أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2014
2436
التاريخ: 27-11-2014
1614
التاريخ: 18-11-2014
1796
التاريخ: 27-11-2014
1642
|
آية الحفظ
إنّ القرآن هو الكتاب النازل من عند اللّه سبحانه ، وهو سبحانه تكفّل صيانة القرآن وحفظه عن أيِّ تلاعب ، قال سبحانه : {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ * لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ * إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 6 - 9].
إنّ المراد من الذكر في كلا الموردين هو القرآن الكريم بقرينة ( نُزِّلَ ) و( نَزَّلْنا ) والضمير في ( لَهُ ) يرجع إلى القرآن ، وقد أورد المشركون اعتراضات ثلاثة على النبي ، أشار إليها القرآن مع نقدها ، وهي :
1 ـ إنّ محمّداً ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) يتلقّى القرآن من لدن شخص مجهول ، ويشير إلى هذا الاعتراض قولهم : ( يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ ) بصيغة المجهول .
2 ـ إنّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) مختل الحواس لا اعتبار بما يتلقّاه من القرآن وينقله ، فلا نُؤمن من تصرّف مخيّلته وعقليّته في القرآن .
3 ـ لو صحّ قوله : بأنّه ينزل عليه الملك ويأتي بالوحي فـ : ( لَوما تَأْتِينا بِالمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقينَ ) .
فقد أجاب الوحي عن الاعتراضات الثلاثة ، ونقدّم الجواب عن الثاني والثالث بوجه موجز ، ثمّ نعطف النظر إلى الاعتراض الأوّل لأهميته .
أمّا الثاني ، فقد ردّه بالتصريح بأنّه سبحانه هو المنزِّل دون غيره وقال : ( إِنّا نَحْنُ ) .
كما رد الثالث بأنّ نزول الملائكة موجب لهلاكهم وإبادتهم ، وهو يخالف هدف البعثة ، حيث قال : ( وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرينَ ) .
وأمّا الأوّل ، فقد صرّح سبحانه بأنّه الحافظ لذكره عن تطرّق أيّ خلل وتحريف فيه ، وهو لا تُغلب إرادته .
وبذلك ظهر عدم تمامية بعض الاحتمالات في تفسير الحفظ حيث قالوا المراد :
1 ـ حفظه من قدح القادحين .
2 ـ حفظه في اللوح المحفوظ .
3 ـ حفظه في صدر النبي والإمام بعده .
فإنّ قدح القادحين ليس مطروحاً في الآية حتى تُجيب عنه الآية ، كما أنّ حفظه في اللوح المحفوظ أو في صدر النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) لا يرتبط باعتراض المشركين ، فإنّ اعتراضهم كان مبنيّاً على اتهام النبي بالجنون الذي لا ينفك عن الخلط في إبلاغ الوحي ، فالإجابة بأنّه محفوظ في اللوح المحفوظ أو ما أشبهه لا يكون قالعاً للإشكال ، فالحقّ الذي لا ريب فيه أنّه سبحانه يُخبر عن تعهده بحفظ القرآن وصيانته في عامّة المراحل ، فالقول بالنقصان يضاد مع تعهده سبحانه .
فإن قلت : إنّ مدّعي التحريف يدّعي التحريف في نفس هذه الآية ؛ لأنّها بعض القرآن ، فلا يكون الاستدلال بها صحيحاً ، لاستلزامه الدور الواضح .
قلت : إنّ مصبّ التحريف ـ على فرض طروئه ـ عبارة عن الآيات الراجعة إلى الخلافة والزعامة لأئمّة أهل البيت ، أو ما يرجع إلى آيات الأحكام ، كآية الرجم ، وآية الرضعات ، وأمثالهما ، وأمّا هذه الآية ونحوها فلم يتطرّق التحريف إليها باتّفاق المسلمين .
آية نفي الباطل
يصف سبحانه كتابه بأنّه المقتدر الذي لا يُغْلَب ولا يأتيه الباطل من أي جانب ، قال : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41، 42] .
ودلالة الآية رهن بيان أُمور :
الأوّل : المراد من الذكر هو القرآن ، ويشهد عليه قوله : ( وَإِنّهُ لَكتابٌ عَزيزٌ ) مضافاً إلى إطلاقه على القرآن في غير واحد من الآيات ، قال سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6] وقال سبحانه : {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: 44].
الثاني : إنّ خبر ( إنّ ) محذوف مقدّر وهو : سوف نجزيهم وما شابهه .
الثالث : الباطل يقابل الحق ، فالحق ثابت لا يُغْلب ، والباطل له جولة ، لكنّه سوف يُغلب ، مَثَلهما كمثل الماء والزَبد ، فالماء يمكث في الأرض والزَبد يذهب جفاء ، قال سبحانه : {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد: 17] .
فالقرآن حقّ في مداليله ومفاهيمه ، وأحكامه خالدة ، ومعارفه وأُصوله مطابقة للفطرة ، وأخباره الغيبية حق لا زيغ فيه ، كما أنّه نزيه عن التناقض بين دساتيره وأخباره {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82].
فكما أنّه حقّ من حيث المادة والمعنى ، حقّ من حيث الصورة واللفظ أيضاً ، فلا يتطرّق إليه التحريف ، ونِعمَ ما قاله الطبرسي : لا تناقض في ألفاظه ، ولا كذب في أخباره ، ولا يعارض ، ولا يزداد ، ولا ينقص (1) .
ويؤيّده قوله قبل هذه الآيات : {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36] ولعلّه إشارة إلى ما كان يدخله في نفسه من إمكان إبطال شريعته بعد مماته ، فأمره بالاستعاذة باللّه السميع العليم .
والحاصل أنّ تخصيص مفاد الآية ( نفي الباطل ) بطروء التناقض في أحكامه وتكاذب أخباره لا وجه له ، فالقرآن مصون عن أيّ باطل يبطله ، أو فاسد يفسده ، بل هو غضّ طريّ لا يُبْلى وَلا يُفنى .
آية الجمع
رُوي أنّه إذا نزل القرآن ، عجّل النبي بقراءته ، حرصاً منه على ضبطه ، فوافاه الوحي ونهاه عنه ، وقال : { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } [القيامة: 16 - 19] ، فعلى اللّه سبحانه الجمع والحفظ والبيان ، كما ضمن في آية أُخرى عدم نسيانه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) القرآن وقال : {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} [الأعلى: 6، 7] .
هذا بعض ما يمكن أن يُستدلّ به ، على صيانة القرآن من التحريف بالقرآن ، والاستثناء في الآية الأخيرة نظير الاستثناء في قوله : {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [هود: 108] ، و من المعلوم أنّ أهل السعادة محكومون بالخلود في الجنة ويشهد له ذيل الآية ، أعني : قوله : ( عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) أي غير مقطوع ، ومع ذلك فليس التقدير على وجه يخرج الأمر من يده سبحانه ، فهو في كلّ حين قادر على نقض الخلود .
وأمّا الروايات الدالّة على كونه مصوناً منه ، فنقتصر منها بما يلي :
1 ـ أخبار العرض
قد تضافرت الروايات عن الأئمّة ( عليهم السَّلام ) بعرض الروايات على القرآن والأخذ بموافقه وردّ مخالفه ، وقد جمعها الشيخ الحر العاملي في الباب التاسع من أبواب صفات القاضي .
روى الكليني عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السَّلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : إنّ على كلّ حقّ حقيقةً ، وعلى كلّ صواب نوراً ، فما وافق كتاب اللّه فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فدعوه ) (2) .
وروى أيّوب بن راشد ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السَّلام ) قال : ( ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف ) (3) .
وفي رواية أيوب بن الحر ، قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السَّلام ) يقول : ( كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة ، وكلّ حديث لا يوافق كتاب اللّه فهو زخرف ) (4) .
وجه الدلالة من وجهين :
ألف ـ إنّ المتبادر من أخبار العرض أنّ القرآن مقياس سالم لم تنلـه يد التبديل و التحريف والتصرّف ، والقول بالتحريف لا يلائم القول بسلامة المقيس عليه .
ب ـ إنّ الإمعان في مجموع روايات العرض يثبت أنّ الشرط اللازم هو عدم المخالفة ، لا وجود الموافقة ؛ وإلاّ لزم ردّ أخبار كثيرة لعدم تعرّض القرآن إليها بالإثبات والنفي ، ولا تعلم المخالفة وعدمها إلاّ إذا كان المقيس ( القرآن ) بعامة سوره وأجزائه موجوداً عندنا ، وإلاّ فيمكن أن يكون الخبر مخالفاً لِما سقط وحُرّف .
2 ـ حديث الثقلين
إنّ حديث الثقلين يأمر بالتمسّك بالقرآن ، مثل التمسّك بأقوال العترة ، حيث قال ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) : ( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ) ويستفاد منه عدم التحريف ، وذلك :
ألف ـ إنّ الأمر بالتمسّك بالقرآن ، فرع وجود القرآن بين المتمسّكين .
ب ـ إنّ القول بسقوط قسم من آياته وسُوَره ، يوجب عدم الاطمئنان فيما يُستفاد من القرآن الموجود ؛ إذ من المحتمل أن يكون المحذوف قرينةً على المراد من الموجود .
أهل البيت وصيانة القرآن
إنّ الإمعان في خطب الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) وكلمات أوصيائه المعصومين ( عليهم السَّلام ) يعرب عن اعتبارهم القرآن الموجود بين ظهراني المسلمين ، هو
كتاب اللّه المنزل على رسوله بلا زيادة ولا نقيصة ، ويُعرف ذلك من تصريحاتهم تارةً وإشاراتهم أُخرى ، ونذكر شيئاً قليلاً من ذلك :
1 ـ قال أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) : (أَنزل عليكم الكتابَ تبياناً لكلّ شيء ، وعمّر فيكم نبيّه أزماناً ، حتى أكمل له ولكم ـ فيما أنزل من كتابه ـ دينه الذي رضي لنفسه) (5) .
والخطبة صريحة في إكمال الدين تحت ظل كتابه ، فكيف يكون الدين كاملاً و مصدره محرّفاً غير كامل ؟! ويوضّح ذلك أنّ الإمام يحثّ على التمسّك بالدين الكامل بعد رحيل الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهو فرع كمال مصدره وسنده .
2 ـ وقال ( عليه السَّلام ) : ( وكتاب اللّه بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه ، وبيت لا تُهدم أركانه ، وعزٌّ لا تُهزم أعوانه ) (6) .
3 ـ وقال ( عليه السَّلام ) : ( كأنّهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم ) (7) .
وفي رسالة الإمام الجواد إلى سعد الخير (8) : ( وكان مِن نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه ، وحرّفوا حدوده ) (9) .
وفي هذا تصريح ببقاء القرآن بلفظه ، وأنّ التحريف في تطبيقه على الحياة حيث لم يطبّقوا أحكامه في حياتهم ، ومن أوضح مظاهره منع بنت المصطفى ( عليها السَّلام ) من إرث والدها مع أنّه سبحانه يقول : { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ } [النساء : 11] .
وقال سبحانه : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] .
وقال سبحانه عن لسان زكريا : {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } [مريم : 5، 6]
ولعلّ فيما ذكرنا كفاية ، فلنستعرض كلمات علمائنا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1.مجمع البيان : 9/15.,ط صيدا.
2 ـ الوسائل : الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 10 .
3 ـ الوسائل : الجزء 18 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، ح 12 ، 15 وغيرها .
4 ـ الوسائل : الجزء 18 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، ح 12 ، 15 وغيرها .
5 ـ نهج البلاغة : الخطبة 86 .
6 ـ نهج البلاغة : الخطبة 133 .
7 ـ نهج البلاغة: الخطبة : 147 .
8 ـ هو من أولاد عمر بن عبد العزيز ، وقد بكى عند أبي جعفر الجواد لاعتقاده أنّه من الشجرة الملعونة في القرآن ، فقال الإمام ( عليه السَّلام ) له : ( لستَ منهم وأنت منّا ، أَما سمعت قوله تعالى : ( فَمَنْ تَبعَني فَهُوَ مِنّي ) ) . ( لاحظ قاموس الرجال : 5 / 35 ) ومنه يُعلم وجه تسميته بالخير .
9 ـ الكافي : 8 / 53 ح 16 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|