أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2017
7761
التاريخ: 27-9-2018
2074
التاريخ: 16-11-2016
2477
التاريخ: 6-11-2017
5716
|
ارتبطت الشام بعلاقة خاصة مع البيت الأموي بدءاً بأمية بن عبد شمس - جد الأمويين - بعد خسارته الرهان مع هاشم وخروجه إلى الشام (1) مروراً برحلة الصيف الشهيرة التي كان لهذا البيت الأموي في وقت ما الزعامة التجارية ، وصولاً إلى العهد الإسلامي حين قدر لهذه العلاقة أن تنمو أيضاً وتتخذ حجماً غير عادي، بعد أن أتيح للأمويين توظيفها في خدمة الصراع الإسلامي - البيزنطي في بلاد الشام . فقد عهد الخليفة أبو بكر إلى يزيد بن أبي سفيان قيادة أحد الجيوش الثلاثة الرئيسة التي كانت طليعة القوات العربية الإسلامية المتحركة إلى هذه المنطقة ، متخذاً من دمشق مقراً له. وبعد سقوط الشام كان يزيد أول عمالها بالإضافة إلى مهامه العسكرية، وبعد وفاته عام 18هـ انتقل المنصب إلى أخيه معاوية على نحو شبه وراثي إذ استخلف يزيد أخاه معاوية وأقرته الخلافة وهي بيد - عمر بن الخطاب آنذاك (2) .
وبهذا احتفظ الأمويون بهذا المنصب وتبلورت العلاقة مع أهل الشام تأخذ تدريجياً سماتها الأموية. وكان معاوية بن أبي سفيان خلافاً لغيره من الولاة قد امتاز بكثير من الهدوء والذكاء ، ولم يخضع لإرادة الخلافة بصورة مباشرة كغيره من الولاة ، فلجأ إلى تدعيم وضعه السياسي بإنشاء قوة عسكرية ضاربة (3) .
لقد أعطى هذا النمو العسكري المتصاعد حجماً غير اعتيادي لمعاوية وأسرته في الشام، ما لبث أن وظفه في سياسته الداخلية مترصداً الفرص المؤاتية للتحقيق طموحه السلطوي المتوارث والمتأصل فيه (4) .
وجاء تنصيب عثمان بن عفان خليفة للمسلمين، ليفتح أبواب الطموح في وجه زعيم الشام - معاوية - الذي أعطاه حرية التحرك غطاء واقياً لأفعاله. لقد توفرت لدى معاوية الأرضية المناسبة مضافاً إليها الموقع العسكري المتطور ، ومن ثم لعبة التحالف القبلي التي اتقنها معاوية بمصاهرته لبني كلب أقوى القبائل اليمنية في الشام وهي جميعها شروط مهمة للزعامة السياسية وصناعة النفوذ (5) .
وبعد استشهاد عثمان بن عفان وانتخاب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مثل تلك الظروف حين كانت تخالج معاوية اللحظة التاريخية باستلام الحكم بعد عثمان، كان علي (عليه السلام) ينتقل إلى الكوفة عاصمته الجديدة، لينصرف إلى معالجة المعضلة الشامية تاركاً عاصمة الدولة القديمة - المدينة - في الحجاز ساعياً بعد انهيار الدولة إلى بنائها من جديد في العراق باتخاذه الكوفة عاصمة له بعد موقعة الجمل عام 36هـ . وكانت في الشام قوة قائمة شبه دولة تسعى بكل مقوماتها الإدارية والعسكرية والاقتصادية للإطاحة بحكم الخليفة الجديد الإمام علي (عليه السلام) وذلك بتصعيد الحملة الدعائية المطالبة بدم الخليفة المقتول عثمان. موجهة التهم إلى الإمام علي (عليه السلام) بعد اقتصاصه من القتلة ، وقد اتخذ معاوية أسلوب التعبئة العسكرية والنفسية في قبائل الشام التي استدرجها للدخول في معركته لنيل الخلافة ، وبعد أن تغلبت حتمية الحرب بين الإمام علي (عليه السلام) ومعاوية على كل محاولات حل الصراع سلمياً، استنفر معاوية كل الطاقات لحرب صفين، ورغم قساوة الحرب وطول أمدها إلا أن الجبهة العراقية كانت متفوقة حتى كادت أن تحسم الحرب لمصلحتها لولا التطورات التي أسفرت عن الدعوة إلى التفاوض بعد أن مهد لها برفع المصاحف .
ولعل هذه المبادرة التي طرحت شعار " التحكيم " أي الاحتكام إلى القرآن كانت أفضل فرصة لتدعيم موقف معاوية خاصة بعد اضطراب أحواله وتفوق الجبهة العراقية في الحرب. وكان من البداهة أن يرفض الإمام علي (عليه السلام) وكبار قادته دعوة التحكيم لأنها في النهاية لا تخدم سوى الجبهة الشامية وذلك بإعطاء معاوية فرصته التاريخية في الظهور في موقع الند للخليفة الشرعي. وبالتالي اختلاف الموازين السياسية والمعنوية والعسكرية . غير أن معارضة الإمام علي (عليه السلام) وكبار قادته لم تكن سارية على جميع الجبهة العراقية إذ سرعان ما ارتفعت أصوات بعض القيادات القبلية البارزة، غير المؤهلة للصمود في حرب نظامية طويلة الأمد، ارتفعت متعاطفة مع التحكيم. ولم تكتف تلك الأصوات بالتعاطف والتأييد وإنما لجأت إلى الإصرار والتهديد لحمل القيادة على الاستجابة لأمر التحكيم . وكان من أبرز المتحمسين لهذا الأمر الأشعث بن قيس الكندي شيخ كندة وأميرها ، وبعد أن حكم الحكمان أصبح معاوية بن أبي سفيان حائزاً من الشرعية ما لم يكن يمتلكه مسبقاً وبهذا استطاع أن يحصل على جزئ من التأييد في أوساط شيوخ القبائل من الجبهة العراقية، فأصبح أقرب إلى السلطة من ذي قبل (6) .
___________
(1) المقريزي ، ابو العباس احمد بن علي (ت 845هـ) ، النزاع والتخاصم فيما بين بنو أمية وبني هاشم ، تحقيق : حسين مؤنس ، منشورات الشريف الرضي ، قم ، 1412هـ/ 1993م ، ص51-51 .
(2) ابن خياط، تاريخ ابن خياط، ج1 ، ص157 .
(3) ابن عبد الحكم، عبد الرحمن بن عبد الله (ت 259هـ) ، فتوح مصر وأخبارها ، مطبعة ليدن ، 1319هـ / 1920م ، ص189-191 .
(4) البلاذري ، أنساب الأشراف ، ج1 ، ص50 ؛ بيضون ، من دولة عمر إلى دول عبد الملك ، ص125 .
(5) بيضون ، من دولة عمر إلى دولة عبد الملك ، ص125 .
(6) المسعودي ، مروج الذهب ، ج2 ، ص374 .
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تكرّم مجموعة من المنتسبات الكفوءات لعام 2024
|
|
|