أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-24
1372
التاريخ: 2023-05-03
1315
التاريخ: 2023-06-17
1000
التاريخ: 2023-06-12
1374
|
كان مولد رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم في عام الفيل، بينه وبين الفيل خمسون ليلة، وكان على ما رواه بعضهم يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، وقيل ليلة الثلاثاء لثمان خلون من شهر ربيع الأول.
وقال من رواه عن جعفر بن محمد يوم الجمعة حين طلع الفجر لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان. وولد على ما قال أصحاب الحساب بقران العقرب. قال ما شاء الله المنجم: كان طالع السنة التي كان فيها القرآن الذي دل على مولد رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم الميزان اثنتين وعشرين درجة حد الزهرة وبيتها والمشتري في العقرب ثلاث درجات وثلاثاً وعشرين دقيقة، وزحل في العقرب ست درجات وثلاثا وعشرين دقيقة راجعاً، وهما في الثاني من الطوالع، والشمس في نظير الطالع في الحمل أول دقيقة، والزهرة في الحمل على درجة وست وخمسين دقيقة، وعطارد في الحمل على ثماني عشرة درجة وست عشرة دقيقة راجعاً، والمريخ في الجوزاء اثنتي عشرة درجة وخمس عشرة دقيقة، والقمر وسط السماء في السرطان درجة وعشرين دقيقة.
وقال الخوارزمي: كانت الشمس يوم ولد رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم في الثور درجة، والقمر في الأسد على ثماني عشرة درجة وعشر دقائق، وزحل في العقرب تسع درجات وأربعين دقيقة راجعاً، والمشتري في العقرب درجتين وعشر دقائق راجعا، والمريخ في السرطان درجتين وخمسين دقيقة، والزهرة في الثور اثنتي عشرة درجة وعشر دقائق. وكانت قريش تؤرخ السنين بموت قصي بن كلاب لجلالة قصي، فلما كان عام الفيل أرخت به لاشتهار ذلك العام، فكان تاريخهم من مولد رسول الله.
ولما ولد رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم رجمت الشياطين وانقضت الكواكب. فلما رأت ذلك قريش أنكرت انقضاض الكواكب وقالوا: ما هذا إلا لقيام الساعة، وأصابت الناس زلزلة عمت جميع الدنيا حتى تهدمت الكنائس والبيع، وزال كل شيء يعبه دون الله، عز وجل، عن موضعه، وعميت على السحرة والكهان أمورهم وحبست شياطينهم، وطلعت نجوم لم تر قبل ذلك فأنكرتها كهان اليهود، وزلزل إيوان كسرى فسقطت منه ثلاث عشرة شرافة، وخمدت نار فارس ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام. ورأى عالم الفرس وحكيمهم وهو الذي تسميه الفرس موبذان موبذ القيم بشرائع دينهم كان إبلاً عراباً تقود خيلا صعاباً حتى قطعت دجلة وانتشرت في البلاد. فراع ذلك كسرى أنو شروان وأفزعه، فوجه إلى النعمان فقال: هل بقي من كهان العرب أحد؟ قال: نعم! سطيح، الغساني بدمشق من أرض الشام. قال: فجئني بشيخ من العرب له عقل ومعرفة أوجهه إليه. فأتاه بعبد المسيح بن بقيلة، فوجهه إليه. فخرج عليه عبد المسيح على جمل حتى قدم دمشق. فسأل عنه فدل عليه وهو ينزل في باب الجابية، فوجده في آخر رمق. فنادى في أذنه بأعلى صوته:
أصـم أم تسمــع غطريف اليمن ... يا فارج الكربة أعيت من ومن
وفاصل الخطبة في الأمر العنن ... أتاك شيخ الحي مــن آل يزن
فقال: عبد المسيح، على جمل مشيح، نحو سطيح، حين أشفى على الضريح. بعثك ملك بني ساسان بهدم الأيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان. رأى إبلا عرابا تقود خيلا صعاباً حتى قطعت دجلة وانتشرت في البلاد. يا ابن ذي يزن تكون هنه وهنات ويموت ملوك وملكات بعدد الشرافات. إذا غاضت بحيرة ساوة وظهرت التلاوة بأرض تهامة وظهر صاحب الهراوة فليست الشام لسطيح شاما. ثم فاضت نفسه.
وجاء رجل من أهل الكتاب إلى ملأ من قريش فيهم هشام بن المغيرة والوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة فقال: ولد لكم الليلة مولود. قالوا: لا. قال: أخطأكم والله معشر قريش فقد ولد إذا بفلسطين غلام اسمه أحمد، به شامة كلون الحر الأدكن يكون به هلاك أهل الكتاب، فلم يريموا حتى قيل لهم إنه ولد لعبد الله بن عبد المطلب الليلة غلام. فمضى الرجل حتى نظر إليه ثم قال: هو والله هو! ويل أهل الكتاب منه. فلما رأى سرور قريش بما سمعت منه قال: والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق والمغرب. وكان تزويج عبد الله بن عبد المطلب لآمنه بنت وهب بعد حفر زمزم بعشر سنين، وقيل بضع عشرة سنة. وبين فداء عبد المطلب لابنه وبين تزويجه إياه سنة، فكان اسم عبد الله أبي رسول الله عبد الدار، وقيل: كان اسمه عبد قصي. فلما كان في السنة التي فدي فيها قال عبد المطلب: هذا عبد الله، فسماه يومئذ كذلك. وكان بين تزويج أبي رسول الله لأمه وبين مولده على ما روى جعفر بن محمد عشرة أشهر، وقال بعضهم سنة وثمانية أشهر.
وروي عن أمه أنها قالت: رأيت لما وضعته نوراً بداً مني ساطعاً حتى أفزعني، ولم أر شيئاً مما يراه النساء.
وروى بعضهم أنها قالت: سطع مني النور حتى رأيت قصور الشام، ولما وقع إلى الأرض قبض قبضة من تراب ثم رفع رأسه إلى السماء...
فكان أول لبن شربه بعد أمه لبن ثويبة مولاة أبي لهب. وقد أرضعت ثويبة هذه حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب وأبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي. وقال رسول الله، بعد ما بعثه الله: رأيت أبا لهب في النار يصيح العطش العطش فيسقي في نقر إبهامه. فقلت: بم هذا؟ فقال: بعتقي ثويبة لأنها أرضعتك.
وتوفي عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم على ما روى جعفر بن محمد بعد شهرين من مولده. وقال بعضهم إنه توفي قبل أن يولد، وهذا قول غير صحيح لأن الإجماع على أنه توفي بعد مولده. وقال آخرون بعد سنة من مولده، وكانت وفاة عبد الله بالمدينة عند أخوال أبيه بني النجار في دار تعرف بدار النابغة، وكانت سنة يوم توفي خمساً وعشرين سنة.
واسترضع في بني سعد بن بكر بن هوازن. وكان عبد المطلب دفعه إلى الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي زوج حليمة بنت أبي ذؤيب السعدي، فلم يزل مقيما في بني سعد يرون به البركة في أنفسهم وأموالهم حتى كان من شأنه في الذي أتاه في صورة رجل، فشق عن بطنه وغسل جوفه، ما كان. فخافوا عليه وردوه إلى جده عبد المطلب وله خمس سنين، وقيل أربع سنين، وهو في خلق ابن عشر وقوته.
وتوفيت أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بعد ما أتى عليه ست سنين وثلاثة أشهر، ولها ثلاثون سنة. وكانت وفاتها بموضع يقال له الأبواء بين مكة والمدينة. وكان عبد المطلب جد رسول الله يكفله، وعبد المطلب يومئذ سيد قريش غير مدافع، قد أعطاه الله من الشرف ما لم يعط أحداً، وسقاه زمزم وذا الهرم، وحكمته قريش في أموالها، وأطعم في المحل حتى أطعم الطير والوحوش في الجبال. قال أبو طالب:
ونطعم حتى تأكل الطير فضلنا ... إذا جعلت أيدي المفيضين ترعد
ورفض عبادة الأصنام ووحد الله، عز وجل، ووفى بالنذر وسن سننا نزل القرآن بأكثرها، وجاءت السنة من رسول الله بها وهي: الوفاء بالنذور، ومائة من الإبل في الدية، وألا تنكح ذات محرم، ولا تؤتي البيوت من ظهورها، وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموءودة، والمباهلة، وتحريم الخمر، وتحريم الزنا، والحد عليه، والقرعة، وألا يطوف أحد بالبيت عريانا، وإضافة الضيف، وألا ينفقوا إذا حجوا إلا من طيب أموالهم، وتعظيم الأشهر الحرم، ونفى ذوات الرايات. ولما قدم صاحب الفيل خرجت قريش من الحرم فارة من أصحاب الفيل، فقال عبد المطلب: والله لا أخرج من حرم الله وأبتغي العز في غيره. فجلس بفناء البيت ثم قال:
لهم إن تعف فإنهم عيالك... ... إلا فشيء ما بدا لك
فكانت قريش تقول: عبد المطلب إبراهيم الثاني. وكان المبشر لقريش بما فعل الله بأصحاب الفيل عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله. فقال عبد المطلب: قد جاءكم عبد الله بشيراً ونذيراً.
فأخبرهم بما نزل بأصحاب الفيل. فقالوا: إنك كنت لعظيم البركة لميمون الطائر منذ كنت.
وكان لعبد المطلب من الولد الذكور عشرة. ومن الإناث أربع: عبد الله أبو رسول الله، وأبو طالب وهو عبد مناف، والزبير وهو أبو الطاهر، وعبد الكعبة وهو المقوم، وأمهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم وهي أم أم حكيم البيضاء. وعاتكة وبرة وأروى وأميمة بنات عبد المطلب، والحارث وهو أكبر ولد عبد المطلب وبه كان يكنى، وقثم، وأمهما صفية بنت جندب بن حجير بن زباب بن حبيب بن سوأة بن عامر بن صعصعة، وحمزة وهو أبو يعلى أسد الله وأسد رسول الله، وأمه هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وهي أم صفية بنت عبد المطلب، والعباس وضرار، أمهما نتيلة بنت جناب بن كليب بن النمر بن قاسط، وأبو لهب وهو عبد العزى، وأمه لبني بنت هاجر بن عبد مناف بن ضاطر الخزاعي، والغيداق وهو جحل وإنما سمي الغيداق لأنه كان أجود قريش وأطعمهم للطعام، وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك بن نوفل الخزاعي.
فهؤلاء أعمام رسول الله وعماته. وكان لكل واحد من ولد عبد المطلب شرف وذكر وفضل وقدر ومجد. وحج عامر بن مالك ملاعب الأسنة البيت فقال: رجال كأنهم جمال جون، فقال: بهؤلاء تمنع مكة. وحج أكثم بن صيفي في ناس من بني تميم فرآهم يخترقون البطحاء كأنهم أبرجة الفضة يلحقون الأرض جيرانهم. فقال: يا بني تميم إذا أحب الله أن ينشئ دولة نبت لها مثل هؤلاء. هؤلاء غرس الله لا غرس الرجال. وكان يفرش لعبد المطلب بفناء الكعبة، فلا يقرب فراشه حتى يأتي رسول الله، وهو غلام، فيتخطى رقاب عمومته، فيقول لهم عبد المطلب دعوا ابني، أن لابني هذا لشأناً.
وكان عبد المطلب قد وفد على سيف بن ذي يزن مع جلة قومه لما غلب على اليمن، فقدمه سيف عليهم جميعاً وآثره. ثم خلا به فبشره برسول الله ووصف له صفته، فكبر عبد المطلب وعرف صدق ما قال سيف، ثم خر ساجدا. فقال له سيف: هل أحسست لما قلت نبأ؟ فقال له: نعم! ولد لابني غلام على مثال ما وصفت، أيها الملك. قال: فاحذر عليه اليهود وقومك، وقومك أشد من اليهود، والله متمم أمره ومعل دعوته. وكان أصحاب الكتاب لا يزالون يقولون لعبد المطلب في رسول الله منذ ولد فيعظم بذلك ابتهاج عبد المطلب. فقال: أما والله لئن نفستني قريش الماء يعني ماء سقاه الله من زمزم وذي الهرم، لتنفسني غدا الشرف العظيم والبناء الكريم والعز الباقي والنساء العالي إلى آخر الدهر ويوم الحشر.
وتوالت على قريش سنون مجدبة حتى ذهب الزرع وقحل الضرع، ففزعوا وقالوا: قد سقانا الله بك مرة بعد أخرى فادع الله أن يسقينا، وسمعوا صوتاً ينادي من بعض جبال مكة: معشر قريش أن النبي الأمي منكم، وهذا أوان توكفه، ألا فانظروا منكم رجلاً عظاماً جساماً له سن يدعو إليه وشرف يعظم عليه فليخرج هو وولده ليمسوا من الماء ويلتمسوا من الطيب ويستلموا الركن، وليدع الرجل وليؤمن القوم فخصبتم ما شئتم إذا وغثتم، فلم يبق أحد بمكة إلا قال: هذا شيبة الحمد، هذا شيبة الحمد. فخرج عبد المطلب ومعه رسول الله، وهو يومئذ مشدود الإزار، فقال عبد المطلب: اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة، أنت عالم غير معلم، مسؤول غير مبخل، وهؤلاء عبداؤك وإماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنيهم التي أقحلت الضرع وأذهبت الزرع، فاسمعن اللهم وأمطرن غيثا مريعا مغدقا. فما راموا حتى انفجرت السماء بمائها وكظ الوادي بثجه، وفي ذلك يقول بعض قريش:
بشيبة الحمد أسقي الله بلدتنا ... وقد فقدنا الكري واجلوذ المطر
مناً من الله بالميمون طائره ... وخير من بشرت يوماً به مضر
مبارك الأمر يستسقي الغمام به ... ما في الأنام له عدل ولا خطر
وأوصى عبد المطلب إلى ابنه الزبير بالحكومة وأمر الكعبة وإلى أبي طالب برسول الله وسقاية زمزم، وقال له: قد خلفت في أيديكم الشرف العظيم الذي تطأون به رقاب العرب. وقال لأبي طالب:
أوصيك يا عبد مناف بعدي ... بمفـــرد بعــــد أبــــيه فرد
فـــارقه وهـو ضجيع المهد ... فكنت كالأم لـــه في الوجد
تدنــــيه من أحشائها والكبد ... فأنت من أرجى بني عندي
لــــدفع ضيم أو لشـــد عقد
وتوفي عبد المطلب ولرسول الله ثماني سنين ولعبد المطلب مائة وعشرون سنة، وقيل مائة وأربعون سنة. وأعظمت قريش موته، وغسل بالماء والسدر. وكانت قريش أول من غسل الموتى بالسدر، ولف في حلتين من حلل اليمن قيمتها ألف مثقال ذهب، وطرح عليه المسك حتى ستره، وحمل على أيدي الرجال عدة أيام إعظاماً وإكراماً وإكباراً لتغييبه في التراب. واحتبى ابنه بفناء الكعبة لما غيب عبد المطلب واحتبى ابن جدعان التيمي من ناحية والوليد بن ربيعة المخزومي فادعى كل واحد الرئاسة.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم أنه قال: أن الله يبعث جدي عبد المطلب أمه واحدة في هيئة الأنبياء وزي الملوك فكفل رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم بعد وفاة عبد المطلب أبو طالب عمه، فكان خير كافل. وكان أبو طالب سيداً شريفاً مطاعاً مهيباً مع إملاقه.
قال علي بن أبي طالب: أبي ساد فقيرا، وما ساد فقير قبله. وخرج به إلى بصرى من أرض الشام وهو ابن تسع سنين، وقال: والله! لا أكلك إلى غيري. وربته فاطمة بنت أسد بن هاشم امرأة أبي طالب وأم أولاده جميعاً. ويروي عن رسول الله لما توفيت، وكانت مسلمة فاضلة، أنه قال: اليوم ماتت أمي، وكفنها بقميصه ونزل على قبرها واضطجع في لحدها. فقيل له: يا رسول الله لقد اشتد جزعك على فاطمة. قال: إنها كانت أمي، أن كانت لتجيع صبيانها وتشبعني وتشعثهم وتدهنني، وكانت أمي.
ولما بلغ العشرين ظهرت فيه العلامات وجعل أصحاب الكتب يقولون فيه ويتذاكرون أمره ويتوصفون حاله ويقربون ظهوره، فقال يوماً لأبي طالب: يا عم إني أرى في المنام رجلاً يأتيني ومعه رجلاًن فيقولان: هو هو، وإذا بلغ فشأنك به والرجل لا يتكلم. فوصف أبو طالب ما قال لبعض من كان بمكة من أهل العلم. فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم قال: هذه الروح الطيبة! هذا والله النبي المطهر. فقال له أبو طالب: فاكتم على ابن أخي لا تغر به قومه، فوالله إنما قلت لعلي ما قلت، ولقد أنبأني أبي عبد المطلب بأنه النبي المبعوث وأمرني أن أستر ذلك لئلا يغري به الأعادي.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|