المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28
Integration of phonology and morphology
2024-11-28
تاريخ التنبؤ الجوي
2024-11-28
كمية الطاقة الشمسية الواصلة للأرض Solar Constant
2024-11-28
صفاء السماء Sky Clearance
2024-11-28



العجب بالنفس  
  
2504   01:05 مساءً   التاريخ: 2-2-2017
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين الوراثة والتربية
الجزء والصفحة : ج2، ص187ـ189
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-18 352
التاريخ: 2023-12-04 995
التاريخ: 30-1-2017 2334
التاريخ: 2023-09-13 1112

إن صاحب العقل السليم والنظر الثاقب يعرف حدوده ولا يتجاوزها وإعجاب الرجل بنفسه دليل على عدم نضوج عقله. إنه لو كان يملك عقلا حراً لم يكن مصاباً بهذا الداء، وجاعلاً نفسه في منزلة أرقى مما هي عليه، فعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (رضاءُ العبد عن نفسه بُرهان سخافة عقله)(1).

إن الأطفال الذين نشأوا راضين عن أنفسهم على أثر الإفراط في المحبة تجاههم لا يتمكنون من السير مع قوانين الحياة، والتغلب على مشاكلها هؤلاء مصابون حتى نهاية عمرهم بهذا الداء ويتجرعون عوارضه الوبيلة.

( لا شك أن الطفل يحتاج حاجة ماسة الى المحبة، ولكن لا تلك المحبة المفرطة التي تحرك رغباته ومشتهياته فإن هناك قوانين لا تقبل التغيير تؤثر دائماً ـ في كل عصر من العصور ـ في حياة المجتمعات. ومن تلك القوانين: أن يقرر كل فرد مستقبله بيده في ظل صبره وتحمله واستقامته. والطفل المعجب بنفسه والفاسد أعجز من أن يقوم بهذا الواجب. إنه يعيش في عالم خيالي غير متوافق، ويظن أبداً أن الابتسامة البسيطة أو الانكماشة الضئيلة ستحرك عواطف الجميع وشفقتهم).

(وبناء على ما يقول الدكتور آدر في كتابه (تربية الأطفال) فإن الأطفال الذين نشأوا هذه النشأة يريدون أن يحبّهم الجميع من طبيعتهم. ولو قلنا: إن هؤلاء الأطفال سيظلون مدى العمر مؤمنين بهذه الفكرة لم نقل جزافاً. والحقيقة أننا نجد أن هؤلاء الأطفال يبقون على إعجابهم بأنفسهم حتى عندما يبلغون سن الشيخوخة... هؤلاء رجال قد يصلون بفضل مواهبهم وطاقاتهم إلى النجاح والموفقية، وإذا بهم حينئذ يفقدون كل إنجازاتهم بسبب أفعالهم الركيكة).

( ألا تصدّقون أن الإنسان قد يواجه مراراً نساء في الستين من أعمارهن لا يزلن يعتقدن بأن خير أسلوب للحصول على ما يرغبن إنما هو التظاهر بالاستياء ، والتزّمت ، والإعراض؟!).

لعل كثير من الآباء والأمهات لا يدركون بعد خطر الإفراط في المحبة بالنسبة الى الطفل إدراكاً تاماً، ولا يفهمون أنهم كيف يرتكبون ظلماً كبيراً بأعمال ظاهرها الرأفة والحنان. إنهم يدفعون الطفل إلى الإعجاب بنفسه فينشأ تعساً في جميع أدوار حياته ومستقبله من جهة، ومن جهة اخرى يجعلون أنفسهم في عداد (شر الآباء) على حد تعبير الإمام الباقر (عليه السلام).

ولمزيد اتضاح هذا الموضوع التربوي الحساس للمستمعين الكرام، ووقوف اولياء الأطفال على تكاليفهم الشرعية والعلمية،... وبيان النتائج الوخيمة للإفراط في المحبة، والأمل وطيد بأن يستمع السادة المحترمون الى هذه المحاضرة بدقة، وأن يضعوها نصب اعينهم في التطبيق، فيحفظوا الأطفال من التربية السيئة.

إن أول نقطة يجب أن نثيرها في بحثنا هذا هو الجواب على السؤال التالي : متى يجب أن يأخذ الوالدان بالحد الوسط من المحبة تجاه الطفل كيلا ينشأ معجباً بنفسه وأنانياً؟

الكل يعلم أن الغذاء المادي للطفل يبدأ من يوم ولادته. الطفل إنسان حي، وكل موجود حي يحتاج إلى الغذاء للمحافظة على حياته. ولكن كثيراً من الآباء والامهات لا يعلمون متى يبدأ التطبع على العادات الحسنة أو القبيحة، التي تؤدي الى السلوك المفضل أو المستهجن، ومتى يؤثر الإفراط في المحبة الباعث

الى نشأة الطفل أنانياً.

_______________

1ـ نهج البلاغة ، شرح الفيض الأصفهاني (ص 1081).

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.