أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2021
2832
التاريخ:
1983
التاريخ: 2-2-2017
2999
التاريخ: 2-2-2017
2113
|
لقد ظلت العلاقة بين سكان الجزيرة العربية وأطرافها وثيقة طوال الازمنة التاريخية، اذ كانت تجري هجرات متعددة، من داخل الجزيرة الى أطرافها. وهذه الهجرات بعضها موسمي او محدود كهجرات الرعاة الذين يتجولون وراء المراعي؛ فيدخلون العراق وبلاد الشام لمدة مؤقتة، خاصة في فصل الصيف والربيع؛ ثم يعودون الى الجزيرة. وفي بعض الاحيان ينتشرون في أطراف الهلال الخصيب، او يستوطنون في مناطق معينة فيه، وبخاصة عندما لا تعيقهم عن ذلك الظروف السياسية. وفي بعض الاحيان تجري هجرات واسعة تحمل عددا كبيرا من الناس الى بلاد الهلال الخصيب. وابرز هذه الهجرات الكبيرة هي :
1- هجرة الاكاديين الذين استوطنوا العراق حوالي سنة 3500 ق.م. وكونوا الدولة الاكادية التي استطاعت في عهد ملكها سرجون الأول ان توحد العراق، وتمد نفوذها الى اعالي دجلة.
2- هجرة العموريين الى العراق، والكنعانيين والفينيقيين الى بلاد الشام (حوالي سنة 2200 ق.م).
3- هجرة الاراميين الذين انتشروا في بلاد الشام وفلسطين وشمال العراق، والعبرانيين في فلسطين (حوالي سنة 1500 ق.م).
4- هجرة الانباط والتدمريين (حوالي سنة 500 ق.م).
5- الموجة الإسلامية في القرن السابع الميلادي.
وبوصول هذه الاقوام الى بلاد الهلال الخصيب، يبدأون بترك حياة البداوة والاستقرار تدريجيا ويختلطون مع الامم الأخرى التي تقيم في هذه البلاد، مما كان يؤدي دائما الى تصادم مؤسساتهم الاجتماعية وحضارتهم مع مؤسسات وحضارات الشعوب الأخرى. وينتج من هذا التصادم ظهور مدنيات جديدة مزدهرة يطغى عليها الطابع المميز لها، الا انها تصبح مختلفة الى حد غير قليل عن حضارة اخوانهم من أهل الصحراء. والواقع ان ازهى عصور الهلال الخصيب هي التي تعقب الهجرات السامية اليها.
ونظرا لتعقد حضارة الهلال الخصيب ووفرة المعلومات عن تاريخها، فأنها تدرس عادة بصورة مستقلة. اما بحثنا هذا، فسيقتصر على تاريخ جزيرة العرب التي استوطنها العرب من الاف السنين وخرجت منها الموجات البشرية وتغذى الشرق الأوسط بعنصرهم وحضارتهم، والتي احتفظ سكانها بمظاهر الحياة السامية، وخاصة اللغة وتقاليد البدو بدرجة انقى مما هي عليه في بقية البلاد، نظرا لقلة العناصر الدخيلة التي تاتي وتستوطن بلادهم، التي ظهر فيها الإسلام، وتوجه اليها المسلمون في قبلة صلاتهم وحجوا اليها.
وشبه جزيرة العرب (1) مستطيلة الشكل، يبلغ طولها من راس الخليج العربي الى العقبة حوالي الف ميل، ومن البحر العربي الى اطراف الهلال الخصيب حوالي الف ومائتي ميل. وهي هضبة مرتفعة في الغرب وتنحدر تدريجيا نحو الشرق، حتى تصبح كالسهل عند سواحل الخليج العربي.
ويمتد على طول الجزء العربي منها سلسلة من الجبال تدعى (السراة)، توازي البحر الأحمر، ويزداد ارتفاعها في الشمال، حيث يبلغ معدل ارتفاعها 2000 متر؛ ثم تنخفض في الوسط، حتى تصبح كالتلال المتقطعة، ثم تعود الى الارتفاع في الجنوب، حيث يصبح ارتفاعها حوالي 12 ألف قدم؛ كما تكون عريضة فتصبح كالهضبة. ويمتد من وسط الجزيرة سلسلتا جبال اجا وسلمى أول جبلي شمر، وهي تبلغ حوالي 5500 قدم في الارتفاع. كما يمتد في وسطها جبل طويق الذي يبلغ طوله الف كيلومتر. كما توجد سلسلة أخرى من الجبال التي تمتد موازية لساحل بحر عمان، تدعى الجبل الأخضر ويبلغ ارتفاعها حوالي 10 الاف قدم. وهناك سلاسل من المرتفعات الموجودة في الجزيرة، مثل جبر النير والصمان، تحصر السلسلة الغربية (السراة) بينها وبين البحر الأحمر سلها ساحليا ضيقا شديد الانحدار نحو البحر يقطعه عدد قليل من الاودية التي قلما يستفاد من مياهها الشتوية للزراعة، نظرا لشدة انحدارها.
ومع كثرة السياح والكتاب الحديثين عن جزيرة العرب، الا انه لا يوجد بحث مفصل شامل عنها، ولكن تجد خلاصة لها في كتاب ((Handbook of Arabia) بالانكليزية) الذي نشرته الإمبراطورية البريطانية، واعتمد عليه كثيرا حافظ رهبة في كتابه (جزيرة العرب في القرن العشرين). تجد خلاصة واضحة عن جغرافية الجزيرة في كتاب فيليب حتى (تاريخ العرب) ص14-22. وفي دائرة المعارف الإسلامية في الطبعة الجديدة.
ولكن توجد في فوهات الوديان موانئ متعددة اهمها الحوراء، وينبع، وجدة في بلاد الحجاز، والحديدة ومخا في بلاد اليمن.
اما سطح الهضبة الوسطى، فيتكون من الدهناء وهي أرض صلبة تكسوها قشرة ترابية تنبت فيها بعض النباتات البرية والاعشاب، وخاصة في الربيع بعد سقوط الامطار. وفي هذه الهضبة توجد منطقة النفود وهي اراض تكسوها تلول من الرمال الناعمة البيضاء والحمراء والتي تغير مواقعها بتأثير العواصف والرياح، وتكون قاحلة جرداء لا نبات فيها ولا ماء؛ وهي تكون عريضة في الشمال الى الجنوب 140 ميلا. ثم تمتد منها ذراع موازية للخليج العربي، تدعى الصمان، ويبلغ عرضها حوالي خمسين ميلا؛ وهي تمتد حتى تتصل بالربع الخالي الذي يمتد في جنوب الجزيرة، ولم يمر به أي أوروبي حتى سنة 1932، حيث مر به برترام توماس ثم فلبي ووصفاه بانه منبسط في الارض الرملية والجبرية فيه بقايا بحيرات مالحة واثار مياه البحر.
وفي القسم الغربي من الهضبة، عدد غير قليل من البراكين الهامدة والخامدة، وتدعى الحرات، واشهرها حرة خبير، وحرة سليم، وحرة يثرب، واغلب هذه الحرات خصبة وهي مراكز للحضارة. كما تمتد وسطها سلسلة جبل طويق.
يقع في الهضبة عدد من الوديان، وأهمها وادي الرمة الذي يسير من قرب الزبير متجها نحو الغرب حتى ينتهي عند خليج العقبة. ووادي سرحان الذي ينحدر من الشمال الى الجنوب الغربي حيث ينتهي عند البحر الميت. ووادي بيشه الذي يجري في عسير من الشرق الى الغرب حتى ينتهي في البحر الأحمر. ووادي اليمامة الذي يمتد موازيا للبحرين. والراجح ان هذه الوديان كانت في الازمنة القديمة مجاري أنهار.
ان مناخ الجزيرة العربية صحراوي، حار جدا في الصيف، وبارد في الشتاء، وتسقط الثلوج على جبال اليمن، كما تتجمد المياه أحياناً في الطائف وفي اليمن. وامطارها قليلة جدا، تسقط في فصول الخريف والشتاء والربيع، بدفعات غير منتظمة. أما اليمن، فتسقط فيها أمطار غزيرة في الصيف تأتي بها الرياح الموسمية من منطقة شرقي افريقية.
ان مياه الامطار قليلة لا تكفي للزراعة، بل تنبت الاعشاب والنباتات البرية واهمها الاثل والغضا والطلح.
غير ان المياه الباطنية تتوفر في معظم انحاء الجزيرة، وتكون أحيانا قريبة من سطح الارض ووافرة لدرجة تكفي للزراعة، ولاستيطان عدد غير قليل من الناس، وتدعى هذه المناطق الواحات. وتتوفر المياه أيضاً في بطون الاودية، وفي اليمن كذلك. وهذا ما يساعد على الزراعة والاستقرار ونشوء الحضارات. ولعل اهم المزروعات هو النخيل الذي يوجد في مختلف الواحات، ويكثر بصورة خاصة في خيبر والمدينة، وفي البحرين (وخاصة عند هجر) وفي اليمامة؛ كما تكثر زراعة الشعير في فدك ووادي القرى وخيبر والمدينة والبحرين، والحنطة في اليمامة، والذرة في عسير، والكروم في الطائف واليمن، واشجار الفاكهة في الطائف وفي عدد غير قليل من أودية الحجاز وفي اليمن. وتعيش الافاويه كالمر والمر المكاوي والصمغ في أودية اليمن وحضرموت بكثرة.
يطلق على سكان الجزيرة العربية اسم العرب، وقد ذكر هذا الاسم، لأول مرة في التاريخ، في نقوش ترجع الى زمن شلما نصر الثالث (سنة 854 ق.م) ثم يتردد ذكرهم منذ ذلك الوقت في النقوش الاشورية والبابلية باشكال مختلفة :
Arubu, Arebi, Aribi, Arbi Arabian, Arabyaya' Arabya
وفي عدد من اسفار التوراة. وقد ذكر أيضاً بعض الكتاب اليونان كإيسخلوس وزينوفون. وهذه الكلمة تعني في اللغات السامية الجدب او القحولة. وقد اطلقتها المصادر القديمة في الغالب على عدد من الامارات والدويلات الواقعة في أطراف بلاد الشام وشمال الحجاز، وكان يرأسها ملوك ومشايخ بعضهم من النساء، اسماؤهم تشبه الأسماء المستعملة في الجزيرة عند ظهور الإسلام. كما أطلق اسم العرب في بعض النقوش السبئية على البدو القاطنين في أطراف صنعاء. ثم اصبح يطلق على كافة سكان الجزيرة.
غير ان هذه النصوص المستمدة من المصادر الخارجية لا تقدم تفاصيل وافية
معلومات وافية نسبيا الا عن بعض الدول التي ظهرت في بعض اطراف الجزيرة، والتي لها علاقة وثيقة بالدول العظمى التي حكمت الشرق الأوسط (2).
_________________
(1) لقد درس سبر نجر في كتابه (جغرافية الجزيرة العربية القديمة) (بالألمانية) ما ورد في كتب القدماء عنها وحاول تعيين اماكنها؛ وتجد خلاصة لها في كتاب الدكتور جواد علي. كما درس لامنس في أحد مؤلفاته (بالفرنسية) اقليم الحجاز. ولعل اوفى ما كتبه العرب في العصور الوسطى هو كتاب (صفة جزيرة العرب) للهمداني، وقد اعتمد عليه كثيرا ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان).
(2) راجع في ذلك فيليب حتي (تاريخ العرب) 37 – 46؛ ومادة (عرب) في الطبعة الجديدة من دائرة المعارف الإسلامية. انظر (Arabia Deserta) لألوا موسيل، وبحث محمود أبو طالب بعنوان (الجزيرة العربية في العهد الاشوري) المنشور في سلسلة (أوراق في تاريخ الشام)، عمان 1991.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|