أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2016
7252
التاريخ: 12-2-2017
4044
التاريخ: 13-2-2017
9750
التاريخ: 8-12-2016
4827
|
قال تعالى : {ومنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة: 114]
{ومن أظلم} أي وأي أحد أشد وأعظم ظلما {ممن منع مساجد الله} من {أن يذكر فيها اسمه} ويكون معناه لا أحد أظلم ممن منع أن يذكر في مساجد الله اسمه سبحانه وعمل في المنع من إقامة الجماعة والعبادة فيها وإذا حمل قوله {مساجد الله} على بيت المقدس أو على الكعبة فإنما جاز جمعه على أحد وجهين أما أن تكون مواضع السجود فإن المسجد العظيم يقال لكل موضع منه مسجد ويقال لجملته مسجد وأما أن يدخل في هذه اللفظة المساجد التي بناها المسلمون للصلاة وروي عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام) أنه أراد جميع الأرض لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا وقوله {وسعى في خرابها} أي عمل في تخريبها والتخريب إخراجهم أهل الإيمان منها عند الهجرة وقيل هو صدهم عنها ويجوز حمله على الأمرين وقيل المراد المنع عن الصلاة والطاعة فيها وهو السعي في خرابها وقوله {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين} فيه خلاف قال ابن عباس معناه أنه لا يدخل نصراني بيت المقدس إلا نهك(2) ضربا ، وأبلغ عقوبة وهو كذلك اليوم ومن قال المراد به المسجد الحرام قال لما نزلت هذه الآية أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مناديا فنادى ألا لا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوفن بهذا البيت عريان فكانوا لا يدخلونه بعد ذلك وقال الجبائي بين الله سبحانه أنه ليس لهؤلاء المشركين دخول المسجد الحرام ولا دخول غيره من المساجد فإن دخل منهم داخل إلى بعض المساجد كان على المسلمين إخراجه منه إلا أن يدخل إلى بعض الحكام لخصومة بينه وبين غيره فيكون في دخوله خائفا من الإخراج على وجه الطرد بعد انفصال خصومته ولا يقعد فيه مطمئنا كما يقعد المسلم قال الشيخ أبو جعفر قدس الله روحه وهذا يليق بمذهبنا ويمكن الاستدلال بهذه الآية على أن الكفار لا يجوز أن يمكنوا من دخول المساجد على كل حال فأما المسجد الحرام خاصة فيستدل على أن المشركين يمنعون من دخوله ولا يمكنون منه لحكومة ولا غيرها بأن الله تعالى قد أمر بمنعهم من دخوله بقوله ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر يعني المسجد الحرام وقوله فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وقال الزجاج أعلم الله سبحانه في هذه الآية أن أمر المسلمين يظهر على جميع من خالفهم حتى لا يمكن دخول مخالف إلى مساجدهم إلا خائفا وهذا كقوله سبحانه ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون فكأنه قيل أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لإعزاز الله الدين وإظهاره المسلمين .
وقوله {لهم في الدنيا خزي} قيل فيه وجوه ( أحدها ) أن يراد بالخزي أنهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون عن قتادة ( وثانيها ) أن المراد به القتل وسبي الذراري والنساء إن كانوا حربا وإعطاء الجزية إن كانوا ذمة عن الزجاج ( وثالثها ) إن المراد بخزيهم في الدنيا أنه إذا قام المهدي وفتح قسطنطينية فحينئذ يقتلهم عن السدي ( ورابعها ) أن المراد بخزيهم طردهم عن دخول المساجد عن أبي علي وقوله {ولهم في الآخرة عذاب عظيم} يعني يوم القيامة يعذبهم الله في نار جهنم بالعذاب الأعظم إذ كانوا من كل ظالم أظلم .
______________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص355-357.
2- نهكه : بالغ في عقوبته.
هذه الآية من الآيات التي تعددت الأقوال في تفسيرها ، وظاهرها يدل على التهديد والوعيد لمن لا يحترم المساجد ، أو مطلق المعابد ، ويمنع من عمارتها ، أومن التعبد فيها للَّه ، أو يعمل على هدمها ، أو إهمالها ، أو تعطيل الشعائر الدينية فيها . . وان الواجب الإلهي والإنساني يفرض على كل انسان أن يقدس المعابد ، ويدخلها معظما لها ، وخاشعا لجلالها ، وخائفا من عقاب اللَّه راجيا لثوابه ، لا مستهترا ومستخفا ، لأنها أنشئت لهذه الغاية ، ثم بيّن سبحانه ان من تعرّض بسوء للمعابد فان اللَّه سبحانه يهينه ويذله في هذه الحياة ، ويعذبه غدا بعذابه الأكبر .
وبالاختصار ان الآية بحسب ظاهرها مجرد بيان ان من يفعل كذا يفعل اللَّه به كذا وعليه فهي قضية كلية لا تستدعي وجود واقعة خاصة قد حدثت في
الماضي ، أوفي زمن الخطاب ، أو منتظرة الحدوث . . ولكن المفسرين قالوا :
انها إشارة إلى حادثة خاصة ، ثم اختلفوا فيما بينهم : هل الحادثة المشار إليها قد وقعت قبل بعثة محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) ، أو بعد البعثة ؟ ثم ان الفريق الذين قالوا :
انها إخبار عن شيء وقع قبل البعثة اختلفوا فيما بينهم أيضا في تعيين ذاك الشيء الذي وقع ، فمنهم من قال : ان الآية تخبر عما وقع من تيطس الروماني ، إذ دخل بيت المقدس بعد موت المسيح بنحو سبعين سنة ، وخربها ، حتى لم يبق حجرا على حجر ، وهدم هيكل سليمان ، وأحرق بعض نسخ التوراة ، وكان المسيح قد أنذر اليهود بذلك ، وقيل : ان تيطس خرب بيت المقدس بتحريض المسيحيين انتقاما من اليهود .
ومن القائلين بأنها إخبار عما وقع قال : انها تخبر عما صنعه بختنصر البابلي من تخريب بيت المقدس ، وجاء في تفسير صاحب المنار ما نصه بالحرف :
{ومن الغريب ان ابن جرير الطبري قال في تفسيره : ان الآية تشير إلى اتحاد المسيحيين مع بختنصر البابلي على تخريب بيت المقدس ، مع ان حادثة بختنصر كانت قبل وجود المسيح والمسيحية بستمائة وثلاث وثلاثين سنة} (2) .
وأيضا من القائلين بأن الآية اخبار عما وقع من يرى : انها نزلت في مشركي قريش ، حيث منعوا النبي وأصحابه من دخول مكة في قصة عمرة الحديبية .
أما الذين قالوا : ان الآية إخبار عن أمر منتظر الوقوع فأيضا اختلفوا فيما بينهم ، فمنهم من قال : انها إشارة إلى إغارة الصليبيين على بيت المقدس وغيره من بلاد المسلمين . . ومنهم من قال : انها اخبار عما حدث من القرامطة من هدم الكعبة ، ومنع الناس من الحج ، ثم قال هذا الفريق بكلا قسميه : ان هذه الآية من معجزات القرآن ، لأنها أخبرت عن الغيب .
هذا ملخص ما قاله المفسرون . . ونحن لا نعتمد شيئا منها ، حيث لا دليل
من العقل أو النقل تطمئن إليه النفس ، ونعتمد الظاهر من الآية التي لا يتنافى مع العقل ، ولا دليل يصرفه إلى غيره من النقل ، وهو وجوب احترام المعابد ، وتحريم التعرض لها ، ومجازاة من يقصدها بسوء .
من أحكام المساجد :
يستحب بناء المساجد ، وأعمارها بذكر اللَّه ، وتنظيفها ، وإضاءتها ، ويحرم هتكها ، ودخول الجنب والحائض إليها ، ويستحب عند دخولها صلاة ركعتي التحية ، ويكره بناؤها في مكان مشرف ، لأن عليا أمير المؤمنين ( عليه السلام) رأى مسجدا في مكان مشرف فقال كأنه بيعة ، أي معبد اليهود ، وفي الحديث :
{تبنى المدائن شرفا - أي في مكان مرتفع - والمساجد جما} أي غير مشرفة من جمت الشاة ، وأيضا يكره اتخاذ المحاريب فيها ، لأن أمير المؤمنين ( عليه السلام) كان إذا رآها قال : كأنها مذابح اليهود (3) . . والمراد بهذه المحاريب المكروهة المحاريب البارزة بروزا يضايق المصلين ، بل قال جماعة بتحريمها ، أما المحاريب في جوف فلا بأس بها ، والسيرة عليها .
___________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص182-184.
2- وتشاء الصدف ان اقرأ هذه السقطة للطبري في نفس اليوم الذي قرأت عنه مقالا مطولا في ملحق جريدة الجمهورية المصرية تاريخ 5 مايو ، أيار ، سنة 1967 ، وقد جاء فيه : « والطبري بلا شك عميد مؤرخي الإسلام . . وكتابه رئيسي في التفسير » . توفي الطبري سنة 310 ه أي منذ أكثر من الف وخمسين سنة ، وإذا كان هذا حال أسبق المؤرخين والمفسرين وأوثقهم ، فكيف يثق الإنسان بغيره ؟ وعلى من يعتمد ؟ . .
3- نقل صاحب مفتاح الكرامة عن جماعة من العلماء كراهية تعلية المساجد ، وقالوا : بل تبنى وسطا ، كما نقل عن سبعة كتب فقهية كراهية المحاريب البارزة في المساجد ، والذي أحسبه ان المسلمين لم يهتموا بضخامة المساجد ، وفخامتها إلا تنافسا مع الكنائس والبيع ، وفي قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( كأنه بيعة ) إشارة إلى ذلك .
قوله تعالى: {ومن أظلم ممن منع}، ظاهر السياق أن هؤلاء كفار مكة قبل الهجرة فإن هذه الآيات نزلت في أوائل ورود رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة.
قوله تعالى: {أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين}، يدل على مضي الواقعة وانقضائها لمكان قوله كان، فينطبق على كفار قريش وفعالهم بمكة كما ورد به النقل أن المانعين كفار، مكة كانوا يمنعون المسلمين عن الصلاة في المسجد الحرام والمساجد التي اتخذوها بفناء الكعبة.
__________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص216-217.
أظلم النّاس
أسباب النّزول توضّح أن الآية تتحدث عن اليهود والنصارى والمشركين، مع أن الآيات السابقة تتحدث أكثر ما تتحدث عن اليهود وأحياناً عن النصارى.
على أي حال «اليهود» بوسوستهم بشأن مسألة تغيير القبلة، سعوا إلى أن يتجه المسلمون في صلاتهم نحو بيت المقدس، ليتفوقوا بذلك على المسلمين، وليحطوا من مكانة الكعبة(2).
و«مشركو مكة» بمنعهم النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين زيارة الكعبة سعوا عملياً في هدم هذا البناء الإِلهي.
و«النصارى» باستيلائهم على بيت المقدس والعبث فيه على ما ذكر ابن عباس سعوا في تخريبه.
القرآن يقول لهؤلاء جميعاً ولكل من يسلك طريقاً مشابهاً لهؤلاء: {وَمَنْ أَظْلمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرَابِهَا}.
القرآن الكريم أطلق على مثل هذا العمل اسم «الظلم الكبير»، وعلى العاملين اسم «أظلم النّاس» وأيّ ظلم أكبر من تخريب قاعدة التوحيد، وصدّ النّاس عن ذكر الله؟!
ثم تقول الآية: {أُوَلئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ}.
أي إِن المسلمين والموحدين ينبغي أن يكونوا على درجة من القوّة والمقاومة بحيث لا يستطيع الظلمة أن يمدوا أيديهم إلى هذه الأماكن المقدسة، ولا يستطيعون أن يدخلوها جهرة بدون خوف أو خشية.
ومن المحتمل أيضاً أن الآية تقول: إن الظلمة لن يستطيعوا أبداً أن ينجحوا في الإِستيلاء على هذه المراكز العبادية، بل إنهم سوف لا يستطيعون في المستقبل أن يدخلوا هذه المساجد إلاّ وهم خائفون مذعورون، تماماً كالمصير الذي لاقاه مشركو مكة بشأن المسجد الحرام.
والآية تبين بعد ذلك العقاب الذي ينتظر هؤلاء الظلمة ممن يريد أن يفصل بين الله وعباده: {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الاْخِرَةِ عَظِيمٌ}.
__________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص285-286.
2 ـ تفسير الفخر الرازي، الآية المذكورة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|