المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



الملق وحسن الخلق المصطنع  
  
2496   01:23 مساءً   التاريخ: 2-2-2017
المؤلف : السيد صالح السيد عبد الرزاق الموسوي الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص142-145
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-7-2017 3844
التاريخ: 18-10-2018 2028
التاريخ: 13-11-2017 2261
التاريخ: 22-11-2016 2228

نصادف في حياتنا اليومية انواعا من البشر، وقد اختلفوا باختلاف ما تربوا عليه وألفوهُ من اخلاق وصفات وعادات. فالتربية القويمة الصحيحة هي التي تنتج اناسا اسوياء نافعين، والتربية الناقصة المنحرفة تنتج المنحرفين الخاسرين الآثمين ان لم يتداركوا الامر ويؤوبوا إلى ربهم ورشدهم وأخلاق دينهم.

وكثيرا ما نواجه اناسا يندمجون مع كل احد ويتلقونه بكل شوق وحرارة، وينسجمون معه بسرعة في الظاهر، ولكنهم في الحقيقة عكس ذلك، وقد تصرفوا بهكذا تصرفات وسلوك ليلفتوا النظر اليهم، وليرفعوا من قيمتهم في المجتمع. فهم يتوسلون بالملق وحسن الخلق المصطنع، فهؤلاء مرضى بالرياء والمراء لان كل محاولاتهم وتصرفاتهم لم تكن ملبية لنداء الضمير والوجدان، وانما لاشباع الهوى والغريزة الملوثة.

وعليه، ينبغي ان لا نفرط في تقييم نظرات الناس وعواطفهم واحاسيسهم، بل نقيمها على حدها المعقول، وان لا نتصرف وفق ما يرتئيه الاخرون، وينظرون اليه ؛ لان كثيرا من احكام الناس تستند إلى المنافع الشخصية، والاغراض الخاصة، وكثيرا ما تتغير وفقا لاختلاف الظروف والمقتضيات والمناسبات وفي بعض الاحيان يختار الانسان نهجا موضوعياً في الحياة، ويسلك طريقا صحيحا الا انه لم يسلم من النقد الباطل، والتجريح الحاد، والتشهير الظالم والانتقاد وعليه ان لا يصاب بالدهشة والاضطراب والالم الشديد من هكذا تصرفات وتجريحات ؛ لان قسما من الناس تلقوا تربية ناقصة حثتهم على ذلك الفعل المشين.

يقول امير المؤمنين علي (عليه السلام) في بعض غرر حكمه ودرر كلمه لتربية شيعته وعموم الناس:

(لا يسؤنَّك ما يقول الناس فيك، فانه ان كان كما يقولون كان ذنباً عجلت عقوبته ، وان كان على خلاف ما قالوا كانت حسنة لم تعملها).

اجل، لا يؤلمك ما يقول الناس فيك ما دمت على نهج صحيح، وصراط مستقيم، وتربية مهذبة، لان الذين في قلوبهم مرض ديدنهم هكذا ولم يتغيروا، ولم يهتدوا إلى تحرر الفكر والروح، والحياة المبتنية على الدوافع الذاتية البعيدة عن الميول الزائفة للآخرين.

يقول الفيلسوف الغربي (برتراندرسل) ما نصه :

( إن الخوف من افكار الآخرين كسائر اقسام الخوف، يمنع من النمو والرقي، فهو شاق عاق، ومادام لهذا القبيل من الخوف فعالية فان الحصول على أي عظمة او تقدم اجتماعي صعب جدا بل محال في هذه الحالة ان يحصل للانسان تحرر الفكر والروح والذي منه تنشأ السعادة الواقعية، إذ إن الشرط اللازم للسعادة أن تكون طريقتنا في الحياة تبتني على دوافعنا الذاتية لا أن تكون منوطة مشروطة بالميول الزائفة للآخرين وسليقتهم) انتهى.

ويقول الباحث الامريكي : (ويليام جون ريلي) بهذا الصدد ما نصه : ( لا اجد اكثر خواءً وفراغاً وفقداناً للشخصية من اولئك الرجال الراضين عن انفسهم، بينما هم أناس مشككون مرددون لا على حرارة ولا برودة ولا على جفاف ولا بلل، بل هم دائما يفكرون فيما يقوله الآخرون بشأنهم، ولذلك فهم دائما بصدد ان يقوموا بأعمال يرتضيها الآخرون... هؤلاء الأفراد يضحون في الحقيقة بشخصيتهم وارادتهم فداء لميول الآخرين. إنكم اذا سمحتم لأنفسكم ان تكونوا تحت نفوذ الآخرين وتأثيرهم فسوف لا تكون لكم الجرأة على القيام بأي عمل، ولا توفقون لشيء ولا تخضعون ولا تسعدون.. فكونوا ثابتين على مالكم من افكار ترونها وتعتقدون بأنها نافعة ومفيدة، وبذلك تكونوا على راحة واطمئنان وقوة معنوية واستقلال فكري. ان متابعة اغراض الاخرين وقراراتهم، تغير الميول الواقعية لكم، وافكاركم القيمة وتسلبكم حريتكم واستقلالكم الفردي وشخصيتكم وارادتكم بتمام معنى الكلمة، ولا تستطيعون أن تكونوا انفسكم ابداً، واذا افتقدتم حريتكم الفكرية افتقدتم كل شيء.

إن العقل الجماعي والراي العام، والاوضاع والاحوال العامة متغيرة بل مختلفة إلى حد التناقض فكلما ألححتم للحصول على موافقة الراي العام لم تصلوا إلى نتيجة ملموسة، وكلما قللتم من الاصرار على ذلك ولم تستلموا الهم، ولم تلتفتوا اليهم استسلم لكم الراي العام فمن طبيعة العالم انه يثني على الرجل الجرأة والشهامة على اتخاذ القرار والذي يتمتع بإرادة قوية حاسمة صارمة)(1)..

اجل، ان التربية الحقة هي التي تثبت الافكار المفيدة والاعتقادات السليمة الصحيحة، تجعل الانسان حرا مستقلا يتمتع بإرادة قوية حاسمة.

شجاعا في اتخاذ القرار، ولا يهمه عقل جمعي او انتقاد شخصي او راي عام يضر على الخطأ او لم يوافق على نهجه الصحيح ومعتقده السليم، الذي سار عليه، ولا يضحي البتة بشخصيته وارادته فداء لميول الاخرين ورغباتهم.

وعليه يجب على كل مرب يطمح ان يحقق الكمال والامل والجمال والنجاح في الحياة الفردية والاجتماعية، ويوجد جيلا سوياً مفعماً بروح الأمل والحب والتفاؤل، ان يأخذ بنظر الاعتبار كل ما تقدم من أقوال وابحاث تربوية ونفسية وتفعيلها في مفردات الحياة لكي يقطف الثمار، ويتحقق المأمول والمنشود.

_______________

1ـ انظر رسالة الاخلاق : ص325 – 326 بتصرف




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.