أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2017
3227
التاريخ: 13-2-2017
12568
التاريخ: 13-2-2017
4586
التاريخ: 5-2-2017
13093
|
قال تعالى : { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا } [النساء : 91] .
بين تعالى طائفة أخرى منهم -[المنافقون]- فقال {ستجدون آخرين} يعني : قوما آخرين غير الذين وصفتهم قبل {يريدون أن يأمنوكم} فيظهرون الإسلام {ويأمنوا قومهم} فيظهرون لهم الموافقة في دينهم {كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها} المراد بالفتنة هنا : الشرك ، أي كلما دعوا إلى الكفر ، أجابوا ورجعوا إليه . والفتنة في اللغة : الاختبار . والإركاس : الرد . قال الزجاج : أركسوا فيها : انتكسوا في عقدهم . فالمعنى كلما ردوا إلى الاختبار ليرجعوا إلى الكفر ، رجعوا إليه {فإن لم يعتزلوكم} أيها المؤمنون : أي فإن لم يعتزل قتالكم هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم ، ويأمنوا قومهم ، {ويلقوا إليكم السلم} يعني : ولم يستسلموا لكم ، فيعطوكم المقادة ، ويصالحوكم (و) لم {يكفوا أيديهم} عن قتالكم {فخذوهم} : أي فأسروهم {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} : أي وجدتموهم ، وأصبتموهم {وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا} : أي حجة ظاهرة . وقيل : عذرا بينا في القتال ، وسميت الحجة : سلطانا ، لأنه يتسلط بها على الخصم ، كما يتسلط بالسلطان .
_____________________
1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 154 .
لا قتل ولا قتال في الإسلام :
عرضت الآيات السابقة صورا متنوعة للذين لاقى منهم الرسول (صلى الله عليه وآله) ألوانا من المكر والخبث والتمرد على اللَّه ورسوله . . وهذه الآية تعرض صورة أخرى لفريق هم أكثر الناس عددا في كل زمان ومكان ، أعني المتميعين المذبذبين الذين لا واقع لهم إلا التقلب والتردد ، يؤمنون بالقيم حينا ، وحينا بها يكفرون . .
ونحن لا ننكر ان الإنسان يتأثر بظروفه ، وانه كثيرا ما يتغير بحسبها ، بل أثبتنا ذلك عند تفسير الآية 143 من سورة البقرة ، فقرة « تغير الأخلاق والأفكار » ، ومع هذا فانّا نعتقد - استنادا إلى العيان - ان لبعض الأشخاص ذاتا تتذبذب بطبيعتها ، وتنتقل من حال إلى حال ، حتى ولو اتحدت ظروفها .
{ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ ويَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ } . المراد بالرد الدعوة ، وبالفتنة الكفر ، وبالارتكاس الرجوع والتحول . والمعنى ان هذا الفريق كلما دعوا إلى الكفر والارتداد رجعوا إليه ، وكانوا أقبح من كل كافر ثبت على كفره ، وخير ما قيل في تصويرهم ما حكاه بعض المفسرين : انهم كانوا إذا رجعوا إلى قومهم يقال لأحدهم : قل : الخنفساء ربي . والقرد ربي . فيقولها .
ويقال لأمثال . هؤلاء : إمعون جمع إمع ، أي اني معك من باب النحت .
ومهما بلغت الحال بهؤلاء من الانحطاط وانعدام الشخصية والذبذبة بين الكفر والإيمان فإن الإسلام يدعهم وشأنهم ما لم يعتدوا ويقاتلوا . . فإن اعتدوا وقاتلوا فالإسلام يأمر بردعهم وقتلهم أينما وجدوا إذا أصروا على الحرب والقتال . . وهذا ما أراده اللَّه بقوله : { فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ ويُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ ويَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ واقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } .
وهذا دليل من عشرات الأدلة التي يقدمها القرآن الكريم ، والسنة النبوية على ان الخط الأساسي لدين الإسلام ان لا قتل ولا قتال إلا لردع من قاتل وسعى فسادا في الأرض : {وقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ولا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهً لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة : 190 ] . . {وقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة : 193] . . إذن ، الإسلام سوّغ القتال ، حيث سوغته جميع الشرائع قديما وحديثا ، وأوجبته جميع العقول . . ورغم هذه الأدلة وغيرها فان أعداء الإسلام أبوا إلا أن يقولوا : انه دين السيف والقتال ، تماما كالذي قال : عنزة وان طارت .
انظر تفسير الآية السابقة 90 : { وأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا } .
وقارن بينها وبين قوله تعالى في الآية التي نفسرها 91 : { وأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً } . فان كلا منهما تؤيد الأخرى في ان القتال لم يشرع في الإسلام إلا دفاعا عن النفس ، ودرءا للفساد ، وانه يقدر بهما وجودا وعدما ، وكما وكيفا .
___________________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 404-406 .
قوله تعالى : { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ } ، إخبار بأنه سيواجهكم قوم آخرون ربما شابهوا الطائفة الثانية من الطائفتين المستثناتين حيث إنهم يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم غير أن الله سبحانه يخبر أنهم منافقون غير مأمونين في مواعدتهم وموادعتهم ، ولذا بدل الشرطين المثبتين في حق غيرهم أعني قوله { فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ } بالشرط المنفي أعني قوله { فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ } (إلخ) وهذا في معنى تنبيه المؤمنين على أن يكونوا على حذر منهم ومعنى الآية ظاهر.
_______________________
1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 28 .
عقاب ذي الوجهين :
إنّ هذه الآية تصور لنا طائفة من الناس نقيض تلك الطائفة التي تحدثت عنها الآية السابقة وأمرت بقبول الصلح منها ، والطائفة تتشكل من أفراد نفعيين انتهازيين ، همّهم الوحيد تحقيق مصالحهم والتحرك بحرية تامّة لدى المسلمين ، وقريش عن طريق الرياء والخيانة والخداع ، والتظاهر بتأييد واتباع الجانبين والتعاون معهما ، وفي هذا المجال تقول الآية الكريمة : {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ} .
وهؤلاء حين تسنح لهم الفرصة ينقلبون على أعقابهم وينغمسون في الفتنة والشرك نكسا على رؤوسهم {كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها} .
وعمل هؤلاء وسلوكهم على عكس سلوك الطائفة السابقة التي أرادت أن تبقى على الحياد فقد تجنبت الفئة السابقة إيذاء المسلمين ، أمّا هذه الأخيرة فقد انطوت سريرتها على إيذاء المسلمين والوقوف ضدهم.
وقد اشترط القرآن الكريم على هذه الطائفة ثلاثة شروط من أجل أن تبقى في مأمن من انتقام المسلمين ، وهذه الشروط هي : اعتزال المسلمين ، أو مصالحتهم ، أو الكف عن إيذائهم حيث تقول الآية الكريمة : {فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ} .
وإذا رفضت هذه الطائفة الشروط المذكورة وأصرت على العصيان والتمرد ، فالمسلمون مكلّفون عند ذلك بإلقاء القبض على أفرادها وقتلهم أينما وجدوا ، كما تقول الآية : {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} .
ولما كانت الحجّة قد تمّت على هؤلاء ، تقول الآية في الخاتمة : {أُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً} .
وقد يكون هذا التسلط في مجال الكلام والمنطق إذا تغلب منطق المسلمين على منطق المشركين والكافرين ، وقد يكون سلطانا ماديا ظاهريا عليهم لأنّ الآية نزلت في وقت كان المسلمون يتمتعون فيه بقدر كاف من القوّة .
وتشير عبارة «ثقفتموهم» الواردة في الآية إلى احتياج المسلمين إلى الدقة والمهارة في التعرف على هذه الفئة المنافقة الخطيرة ، لما لها من قابلية عجيبة على التلون والخداع والانفلات من العقاب ، فعبارة «ثقفتموهم» مشتقة من المصدر «ثقافة» الذي يعني الحصول على شيء باستخدام الدقّة والمهارة ، بينما الفعل «وجد» يعني الحصول على الشيء بصورة مطلقة .
__________________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص246-247 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|