أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-11-2017
2327
التاريخ: 21-4-2017
2569
التاريخ: 19-11-2019
1726
التاريخ: 1-11-2021
2303
|
أولاً: إحياء فكرة التربية الحرة: لم يكن الشغف بدراسة الآداب القديمة المظهر الخارجي للنهضة فحسب, بل كانت هذه الآداب الوسيلة الرئيسية لتطوير الحياة الجديدة بالاعتماد على تقليد القدماء. فكان أحسن مظهر لذلك هو بعث فكرة التربية الحرة كما صاغها اليونان وتبناها الرومان. وقد كتب بولس فرجيريوس (Paulus Vergerius) الاستاذ في جامعة بادوا بايطاليا كتاباً عام 1374م حدد فيه هدف التربية الحرة فقال: (إن العلوم الحرة التي تليق بالرجل الحر, هي العلوم التي تدربه على الفضيلة والحكمة), وأهم عناصرها العنصر الجسماني, وعنصر الاقتدار العملي في شؤون الحياة المختلفة, والعنصر البديعي الجمال الذي اهملته العصور الوسطى .
ثانياً: التربية الإنسانية الضيقة: أطلق على محتوى التربية الحرة الذي كان قوامه اللغات والآداب بدلاً من الحياة نفسها, واتجهت الجهود التربوية نحو السيطرة على هذه الآداب وامتلاكها, وأصبحت العناية بصورة هذه الآداب وصيغتها هي الرائد الأول بدلاً من العناية بمضمونها. ونتيجة لذلك تكون نموذج تربوي مباين للتربية الحرة التي نبت منها وأدنى قيمة . فضاق معنى التربية, واقتصر على العناية باللغات وتعلمها, والاهتمام بالتقدير الشكلي للآداب القديمة, والعناية بالفصاحة والبلاغة. وهكذا ضاق معنى التربية, وأصبحت صورية, وأصبح هدفها تعلم اللاتينية نحواً وأسلوباً عن طريق دراسة نصوصها مع توجيه عناية خاصة لنصوص شيشرون وأوفيد وتيرانس.
ومن أشهر المربين الإيطاليين في عصر النهضة (1) : (بترارك) في القرن السابع عشر الذي شجع مطالعة الآداب العالمية القديمة, ورفض التربية الجامدة. ثم (فيتورينو دافلتر 1378ـ 1446) الذي يعد من أشهر المربين في عصر النهضة, وتقديراً لفضله سمي لاحقاً بالمدرس العصري الأول. ثم الانكليزي روجر إسكام (1515– 1568م) وهو أول من كتب في التربية باللغة القومية, وقد جمع في حياته بين السياسة والعلم, وكان يعارض استعمال العقوبات البدنية, كما اشتهر بطريقته في الترجمة المزدوجة, أي أن يترجم الطالب البحث من اللاتينية إلى الإنكليزية ثم يطلب منه أن يترجم ما كتبه بالانكليزية ثانية إلى اللاتينية, وحضّ على تعلم الآداب القديمة كغيره من أصحاب النزعة الإنسانية .
ومن أشهر المربين الإنسانيين الألماني إراسموس (1467– 1536: Erasmus) , حيث علم الآداب القديمة في بعض جامعات أوروبا , وكان له ولع عظيم بجمع الكتب والمخطوطات رغم فقر حاله. وقد قال يوماً ما معناه: إذا حصلت على مال فأول ما أفعله هو شراء الكتب اليونانية وبعدها أشتري بعض الملابس الضرورية. وأما أهم آرائه التربوية فهي اعتبار الأم المربية الطبيعية للطفل, وأن لا يطلب من الطفل قبل سن السابعة غير اللعب واكتساب الادب والأخلاق وبعد ذلك يجب أن يدرس اليونانية واللاتينية معاً مع التركيز على النحو, وعدم إهمال التربية الدينية, والاهتمام بالتربية الأسرية, دون تفريق بين البنات والأولاد, واستبعاد الطرق القاسية في التربية, واستبدلها بالتشويق والإغراء .
الإصلاح البروتستانتي (2): بينما اتجهت النهضة في إيطاليا اتجاهاً أدبياً وعنيت بالآداب
وركزت على الفرد, نجدها في ألمانيا تنحو منحاً دينياً, حيث عنيت بالآداب المسيحية واهتمت بالإصلاح الاجتماعي والديني والخلقي. لقد كان رجال الدين المسيحيين متفقين على إصلاح المفاسد التي حصلت داخل الكنيسة, لكنهم اختلفوا حول مفهوم الدين وطبيعة العقل البشري نفسه, فمنهم من يرى أن كمال الحقيقية هو في سلطة الكنيسة, ومنهم من يرى أنها تتكامل عن طريق العقل الفردي, مما أدى إلى انقسام الكنيسة إلى بروتستانت وكاثوليك. ومن أشهر المعلمين البروتستانت لوثر الذي رفع من قيمة العقل, ووجه نداءاته إلى السلطات العامة للاهتمام بشؤون التعليم لما له من أهمية دينية ودنيوية, وأكد على أهمية المدارس ودور المعلمين في تربية الأطفال, رغم انتقاده لمدارس عصره لعدم فائدتها في تربيتهم وطالب بتنظيم المدارس فيضع لوثر في المقام الأول تعليم الدين من الإنجيل من سن التاسعة أو العاشرة, ثم تأتي اللغات القديمة كاللاتينية واليونانية والعبرية, ثم الرياضيات والطبيعيات, وانتقد تدريس مادة التاريخ اعتقاداً منه بأن المؤرخين يطمسون الحقائق. وقد أضاف إلى مواد المنهاج التمارين الجسدية و ...
هذا, وقد عمل لوثر على إصلاح الطرق المتبعة في التدريس , وطالب بإشاعة روح الحرية والمرح في المدارس .
الإصلاح الكاثوليكي (3) : بقي التعليم العالي حتى عهد الثورة الفرنسية عملاً تقوم به الكنيسة، عن طريق بعض الفرق والجماعات الدينية من أشهرها: جماعة اليسوعيين التي أسسها إجنيس ليولا (Igins Lyola) عام 1540م, من أجل توطيد سلطة البابا ونشر نفوذ الكنيسة الكاثوليكية عن طريق التبشير والدعوة إلى الدين المسيحي بين الأمم الوثنية .
وكان لديهم نوعان من التدريس: تدريس غير عال ويعادل الجمنازيوم, وتدريس عال ويعادل الدراسة الجامعية, وكانوا يعملون مجانا, مما ساعدهم على منافسة المدارس البروتستانتية .
وكانت مدارسهم تمتاز بحسن إدارتها وكمال أنظمتها الداخلية والرقابة الشديدة التي كان يقوم بها مديرو المدارس على الطلاب والمدرسين. ولم يستعملوا العقوبات البدنية في حفظ النظام وانما لجأوا إلى المكافأة وتشجيع التنافس بين الطلاب. واهتموا بإعداد المعلمين للمهنة. وتمتاز طريقتهم بكثرة المراجعات والخلاصات, فلا يشرع المعلم بالدرس الجديد قبل تلخيص الدرس القديم, ولا بمقرر العام الجديد قبل تلخيص مقرر العام السابق, ولذا تسمى طريقتهم بطريقة المراجعة والتكرار.
أما المناهج فتشبه مواد الدراسة عند أنصار الآداب القديمة أيام النهضة , إذ وجهوا عنايتهم إلى دراسة قواعد اللغة اللاتينية وآدابها من خلال ما خطه شيشرون وأوفيد وتيرانس, واهتموا باللغة اليونانية وآدابها بصورة أقل, كما اهتموا بدارسة النحو والبلاغة والشعر. ولكنهم أهملوا دراسة التاريخ والفلسفة والعلوم عامة .
ومن النقد الموجه إلى طرائقهم في التعليم أنها تقتضي على الحرية الفردية والابتكار, وتعود الطفل على الخضوع والاستسلام .
ومن جملة الفوائد التي جاء بها الاصلاح الديني افتتاح المدارس الأولية بكثرة في الأقطار البروتستانتية تحت رعاية الحكومة وتكليفها بقسم من النفقات, إذ كان من واجب الحكومة جعل التعليم الأولي عاماً والزامياً .
وفي الأقطار الكاثوليكية كان التعليم الأولي في أيدي جمعية الإخوان المسيحيين التي أسست عام 1684م على يد (لاسال La Salle), وانتشرت المدارس الكاثوليكية انتشاراً كبيراً في القرن التاسع عشر, وأسست لها فروعاً في معظم البلدان الكاثوليكية والبروتستانتية (4). لقد اهتم الكاثوليك بتدريب المعلمين عن طريق دور المعلمين التي تخرج معلمين للمدارس الأولية.
وأنشئت مدارس أخرى في فرنسا (للجانسيين) في المدة 1637–1661م , ومن مميزاتها العامة عنايتها بتكوين الفكر السديد. والاهتمام بفردية التلميذ وتعهد شؤونه الشخصية, وجعل محبة الطفل محور عملية التربية والتعليم, وكانت تستخدم اللغة القومية في التدريس واستخدمت الطريقة الصوتية بدلاً من الهجائية. ولكن من عيوب هذه المدارس أنها كانت مفرطة في الشدة والقسوة, وكان التقشف فيها طابعاً عاماً, واهملت روح المنافسة بين الطلاب خشية أن توقظ فيهم روح الاعتماد بالنفس (5) .
____________
1ـ فاخر عاقل: التربية قديمها وحديثها , بيروت , دار العلم للملايين , 1977, ص78–81.
2ـ بول منور :المراجع في تاريخ التربية , مرجع , ص61–81 .
3ـ مصطفى أمين , تاريخ التربية , مرجع سابق , ص288– 235 .
4ـ فاخر عاقل : التربية قديمها وحديثها , مرجع سابق ص 101–105. وأيضاً : بول منرو : المرجع في تاريخ التربية , مرجع سابق ص 96 – 106 .
5ـ عبد الله مشنوق : تاريخ التربية , مرجع سابق , 139 – 147 . وأيضاً منرو : المرجع في تاريخ التربية ، مرجع سابق ص107 – 182 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|