المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



تفسير آية (150-152) من سورة النساء  
  
9737   03:12 مساءً   التاريخ: 27-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-2-2017 3877
التاريخ: 10-2-2017 2029
التاريخ: 24-2-2017 4280
التاريخ: 10-2-2017 5463


قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء : 150-152] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

لما قدم سبحانه ذكر المنافقين ، عقبه بذكر أهل الكتاب والمؤمنين ، فقال : {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} من اليهود ، والنصارى ، {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} أي : يكذبوا رسل الله الذين أرسلهم إلى خلقه ، وأوحى إليهم ، وذلك معنى إرادتهم التفريق بين الله ورسله {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} أي : يقولون نصدق بهذا ، ونكذب بذاك ، كما فعل اليهود ، صدقوا بموسى ومن تقدمه من الأنبياء ، وكذبوا بعيسى ومحمد ، وكما فعلت النصارى ، صدقوا عيسى ومن تقدمه من الأنبياء ، وكذبوا بمحمد {وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} أي : طريقا إلى الضلالة التي أحدثوها ، والبدعة التي ابتدعوها ، يدعون جهال الناس إليه {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} أي : هؤلاء الذين أخبرنا عنهم ، بأنهم يؤمنون ببعض ، ويكفرون ببعض ، هم الكافرون حقيقة ، فاستيقنوا ذلك ، ولا ترتابوا بدعوتهم أنهم يقرون بما زعموا أنهم مقرون به من الكتب والرسل ، فإنهم لو كانوا صادقين في ذلك ، لصدقوا جميع رسل الله .

وإنما قال تعالى : {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} ، على وجه التأكيد ، لئلا يتوهم متوهم أن قولهم {نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ} يخرجهم من جنس الكفار ، ويلحقهم بالمؤمنين {وَأَعْتَدْنَا} أي : أعددنا ، وهيأنا {لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} يهينهم ، ويذلهم .

{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} أي : صدقوا الله ، ووحدوه ، وأقروا بنبوة رسله {وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} ، بل آمنوا بجميعهم {أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ} (2) أي : سنعطيهم {أُجُورَهُمْ} ، وسمى الله الثواب أجرا ، دلالة على أنه مستحق أي : نعطيهم ثوابهم الذي استحقوه على إيمانهم بالله ورسله {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} أي : لم يزل ، كان {غَفُورًا} لمن هذه صفتهم ، ما سلف لهم من المعاصي والآثام ، {رَحِيمًا} متفضلا عليهم بأنواع الأنعام ، هاديا لهم إلى دار السلام .

______________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 226-227 .

2. هذا على قراءة الباقين .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

انعطاف إلى حال أهل الكتاب ، وبيان لحقيقة كفرهم ، وشرح لعدة من مظالمهم ، ومعاصيهم ومفاسد أقوالهم .

قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ } ، هؤلاء أهل الكتاب من اليهود والنصارى فاليهود تؤمن بموسى وتكفر بعيسى ومحمد ، والنصارى تؤمن بموسى وعيسى وتكفر بمحمد صلى الله عليهم أجمعين ، وهؤلاء على زعمهم لا يكفرون بالله وببعض رسله ، وإنما يكفرون ببعض الرسل ، وقد أطلق الله عليهم أنهم كافرون بالله ورسله جميعا ولذلك احتيج إلى بيان المراد من إطلاق قوله { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ }. ولذلك عطف على قوله { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ } ، قوله { وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } بعطف التفسير ونفس المعطوف أيضا بعضه يفسر بعضه ، فهم كافرون بالله ورسله لأنهم بقولهم : { نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } يريدون أن يفرقوا بين الله ورسله فيؤمنون بالله وبعض رسله ويكفروا ببعض رسله مع كونه رسولا من الله ، والرد عليه رد على الله تعالى.

ثم بين ذلك ببيان آخر بالعطف عليه عطف التفسير فقال : { وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً } أي سبيلا متوسطا بين الإيمان بالله ورسله جميعا ، والكفر بالله ورسله جميعا ، وهو الإيمان ببعض والكفر ببعض ، ولا سبيل إلى الله إلا الإيمان به وبرسله جميعا فإن الرسول بما أنه رسول ليس له من نفسه شيء ولا له من الأمر شيء ، فالإيمان به إيمان بالله والكفر به كفر بالله محضا .

فالكفر بالبعض والإيمان بالبعض وبالله ليس إلا تفرقة بين الله وبين رسله ، وإعطاء الاستقلال للرسول فيكون الإيمان به غير مرتبط بالإيمان بالله ، والكفر به غير مرتبط بالكفر به فيكون طرفا لا وسطا ، وكيف يصح فرض الرسالة ممن لا يرتبط الإيمان به والكفر به بالإيمان بالله والكفر به .

فمن البين الذي لا مرية فيه أن الإيمان بمن هذا شأنه والخضوع له شرك بالله العظيم ، ولذلك ترى أنه تعالى بعد وصفهم بأنهم يريدون بالإيمان ببعض الرسل والكفر بالبعض أن يفرقوا بين الله ورسله ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا ذكر أنهم كافرون بذلك حقا فقال : { أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا } ثم أوعدهم فقال : { وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً } .

قوله تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ } ، لما كفر أولئك المفرقين بين الله ورسله ، وذكر أنهم كافرون بالله ورسله ذكر من يقابلهم بالإيمان بالله ورسله على سبيل عدم التفرقة تتميما للأقسام .

وفي الآيات التفات من الغيبة إلى التكلم مع الغير في قوله { وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً } ثم إلى الخطاب في قوله { أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } ، ولعل الوجه فيه أن إسناد الجزاء إلى المتكلم أقرب من الوقوع بحسب لحن الكلام من إسناده إلى الغائب .

ويفيد هذه الفائدة أيضا الالتفات الواقع في الآية الثانية فإن توجيه الخطاب إلى النبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله عند الوعد الجميل وهو يعلم بإنجازه تعالى يفيد القرب من الوقوع .

__________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 108-109 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ ورُسُلِهِ ويُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ ورُسُلِهِ ويَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ ونَكْفُرُ بِبَعْضٍ} . آمن اليهود بموسى والتوراة ، وكفروا بعيسى ومحمد ، وآمن النصارى بعيسى والإنجيل وكفروا بمحمد والقرآن ، وآمن المسلمون بالجميع ، لأن الإيمان في نظر الإسلام وحدة لا تتجزأ ، ولا سبيل عنده إطلاقا إلى التفكيك والتفريق بين عناصره ، وهي الإيمان باللَّه واليوم الآخر وملائكته وجميع رسله وكتبه ، ومن كفر بواحد منها فحكمه يوم القيامة حكم من كفر بالجميع .

{ ويُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا } . أي بين الكفر والإيمان ، مع انه لا واسطة بينهما ، حتى المشكك يعد مع الكفار . . وإذا سأل سائل عن حكم الجاهل بنبوة نبي من الأنبياء أحلناه على تفسير الآية 115 من سورة آل عمران ، فقرة « حكم تارك الإسلام » .

{ أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا } . وان آمنوا ببعض ، لأن الإيمان بالجميع وحدة لا تتجزأ .

{ والَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ ولَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } . وهؤلاء هم المسلمون أتباع محمد بن عبد اللَّه الذي أمرهم بالإيمان بجميع الأنبياء ، وقال : الأنبياء جميعهم إخوة ، دينهم واحد ، وأممهم شتى .

وفي رواية ثانية : الأنبياء بنو علَّات . وسبق الكلام مفصلا عن ذلك عند تفسير الآية 136 من هذه السورة ، والآية 285 من سورة البقرة ، المجلد الأول صفحة 455 .

__________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص479-480 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

لا تمييز بين الأنبياء :

تحدثت الآيات الأخيرة عن مواقف طائفة من الكافرين ، ومواقف أخرى لطائفة من المؤمنين ، كما ذكرت هذه الآيات نهاية كل من الطائفتين ، وهي بهذا تأتي مكملة للآيات السابقة التي تحدثت بشأن المنافقين.

وتشير الآية الأولى إلى طائفة فرقوا بين الأنبياء ، فاعتبروا بعضهم على حق والبعض الآخر على باطل ، فتؤكد أنّ هذا النفر من الناس كفار حقيقيون.

والواقع أنّ هذه الآية توضح موقف اليهود والنصارى ، فاليهود كانوا يرفضون الإيمان بالنّبي عيسى نبي النصارى ، واليهود والنصارى معا كانوا يرفضون الإذعان لنبوة نبي الإسلام صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم في حين أنّ كتابيهم السماويين قد أثبتا نبوة هؤلاء الأنبياء.

وهذا التمييز بين الحقائق الثابتة وقبول بعضها ورفض البعض الآخر ، سببه أنّ هؤلاء كانوا يتبعون أهواءهم ونزواتهم ويسيرون وراء عصبياتهم الجاهلية ، وينبع أحيانا من حسد هؤلاء ونظرتهم الضيقة.

وهذا دليل عدم إيمان هؤلاء بالأنبياء وبالله ، لأنّ الإيمان ليس هو قبول ما طابق هوى النفس أو رفض ما يخالف الأهواء والميول ، فهذه الحالة ما هي إلّا نوع من عبادة الهوى ولا صلة لها بالإيمان ، فالإيمان الحقيقي هو ذلك الذي يدفع الإنسان إلى قبول الحقيقة ـ سواء طابقت هواه وميوله أو خالفتهما ـ ولذلك فإنّ القرآن الكريم اعتبر الذين يزعمون أنّهم يؤمنون بالله وببعض الأنبياء كفارا حقيقيين ، وعلى هذا الأساس فإن ما يتظاهرون به من إيمان لا حقيقة ولا قيمة له مطلقا ، لأنّه لا ينبع من روح طلب الحقيقة.

والقرآن الكريم يهدد هؤلاء ـ وأمثالهم ـ بأنّهم يلقون الذل والهوان ، حيث تقول الآية : {وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً} وقد يكون وصف العذاب في هذه الآية بـ «المهين» سببه أنّ هؤلاء بقبولهم بعض الأنبياء ورفضهم الإيمان بالبعض الآخر منهم ، إنّما يوجّهون الإهانة بحق عدد من الأنبياء ، لذلك يجب أن ينال هؤلاء عذابا مهينا يتناسب وإهانتهم تلك .

التّناسب بين الذّنب والعقاب :

ويجدر هنا توضيح أنّ العذاب قد يكون أليما أحيانا ، مثل : الجلد والتعذيب الجسدي ، وقد يكون مهينا كرش الشخص بالقاذورات ، أو يكون العذاب عظيما كأن يكون العقاب أمام أعين الناس ، وقد يكون أثره عميقا في نفس الإنسان يستمر معه لمدّة طويلة ويسمى هذا بالعذاب الشديد ، وما إلى ذلك من أنواع العذاب.

وواضح أنّ وصف العذاب بواحد من الصفات يتناسب مع نوع الذنب ، ولذلك فقد ورد في كثير من الآيات القرآنية أنّ عقاب الظالمين هو العذاب الأليم ، لأنّه يتناسب وألم الظلم الذي يمارسه الظالم على المظلوم ، وهكذا بالنسبة للأنواع الأخرى من العذاب ، وقد قصدنا بهذا الشرح تقريب مسألة العذاب إلى الأذهان ، علما بأنّ العذاب الأخروي شيء لا يمكن مقارنته بما هو موجود من عذاب في حياتنا الدنيوية هذه.

وقد تطرقت الآية الأخيرة إلى موقف المؤمنين الذين آمنوا بالله وبجميع أنبيائه ورسله ولم يفرقوا بين أي من الأنبياء والرسل وأخلصوا للحق ، وكافحوا كل أنواع العصبيات الباطلة ، وبيّنت أنّ الله سيوفّي هؤلاء المؤمنين أجرهم وثوابهم في القريب العاجل ، فتقول الآية : {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ...} .

وبديهي أنّ الإيمان بجميع الأنبياء والرسل لا يتنافى ومسألة تفضيل بعضهم على البعض الآخر ، لأنّ مسألة التفاضل هذه ترتبط ارتباطا وثيقا بأهمية وعظم المسؤولية التي تحمّلها كل منهم ، وطبيعي أنّ المسؤوليات المناطة بالأنبياء عليهم ‌السلام تتفاوت من حيث الأهمية والخطورة بالنسبة لكل منهم ، وقد ثبت هذا الأمر بالدليل القطعي والمهم هنا أن لا يحصل تمايز أو تفريق في الإيمان بالأنبياء والإقرار بنبوّتهم .

وقد أكدت الآية في الختام أنّ الله سيغفر للمؤمنين الذين ارتكبوا أخطاء بالانجرار وراء العصبيات وممارسة التفرقة بين الأنبياء إن أخلص هؤلاء المؤمنون في إيمانهم وعادوا إلى الله ، أي تابوا إليه من أخطائهم السابقة ، حيث تقول الآية : {وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} .

ويجب الانتباه هنا إلى أنّ الآيات الأخيرة ذكرت الذين يعمدون إلى التفرقة بين الأنبياء بأنّهم كفار حقيقيون ، بينما لم تذكر الذين يؤمنون بجميع الأنبياء بأنّهم مؤمنون حقا وحقيقة ، بل وصفتهم بالمؤمنين فقط ، وقد يكون هذا التفاوت في الوصف هو لبيان أنّ المؤمنين حقّا هم أولئك الذين استقرّ الإيمان في قلوبهم وظهرت آثاره على أعمالهم ، وكما يقول الخبر المأثور بأنّ «الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل» .

ويدلّ على هذا الأمر آيات وردت في بداية سورة الأنفال التي ذكرت المؤمنين بأوصاف عديدة : أوّلها الإيمان بالله ، ويلي ذلك إقامة الصّلاة وإيتاء الزكاة والتوكل على الله والاعتماد عليه ، ثمّ يأتي التأكيد بعد سرد هذه الصفات في قول الله تعالى في الآية المذكورة : {أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ...} .

_________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 355-357 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .