المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



أرباب المال  
  
2137   12:15 مساءاً   التاريخ: 23-12-2016
المؤلف : محمد جواد مغنية
الكتاب أو المصدر : تفسير الكاشف
الجزء والصفحة : ج2، ص17ـ18
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / النظام المالي والانتاج /

ما عرف التاريخ أسوأ وأفدح وأعظم من أسوأ أرباب المال والثروات المكدسة في هذا العصر .. انهم يثيرون الفتن والحروب ويدبرون المكائد والمصائد ضد كل حركة تحررية في أي طرف من أطراف العالم.. فيبثون كتائب العملاء، ووحدات الأساطيل، وجواسيس المخابرات في كل بقعة من بقاع الأرض، ليحوّلوا العالم بكامله إلى شركة مساهمة يملكها أصحاب الملايين.. انهم لا يؤمنون باللَّه، ولا بالانسانية، ولا بشيء إلا بالأسهم، تدفع الشعوب أرباحها من خبزها ودمائها ومستقبلها، ويستغلون دولهم لإشاعة الرعب والتخويف والضغط الاقتصادي والسياسي على الضعفاء، ويعملون بكل سبيل لتجزئة البلد الواحد، وتفتيت الوحدة الوطنية، ليخضع الجميع لاستثماراتهم واحتكاراتهم.. ومن أجل هذا حرّم الإسلام الاحتكار، والثراء غير المشروع، واستخدام القوة والضغط على الضعفاء، وهدد الذين يكنزون الأموال ولا ينفقونها في سبيل اللَّه، ووصفهم بالطغاة العتاة.

{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [آل عمران: 11]. أي ان كثرة المال والولد ليست سببا للفوز والنجاة، فكثيرا ما تغلَّب الفقراء على الأغنياء، والقلة على الكثرة، والتاريخ مملوء بالشواهد على هذه الحقيقة.. فلقد كان لفرعون وقومه الجاه والسلطان، والمال والعدة والعدد، ومع ذلك خذلهم اللَّه، ونصر موسى وقومه، ولا مال لهم ولا عدة ولا عدد، كما نصر من قبل نوحا على قومه، وإبراهيم على النمرود، وهودا على عاد، وصالحا على ثمود.. فالكثرة والثروة - إذن - ليستا بضمان ولا أمان، وعليه فالذين كذبوا محمدا (صلى الله عليه واله وسلم) معرّضون لنفس المصير.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.