوا في تفضيل علي وعثمان. واختلف السلف أيضاً في تفضيل علي وأبي بكر.
وفي إجماع الجميع الذي وصفنا دليل على أنّ حديث ابن عمر وهم وغلط وأنّه لا يصحّ معناه وإن كان إسناده صحيحاً ... » (21).
11 ـ أخرج الشيخان عن شريك بن عبدالله عن أنس بن مالك قصّة إسراء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : ليلة اسري برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مسجد الكعبة أنّه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم ... » (22).
طعن فيه النووي فقال : « وذلك قبل أن يوحى إيه ، وهو غلط لم يوافق عليه ، فإن الإسراء أقلّ ما قيل فيه : أنّه كان بعد مبعثه بخمسة عشر شهراً ... » (23).
والكرماني فقال : « قال النووي : جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء ، من جملتها أنّه قال : ذلك قبل أن يوحى إليه. وهو غلط لم يوافق عليه ، وأيضاً : العلماء أجمعوا على أنّ فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل الوحي؟!
أقول : وقول جبرئيل جواب بوّاب السماء إذ قال : أبعث؟ نعم ، صريح في أنّه كان بعده » (24).
وابن القيّم وعبارته : « قد غلّط الحفّاظ شريكاً في ألفاظ من حديث الإسراء ، ومسلم أورد المسند منه ثم قال : فقدّم وأخّر وزاد ونقص ، ولم يسرد الحديث وأجاد » (25).
12 ـ أخرج البخاري بسنده : « عن عمرو بن ميمون ، قال : رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليه قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم » (26).
طعن فيه :
- الحافظ الحميدي .
- وابن عبد البّر.
قال ابن حجر : « استنكر ابن عبد البرّ قصّة عمرو بن ميمون هذه وقال : فيها إضافة الزنا إلى غير مكلّف ، وإقامة الحدّ على البهائم ، وهذا منكر عنه أهل العلم .. وأغرب الحميدي في الجمع بين الصحيحين فزعم أنّ هذا الحديث وقع في بعض نسخ البخاري ، وأنّ أبا مسعود وحده ذكره في الأطراف ، قال : وليس في نسخ البخاري أصلاً ، فلعلّه من الأحاديث المقحمة في كتاب البخاري ... » (27).
13 و14 و15 ـ أخرج البخاري ثلاثة أحاديث عن عطاء عن ابن عبّاس ، اثنان منها في كتاب الطلاق ، والآخر في كتاب التفسير (28).
وقد طعن الأئمّة في هذه الأحاديث. وأذعن أبن حجر بخطأ البخاري في إخراجها ، وهذا نصّ كلامه : « تعقّبه أبو مسعود الدمشقي فقال : ثبت هذا الحديث والذي قبله ـ يعني بهذا الإسناد سوى الحديث المتقدّم في التفسير ـ في تفسير ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عبّاس ، وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني ، وإنّما أخذ الكتاب من ابنه عثمان ونظر فيه. قال أبو علي : وهذا تنبيه بليغ من أبي مسعود ... ».
قال ابن حجر : « وهذا عندي من المواضع العقيمة عن الجواب السديد ، ولابدّ للجواد من كبوة ، والله المستعان. وما ذكره أبو مسعود من التعقّب قد سبقه إليه الإسماعيلي ، ذكر ذلك الحميدي في الجمع عن البرقاني عنه ، قال : وحكاه عن علي بن المديني ، يشير إلى القصّة التي ساقها الغسّاني ، والله الموفق » (29).
16 ـ أخرج البخاري في كتاب المغازي بسنده عن مسروق بن الأجدع قال : « حدّثتني أمّ رومان ـ وهي امّ عائشة ـ ... » (30).
وقد غلّط كبار الأئمّة هذا الحديث من جهة أنّ مسروقاً لم يدرك أمّ رومان .. ومنهم :
- الخطيب البغدادي (31).
- ابن عبد البرّ القرطبي (32).
- القاضي عياض في مشارق الأنوار (33).
- إبراهيم بن يوسف ، صاحب مطالع الأنوار (34).
- أبو القاسم السهيلي شارح السيرة (35).
- ابن سيّد الناس صاحب السيرة (36).
- الحافظ المزّي (37).
- الحافظ شمس الدين الذهبي (38).
- الحافظ صلاح الدين العلائي (39).
17 ـ أخرج البخاري في كتاب المغازي بسنده عن علي : « إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية » (40).
وأخرجه مسلم بأسانيد متعدّدة (41).
وقد غلّط هذا الحديث جماعة منهم :
- الحافظ أبو بكر البيهقي.
- الحافظ إبن عبد البّر.
- الحافظ أبو القاسم السهيلي.
- الحافظ إبن قيّم الجوزية.
- العلاّمة العيني.
- شهاب الدين القسطلاني ...
قال السهيلي : « هذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر أنّ المتعة حرّمت يوم خيبر ... » (42).
وقال ابن القيّم : « لم تحّرم المتعة يوم خيبر وإنّما كان تحريمها عام الفتح ، هذا هو الصواب. وقد ظنّ طائفة من أهل العلم أنّه حرّمها يوم خيبر ، واحتجّوا بما في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ... » (43).
وقال العيني : « قال ابن عبد البرّ : وذكر النهي عن المتعة يوم خيبر غلط. وقال السهيلي ... » (44).
وقال القسطلاني : « قال ابن عبد البرّ : إنّ ذكر النهي يوم خيبر غلط ، وقال البيهقي : لا يعرفه أحد من أهل السير » (45).
18 ـ أخرج البخاري : » ... عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاثاً ...
عن أبي هريرة : لم يكذب إبراهيم إلاّ ثلاث كذبات ، ثنتين منهنّ في ذات الله عزّو جلّ : إنّي سقيم. وقوله : بل فعله كبيرهم هذا.
وقال : بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبّار من الجبابرة فقيل له : إنّ هاهنا رجلاً معه امرأة م أحسن الناس ، فأرسل إيه فسأله عنها ، فقال : من هذه؟ قال : اختي ... » (46).
وأخرجه مسلم (47).
وهذا الحديث كذّبه الفخر الرازي في تفسيره وقال : بأنّ نسبة الكذب إلى الراوي أولى من نسبته إلى الخليل (عليه السلام) (48).
19 ـ أخرج مسلم عن عكرمة بن عمّار ، عن أبي زميل ، عن ابن عبّاس ، قال : « كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه ، فقال : يا نبي الله ثلاث أعطنيهنّ ، قال : نعم ، قال : أحسن العرب وأجملهم أمّ حبيبة ازوّجها ، قال : نعم ، قال : ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك ، قال : نعم ، قال : وتؤمّرني أن اقاتل الكفّار كما كنت اقاتل المسلمين ، قال : نعم ... » (49).
وقد طعن فيه جماعة سنداً ومتناً منهم :
- الذهبي في ترجمة عكرمة بن عمّار (50).
- الحافظ إبن حزم .
- الحافظ النووي .
- الحافظ إبن القيّم .
- الحافظ إبن الجوزي .
قال إبن القيّم في ( زاد المعاد ) : « إنّ حديث عكرمة في الثلاث التي طلبها أبو سفيان من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غلط ظاهر لا خفاء به. قال أبو محمد ابن حزم : هو موضوع بلا شك ، كذبه عكرمة بن عمّار. قال ابن الجوزي : هذا الحديث وهم من بعض الرواة لا شكّ فيه ولا تردّد.
وقد اتّهموا به عكرمة بن عمّار ، لأنّ أهل التواريخ أجمعوا على أنّ أمّ حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش ، ولدت له وهاجر بها إلى أرض الحبشة ، ثم تنصّر وثبتت أمّ حبيبة على إسلامها ، فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى النجاشي يخطبها فزوّجه إيّاها وأصدقها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى النجاشي يخطبها فزوّجه إيّاها وأصدقها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صداقاً ، وذلك في سنة سبع من الهجرة. وجاء أبو سفيان في زمن الهدنة ودخل عليها فثنت فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى لا يجلس عليه. ولا خلاف في أنّ أبا سفيان ومعاوية أسلما في فتح مكّة سنة ثمان.
وأيضاً : في الحديث أنّه قال : وتؤمّرني حتى أقتل الكفّار كما كانت اقاتل المسلمين فقال : نعم ، ولا يعرف أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمّر أبا سفيان ألبتّة ».
وقال النووي : « إعلم أنّ هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال ... » (51).
20 ـ أخرج مسلم حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد ضعّفه الطحاوي وغيره ... كما قد تقدّم في عبارة عبدالقادر القرشي.
_______________________
(1) آفة أصحاب الحديث ـ بتحقيق وتقديم وتعليق علي الحسيني الميلاني ـ : 44.
(2) المصدر نفسه : 46.
(3) المصدر نفسه : 49.
(4) المصدر نفسه : 49.
(5) صحيح البخاري 7 : 170.
(6) الموضوعات 1 : 229.
(7) لاحظ : إرشاد الساري 7 : 242 ـ 243 ، الدر المنثور 4 : 366.
(8) تفسير الرازي 23 : 50.
(9) الشفاء 2 : 118.
(10) صحيح البخاري 7 : 6.
(11) فتح الباري 11 : 26.
(12) صحيح البخاري 6 : 139.
(13) فتح الباري 8 : 46.
(14) صحيح البخاري 3 : 239.
(15) التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح ، عنه في خلاصة عبقات الأنوار 6 / 208.
(16) صحيح البخاري 6 : 85 و 2 : 121.
(17) فتح الباري 8 / 271.
(18) صحيح البخاري 2 / 37.
(19) التلويح في اصول الفقه 2 : 397.
(20) صحيح البخاري 5 : 18.
(21) الاستيعاب 2 : 1115.
(22) صحيح البخاري 9 : 182 ، صحيح مسلم 1 : 102.
(23) المنهاج في شرح مسلم 2 : 65.
(24) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري 25 : 204.
(25) زاد المعاد في هدي خير العباد 2 : 49.
(26) صحيح البخاري 5 : 56.
(27) فتح الباري 7 : 127.
(28) صحيح البخاري 7 : 62 ـ 63 و 6 : 199.
(29) هدى الساري ـ مقدمة فتح الباري 2 : 135.
(30) صحيح البخاري 5 : 154.
(31) انظر : فتح الباري 7 : 353.
(32) الاستيعاب 4 : 1937.
(33) انظر : فتح الباري 7 : 353.
(34) انظر : فتح الباري 7 : 353.
(35) الروض الآنف 6 : 440.
(36) عيون الأثر 2 : 101.
(37) تهذيب الكمال ـ مخطوط ـ.
(38) اُنظر : فتح الباري 7 : 353.
(39) اُنظر : فتح الباري 7 : 353.
(40) صحيح البخاري 5 : 172 ، وانظر 123 و 9 : 31.
(41) صحيح مسلم : 4 : 134 ـ 135.
(42) الروض الانف 6 : 557.
(43) زاد المعاد 2 : 142 و 183 و 4 : 6.
(44) عمدة القاري 17 : 246 ـ 247.
(45) إرشاد الساري 6 : 536 و 8 : 41.
(46) صحيح البخاري 4 : 171.
(47) صحيح مسلم 7 : 98.
(48) تفسير الرازي 22 : 185 و 26 : 148.
(49) صحيح مسلم 7 : 171.
(50) ميزان الإعتدال 3 : 90.
(51) شرح صحيح مسلم ـ هامش إرشاد الساري 11 : 360.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|