المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



المراحل الثلاث للولد  
  
1729   01:18 مساءً   التاريخ: 27-3-2017
المؤلف : الشيخ حسان محمود عبد الله
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاسرة بين الشرع والعرف
الجزء والصفحة : ص53-58
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الأبناء /

فيما بعد الولادة يبدأ التفكير في كيفية التعامل مع الولد في المستقبل ؟ وهل سيكون ذلك التعامل على سياق واحد؟ أم أن عمر الولد يُقَسَم الى مراحل لكل واحدة منها طريقة في التعامل؟ الحقيقة إن الإسلام قسم عمر الولد بعد الولادة الى ثلاث مراحل وقد حُدد ذلك في روايات متعددة منها ما ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) حيث قال :(دع ابنك يلعب سبع سنين ويؤدب سبع سنين وألزمه نفسك سبع سنين فإن أفلح وإلا فلا خير فيه)(1).

وهذا الحديث يدل على تقسيم المراحل العمرية الاولى للإنسان والتي تنتهي بأن يصبح قادرا على اختيار حياته الى ثلاث مراحل, عمر كل مرحلة منها سبع سنوات ,في الأولى منها يترك الولد الذي ما زال طفلا للعب واللهو واستكشاف المحيط من حوله, ما نراه في بعض العائلات من سعي لمنع أولادهم من ذلك تحت حجة أو طمعا أن يروه كبيرا ويتصرف قبل بلوغه تصرف البالغين غير صحيح من وجهة نظر إسلامية, بل قد تؤدي هذه التصرفات الى انعكاسات سلبية تؤثر على مجمل حياة هذا الولد يحتاج في هذه المرحلة العمرية الى اللعب واللهو .

وفي الحياة العملية ترى أن بعض الرجال يمارسون بعض التصرفات والألعاب الصبيانية وإذا ما بحثت عن السبب تجد أنه يعود الى أنه لم يعيشوا طفولتهم كما يجب, فهم لم يلعبوا ولم يلهوا مع أقرانهم, بل عاشوا ضمن ضوابط صارمة من أهلهم تريد منهم وهم أطفال أن يمارسوا مهاما هي من اختصاص الكبار وكأن اللعب واللهو للطفل عيبا, أو أن يكون تصرف مراحل عمره الأولى هو الطبيعي في حين أن خلافه هو غير الطبيعي .

وفي هذه المرحلة يجب أن لا تكون تصرفاته محل المساءلة فهو أولا غير قادر على فهم التوجيه, وثانيا فإن من مصلحة الولد أن يترك على رسله في هذه المرحلة فهو سيد نفسه له الحق في أن يعبر من دون ضوابط عن كل مكونات هذه النفس, فهو إن قمع في هذه الفترة سيؤدي ذلك الى الخوف مستقبلا من أي تعبير عن مكنونات نفسه, في حين أن تركه فيها سيؤدي الى انطلاقته وإخراج كامل مكنوناته , ولذلك جاء في الحديث الشريف أن الولد سيد سبع فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) قوله :(الولد سيد سبع سنين, وعبد سبع سنين, ووزير سبع سنين, فإن رضيت خلائقه لإحدى وعشرين سنة وإلا ضرب على جبينه فقد أعذرت الى الله)(2) .

ما أروع هذا الحديث الشريف من رسول الله (صلى الله عليه واله), حيث وصف الولد بالسيد أو الملك في السبع السنين الأولى والتي لا يسأل فيها على أفعاله كما لا يسأل الملك والسيد عن أفعاله ممن حوله , سأتعرض الى بقية الحديث الشريف في المراحل الثانية .

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الامر ليس حديا, بل يمكن في هذه المرحلة التنبيه الى الاخطاء من دون محاسبة وبأسلوب لا يحتوي عقابا, بل التوسل الى ذلك من خلال القصص المُرَغِبة والهدايا والكلام الطيب.

اما في المرحلة الثانية أي بعد أن أصبح عمر الولد سبع سنوات وحتى يبلغ عمره أربع عشرة سنة فإنها المرحلة التي يبتدئ بها التأديب والتعليم والدرس, وهنا في هذه المرحلة يُدخِل الأهل الى الولد المفاهيم الأخلاقية والشرعية إضافة الى ما يحتاج من علوم, وهذه المرحلة من أهم المراحل لأنه إن نجح الأهل في إتمامها كما هو المفروض استطاعوا أن يخرجوا الى المجتمع رجلا مؤمنا صالحا يساهم في بناء هذا المجتمع وتطوره وتقدمه, في حين أنهم لو فشلوا في ذلك فإنهم يكونون قد خرجوا الى المجتمع رجلا سيئا يساهم في عرقلة التقدم والتطور في المجتمع إن لم يساهم في تخلفه وتراجعه .

وهذه المرحلة هي التي اعتبر فيها رسول الله (صلى الله عليه واله) في الحديث الشريف السابق أن الولد يكون فيها عبدا, بمعنى أنه يتلقى الأوامر ويؤدب فيها وكلما اخطأ حوسب بمقدار خطئه , وفي هذه المرحلة العمرية يبث الأهل ابنهم تجربتهم العملية فيعلمونهم من هذه التجربة ما يكفيهم مؤونة الوقوع في أخطاء ناتجة عن عدم تقدير كيفية التصرف في تجارب مماثلة, ولعل ما قاله أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في وصيته لابنه الإمام الحسن (عليه السلام) حيث قال:(... وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته فتكون قد كفيت مرونة الطلب وعوفيت من علاج التجربة فأتاك من ذلك ما قد نأتيه واستبان لك منه ما ربما أظلم علينا فيه)(3) .

ولا بد من التدقيق بهذا الحديث الشريف بدقة فهو يعبر عن هذه المرحلة العمرية بدقة من خلال الأمور التالية :

1ـ إن الحدث في هذه المرحلة يكون قابلا لكل ما يلقي عليه, فلذلك يجب أن تستغل هذه المرحلة ويعبأ الولد بكل الاخلاقيات والمفاهيم والعقائد الصحيحة .

2- بعد مرور هذه الفترة من دون تلقين فلن يكون الحدث بعد هذه المرحلة قابلا للتلقين والتأديب وهو ما عبر عنه أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) بقوله قبل أن يقسو قلبك .

3- تلقين الأهل ابنهم لتجاربهم يكفيه مؤونة البحث عن حلول إن وقع في تجارب مماثلة ولا يقع في الأخطاء التي وقع فيها أبواه .

...أولا لأنها هي المرحلة الأهم والأخطر, وثانيا لأن موضوع التربية هو من أهم المواضيع التي تساهم في بناء الأسرة الصالحة والسليمة, وطبعا يوجد في موضوع التربية مشاكل كثيرة وأمورا هي من مبتدعات العرف ولا يقرها الشرع الحنيف لا بد من إلقاء الضوء عليها .

أما في المرحلة الثالثة من مسيرة تربية الطفل فيكون فيها الولد قد بلغ من العمر أربع عشرة سنة, بالتالي أصبح من الناحية الشرعية بالغا وعليه يصبح مستقلا عن أهله ومحاسبا على أعماله ومسؤولا عن كل تصرفاته, ويكون هذا الولد قد دخل في مرحلة تكوين الشخصية وبداية الشباب والمراهقة, وهنا لم يعد يفيد التأديب من خلال التلقين والإلزام أو حتى الضرب بل لا بد فيه هذه المرحلة من مراعاة دخول الشاب في مرحلة النضج التي وصل إليها, لذلك وجهنا الشرع الحنيف من خلال الحديث الشريف المتقدم الى ضرورة ملازمته ومصاحبته والتعامل  معه بطريقة النصيحة والإرشاد, وهو ما عبر عنه رسول الله (صلى الله عليه واله) بقوله إنه في هذه المرحلة يكون وزيرا والوزير يستشار وتتم مناقشة الأمور معه ولا تفرض عليه, إذ إنه لو تم التعامل معه من خلال الفرض والقسوة فإنه سيرد على ذلك سلبا من خلال تعنته في موقفه وإصراره على قيامه بما يعتقده أنه صحيح وفيه مصلحته, في حين أن مناقشته من خلال الأسلوب الفكري والمنهجي الممزوج بالمحبة والمودة والحرص على مصلحته سيؤدي الى نتيجة إيجابية تجعله يتراجع عن خطئه ويعود الى جادة الصواب.

باختصار إن الإسلام اعتنى بالأولاد لما يمثلوه من أهمية في بناء المجتمع الإسلامي الحضاري السليم عن العيوب إذا ما نشؤوا على أسس إسلامية صحيحة, ولم يترك الإسلام مرحلة من مراحل تكون هذا الولد إلا وتدخل بها, فمن الجماع المؤدي الى تكوّنه, الى الحمل وما يستحب للأم أن تفعله حاله, ثم بعد ذلك الى الوضع ومستحباته, ومن ثم الإرضاع وكيف يستحب أن يكون, والعقيقة التي يستحب أن يقدمها عن الطفل يدفع من خلالها عن ابنه الأذى, مع الإشارة الى موضوع الختان ومستحباته, وقد بينا أن الختان أمر واجب للذكر وفيه فوائد أثبتها الطب الحديث, أما خفض الإناث فلا يوجد ما يؤكد استحباب هذا الفعل فضلا عن وجوبه, وبعد ذلك انطلق الى الإرشاد الى كيفية التعامل مع الولد من خلال مراحل عمرية ثلاث, كل واحدة منها تمتد الى سبع سنوات, ولكل مرحلة منها عنوانها وكيفية التعاطي مع الولد فيها, فإذا ما وصل الولد الى عمر الثاني والعشرين أصبح ناضجا قادرا على التعاطي مع ظروف الحياة ومقتضياتها, ويكون قد نشأ من قبل أهله من بداية التكون الى مرحلة النضوج الفكري  والاستقلال, فإن نشّؤوه نشأة صالحة فسيكون ولدا صالحا وإن نشّؤوه نشأة فاسدة فسيكون ولدا فاسدا .

_____________

1ـ وسائل الشيعة ج 15، ص 195 .

2ـ نفس المصدر السابق .

3ـ تحف العقول الصفحة 70 .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.